احترم عقلي
- اهتم الإسلام بالعقل اهتماما كبيرا؛ فقد وردت مادة (ع ق ل) في القرآن الكريم نحو (49) مرة، بتصريفاتها اللغوية المتعددة (عقلوه، تعقلون، نعقل، يعقلها، يعقلون).
- وسمي العقل عقلا؛ لأنّهُ يعقلُ صاحبهُ عن التّورّطِ في المهالكِ والآثام، ويميز به الإنسان بين الحق والباطل، قال العز بن عبدالسلام -رحمه الله-: «من أراد أن يعرف المتناسبات والمصالح والمفاسد، راجحها و مرجوحها، فليعرض ذلك على عقله، بتقدير أن الشرع لم يرد به، ثم يبني عليه الأحكام، فلا يكاد حكم يخرج عن ذلك...». ولأهمية العقل أصبح مناطا للتكليف في الإسلام.
- وقد عدَّ العلماء تكريم الإنسان في الآية 70 من سورة الإسراء احتراما للعقل، قال -تعالى-: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} (الإسراء:70).
- وقال -تعالى- مادحًا أصحاب العقول السليمة: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (آل عمران:190)، قال ابن كثير - رحمه الله-: «أي العقول التامة الذكية، التي تُدرك الأشياء بحقائقِها على جلياتها».
- وقد يسر الله فهم الدين، ليكون حجة على الجميع، قال -تعالى-: {إنّا جعلناه قرآناً عربيّاً لعلكم تعقلون} (الزخرف: 3). وجعل الله العقل معيارا للتصرف في المال؛ فقال -تعالى-: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ}؛ لذا فالإنسان مسؤولٌ عن حفظ عقلَه، قال -تعالى-: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (الإسراء: 36).
- لذلك نهينا عن تعطيل العقل الموصل للحق، قال -تعالى-: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} (الانفال: 22)، وقال -تعالى-: {وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ}(يونس: 100)، وهذا هو العقل الفاسد الذي يودي بصاحبه في الضلال والنار، قال -تعالى-: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (الملك: 10).
- ولو تعطل العقل لا إراديا بنوم أو جنون أو عدم تمييز فإن المرء لا يحاسب عليه؛ يقول سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز- رحمه الله-: « لو تكلم في نومه بالسب والشتم لا يؤاخذ، أو طلق لا يقع طلاقه؛ لعدم العقل، وهكذا المجنون، والمعتوه غير مضبوط العقل،.. والصرع، كل هذا لا يلتفت إليه؛.. لأنه مرفوع عنه القلم»؛ لذا قال - صلى الله عليه وسلم -: «رُفِعَ القلمُ عن ثلاثٍ: الصغيرِ حتى يبلغَ، والمعتوهِ حتى يفيقَ، والنائمِ حتى يستيقظَ»، ولا يمنع ذلك من تعليم الصغار الخير، وتحذيرهم من الشر.
- وقد وضع الإسلام وقاية وحماية للعقل، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «إنَّ رَجُلًا قالَ للنَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم -: أوْصِنِي، قالَ: لا تَغْضَبْ. فَرَدَّدَ مِرَارًا، قالَ: لا تَغْضَبْ»، مما يُظهر أهمية كبح الغضب والتحكم فيه؛ لما له من تأثير على العقل. وقال -تعالى-: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس} (آل عمران: 134).
- وفضلا عن ذلك، يُحرّم الإسلام كل ما يؤثر سلبًا على العقل، مثل المخدرات والمسكرات؛ لأن ذلك يُضعف الوعي، ويؤثر في قدرة الشخص على اتخاذ القرارات الصائبة، ويضر بالإنسان والمجتمع.
- إجمالًا، يدعو الإسلام إلى المحافظة على العقل والوعي، ويحث على ضبط الغضب؛ ليكون الإنسان متوازنا مع دينه ونفسه ومجتمعه.
لاتوجد تعليقات