رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر السياسي 9 يونيو، 2015 0 تعليق

إلى متى معاناة المسلمين في ميانمار؟

العصابات الإجرامية فــي كـــل مـكــــان تسـتـغل (الروهينغا) لمزيد من المعاناة والاضـطـهاد

العنف ضد المسلمين العُزَل في ولاية راخين قد خلف 78 قتيلا و87 جريحا وتدمير آلاف المنازل وشرد أكثر من 52000 شخص

 

(الروهينغا) أو (الروهنجيا) أو (الرُوَينغة) اسم لجماعة مسلمة في ولاية (أراكان) غربي بورما أو ميانمار. فحسب التقديرات الرسمية لسنة 2012 يوجد 800,000 روهينجي في أراكان، وتعدهم الأمم المتحدة بأنهم أكثر الأقليات اضطهادا في العالم. وهناك العديد منهم قد فر، ويعيشون لاجئين في مخيمات في بنغلاديش المجاورة وفي مناطق عدة داخل تايلاند على الحدود مع بورما.

أصل المصطلح

     واختلف في أصل المصطلح (روهينغا). فقيل: إنه مشتق من الكلمة العربية (رحمة)، أو من الروها في أفغانستان. أو هو اسم مملكة أراكانية قديمة مروهاونج وقيل: جاء من أسلاف البنغاليين، وقيل: إنه يرجع إلى عام 1799م باسم روونجا وقيل: إنها تعني (لا شأن له بالسياسة). ولغتهم هي اللغة الروهنجية.

وصول الإسلام

     ظهرت مستوطنات المسلمين في أراكان منذ وصول العرب هناك في القرن الثامن ميلادي، ويعتقد أن السلالة المباشرة من المستوطنين العرب يعيشون الآن في وسط مركز أراكان بالقرب من بلدتي (مرايك يو) و(كياوكتاو) بدلا من منطقة مايو الحدودية القريبة من منطقة شيتاغونغ البنغلاديشية التي يقطن فيها حاليا أغلبية الروهنجيا.

ما بعد الحرب

     أسس شيوخ الروهنجيا الذين أيدوا حركة الجهاد في شمال أراكان سنة 1947 حزبا أسموه حزب المجاهدين، وكان هدفه إقامة دولة مسلمة ذاتية الحكم في أراكان. وقد كانوا نشطين جدا قبل انقلاب سنة 1962  بقيادة الجنرال (ني وين) الذي قام بعمليات عسكرية ضدهم على مدى عقدين، وأشدها تلك المسماة (عملية الملك التنين) التي وقعت سنة 1978، وكانت نتيجتها أن فر الكثير من مسلمي المنطقة لاجئين إلى بنغلاديش المجاورة. ومع ذلك فلا يزال المجاهدون البورميون (المقاتلين المسلمين) نشطون في المناطق النائية من أراكان. كان التعاون بين المجاهدين البورميين مع نظرائهم البنغلاديش كبيرا إلا أنهم فضلوا خلال السنوات الأخيرة أن يوسعوا من شبكاتهم إلى مستوى دولي؛ فتمكنوا من جمع التبرعات وتلقي التدريبات العسكرية خارج بورما، وانتشر العديد من المهاجرين الروهنجيا في كراتشي عدا ماهو موجود في بنغلاديش.

تعزيز القومية والديانة البوذية

     اعتمد المجلس العسكري الذي حكم بورما منذ نصف قرن اعتمادا كبيرا على القومية البورمية وديانة (تيرافادا )البوذية لتعزيز حكمه؛ لذا فقد رأى خبراء الحكومة الأميركية بأن هناك تمييزا عنصريا ضد الأقليات مثل: روهنجيا والمجموعات الصينية مثل: (الكوكانغ والبانثاي) (صينيين مسلمين). وهناك بعض مؤيدي الديمقراطية المنشقين عن الأغلبية العرقية البورمانية في بورما من يرفض الاعتراف بالروينجية بأنهم من أبناء البلد، وقد اتهمت حكومات بورما المتعاقبة بأنها تثير أعمال الشغب ضد الأقليات مثل روهنجيا والصينيين.

أعمال عنف في ولاية راخين 2012

     شهد شمال ولاية راخين أعمال شغب سنة 2012 وهي سلسلة من صراعات مستمرة بين مسلمي الروهنغا وعرقية الراخين البوذيين. وجاءت أعمال الشغب بعد أسابيع من الخلافات الطائفية التي أدانها معظم أتباع الطائفتين. وقد فرضت الحكومة حظراً للتجوال، ونشرت قواتها في المناطق المضطربة، وأعلنت الطوارئ في أراكان؛ بحيث سمح للجيش بالمشاركة في إدارة المنطقة. وقد دمر أكثر من 300 منزل ومبان عدة عامة. وفقا (لتون خين) رئيس منظمة روهينغيا بورما في المملكة المتحدة أنه إلى يوم 28 يونيو فقد قتل 650 من الروهينغيا وعُدَّ 1200 من المفقودين، وتشرد أكثر من 80 ألفاً. واتهم الجيش والشرطة البورمية بأنهم أدوا دورا أساسيا في استهداف الروهينجيا خلال الاعتقالات الجماعية والإفراط في العنف، أما سلطات ميانمار فقد ذكرت أن العنف بين البوذيين والمسلمين في ولاية راخين قد خلف 78 قتيلا و87 جريحا وتدمير آلاف المنازل وشرد أكثر من 52000 شخص.

     وقد اتخذت عدد من تنظيمات الرهبان التي لعبت دورا مهما في النضال من أجل الديمقراطية في بورما تدابير لمنع وصول أي مساعدات إنسانية إلى المجتمع الروهنجي، وقد أكدت حكومة ميانمار في يوليو 2012 بأن الأقلية الروينغية تصنف على أنها عرقية من مسلمي البنغال عديمي الجنسية قدمت من بنغلاديش سنة 1982، وأنها لم تدرج مع حوالي 130 عرقية تطالب بجنسية ميانمار.

اللاجئون وانتهاكات حقوق الإنسان

يوصف الشعب الروهينغي بأنه «أكثر الشعوب المنبوذة» و«أنهم أكثر الأقليات اضطهادا في العالم».

     وقد جردوا من مواطنتهم منذ قانون الجنسية لسنة 1982. فلا يسمح لهم بالسفر دون إذن رسمي، ومنعوا من امتلاك الأراضي، وطلب منهم التوقيع بالالتزام بألا يكون لهم أكثر من طفلين. وحسب تقارير منظمة العفو الدولية فإن مسلمي الروهينغا لايزالون يعانون انتهاكات لحقوق الإنسان في ظل المجلس العسكري البورمي منذ سنة 1978، وقد فر العديد منهم إلى بنغلاديش المجاورة:

     قيدت بشدة حركة الروهينغيين في التنقل، وحرمت الغالبية العظمى منهم من الجنسية البورمية، ويتعرضون أيضا لأنواع عدة من الابتزاز والضرائب التعسفية ومصادرة الأراضي والإخلاء القسري وتدمير منازلهم وفرض قيود مالية على الزواج، ولا يزالون يستخدمونهم عمالا سخرة في الطرقات ومعسكرات الجيش وإن كان معدل أعمال السخرة قد انخفض في ولاية راخين الشمالية خلال العقد الماضي.

قتل واغتصاب وتدمير للمساجد

     في أعقاب (عملية الملك التنين) المسماة (ناجامين) للجيش البورمي في سنة 1978 فر أكثر من 200،000 من الروهينغا إلى بنغلاديش. وتستهدف تلك الحملة رسميا «التدقيق على كل فرد يعيش في الدولة، وتصنيف المواطنين والأجانب حسب القانون، واتخاذ الإجراءات ضد الأجانب الذين دخلوا البلاد بطريقة غير مشروعة.» تلك الحملة استهدفت المدنيين مباشرة؛ مما أسفر عنه انتشار القتل على نطاق واسع والاغتصاب وتدمير المساجد فضلا عن الاضطهاد الديني

مابين 1991-1992 جرت موجة جديدة من الهروب؛ حيث فر أكثر من ربع مليون روهينغي إلى بنغلاديش؛ حيث قالوا: إنهم استخدموهم عمالا سخرة، وجرت عمليات إعدام دون محاكمة فضلا عن التعذيب والاغتصاب.

وقد أجبر الجيش البورمي الروهينغا على العمل دون أجر في مشاريع البنية التحتية والاقتصادية وفي ظروف قاسية، وقد حدثت العديد من انتهاكات لحقوق الإنسان من قبل الأمن خلال عمل السخرة للرهينغا المدنيين.

ثم بدأت المفوضية العليا للاجئين (المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) في تقديم المساعدات لإعادة توطين الروهينجا في بنغلاديش من سنة 2005، ولكن ظهور مزاعم لانتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات اللاجئين هددت تلك الجهود.

في عرض البحر

     ومع الجهود السابقة للأمم المتحدة إلا أن الغالبية العظمى من اللاجئين الروهينجا في بنغلاديش ظلوا غير قادرين على العودة بسبب النظام الحاكم في ميانمار، وهم يواجهون الآن مشكلات في بنغلاديش؛ لأنهم لا يتلقون أي دعم من الحكومة، ساعد البحارة (الأتشيين) في فبراير 2009 العديد من لاجئي الروهينجا في مضيق ملقا بعد أن ظلوا 21 يوما في عرض البحر.

     وقد فر الآلاف من روهينغيا على مدى السنوات الماضية إلى تايلاند، هناك ما يقرب من 111,000 لاجئ يقيمون في تسع مخيمات على طول الحدود التايلاندية الميانمارية. وهناك اتهامات بأنهم أرسلوا مجموعة من اللاجئين في سفن؛ حيث طردوهم من تايلاند وتركوا في عرض البحر، وظهرت أدلة في فبراير 2009 على سحب الجيش التايلاندي لسفينة تحمل 190 من لاجئي الروهينجا إلى البحر؛ حيث روت المجموعة التي انقذتها السلطات الإندونيسية في فبراير 2009 قصصاً مروعة من إلقاء الجيش التايلاندي القبض عليهم وضربهم ثم إرسالهم إلى عرض البحر؛ حيث تركهم هناك، ثم ظهرت التقارير أنه قبل نهاية فبراير كانت هناك مجموعة من 5 زوارق سُحبت إلى عرض البحر، غرق منها أربعة بمن فيها من اللاجئين جراء عاصفة، أما القارب الناجي فقد جرفته الأمواج إلى الساحل، وفي يوم 12 فبراير 2009 قال رئيس وزراء تايلاند (ابهيسيت فيجاجيفا): إن هناك «بعض الحالات» قد أرجعت الروهينجيين إلى البحر.

إعادة الروهينغا

     وفي سنة 2005 بدأت الخطوات في إعادة الروهينغا؛ حيث أعلنت بنغلاديش في 2009 أنها وبعد اجتماعها مع دبلوماسيين بورميين سوف تعيد حوالي 9,000 روهينغيَا يعيشون في المخيمات إلى بورما، وفي 16 أكتوبر 2011 وافقت الحكومة البورمية الجديدة في استعادة لاجئين مسجلين من الروهينغا.

     ويُعتقد أن آلافاً آخرين لا يزالون عالقين في البحر بعد تخلي مهربي البشر عن قواربهم وسط حملة إقليمية مكثفة عليهم. وكانت الشرطة الماليزية أعلنت قبل أسابيع عن العثور على 139 مقبرة جماعية بداخل مخيمات لتهريب البشر قرب الحدود مع تايلند، ويُرجح أن تكون الجثث لمهاجرين من مسلمي الروهينغا الهاربين من بلادهم. يأتي ذلك في ظل غضب دولي بسبب معاناة الآلاف من المهاجرين واللاجئين الروهينغا الذين ضلوا في مياه جنوب شرق آسيا.

مقابر جماعية

     وقد دعا البرلمان الأوروبي حكومة ميانمار إلى اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لوضع حد للاضطهاد والتمييز ضد أقلية (الروهينغا) المسلمة مجددا مطالبته بتعديل قانون المواطنة لمساواتهم ببقية المواطنين في البلاد.  وأعرب البرلمان في قرار أصدره عن قلقه الشديد إزاء اكتشاف مقابر جماعية جنوبي تايلند تضم جثامين مسلمين من أقلية الروهينغا. وشدد على ضرورة إجراء تحقيق عادل وكامل وموثق في هذا الشأن بالتعاون مع الأمم المتحدة «إن لزم الأمر» لضمان تقديم المسؤولين عن هذا العمل إلى العدالة.

كما دعا تايلند إلى إنهاء أي «تواطؤ مع العصابات الإجرامية التي تعمل على تهريب الروهينغا وغيرهم من المهاجرين في تايلند».

من ناحية أخرى كلف البرلمان الأوروبي الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني بالتعامل مع هذه القضية على أعلى مستوى سياسي خلال اتصالاتها مع تايلند وميانمار والدول الأخرى الأعضاء في منظمة الأسيان.

     ويأتي قرار البرلمان الأوروبي بعد أن اكتشفت الشرطة العسكرية في تايلند مطلع مايو الجاري 30 جثة على الأقل من أقلية الروهينغا المسلمة في مخيم يشتبه بأنه يستخدم للإتجار بالبشر في مقاطعة (ساداو) بإقليم (سونغكلا) القريب من حدود تايلند مع ماليزيا. وكانت الأحزاب السياسية في البرلمان الأوروبي قد طالبت تايلند بإجراء تحقيق عاجل وموثوق في مقابر جماعية لرفات مسلمين من أقلية الروهينغا عثر عليها أخيرا في جنوب البلاد. 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك


X