رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 5 يوليو، 2022 0 تعليق

{إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} استنكار إسلامي وعربي للإساءة لمقام النبي صلى الله عليه وسلم

أثارت التصريحات المسيئة لرسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - التي أدلى بها متحدث باسم الحزب الحاكم في الهند غضبا في أوساط المسلمين؛ مما دفع دولا عربية وإسلامية إلى استدعاء السفراء الهنود لديها للاحتجاج، وشجبت تلك التصريحات، وطالبت الحزب الحاكم بتقديم اعتذار، لكن الحزب اكتفى بتعليق عمل المتحدث باسمه (نافين كومار) بعد التعليقات المسيئة للرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -.

وزارة الخارجية الكويتية

     من جهتها أعلنت وزارة الخارجية الكويتية استدعاء السفير الهندي وتسليمه مذكرة احتجاج أعربت فيها عن رفض الكويت وشجبها للتصريحات المسيئة للرسول الكريم وللإسلام، ورحبت بإيقاف المسؤول المذكور عن ممارسة مهامه وأنشطته في الحزب بسبب هذه التصريحات المسيئة، مطالبةً باعتذار علني عن تلك التصريحات المعادية، وأردفت أن الاستمرار في تلك التصريحات دون إجراء رادع أو عقاب سيؤدي إلى زيادة أوجه التطرف والكراهية وتقويض عناصر الاعتدال.

رد جمعية العارضية التعاونية

     وضمن ردود الفعل على هذه الإساءة المشينة، أزالت جمعية العارضية التعاونية في الكويت جميع البضائع الهندية من على رفوف متاجرها، نصرةً للرسول الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم -، ونشرت الجمعية على حساباتها في مواقع التواصل مقطع فيديو يُظهر تغطية المنتجات الهندية بأكياس بلاستيكية، ولافتات طُبع عليها (تم رفع المنتجات الهندي)، ولاقت خطوة الجمعية إشادة من بعض المغردين، ومطالبات لباقي الجمعيات باتخاذ الخطوة ذاتها.

إدانة منظمة التعاون الإسلامي

     كما توالت ردود الفعل على تصريحات المتحدث باسم الحزب الحاكم في الهند المسيئة لرسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -، فقد أعربت منظمة التعاون الإسلامي عن إدانتها واستنكارها الشديدين لهذه التصريحات المسيئة للرسول الكريم، وقالت الأمانة العامة للمنظمة (التي تضم 57 دولة) في بيان: إن هذه الإساءات في سياق تصاعد حدة الكراهية والإساءة للإسلام في الهند وفي إطار الممارسات الممنهجة ضد المسلمين بها والتضييق عليهم، ودعت المجتمع الدولي -ولا سيما آليات الأمم المتحدة والإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان- إلى اتخاذ التدابير اللازمة للتصدي للممارسات التي تستهدف المسلمين في الهند.

إدانة الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء

     كذلك أدانت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بشدة التصريحات الصادرة عن المتحدثة باسم حزب (بهاراتيا جانات) الهندي من إساءة لجناب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم -، وجاء في بيان لها: إن الله -تعالى- حفظ مقام محمد - صلى الله عليه وسلم - بقوله -تعالى-: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}، فمقام النبي - صلى الله عليه وسلم - محفوظ، وجنابه منصور، والمسيء إليه مخذول، قال الله -تعالى-: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}، وقال -جلّ شأنه-:{ورفعنا لك ذكرك}، وقال -عزّ من قائل-:{إن شانئك هو الأبتر}، ودعت الأمانة، المسلمين إلى التعريف بنبي الله محمد - صلى الله عليه وسلم - وما احتوت عليه رسالته الخالدة، وسيرته العطرة، من خير وبر ورحمة للناس أجمعين، قال الله -تعالى-:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}، وإن القيام بذلك -كما أنه من مقتضيات الإيمان به نبياً ورسولاً، كما في قوله -تعالى-: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}- فهو كذلك أبلغ رد على من يحاول أن يسيء إلى جنابه - صلى الله عليه وسلم -، الذي وصفه ربه بقوله -سبحانه-: {وإنك لعلى خلق عظيم}.

إدانة رابطة العالم الإسلامي

     وفي السياق ذاته أدانت رابطة العالم الإسلامي في «بيان عاجل» التصريحات المسيئة لجناب نبينا وسيدنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - الصادرة عن المتحدث باسم حزب بهاراتيا جانات الهندي، وحذَّر الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى من المخاطر التي تنطوي عليها أساليب إثارة الكراهية، ومن ذلك التطاول على الرموز الدينية، مؤكداً في الوقت ذاته الترحيب بإعلان حزب بهاراتيا جانات في الهند «إيقاف المتحدث عن العمل، وإدانته بشدةٍ إهانةَ أيِّ رموزٍ دينيةٍ لأي دينٍ»، ودعا الأمين العام للرابطة باسم الأمانة العامة للرابطة ومجامعها وهيئاتها ومجالسها العالمية إلى تفويت الفرصة على رهانات مثل هذه الممارسات العبثية، مؤكِّدًا أنَّ هذه المجازفة الخاسرة وأمثالها لن تزيد المسلمين إلا إيمانًا مع إيمانهم، وثباتًا على قيمهم، وذبَّاً عن جناب نبيهم الكريم - صلى الله عليه وسلم .

إدانة الأزهر

      كذلك كان للأزهر موقف رافض ومدين لهذه التصريحات المسيئة إلى النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وزوجته أم المؤمنين عائشة، وأعرب الأزهر عن «إدانته واستنكاره الشديد لما نشره المتحدث الرسمي باسم حزب بهاراتيا جاناتا في الهند على صفحته على تويتر من تطاول وسوء أدب في الحديث «عن النبي محمد وزوجته عائشة»، وفق بيان صادر عن الأزهر، وقال: إن التصريحات كشفت «جهلاً فاضحاً» فيما يتعلق بـ(تاريخ الأنبياء والمرسلين وسيرتهم، وكيف أنهم كانوا يمثلون القمم العليا للآداب والفضائل والأخلاق)، وأكد الأزهر في البيان أن التصريحات تعد «سخفاً من القول الذي يردده بين الحين والآخر كل حاقد على الإسلام والمسلمين».

إدانة الدعوة السلفية

      من جانبها أصدرت الدعوة السلفية في مصر بيانًا استنكرت فيه الإساءة لرسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - استنكارًا شديدًا، وجاء البيان مبينًا تاريخ الهند في اضطهاد المسلمين، ثم استعرض عددًا من الوقفات مع هذه الحادثة المفجعة مفندةً الشبهات كافة التي دارت حول قصة زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من أمنا عائشة -رضي الله عنها- ومن ذلك، أن عقدَ زواج الطفلة غير البالغة يأذن فيه الشرع بقيود (تختلف من مذهبٍ لآخر)، ولا يكون إلا إذا وَجَدَ الوليُّ -وبعضهم لا يعطي هذا الحق إلا للأب أو الجد فقط- أن مِن مصلحتها أن يعقد زواجها مبكِّرًا، وعائشة --رضي الله عنها- كما هو ظاهر- كانت مِن النضج الكافي في عقلها في صغرها، فتسابق الوجهاء إلى خِطبتها حتى إنها خُطِبت لجبير بن مطعم قَبْل خطبتها للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - عَقَد عليها وهي في السادسة، وبَنَى بها وهي في التاسعة؛ فلو كان الأمر على ما يصوِّر هؤلاء الأفاكون لما تريَّث رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث سنوات كاملة قبل البناء بها.

سِنّ التسع سنوات

وأضاف البيان أنَ سِنّ التسع سنوات في هذه البيئة في هذا الزمان كافٍ جدًّا للنضج الجسدي -وكنا نرى هذا في الريف منذ زمنٍ ليس بالبعيد-، وأما النضج العقلي؛ فحسبك ما تركته عائشة -رضي الله عنها- مِن عِلْمٍ غزير نقلًا وفهمًا؛ لتدرك مقدار ما حاباها الله به مِن عقلٍ، هذا والمشركون أعداؤه المتربِّصون به -صلى الله عليه وسلم  - لم يُشَنِّعوا عليه بهذا، وأبوها ازداد شرفًا إلى شرفه بمصاهرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم .

قمة سعادتها بوصفها مؤمنة وزوجة

      كما أكد البيان أنَّ أمنا عائشة -رضي الله عنها- عاشت مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي في قمة سعادتها بوصفها مؤمنة وزوجة، إلى أن تُوفِّي عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحبه متمكن من قلبها؛ حتى إن حسان بن ثابت - رضي الله عنه - استأذن أن يزورها، وكان ممَّن وقع في الإفك، فأذنت فاستعجب بعضهم: كيف اتسع قلبها لهذا؟! قالت: لأنه كان ينافح عن النبي - صلى الله عليه وسلم !

الزيجة المباركة

      كما أشار البيان إلى أنَّ هذه الزيجة المباركة المكللة بالحب بداية وتوسطًا وانتهاءً، أثمرت الثمرة المرجوة من وجود فتاة بهذا الذِّهن الوقَّاد زوجة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فحفظت الصِّدِّيقَة بنت الصِّدِّيق للأمة بعقلها وصحبتها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - العِلْمَ الوفير؛ نقلًا لما عايشته مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفهمًا وفقهًا لمعاني هذه النُّقُول.

التشريعَ حقٌّ خالص لله عز وجل

      كذلك أكد البيان أنَّنا لا نعلم دِينًا على وجه الأرض يقرر: أن التشريعَ حقٌّ خالص لله -عز وجل- لا يشاركه فيه غيره إلا الإسلام، قال -تعالى-: {إِنِ ‌الْحُكْمُ ‌إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}، وقد أنكر الإسلام على الديانات التي أصلها سماوي -وغيرها من باب أولى- أنهم أعطوا الأحبار والرهبان حق التشريع من دون الله، فقال -تعالى-: «{اتَّخَذُوا ‌أَحْبَارَهُمْ ‌وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}، فالمسلمون على يقين من صدق شريعتهم وكمالها، وأن فيها العدل والقصد والحكمة، وأنه شرع الخالق الذي هو أعلم بما يصلح للخلق، {‌أَلَا ‌يَعْلَمُ ‌مَنْ ‌خَلَقَ ‌وَهُوَ ‌اللَّطِيفُ ‌الْخَبِيرُ}.

الطريق الصحيح

      فالطريق الصحيح لمَن أراد الحوار الجاد المُثْمِر: أن يبحث عن دلائل نبوته - صلى الله عليه وسلم -، ودلائل إعجاز القرآن، ونحن على يقين أن مَن تَدَبَّر في هذه الأدلة؛ فسيوقن بصدق رسالة الإسلام، وإن أعرض عن بحث صدق رسالة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -؛ فهذا دليل عناده ومراوغته، هذا إن جاءنا في ثوبِ المستفهم الباحث عن الدليل.

استثمار ردود الأفعال

      واختتم البيان بتأكيد ضرورة استثمار ردود الأفعال الحكومية والشعبية؛ فلطالما قَصَّرنا في حقوق المسلمين الهنود، وبيان الاضطهاد الذي يُعاَنون منه سنوات طوال، كما يجب على عموم المسلمين أن يعتنوا بمعرفة سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن يتعلَّموا أحكامَ دينهم مقرونة بأدلتها، وببيان الحِكَم التشريعية فيها؛ حتى ولو لم يكونوا من طلبة العِلْم؛ حتى يستطيعوا أن يوصدوا الأبواب أمام هؤلاء المستهزئين.

إدانات عربية وإسلامية

     من جهتها عبّرت عدد من الحكومات ووزارات الخارجية في عدد من الدول العربية والإسلامية عن رفضها واستنكارها لهذه التصريحات المسيئة لنبينا الكريم - صلى الله عليه وسلم -، منها وزارة الخارجية السعودية عن شجبها واستنكارها لهذه التصريحات، ورفضها المساس برموز الإسلام والمساس بالشخصيات والرموز الدينية كافة، كما استدعت الخارجية القطرية السفير الهندي في الدوحة، وسلّمته مذكرة رسمية تبلغه رفض دولة قطر التام وشجبها تصريحات المتحدث باسم الحزب الحاكم الهندي المسيئة للرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -، وقال بيان وزارة الخارجية القطرية: إنه يرحب بقرار الحزب الحاكم تعليق عمل المسؤول، لكنه أضاف أن قطر تتوقع اعتذارا علنيا وإدانة فورية لهذه التصريحات من قبل الحكومة الهندية، كذلك دان رئيس الوزراء الباكستاني (شهباز شريف) التصريحات الصادرة عن المتحدث باسم الحزب الحاكم في الهند، وأبلغت سلطنة عمان سفير الهند لديها باستنكارها التصريحات المسيئة للرسول - صلى الله عليه وسلم - وللإسلام والمسلمين، ورحبت السلطنة بإيقاف الهند المسؤول عن هذه التصريحات المسيئة، وفق وكالة الأنباء العمانية الرسمية.

      على الصعيد نفسه، حث المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة (ستيفان دوجاريك) -خلال مؤتمر صحفي في نيويورك- على احترام الأديان كافة والتسامح بين أفرادها.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك