رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 30 يوليو، 2017 0 تعليق

إغلاق الأقصى حقائق ودروس

 

المسجد الأقصى كان وما زال عنوان الصراع مع اليهود الغاصبين، ومقياس التهدئة والتصعيد، والشعلة والفتيل لتصاعد الأحداث، وكثير من الأحداث الجسام على أرض فلسطين اشتعلت شرارتها من المسجد الأقصى المبارك، مروراً بأحداث البراق في عام 1929م عندما حاول اليهود السيطرة على حائط البراق، وحرق المسجد الأقصى، وإحداث النفق أسفل منه، إلى اقتحام ساحات المسجد الأقصى المبارك في 28/9/2000م وإشتعال أحداث فلسطين التي مازالت مستمرة بتصعيد وتخطيط يهودي، وصولاً إلى الأحداث التي نعيشها اليوم في القدس التي امتدت إلى أرجاء فلسطين ومنها المناطق التي احتلت في 1948م.

     والطريق لا شكّ طويلة، ولاسيما بعد تراكم النّكبات، وتكالُب أمم الأرض على استرضاء اليهود هذا التكالُب المشبوه، غير أنّ الحقّ لا يُحجب، والحقائق لا تموت، والشأن كلهّ في حياة الفكرة في القلوب، وتوريثها للأجيال القادمة بصدق وعناية، ولكن من أهمّ العِبَر والدّروس المستفادة أحداث الصراع على المسجد الأقصى وما حوله، نلخصها فيما يأتي:

1- معركة الدفاع عن حائط البراق والمسجد الأقصى وأرض فلسطين معركة لا تنتهي مادام هنالك باطل يريد أن يدحض الحق والحقائق؛ فنحن -مع الأسف- في زمن أصبح قلب الحقائق، وطمس التاريخ، وعَولمة الأكاذيب، وافتراءات اليهود، كلها من مقومات الإعلام العالمي المنحاز للصهيونية ومشروعها.

2- المسجد الأقصى، وغيره من أراضي فلسطين، أرض وقفية إسلامية دافع عنها المسلمون وضَحَّوا من أجل الحفاظ عليها بالدماء والأموال والمهج؛ تاريخها تاريخ أنبياء الله، فيها أقاموا شرع الله تعالى؛ فالإسلام مستقبلها، وبه حياتها، ولن يتم ازدهارها ولن يصحّ اعوجاجها، ولن يعلو لها شأن إلا بهذا الدين، وعلى يدي أهله المخلصين.

3- دفاعنا عن القدس والمسجد الأقصى دفاعٌ عن كل شبر من أرض فلسطين؛ فالقدس هي روح فلسطين وجوهرها ولبّها، وفلسطين هي قضيتنا الأولى، ولن نتنازل عن أي شبر منها؛ فهي حقٌ ومِلْكٌ لكلّ المسلمين، وهي لا محالة راجعة إلى مجدها وتالد عزّها، أمّا اليهود فأحلامهم إلى زوال، وخيالاتهم إلى بوار.

4- لم يتغير اليهود، فهذه سلوكياتهم وممارساتهم كما هي في عهد النبوة وإلى الآن، والمشاهد التي نراها اليوم هي رد وافٍ وكافٍ على من ظن أن يهود اليوم ليسوا كيهود الأمس؛ ولهذا شئنا أم أبينا فاليهود أعداء دائمون لهذه الأمة منذ بدأ الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - رسالته وإلى أن يخرج الدجال. وهم على أتم استعداد لأن يخلقوا الوسائل والشبهات والأكاذيب ليسوغوا أعمالهم وممارساتهم؛ فهم أهل المكر والخداع، قال تعالى: {ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} الأنفال/ 30.

5- إنّ الظروف الدولية ليست ثابتة، بل دائمة التغير، والعالم لا يسمع من ساكت، بل الصارخ بالمطالبة بحقوقه ليلاً ونهاراً بالكاد يحصل عليها! غير أن هذا العالم تتظاهر أبعاضُه أمام بعضها باحترام القوانين، وقواعد العلاقات الدولية، وعليه: فإنّ توفير الأرضية القانونيّة المعتبرة في القانون الدوليّ لكلّ حقوقنا واجب حتميّ، لا يجوز لنا التفريط أو التقصير فيه، وقد رأينا بأم أعيننا كيف يحاول اليهود دوما إيجاد مسوغ قانوني مقبول عالميا لكل تصرفاتهم.

6- إن فصول القضية الفلسطينية على مدى 100 عام، منذ بواكيرها وبداياتها، كانت فيها صفحات مشرقة من الجهاد بالسيف والسنان، وبالعلم والبيان، وتُلحظ فيها العلاقة الطردية الحتميّة بين طبيعة الذين يتولّون أمر القضية ودرجة تأهيلهم وخبرتهم وتحصيلهم العلمي وتاريخهم العملي، وبين الحقوق التي نحصل عليها والإنجازات التي نحقّقها.

7- والأهمّ من ذلك كلهّ، وهو تاج الواجبات وغرّة المهمّات، فهو حسن اللجوء إلى الله، والعكوف -ظاهراً وباطنًا- على رعاية محبوباته من الطّاعات بالاستجابة والامتثال، ورعاية مساخطه ومَجَالِبِ مقته بالترك والحذر والاجتناب، فإنّه ينصر من ينصر دينه، ولا يجعل على المؤمنين سبيلاً لأحد، فهو القائل -تبارك اسمُه-: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ * وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (النور: 54-57).

واللهَ نسأل، أن يقرّ أعيننا برجوع الحقوق، واستعادة المقدّسات، وبرؤيتنا أولى قبلتَيْنَا مطهّرة من دنس الغاصبين، وأن ينعّم -سبحانه- قلوبنا بالسجود في عافية في قلب المسجد الأقصى المبارك.

 

 

مكانة المسجد الأقصى المبارك

 

 

المسجد الأقصى المبارك مسرى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم - ثاني مسجد وضع في الأرض وهو أولى القبلتين. وفيه كانت صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم - بالأنبياء إماماً في ليلة الإسراء إقرارٌ لصبغته الإسلامية ولإمامة أمة محمد على المسجد الأقصى، ولم يجتمع الأنبياء على الأرض في غير هذا المكان، فازداد المسجد الأقصى مكانة وتشريفاً.

وقد بشر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم - أمته بفتح المسجد الأقصى قبل أن يفتح، روى عوف بن مالك -رضي الله عنه- قال: «أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك فقال اعدد ستاً بين يدي الساعة:- ذكر منها - ثم فتح بيت المقدس».

     وأثنى النبي -صلى الله عليه وسلم - على المسجد الأقصى لفضله وعظيم شأنه، وأخبر بتعلق قلوب المسلمين به لدرجة أنه يتمنى المسلم أن يكون له موضع صغير يطل منه على المسجد الأقصى أو يراه منه، ويكون ذلك عنده أحب إليه من الدنيا وما فيها، فعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: «تذاكرنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أيهما أفضل: أمسجد رسول الله أم بيت المقدس؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: صلاة في مسجدي أفضل من أربع صلوات فيه، ولنعم المصلى هو، وليوشكن أن يكون للرجل مثل شطن فرسه من الأرض؛ حيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا جميعاً. قال: أو قال خير من الدنيا وما فيها».

     وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم - أن المسجد الأقصى ثاني مسجد وضع في الأرض، وفيه مقام الطائفة المنصورة وعقر دار المؤمنين، وفيه يتحصن المؤمنين من الدجال ولا يدخله، وفيه ومن حوله ينطق الحجر والشجر ويقول: «يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله»، وفي بيت المقدس الأرض التي يحشر إليها العباد، ومنها يكون المنشر، فعن ميمونة بنت سعد مولاة النبي -صلى الله عليه وسلم - قالت: يا نبي الله أفتنا في بيت المقدس؟ فقال: «أرض المحشر والمنشر».

فالقدس ستبقى وديعة رسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم - عندنا، وأمانة عمر -رضي الله عنه- في ذمتنا، طال الزمان أو قصر، فالعاقبة للمتقين، وستعود إلينا بإذن الله، وهذا وعده -سبحانه-، والله لا يخلف الميعاد.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك