إقصاء المرأة وإلغاء كيانها… خطورة مجتمعية
- كما أن في الرجال حكماء وآخرين سفهاء ففي النساء كذلك حكيمات ومدبرات للأمور بتعقّل وبصيرة فالسفاهة وقلة العقل وسطحية التفكير ليست مقتصرة على النساء دون الرجال
- على الرجل أن يتفهم أن الزوجة تحتاج مساحة من الوقت لتعتاد على زوجها وطبائعه وما يريد هو تعويدها عليه
- الزواج في حقيقته شراكة مقدسة مبنية على التفاهم والحوار بين الزوجين وليست علاقة رئيس بمرؤوسه ولا سيّد مع عبيده ولا بسلطان مع حاشيته
بحجة الخوف عليها والرغبة بحمايتها وتحت مظلة حثّ الإسلام على إكرام المرأة وتقدير مكانتها، فإننا نشهد مواقف كثيرة لرجال كثيرين يرفضون احترام المرأة واستقلاليتها المادية، ويمارسون الإقصاء لقناعاتها وآرائها، إلى درجة المحاصرة والخنق لشخصيتها؛ فلا ينبغي أن ترى إلا ما يراه زوجها، وعليها أن تتبنّى قناعاته؛ بحجة أنّ طاعة الزوج واجبة، فإنّ نمط التعامل معها نجده قسريّا، فهو يأمر وهي تُجيب، هو يطلب وهي تطيع الطاعة العمياء بلا نقاش، والحديث معها أوامر في أوامر فهو العقل المدبر لكل شيء وهي اليد المنفذة فقط.
يجتهد الزوج أيّما اجتهاد كي يفرض ما يريده فرضا دونما تدرّج ولا انتظار لقبول زوجته لما يأمرها به، ودون أن يسمح لها بالحوار معه ولا يفتح لها المجال كي تقنعه بوجهة نظرها، يقول كلمته ويعطيها ظهره ويمشي عنها مِشية المستهتر بتقبّلها لما يفرض ويأمر أم عدم تقبّلها.الزواج شراكة بين الزوجين
عزيزتي القارئة.. عزيزي القارئ: إنّ الزواج في حقيقته شراكة مقدسة، مبنية على التفاهم والحوار بين الزوجين، وليست علاقة رئيس بمرؤوسه ولا سيّد مع عبيده ولا بسلطان مع حاشيته، فالهوينى الهوينى على زوجة دخلت حياتك وهي ملأى بطبائع وقناعات من بيئة مغايرة تماما عن بيئة زوجها، فلا يحق للزوج من أول أشهر زواجهما أن يضعها تحت مجهر التقييم ولجان التحكيم في عقله ونفسه، فضلا عن إشراكه لأمه في تقييم تلك الزوجة وفرض الكيفية التي عاشتها أمه مع أبيه على تلك الزوجة الجديدة.مساحة من الوقت
تحتاج الزوجة مساحتها من الوقت لتعتاد على زوجها الجديد وطبائعه، وما يريد هو تعويدها عليه، فالزوج به نواقص وعيوب ومناقص وليس بكامل كمال البشرية، وهو كذلك مثلما يطالبها أن تعتاد عليه وعلى مطالبه بسرعة متناهية، فلماذا هو أيضا لا يتفكّر في نفسه وفي عيوبه ويناظرها بحكمة، ويعمل على تغييرها واستبدالها بطبائع أحسن منها تساعده على التأقلم والتكيف مع زوجته؟ ولينظر هو إلى عيوبها ونقائصها بصبر وطول انتظار بل ويتأقلم ويعوّد نفسه على حياة جديدة بها متغيرات عديدة. شريحة من الأزواج لسان مقالهم وحالهم: أنا أفكر وأخطط وآمر وهي تطيع وتنفذ دون إبداء رأي ودون سماع لمشورتها له، وإذا شاورها خالفها الرأي؛ فهو يعتقد أنه ليس من الرجولة أن يطيع امرأة! تلك عقلية لا تحترم الزوجة ولا تقدّر لها عقلها وفكرها ومشاعرها وقدرتها وحتى لا يقيم وزناً لرأيها.كثيرات من النساء عاقلات
أعزائي القرّاء.. من خلال عشرات السنين الماضية وأنا أقدم الاستشارات الأسرية للنساء والرجال صغارا وكبارا، شبابا وشيوخًا، ظهر لي أنّ كثيرات من النساء عاقلات ورزينات وحكيمات، فهؤلاء الزوجات -من اللاتي قابلتهن- يفكرن بروّية وحكمة وبصيرة، ويمتلكن الرأي السديد والخبرة العميقة، ويزرنني في المكتب الاستشاري فقط ليتأكدن من كون قرارهن صائبا ليزددن تمسكا به. ومثلما في الرجال حكماء وآخرون سفهاء، ففي النساء أيضا نساء حكيمات ومدبرات للأمور بتعقّل وبصيرة، فالسفاهة وقلة العقل وسطحية التفكير ليست مقتصرة على النساء دون الرجال.إطلاق الأحكام جُزافاً
ليس من حق أحد من الناس إطلاق الأحكام جُزافاً هكذا ظلما وعدوانا على المتزوجات فقط لأنهن إناث! وتحت ضغط عادات المجتمع فإنهم يعتقدون بأنّ الأنثى تبع للرجل وملكه، هو المتحكم بها والمسيطر عليها، فالمرأة كيان مستقل محترم لها من الحقوق مالها، وعليها من الواجبات ما عليها كما الرجل الزوج، وعجباً من زوج يطالب زوجته تشاركه في راتبها بالنفقة والمصرف على البيت، ويرفض أن تشاركه قرارات الحياة الزوجية والأسرية! وعجبا لزوج هو شريك لزوجته في أكبر قضية زوجية وهي الإنجاب من خلال العلاقة الزوجية الحميمة المشتركة، ولكنه في الوقت ذاته يسفّه قناعاتها وآراءها ولا يسمع لها! بل إنّ بعضهم يضربها ويهينها في النهار ثم يضاجعها ليلاّ، ويريد منها أن تتهيأ له بكامل جاهزيّتها الأنثوية!حسن التربية ونضج الفهم
الزوج والزوجة بقدر نوالهما حسن تربية ونضج وفهم من والديهما في التعامل مع الآخر، فإنه سيكون لهما نصيب من النجاح في زواجهما؛ فلا يحق لأحد بأن يُلقى اللوم دائما على الزوجة؛ إذ المجتمعات لا ترحم في بعض عاداتها البالية، فمهما كان الزوج مخطئا وسيئا نجد لسان حال الناس في المجتمع: «كان صبرتي عليه.. راح يتغير»! « غلطانه ما نطرتي وتطلقتي، المفروض تصبرين وتتحملين» !! وعندما يكون الزوج سيئا ولا يستحق تلك المرأة وتطلقت منه تتجه أصابع التسويغ للرجل والتعاطف معه.الكيل بمكيالين
كيل الأمور بمكاييل وموازين ظالمة ضد الزوجة ولومها ونظرات الاتهام والانتقاص يلاحقونها بها، تلك من العادات التي عفا عليها الزمن، ولازال كثيرون يتمسكون بها ومستمتعين بألسنتهم التي لا تمل ولا تكلّ من التحدث في أعراض الناس، وتلك من آفات اللسان وسوء الأخلاق وضياع الأوقات وخراب العلاقات وفتّ بعضد المجتمعات.
لاتوجد تعليقات