رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وليد دويدار 13 يناير، 2014 0 تعليق

إضاءات سلفية (7) كفالة اليتيم


كفالة اليتيم هي: القيام بأمر الطّفل الصّغير ورعاية مصالحه وتربيته والإحسان إليه حتّى يبلغ مبلغ الرّجال إن كان ذكرا أو تتزوّج إن كان بنتا.

وقد أخبرنا الله عز وجل أن الإحسان إلى اليتامى من البر، فقال سبحانه:  {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } (البقرة: 177).

     وأمرنا الله تعالى بالعدل فيهم وعدم ظلمهم، قال تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ ۖ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ۖ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} (النساء: 2).

     وفي الحديث عن سهل- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أنا وكافل اليتيم في الجنّة هكذا» وأشار بالسّبّابة والوسطى وفرّج بينهما شيئا» متفق عليه.

قال ابن بطّال: حقّ على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النّبيّ صلى الله عليه وسلم في الجنّة، ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك.

قال مجاهد في قوله تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} (الضحى/ 9): لا تحتقره.

وقال ابن سلام:لا تستذلّه.

وقال سفيان: لا تظلمه بتضييع ماله.

وقال الفرّاء: لا تمنعه حقّه.

والقهر: هو التّسليط بما يؤذي.

     وفي سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ما تطيب به خواطر اليتامى في كلّ زمان ومكان فقد توفّي والده قبل أن يولد، ونشأ في كفالة جدّه عبد المطّلب يلقى من الرّعاية والعناية ما يعوّضه عن فقد أبيه.

(26) النصيحة

النصيحة: كلمة جامعة تتضمّن قيام النّاصح للمنصوح له بوجوه الخير إرادة وفعلا، والنّصيحة لله ولرسوله ولكتابه ولأئمّة المسلمين وعامّتهم.

     وهذا نبي الله نوح ينصح لقومه، قال تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿61﴾أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (الأعراف: 61 - 62). وهذا نبي الله هود وهو يثبت نصحه لقومه: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ } (الأعراف: 68). وهذا نبي الله صالح، قال تعالى: {فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَٰكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} (الأعراف: 79)، فضرب أئمة الهدى أروع الأمثلة في النصح لأقوامهم بالصبر عليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم خير ناصح لخير أمة، فما ترك خيراً إلا ودلنا عليه، وما ترك شراً إلا وحذرنا منه.

     وفي الحديث: عن تميم الدّاريّ-رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الدّين النّصيحة» . قلنا: لمن؟. قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمّة المسلمين وعامّتهم» رواه مسلم.

     قال ابن رجب- رحمه الله تعالى-: «الواجب على المسلم أن يحبّ ظهور الحقّ ومعرفة المسلمين له، سواء كان ذلك في موافقته أم مخالفته. وهذا من النّصيحة لله ولكتابه ورسوله ودينه وأئمّة المسلمين وعامّتهم، وذلك هو الدّين كما أخبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم ».

     وقال الحسن البصريّ- رحمه الله-: «ما زال لله تعالى نصحاء، ينصحون لله في عباده، وينصحون لعباد الله في حقّ الله، ويعملون لله تعالى في الأرض بالنّصيحة، أولئك خلفاء الله في الأرض».

وقال الإمام الشّافعيّ- رحمه الله تعالى-:

تعهّدني بنصحك في الفرادى

                                وجنّبني النّصيحة في الجماعه

فإنّ النّصح بين النّاس نوع

                                من التّوبيخ لا أرضى استماعه

فإن خالفتني وعصيت قولي

                                فلا تغضب إذا لم تعط طاعه

(27) الاستخارة

     عَن جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّلَمِيُّ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُهُمْ السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ: «إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الأَمْرَ ثُمَّ تُسَمِّيهِ بِعَيْنِهِ خَيْرًا لِي فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ قَالَ أَوْ فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْنِي عَنْهُ (واصرفه عني) وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ». رواه البخاري

قال ابن حجر: الاستخارة: اسم، واستخار الله طلب منه الخِيَرة , والمراد طلب خير الأمرين لمن احتاج إلى أحدهما .

     وصلاة الاستخارة: هي أن يصلّي المرء ركعتين من غير الفريضة في أيّ وقت من اللّيل أو النّهار يقرأ فيهما بما شاء بعد الفاتحة، ثمّ يدعو بالدّعاء الّذى ورد في هذا الحديث.

     قال ابن أبي جمرة- رحمه الله تعالى-: «الاستخارة في الأمور المباحة وفي المستحبّات إذا تعارضا في البدء بأحدهما، أمّا الواجبات وأصل المستحبّات والمحرّمات والمكروهات كلّ ذلك لا يستخار فيه».

     وقال أيضاً: «الحكمة في تقديم الصّلاة على دعاء الاستخارة: أنّ المراد حصول الجمع بين خيري الدّنيا والآخرة فيحتاج إلى قرع باب الملك، ولا شيء لذلك أنجع من الصّلاة لما فيها من تعظيم الله والثّناء عليه والافتقار إليه مآلا وحالا».

فالاستخارة دليل على تعلّق قلب المؤمن بالله- عزّ وجلّ- في سائر أحواله.

وهي دليل على الرّضا بما قسم الله للإنسان وقدّر.

كما أنها من أسباب السّعادة في الدّنيا والآخرة.

(28) التبرج

قال الطّبريّ: التّبرّج هو التّبختر، وقيل: هو إشهار الزّينة، وإبراز المرأة محاسنها للرّجال.

     قال تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ ۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (الأحزاب: 32، 33).

     عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- أنّه قال: «جاءت أميمة بنت رقيقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام فقال: «أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئا، ولا تسرقي، ولا تزني، ولا تقتلي ولدك، ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك، ولا تنوحي ولا تبرّجي تبرّج الجاهليّة الأولى». رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني.

     وعن أبي هريرة- رضي الله عنه - أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «صنفان من أهل النّار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها النّاس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهنّ كأسنمة البخت المائلة. لا يدخلن الجنّة ولا يجدن ريحها، وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا».

     وعن أمّ الضّياء أنّها قالت لعائشة- رضي الله عنهما-: يا أمّ المؤمنين ما تقولين في الخضاب والصّباغ والقرطين والخلخال وخاتم الذّهب وثياب الرّقاق؟. فقالت لها- رضي الله عنها-: «يا معشر النّساء قصّتكنّ كلّها واحدة أحلّ الله لكنّ الزّينة غير متبرّجات، أي لا يحلّ لكنّ أن يروا منكنّ محرّما».

     قال مجاهد بن جبر- رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ} (الأحزاب/ 33): «ذلك أنّ المرأة منهنّ كانت تخرج تمشي بين يدي الرّجال».

     وقال القرطبي رحمه الله: «إنّ المرأة المتشبّهة بالرّجال تكتسب من أخلاقهم حتّى يصير فيها من التّبرّج والبروز ومشابهة الرّجال ما قد يفضي ببعضهنّ إلى أن تظهر بدنها كما يظهره الرّجل، وتطلب أن تعلو على الرّجال كما يعلو الرّجال على النّساء، وتفعل من الأفعال ما ينافي الحياء المشروع للنّساء».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك