اتخاذ القرارات بين العاطفة والشرع
بعض الناس عندما يتخذ قرارات انفعالية سريعة أو عاطفية دون التفكير في المآلات وعواقب الأمور ودون النظر في المصالح والمفاسد؛ قد يترتب على ذلك مفاسد كبيرة يندم عليها بعد ذلك، وفي هذه السطور نستعرض بعض الأمثلة في حياة الأنبياء والرسل والصحابة في التعامل بين العاطفة والشرع.
1- عندما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- عمار بن ياسر وهو يعذب وسمية وياسر يقتلان هل سارع بالدفع عنهم نتيجة عدم تحمله لرؤية الظلم أو العاطفة؟ أم أنه راعى مصلحة استمرار الدعوة وأنه مستضعف وفكر في عواقب ذلك؟
2- عندما استأذن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يستغفر لأمه ولعمه أبي طالب للعاطفة لم يأذن له الله وقال -تعالى-: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم}.
3- عندما استغفر إبراهيم -عليه السلام- لأبيه المشرك عاطفة قال -تعالى-: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ}.
4- عندما أشرف ابن سيدنا نوح على الهلاك والغرق قال نوح { رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين} فقال الله -تعالى-: {قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح}.
5- يوم أحد عندما رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حمزة ابن عبد المطلب -عمه أسد الله- وقد مُثِل بجثته قال لأمثلن بسبعين منهم عاطفة وانفعالاً قال الله -عز وجل- ردًا عليه: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين}، وقال -تعالى-: {وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين}.
6- يوم أحد عندما شج وجه النبي وكسرت رباعية أسنانه، ودخلت حلقتا المغفر في وجنتيه قال: «كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم» قال الله له: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون}.
7- يوم الحديبية أتى أبو جندل بن سهيل بن عمرو من مكة فارًا بدينه وهو يرسف في أغلاله فارتمى بين أحضان النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة، ويقول له مستعطفًا له: «أتردونني لهم يا رسول الله يفتنوني عن ديني؟» لم يتحمل عمر -رضي الله عنه- ذلك المنظر، وكذلك الشروط الجائرة من الصد عن البيت الحرام، والتحلل من الإحرام، ورد المسلمين الذين جاؤوا من قريش إليهم فقال: «لم نرضى الدنية في ديننا؟ ألسنا على الحق؟ أو ليسوا على الباطل؟» ثم تبين بعد ذلك من عواقب الأمور والمآلات أن هذا الصلح كان فتحًا، وترتب عليه مصالح المسلمين، ودرأ كثيراً من المفاسد المتوقعة، فندم عمر] عندما حكم عاطفته وخالف رأي النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال عملت لذلك أعمالاً رجاء أن يغفر الله له ذلك الموقف، ولم يفتخر بالاستجابة لعاطفته بعد ذلك، ولم يستمر في عناده بل ندم على ذلك.
وفي النهاية ينبغي للعبد أن يراعي عند اتخاذ القرارات والمواقف أن يلتزم بالشرع، وينضبط به، ولا تكن قراراته نابعة عن عاطفة أو انفعالات لحظية قد يندم عليها، لكن ربما بعد فوات الأوان، ومن خطوات اتخاذ القرار ما يأتي:
تشخيص المشكلة
وهي أهم خطوة؛ فيجب على كل من بيده اتخاذ القرار، أن يتعرف إلى مسببات تلك المشكلة، وأن يتعرف إلى أبعادها.
جمع البيانات والمعلومات
جمع البيانات والمعلومات الدقيقة من أكثر من مصدر، وتحديد أحسن الطرائق للحصول عليها، يساعد المدير في الوصول إلى القرار المناسب.
تحديد الحلول المتاحة وتقويمها
وفي هذه الخطوة يجب الأخذ بعين الاعتبار درجة الملائمة بين الحل والمشكلة، ومدة الحل الأنسب للمشكلة، علاوةً على ذلك مصلحة المؤسسة وموظفيها.
اختيار الحل المناسب للمشكلة
وهنا يقوم الشخص باختيار الحل الأنسب، وفقاً لمعايير واعتبارات موضوعية، منها :- أن يحقق الحل الهدف المنشود لتخطي المشكلة، مراعاة قبول الأفراد هذا الحل، درجة السرعة المطلوبة في الحل للوصول لتحقيق الهدف المنشود، كفاءة هذا الحل، ومدى نجاحه في تحقيق الهدف.
متابعة تنفيذ القرار وتقويمه
ولا بد من التأكيد على أن اتخاذ القرار لا يجوز أن يقع تحت ظرف المجاملات؛ فمن المؤكد سيكون قراراً سلبياً فاشلاً، أيضاً لا يجب أن يتأثر بالعواطف، فضلا عن ذلك؛ فالشخصية تلعب دوراً مهما في اتخاذ القرار؛ فلا للعجلة؛ لأن من شأنها أن تفشل اتخاذ القرار السليم، أيضاً لا للتردد والتراجع؛ فدائماً اتخاذ القرار لا يكون نهاية المطاف، بل يكون البداية؛ لذلك يجب التفكر جيداً، والمشاورة، ومراعاة الأسباب كلها للوصول لقرار سليم.
لاتوجد تعليقات