رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الشيخ: رائد الحزيمي 4 نوفمبر، 2019 0 تعليق

«احفظ الله يحفظك» أحكام تخص المرأة المسلمة


مدح الله -جل جلاله- نفسه في محكم كتابه فقال -سبحانه-: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}، أي أتقن الحاكمين صنعا في كل ما خلق، وقيل:  بأحكم الحاكمين قضاء بالحق، وعدلا بين الخلق، وهذا الإقرار منك حليته وتمامه وتصديقه أن تطيع أحكم الحاكمين، وأن تنقاد لأحكام أحكم الحاكمين، وأن تعتقد أن أوامره ونواهيه وأحكامه طوق نجاة وشريان حياة، حياة طاهرة نقية وعيشة سوية مرضية، أما ترديد كلمات الاعتراف مع الإصرار على الاقتراف، فأمارة انفصام ودليل عدم انسجام، فقراءة وفكر، وثقافة وكتابة، ومعاملات وأخلاق، وعبادات ومحبة، وحركة وسكون، كل ذلك إن لم يكن تحت ظلال: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}؛ كان شذوذًا وانحرافًا واتباعًا للهوى وميلاً عن الحق، قال -تعالى-: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ}.

     نعم فكل أحكام الله -عز وجل- أتت عن حكمة بالغة، كالأحكام الكونية أو القدرية، وتلك الأقدار التي يقدرها الله -عز وجل- جاءت عن حكمة بالغة، وكذلك الأحكام الشرعية، نعم كل ما حكم به الله -سبحانه وتعالى- من أوامر ونواه هي من لدن حكيم خبير ذات حكمة بالغة عند الله -سبحانه وتعالى- فشرع الله -عز وجل- كله حكمة، ومن خالفه فقد خالف الحكمة وخسرها؛ فما حرم علينا -سبحانه- شيئا إلا لحكمة، وما أوجب علينا شيئا إلا لحكمة، والواجب علينا أن ننصاع لها، ومن ذلك الأحكام التي تخص المرأة المسلمة.

قاعدة شرعية

     يقول العلامة بكر بن زيد -رحمه الله-: «قاعدة الشرع المطهّر أن الله -سبحانه- إذا حرّم شيئًا حرّم الأسباب والطرق والوسائل المفضية إليه، تحقيقًا لتحريمه، ومنعًا من الوصول إليه، أو القرب من حماه، ووقاية من اكتساب الإثم، والوقوع في آثاره المضرة بالفرد والجماعة، قال -تعالى-: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}؛ فإذا جاء التحريم لشيء ما فكل طريق يوصلنا إلى هذا الأمر حرام؛ لأنه وسيلة تفضي إلى المحرم، ونقول كذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما أسكر كثيره فقليله حرام» فعلى الرغم من أن القليل لا يسكر إلا أنه طريق للإسكار فحرم بشرع الله -عز وجل.

فتنة النساء

     وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الدنيا حلوة خَضِرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء»، في هذا الحديث حذرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - من هذه الدنيا، وخص من فتن الدنيا فتنة النساء؛ لأنها فتنة طامة إذا جاءت عصفت بالأمة وأردتها إلى أسفل السافلين؛ فاتقوا الدنيا واتقوا النساء كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وجاء في الصحيحين البخاري ومسلم قال - صلى الله عليه وسلم -: «ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء».

يستشرفها الشيطان

     وعند أبي حبان والترمذي يقول ابن مسعود أبي عبد الرحمن - رضي الله عنه - يقول قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون من رحمة ربها وهي في قعر بيتها»، جعلها كمن تجلس على شرفة مرتفعة والكل ينظر إليها، وقال أيضا: «النساء عورة وإن المرأة لتخرج من بيتها فيستشرفها الشيطان؛ فيقول لها: إنك لا تمرين بأحد إلا أعجبته، وإن المرأة لتلبس ثيابها فيقال: أين تريدين فتقول: أعود مريضا أو أشهد جنازة أو أصلي في مسجد ثم قال - صلى الله عليه وسلم - معللا: وما عبدت امرأة ربها مثل ما أن تعبد ربها في بيتها»، وقال -تعالى-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}، والأمر بالقرار هو سد لباب الاختلاط والنهي عن الوسائل المفضية إلى المحرم؛ فخروج المرأة متبرجة عارية وسيلة تفضي إلى ما حرم الله -تعالى.

حوار نبوي

     وتعالوا معي إلى هذه الرواية في هذا الحديث العظيم حوار بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين امرأة من نساء الأنصار، هذا الحديث يرويه الإمام أحمد بن حنبل يقول: عن أم حميد الساعدي -رضي الله عنها-: أنها جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قد علمت أنك تحبين الصلاة معي وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرك وصلاتك في حجرك خير من صلاتك في دورك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي» وقال: فأمرت فبنى لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه فكانت تصلى حتى لقيت الله -تعالى».

أين نحن ونساؤنا؟

     أين نحن ونساؤنا من هذا الحديث؟ هي تحب أن تصلي مع النبي، والصلاة في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم- بألف صلاة ومع ذلك - صلى الله عليه وسلم - وجهها إلى ما هو أفضل من ذلك وأخير لها وأقرب رحمة إلى الله بأنها تصلي في بيتها ولا تزاحم الرجال في مسجدهم؛ فما بالك بخروجها إلى غير الصلاة! فهذا أدعى وأولى، وابن خزيمة في صحيحه يقول -رحمه الله- عن ابن مسعود قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «إن أحب صلاة المرأة إلى الله أشد مكانا من بيتها ظلمة من شدة أنها تتواري لا تخرج إلى الرجال متعطرة».

خير صفوف الرجال

     وعند مسلم يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها»، فما نجده اليوم من تزاحم الرجال والنساء في الحرم المكي والمدني مخالف للسنة، لا يغرنكم الكثرة؛ فأكثرهم يجهلون، والعاطفة عندهم شديدة مع جهل، وإذا بهن يزاحمن الرجال، الرجل مطلوب منه وواجب عليه شهود الجماعة وشهود صلاة الجمعة.

غير مأجورة

     أما المرأة فقد تكون مأزورة غير مأجورة إذا خرجت من بيتها وزاحمت الرجال وضيقت على المسلمين وجعلت كتفها بكتف الرجال! هل هذا هو الإسلام؟ بل في طوافهن أمرهن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يطفن خلف الرجال، وكان النبي يبعد الرجال عن النساء؛ فما بالكم بمن يأتي اليوم ويقول الاختلاط جائز!

منع الاختلاط

     قال العلامة ابن إبراهيم -رحمه الله مفتي الديار السعودية- قبل زمن: «فإذا كان الشرع توقع حصول ذلك في مواطن العبادة كالصلاة والطواف مع أنه لا يوجد اختلاط فحصول ذلك الشر أي إذا وقع هذا الاختلاط من باب أولى فمنع الاختلاط من باب أولى»، عن أبي أسيد الأنصاري - رضي الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ - وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِلنِّسَاءِ: «اسْتَأْخِرْنَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ، عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيق»، فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ. صححه الألباني.

زمن النبي - صلى الله عليه وسلم

     متى ذلك؟ إنه في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ما زال القرآن ينزل، وما زال الجهاد قائما في هذا الزمن العظيم، ومع ذلك كانت هذه حال المرأة، وهذا ليس احتقارا لها، بل هو احترام لها، أما هم فيحتقرونها حين أخرجوها عارية حتى يتمتعوا بمفاتنها، وتكون خادمة لشهواتهم، يأتون بكلام براق وشعارات زائفة من مثل مساواة الرجل بالمرأة وغيرها من الشعارات الهدامة.

أولئك المفتونون

     كيف يفهم أولئك المفتونون آيات الله -عز وجل- {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} فهم ليس لهم من الأمر شيء ولا حتى على الاعتراض على أحكام الله التي يشرعها لنا: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}، بلى هو أحكم الحاكمين ولكننا نحن الذين ابتعدنا عن ديننا وهجرنا أحكامه.

شروط خروج المرأة

جمع الشيخ بكر أبو زيد في كتابه (حراسة الفضيلة) (ص86) شروط خروج المرأة إلى المسجد فقال: أذن للمرأة بالخروج إلى المسجد وفق الأحكام الآتية:

- أن تؤمن الفتنة بها وعليها.

- ألا يترتب على حضورها محظور شرعي.

- ألا تزاحم الرجال في الطريق ولا في الجامع.

- أن تخرج تَفِلَة. أي: غير متطيبة.

- أن تخرج متحجبة غير متبرجة بزينة.

- إفراد باب خاص للنساء في المساجد، يكون دخولها وخروجها منه، كما ثبت الحديث بذلك في سنن أبي داود وغيره.

- تكون صفوف النساء خلف الرجال.

- خير صفوف النساء آخرها بخلاف الرجال.

- إذا ناب الإمام شيء في صلاته سبح رجل، وصفقت امرأة.

- «تخرج النساء من المسجد قبل الرجال، وعلى الرجال الانتظار حتى انصرافهن إلى دورهن»، كما في حديث أم سلمة -رضي الله عنها- في صحيح البخاري وغيره. اهـ..

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك