رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سحر شعير 15 مارس، 2018 0 تعليق

ابنتي.. كيف تحافظين على وقت؟

 في ظل تسارع وتيرة الحياة المعاصرة، وانتشار التقنيات ووسائل التواصل بين البشر، أصبح ضياع الأوقات ظاهرة تحتاج إلى كثير من الجهد والتركيز حتى نحسن التعامل معها، ولا تضيع أعمارنا خلف الشاشات أو تلهياً بالجوّالات، وقد تمر بكِ الساعات والأيام تلو الأيام دون تحقيق إنجاز يذكر، فضلاً عن الواجبات الدراسية المتراكمة! فإلى هذه السطور التي نحاول أن نقدم فيها فكرة للطريقة الصحيحة التي تتعاملين بها مع وقتك.

لماذا تُضيِّعُ الفتاة أوقاتها ؟

     قال -تعالى-: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}(الذاريات: 56)، وقال -تعالى- أيضاً: {الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور}(الملك:2)، إنّ غياب ذلك الهدف الواضح من وجودنا في هذه الحياة عن الفتاة المسلمة، وعدم تمثلها له في حياتها، يجعلها تفقد الإحساس بمعنى الحياة وقيمتها، وبالتالي يضعف عندها الشعور بالاهتمام بالوقت والمحافظة عليه، الكثير من الفتيات لديهن أوقات طويلة فارغة، ولكنهن لا يبادرن إلى تفعيلها، ويرجع ذلك إلى أسباب عدة، من أهمها :

- عدم إدراك قيمة الوقت وأهميته: فالوقت هو مادة حياة المسلم، وهو رأس ماله الحقيقي الذي يحتاجه لدنياه وآخرته، يقول الحسن البصري -رحمه الله تعالى-: «ابن آدم إنما أنت أيام مجموعة؛ فإذا مر يومك فقد مرّ بعضك»، وهو أثمن ما يملكه الإنسان على الإطلاق؛ لأن الوقت هو الوعاء لكل عمل يقوم به؛ فكل الأعمال النافعة الصالحة تفتقر إلى الوقت الذي يكون محلاً لإيقاع العمل والإنتاج.

- إضاعة الساعات الطوال أمام وسائل التواصل أو الترفيه بلا انتقاء للمواد المشاهدة أو المسموعة.

- مصاحبة رفيقات السوء ممن لا يعرفن قيمة الوقت، ويضيعنه هدراً فيما لا يفيد.

- التأجيل والتسويف، وهو من أشهر أسباب انفلات الوقت؛ إذ لا يبادر المرء إلى إنجاز أعماله، ولكن يؤجل ويسوّف، والشيطان يبسط له رداء الأمل ويغريه بالتأجيل.

وإليك بعض النصائح التي تعينك على الاستثمار الأمثل لوقتك ومنها:

تجنبي فراغ الأوقات

     املئي وقتك بالنافع من الأعمال؛ فقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من الفراغ، عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : «نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ». رواه البخاري. وقد أثبتت، نتائج إحدى الدراسات النفسية أنه: «كلما قلت القيم الصحيحة المتصلة بالوقت، وضعفت المهارات اللازمة لاستغلال أوقات الفراغ؛ ازدادت فرص الإحساس باليأس والملل والاغتراب والأنانية، وكذلك فرص الانخراط في العنف والجريمة، والإدمان بين الشباب على وجه الخصوص»، وإذا دامت فترات الفراغ والتعطل طويلاً؛ فقد تصبح خطيرة؛ لأن الفراغ يبعد المرء عن المسيرة الفاعلة للمجتمع من حوله، وعدم الرغبة في فعل أي شيء أمرٌ لا يسعه أن يكون إلا مؤقتاً وعابراً.

 تعاملي مع وقتك برؤية جديدة

كوني غيورة على وقتك

إذا عرفتِ شرف زمانك، وقدر وقتك، فلا تضيعي منه لحظة واحدة في غير قربة لله -تعالى- وبادري فيه بالأفضل من القول والعمل .

خططي لوقتك

     وأقصد بالتخطيط : تحديد الأعمال المراد إنجازها على المدى القريب (اليوم - هذا الأسبوع)، أو على المدى البعيد (هذا الشهر – هذا الصيف)، ثم تحديد هذه الأعمال، وكتابتها في مفكرتك مع تحديد الوقت اللازم لإنجاز كل عمل؛ فقد ثبت أن كتابة الأعمال الواجب إنجازها مسبقاً يؤدي إلى إنجازها بالفعل بنسبة أكبر مقارنة بترتيبها ذهنياً فقط.

الليل والنهار

     تعلمي من مخلوقات الله -تعالى- التي سخرها للإنسان كي تنتظم حياته وأوقاته، ويتمكن بذلك من أداء التكاليف الشرعية التي يتعبد بها لمولاه، ويسعد بها في الدنيا والآخرة، قال -تعالى-: {وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الأنهار} (إبراهيم:33)؛ فتأملي كيف وصفهما الله -تعالى- فكلمة (دائبين) تعني دائمين، مستمرين في عملهما لا يتوقفان إلى أجل مسمى.

 فكوني معهما أيتها المباركة، دائبة في عملك، مداومة على ما ينفعك، ما بين أداء فرائضك، وبر والديك، وصلة أرحامك، والتطوع في أعمال البر ومساعدة المحتاجين، كذلك تطورين ذاتك، وتكتسبين الجديد من الخبرات والمهارات النافعة. 

أتقني إدارة أوقاتك

لقد حرص ديننا العظيم على تنظيم الوقت، وملء أوقات المسلم بالعمل النافع منذ يقظته إلى منامه فيما يصلح دينه ودنياه؛ بحيث لا يجد فراغاً يحتاج في ملئه إلى تبديد طاقته أو الانحراف بها عن منهجها الأصيل.

 

 

أهم الوسائل التي تعينك على حسن إدارة وقتك

- الاستعانة بالله -تعالى- والدعاء المستمر بالبركة في الوقت والعمر.

- ترتيب الأولويات والعناية بواجبات الأوقات في أعمال اليوم والليلة، قد كان من وصية الصدِّيق للفاروق -رضي الله عنهما- أنه قال: «إنّ لله -تعالى- عملاً بالنهار لا يقبله بالليل، وعملاً بالنهار لا يقبله بالليل»، فلا تؤجلي أعمالك، وبادري بأدائها في أوقاتها.

- كوني سريعة ومُتْقِنة في أداء أعمالك، وهذه المهارة تكتسب بالدُربة والتكرار، واصطحابك للساعة في يدك أو المنبه أمامك، مع التركيز على تتابع العمل وإنهائه في الوقت المحدد.

- التعامل بحزم مع مضيعات الأوقات، مثل فضول الكلام، والنوم، والمخالطة، وتخلصي من مجالسة الفارغين الذين يتسلطون لإضاعة وقتك، والقضاء على أثمن ما تملكين.

- قراءة تراجم الصالحين والناجحين في مختلف العصور؛ فقد كان محور نجاحهم هو عدم إضاعتهم للوقت، وضنّهم به أن يُهدر شيء منه على جانبي الطريق الذي يسيرون فيه حثيثاً نحو أهدافهم الواضحة، وتأملي كلام الحسن البصري وهو يصف الصحابة لجيل التابعين الذين لم يعاصروهم قائلاً: «أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصاً على دراهمكم ودنانيركم».

- اجعلي في برنامجك أوقاتاً خاصة للترفيه، ومشاركة أسرتك في التنزه والرحلات، ولا تحسبي أن ذلك وقت ضائع، بل هو إن احتسبت فيه النية الصالحة، وكان في الوقت المناسب وبالقدر المناسب؛ كان له أجمل الأثر في تنشيط النفس، وإزالة ما قد يصيبها من كلل وملل.

وأخيراً ابنتي: استحضري دائماً هذه العبارة، واجعليها أمامك مكتوبة بخط واضح: (الوقت لا يتوالد، لا يتمدد، لا يتوقف، لا يرجع للوراء، بل للأمام دائما).

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك