إضاءات سلفية- الاستغاثة
قال تعالى: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آَمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ(17) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ } (الأحقاف: 17- 18)، وقال تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (الأنفال: 9-10).
قال ابن تيميّة- رحمه الله تعالى-: الاستغاثة طلب الغوث وهو لإزالة الشّدّة كالاستنصار (طلب النّصر)، والاستعانة (طلب المعونة).
الفرق بين الاستغاثة والدّعاء. أنّ الاستغاثة لا تكون إلّا من المكروب، وأمّا الدّعاء فإنّه أعمّ من ذلك؛ إذ إنّه يكون من المكروب وغيره.
قال ابن القيّم- رحمه الله تعالى-: ومن أنواع الشّرك: طلب الحوائج من الموتى والاستغاثة بهم والتّوجّه إليهم، وهذا أصل شرك العالم؛ فإنّ الميّت قد انقطع عمله وهو لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرّا، فضلا عمّن استغاث به أو سأله أن يشفع له إلى الله.
قال الشّيخ أبو عبد الله القرشيّ- رحمه الله تعالى-: «استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة السّجين بالسّجين».
قال ابن تيميّة- رحمه الله تعالى-: «قال العلماء المصنّفون في أسماء الله تعالى: يجب على كلّ مكلّف أن يعلم أن لا غيّاث ولا مغيث على الإطلاق إلّا الله، وأنّ كلّ غوث فمن عنده».
التناصر
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (الأنفال: 72).
يذكر التّناصر ويراد به اصطلاحا أحد أمرين:
- الأوّل: تناصر المسلمين ويراد به: أن يقدّم كلّ منهم العون لأخيه ليدفع عنه الظّلم إن كان مظلوما ويردّه عن ظلمه إن كان ظالما.
- الثّاني: التّناصر بين العبد وربّه ويراد به: أن يلتزم المسلم بتقديم النّصرة لعباد الله وأن يلتزم بحدوده عزّ وجلّ بتنفيذ أوامره واجتناب نواهيه، وإذا فعل ذلك أعانه الله وأعطاه ما يظفر به تنفيذا لوعده عزّ وجلّ {وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} (الحج/ 40).
عن أنس- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» فقال رجل: يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره؟ قال: «تحجزه أو تمنعه من الظّلم، فإنّ ذلك نصره» رواه البخاري.
لمّا ضرب ابن ملجم- لعنه الله- عليّا- رضي الله عنه - دخل منزله فاعترته غشية، ثمّ أفاق فدعا الحسن والحسين- رضي الله تعالى عنهما- وقال: أوصيكما بتقوى الله تعالى والرّغبة في الآخرة والزّهد في الدّنيا ولا تأسفا على شيء فاتكما منها، فإنّكما عنها راحلان، افعلا الخير وكونا للظّالم خصما، وللمظلوم عونا، ثمّ دعا محمّدا ولده وقال له: أما سمعت ما أوصيت به أخويك، قال: بلى. قال: فإنّي أوصيك به.
لاتوجد تعليقات