رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.أحمد حمدي 5 يناير، 2017 0 تعليق

احذروا مايفسد الأخوة

 

الانقسام والفرقة والنزاع والشقاق والخلاف الذي يدب أحيانًا بين أبناء الصف الواحد والتيار الإسلامي، وانشغال بعضهم ببعض بدلا من انشغالهم بدعوة الآخرين؛ خطر كبير يهدد العمل الدعوى، ويؤدى إلى فشله وتأخره، وقد يتوارث هذا المرض العضال إلى الأجيال التي بعدنا، قال تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَب رِيحكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّه مَعَ الصَّابِرِينَ}.

      وقد بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطورة هذا الأمر فقال -صلى الله عليه وسلم -: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة»، وقال: «هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين»، وقال أيضًا: «إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم»، وقد دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - الله ثلاث دعوات، فاستُجيب له اثنتان ولم يستجِب له الثالثة وهى: «ألا يفرق أمته شيعًا فلم يستجب له» بل من نعيم أهل الجنة قال تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ}.

بل من أهمية إصلاح ذات البين رخص رسول الله -صلى الله عليه وسلم - الكذب للإصلاح بين المتخاصمين وقال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}، وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} ومن أسباب دخول الجنة كما ورد في قصة عبد الله بن عمرو: سلامة الصدر للمسلمين؛ فلا يبيت وفى صدره شيء لإخوانه وقال تعالى: {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ}، وقال -صلى الله عليه وسلم -: «لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ، فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمُ الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ»، ولقد كان الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رغم انشغاله بالحديث والعلم ومحافظته على وقته إذا علم بخلاف دب بين أخوين في بلدة ما، تكبد عناء السفر لساعات وربما أيامًا سعيًا للإصلاح بينهم، لأن التأخر في حل المشكلات يؤدي إلى البُعد والجفاء وتفاقم المشكلة وإيغار الصدور، وإليك في هذه السطور بعض أسباب الخلاف ومفسدات الأخوة؛ لعلنا نتجنبها ونحذر منها:

الكبر والفخر

الكبر والفخر والبغي؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحدٌ على أحد، ولا يبغي أحدٌ على أحدٍ».

الازدراء والاحتقار

     الازدراء والاحتقار والسخرية والاستهزاء منه أو تسفيه رأيه قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.

إساءة الظن

إساءة الظن؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا} وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ».

تصديق ما ينقل

تصديق ما ينقل عنه من كلام من غير تبين أو تثبت قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}.

النميمة

النميمة ونقل الكلام وإفشاء الأسرار والمجالس؛ مما يؤدي إلى الإفساد والإيقاع بين الإخوة؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «لا يدخل الجنة نمَّام».

الغيبة

الغيبة؛ قال تعالى: {وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا} والغيبة: ذكرك أخاك بما يكره في غيبته.

الجدال والمعارضة

الجدال والمعارضة دائمًا لرأيه والحدة والانفعال عليه في الحوار ورفع الصوت عليه.

الغل والحقد

     الغل والحقد والتدابر والتقاطع والمكر؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبِع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره، التقوى هاهنا -ويشير إلى صدره ثلاث مرات- بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه».

الحرص على الدنيا

الحرص على الدنيا والوجاهة والمكانة وحب الصدارة والشهرة والرياء.

التنقص

التنقص من الآخرين لإظهار مزايا نفسك والغيرة المذمومة التى تأكل قلوب البعض ونار الحسد؛ بسبب أنه رأى غيره أكثر فهمًا وعلمًا أو همة أو حركة أو التفاف الناس حول غيره.

اللمز والتنابز

استخدام الالفاظ الحادة أو اللمز أو التنابز قال تعالى: (وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ)، وقال تعالى: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ}، وقال تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}.

تلمس العثرات

تلمس عثراته وعدم الستر عليه أو التجاوز عن زلاته.

الذنوب والمعاصي

الذنوب والمعاصي والتقصير في حق الله؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «ما تواد اثنان في الله وفي الإسلام فيفسد بينهما إلا من ذنب يحدثه أحدهما».

عدم الإنصاف

عدم الإنصاف والعدل معه والمطالبة بحقوقك عليه ونسيان واجبك نحوه.

البدع

البدع والانحراف في المنهج والجهل واتباع الهوى والعناد.

المبالغة في المزاح

المبالغة في المزاح؛ مما قد يجرح المشاعر أو يسبب الإحراج.

     وهناك أسباب كثيرة أخرى يطول المقام بذكرها، ولكن ينبغي علينا أن نبادر ونسارع بحل مشاكلنا سريعًا؛ حتى لا تتفاقم، وكذلك أن نفتش في أنفسنا بدلًا من التفتيش في نيات الآخرين، وأن نطهر قلوبنا وأنفسنا تجاه إخواننا، وندعو لهم بظهر الغيب، وأن نهاديهم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم -: «تهادوا؛ فإن الهدية تُذهِب وحر «حقد» الصدر»، «تهادوا تحابوا، تهادوا فإنها تذهب بالضغائن».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك