رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الشيخ: فالح عبد الله ارتيبان أرتيان 26 يناير، 2025 0 تعليق

إنه الله -جل جلاله-

يقول ابن القيم -رحمه الله-: من الناس من يعرف الله بوجوه الإفضال والإحسان، ومنهم من يعرفه بالعفو والعلم والتجاوز، ومنهم من يعرفه بالبطش والانتقام، ومنهم من يعرفه بالعلم والحكمة، ومنهم من يعرفه بالعزة والكبرياء، ومنهم من يعرفه بالرحمة والبر واللطف، ومنهم من يعرفه بالقهر والملك، ومنهم من يعرفه بإجابة دعوته وإغاثة لهفته، وقضاء حاجته، وأكمل هؤلاء معرفة من عرفه من كلامه، فإنه يعرف ربًا قد اجتمعت له صفات الكمال ونعوت الجلال، منزه عن المثال، بريء من النقائص والعيوب، له كل اسم حسن وكل وصف كمال، فعّال لما يريد، فوق كل شيء، ومع كل شيء، وقادر على كل شيء، ومقيم لكل شيء، آمر، ناه، متكلم بكلماته الدينية والكونية، أكبر من كل شيء، وأجمل من كل شيء أرحم الراحمين، وأقدر القادرين، وأحكم الحاكمين، فالقرآن أنزل لتعريف عباده به، وبصراطه الموصل إليه، وبحال السالكين بعد الوصول إليه.

        ويكفي في جماله -سبحانه وتعالى- أنه له العزة حميعًا، والقوة جميعًا، والجود كله، والإحسان كله، والعلم كله، والفضل كله، ولنور وجهه أشرقت الظلمات، فأسماؤه كلها حسنى، وصفاته كلها صفات كمال، وأفعاله كلها حكمة ومصلحة وعدل ورحمة، فإنه هو الذي جعل الحامد حامدا، والمسلم مسلما والمصلي مصليا والتائب تائبا، فمنه ابتدأت النعم وإليه انتهت، فابتدأت بحمده وانتهت إلى حمده، وهو الذي ألهم عبده التوبة وفرح بها أعظم فرح، وهي من فضله وجوده، وألهم عبده الطاعة وأعانه عليها ثم أثابه عليها وهي من فضله وجوده، وهو سبحانه غني عن كل ما سواه بكل وجه، وما سواه فقير إليه بكل وجه، والعبد مفتقر إليه لذاته في الأسباب والغايات، فإن مالا يكون به لا يكون، وما لا يكون له لا ينفع.

       الكلام عن الله وصفاته وآلائه عظيم، والكلام عن العظيم عظيم، يقول ابن القيم واصفا الله -جل جلاله-: هو الأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء، هو تبارك وتعالى أحق من ذكر وأحق من عبد وأحق من حمد وأولى من سكر وأنصر من أبتغى، وأرأف من ملك وأجود من سئل وأعف من قدر وأكرم من قصد وأعدل من انتقم، حكمه بعد علمه وعفوه بعد قدرته، ومغفرته عن عزته، ومنعه عن حكمته هو الملك الذي لا شريك له والفرد الذي لا ند له، والغني فلا ظهير له والصمد فلا ولد له ولا صاحبة له، وكل ملك زائل إلا ملكه، وكل ظل قالصا إلا ظله، وكل فضل منقطع إلا فضله، وكل شيء هالك إلا وجهه لن يطاع إلا بإذنه ولن يعصى إلا بعلمه، يطاع فيشكر، ويعصى فيغفر، كل نقمة منه عدلا، وكل نعمة منه فضلا، أقرب شهيد وأدنى حفيظ، حال دون النفوس، وأخذ بالنواصي، وسجل الأثار، وكتب الآجال، فالقلوب له مفضية والسر عنده علانية، والغيب عنده شهادة، عطاءه كلام، وعذابه كلام إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.

          روى مسلم في صحيحه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَطْوي اللهُ السَّماواتِ يومَ القيامةِ ثُمَّ يأخُذُهنَّ بيدِه اليمنى ثُمَّ يَطْوي الأَرَضينَ ثُمَّ يأخُذُهنَّ بشمالِه ثُمَّ يقولُ أنا المَلِكُ أين الجبَّارونَ أين المُتكبِّرونَ» وفي رواية يَطْوِي اللهُ السماواتِ يومَ القيامةِ، ثم يَأْخُذُهُنَّ بيدِه اليُمْنَى، ثم يقولُ: أنا المَلِكُ أين الجَبَّارُونَ؟ أين المُتَكَبِّرُونَ؟ ثم يَطْوِي الْأَرَضِينَ، ثم يَأْخُذُهن بشمالِه، ثم يقولُ: أنا المَلِكُ أين الجَبَّارُونَ؟ أين المُتَكَبِّرُونَ؟.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك


X