رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. وليد بن إدريس المنيسي 4 نوفمبر، 2018 0 تعليق

إن الله مع المتقين

التقوى هي السبيل إلى معيّة الله -تبارك وتعالى- ومحبته، فمن أراد أن يكون الله -تعالى- معه فعليه بتقوى الله، {وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (التوبة:36)، وقال -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} (النحل:128).

     ومعية الله قسمان: معية عامة وهي معية العلم والإحاطة: قال -تعالى-: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ} (المجادلة:7).

     ومعية خاصة: وهي معية النصر والتأييد؛ فإن الله مع المتقين ينصرهم على عدوهم، ويؤيدهم بمدد منه، ويحفظهم -سبحانه- من شياطين الإنس والجن، ويوفقهم في جميع أمورهم، ويسددهم في أقوالهم وأفعالهم، ومن كان الله معه لم يضره من كان عليه.

     قال قتادة: «من يتق الله يكن الله معه، ومن يكن الله معه؛ فمعه الفئة التي لا تغلب، والحارس الذي لا ينام، والهادي الذي لا يضل»، هذه المعية الخاصة هي المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وهما في الغار: «ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟!»، {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}(التوبة:40)

     ولما خرج موسى -عليه السلام- ببني إسرائيل، خرج فرعون بجنوده على أثرهم حتى بلغ موسى ومن معه البحر، وجاء فرعون بجنوده وتراءى الجمعان، {فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَـابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِىَ رَبّى سَيَهْدِينِ}(الشعراء61، 62).

     هكذا تكون ثقة المتقين بربهم في أوقات الشدائد، إنه -سبحانه- معهم ولن يضيعهم ذلك؛ لأن المتقين هم أولياء الله الذين وعدهم بالبشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة..

قال -تعالى-: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيواةِ الدُّنْيَا وَفِى الآخِرَةِ}(يونس:62-64).

ومن أراد العلم النافع فعليه بتقوى الله، قال -تعالى-: {وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَيُعَلّمُكُمُ اللَّهُ} (البقرة:282).

     كتب أحد الصالحين إلى أخ له يقول: «إذا أوتيت علمًا فلا تطفئ نور العلم بظلمة المعصية؛ فتبقى في الظلمة يوم يسعى أهل العلم في نور علمهم»؛ ولما دخل الإمام الشافعي على الإمام مالك قال له: «إني أرى الله -عز وجل- قد قذف في قلبك نور العلم، فلا تطفئه بظلمة المعصية».

قال الشافعي:

شكوت إلى وكيع سوء حفظي

فأرشدني إلى ترك المعاصي

وأخبرنـي بأن العلـم نـور

ونور الله لا يؤتاه عاصي

      ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : «إني لأحسب الرجل ينسى الباب من العلم بالذنب يصيبه»، وتقوى الله هي المخرج من كل كرب والنجاة من كل شدة، قال صلى الله عليه وسلم : «تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة»، قال -تعالى-: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ}(الطلاق2، 3)، وعد صادق ممن لا يخلف الميعاد.

     الناس الآن يسعون للتأمين على مستقبلهم وأولادهم لدى الشركات التي قامت على الميسر والمقامرة والغش والمخادعة وأكل أموال الناس بالباطل، ويدَعون الأمانَ الحقيقي على المستقبل والأولاد ألا وهو تقوى الله.

قال -سبحانه-: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرّيَّةً ضِعَـافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُواّ للَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا} (النساء:9).

قيل لعمر بن عبد العزيز في مرضه الذي مات فيه: ماذا تركت لأولادك؟ قال: تقوى الله، قيل: كيف؟! قال: إن كانوا صالحين؛ فإن الله يتولى الصالحين.

تقوى الله هي السبيل إلى السعادة التامة في الدنيا والآخرة، قال أبو الدرداء رضي الله عنه :

يريـد المرء أن يؤتى مُناه ويـأبـى الله إلا مـا أرادا

يقول المرء فائدتِي ومالِي وتقوى الله أفضل ما استفادا

 

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك