رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وليد دويدار 10 نوفمبر، 2013 0 تعليق

إضاءات سلفية (3) التواضـــــــــع

 

قال تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (لقمان: 18)، وعن أبي هريرة- رضي الله عنه - عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال: «ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا بعفو إلّا عزّا، وما تواضع أحد لله إلّا رفعه الله» رواه مسلم. فالتواضع: هو تعظيم من فوقه لفضله، وقيل: التّواضع هو: الاستسلام للحقّ وترك الاعتراض في الحكم.

وذكر ابن القيم رحمه الله أن التواضع المحمود على نوعين:

النوع الأول: تواضع العبد عند أمر الله امتثالا، وعند نهيه اجتنابا؛ فإنّ النّفس لطلب الرّاحة تتلكأ في أمره فيبدو منها نوع إباء وشرود هربا من العبوديّة، وتثبت عند نهيه طلبا للظّفر بما منع منه، فإذا وضع العبد نفسه لأمر الله ونهيه فقد تواضع للعبوديّة.

     والنّوع الثّاني: تواضع لعظمة الرّبّ وجلاله وخضوعه لعزّته وكبريائه فكلّما شمخت نفسه ذكر عظمة الرّبّ تعالى وتفرّده بذلك وغضبه الشّديد على من نازعه ذلك فتواضعت إليه نفسه، وانكسر لعظمة الله قلبه، واطمأنّ لهيبته، وأخبت لسلطانه، فهذا غاية التّواضع، وهو يستلزم الأوّل من غير عكس، والمتواضع حقيقة من رزق الأمرين معا.

     وعن جرير بن عبد الله- رضي الله عنه أنّه قال له سلمان- رضي الله عنه -: «يا جرير تواضع لله. فإنّ من تواضع لله في الدّنيا رفعه الله يوم القيامة»، وسئل الحسن البصريّ عن التّواضع. فقال: «التّواضع أن تخرج من منزلك ولا تلقى مسلما إلّا رأيت له عليك فضلا».

     وروى البخاري في صحيحه عن عائشة- رضي الله عنها- وقد سئلت عمّا كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يصنع في أهله قالت: كان في مهنة أهله فإذا حضرت الصّلاة قام إلى الصّلاة. وعن عبد الله بن أبي أوفى- رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الذّكر، ويقلّ اللّغو، ويطيل الصّلاة، ويقصر الخطبة، ولا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي له الحاجة. رواه النسائي وصححه الألباني.

(10) الصوم

     قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (البقرة: 185).

     وعن أبي أمامة الباهليّ- رضي الله عنه - أنّه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أيّ العمل أفضل؟ قال: «عليك بالصّوم فإنّه لا عدل له» أي: لا نظير له ولا مثيل. رواه النسائي وصححه الألباني.

والصوم هو الإمساك عن الأكل والشّرب والجماع وسائر المفطرات يوما كاملا بنيّة الصّيام من طلوع الفجر الصّادق إلى غروب الشّمس.

     وعن سهل بن سعد- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنّ في الجنّة بابا يقال له الرّيّان، يدخل منه الصّائمون يوم القيامة، لا يدخل معهم أحد غيرهم، يقال: أين الصّائمون؟ فيدخلون منه، فإذا دخل آخرهم أغلق، فلم يدخل منه أحد» متفق عليه.

     وقال جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما-: «إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب، والمآثم، ودع أذى الخادم، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك، ولا تجعل يوم صيامك وفطرك سواء».

     فالصائم موعود بالجنة ومبشّر بها، والصوم طهارة للنفس يورث الخشية، ويثمر المراقبة من الله عز وجل، كما أن فيه ناحية صحيّة؛ فالمعدة بيت الداء والجوع رأس الدواء.

     وعن عائشة- رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتّى نقول لا يفطر، ويفطر حتّى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قطّ إلّا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان» متفق عليه.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك