رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 27 مايو، 2014 0 تعليق

إصلاح ذات بين المسلمين

     بدأ النزاع يطفو على الساحة الإسلامية بين طلبة العلم والدعاة والأئمة والخطباء، وتحول إلى خصومات وكراهية وطعونات، وعلى أساسه فتحوا النار على بعضهم بكل وسائل التواصل الاجتماعي، وساد ذلك الجو المشحون بالأهواء والرغبات وإساءة الظنون، والنقل الجارح وتفرق الكلمة.

فالمطلوب هو نزع فتيل الأزمات والفتن والسعي الحثيث لإصلاح ذات البين بكل الوسائل والإمكانات، فالذي يجمع أكثر مما يفرق، قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (الحجرات:10).

          لقد أرسل الله نبيه صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين ليجمع على الإيمان قلوب أهل الإيمان، ويزيل من قلوبهم كل أسباب الشحناء والتحريش وطرائق الشيطان؛ لتطهر النفوس؛ لنكون إخوة متحابين، وقد كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه : «رد الخصوم حتى يصطلحوا، فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن».

     والمطلوب من الجميع أن يكون لبنة إصلاح ومبعثاً للألفة والمحبة والاتفاق من باب قوله تعالى: {وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (الأنفال:1)، فنحن اليوم في أمس الحاجة إلى حفظ وحدة المسلمين، وسلامة القلوب من خلال بوابة إصلاح ذات البين، فهي من أعظم الطاعات وأجلها وأفضل الصدقات، ففيها أجر عظيم وثواب كريم ومرضاة رب العالمين.

ففي الحديث: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة، قالوا: بلى، قال: إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين هي الحالقة» رواه أبو داود، ومعنى الحالقة: أي تحلق الدين.

     فما أجمل الكلمة الطيبة في الإصلاح في السر والجهر، وما أعظم التوقف عن نقل الكلمات السيئة، فلنقل خيرا أولنصمت، قال تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (النساء:114).

الصحابة والتابعون  في خير القرون  ومن تبعهم بإحسان حدث بينهم خلاف، ولكنهم رجعوا إلى الكتاب والسنة والحكماء والعلماء، ونزلوا على القول السديد، واعتذروا، وتآلفت قلوبهم، وتقاربت أبدانهم، وأوقفوا ألسنتهم عن الخوض مع الخائضين، ورجعت الأمور إلى أفضل من سابقها.

فلنسخِّر علمنا وعملنا في طاعة الله سبحانه والوقوف مع المسلمين في قضاياهم، ولنزل كل ما يوغر الصدور، ويولد النفور، ويثير النزاع والفتن، ويزرع  الشقاق والمحن؛ حتى تستديم الصحبة، وتزيد الألفة، ونوجد التعاون على البر والتقوى.

فقمة الأخلاق هي مع أخيك المسلم والداعية وزميلك في الدعوة إلى الله، فهذه هي المحبة وهي من التقوى ومن الرحمة.

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : «أعقل الناس أعذرهم لهم».

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «لو أن رجلا شتمني في أذني هذه واعتذر إليّ في أذني الأخرى لقبلت عذره».

وكان بين الحسين بن علي وأخيه محمد بن الحنفية  رضي الله عنه خصومة وبعد أيام كتب محمد بن الحنفية رسالة ضمنها اعتذاره منه، فما أن وصل الكتاب إلى الحسين حتى قام لساعته وذهب إلى الطريق، فتعانقا وبكيا وتصالحا.

ليسأل كل شخص منا ماذا عمل من جهد لجمع الكلمة، وإصلاح ذات البين؟ وهل هو محايد أم مائل؟ وهل هو ينصر نفسه أم الشيطان؟ هل هو وقاف على الوحيين أم تستميله الأهواء؟!

فقد كان  صلى الله عليه وسلم يذهب مع أصحابه ويقول: اذهبوا بنا نصلح بينهم!

نحن قدوة فقد كان لأجيالنا، فهم ينظرون كيف نقرب بين الصفوف والقلوب ولا نباعد؟ وكم نكف ألسنتنا وأقلامنا عن إخواننا؟ وكم نفسد بتفوهنا بكلمات يزيد الشيطان منها لتقسي القلب؟

آن الأوان لنقف، وننظر إلى أين نحن سائرون؟ وكم فقدنا من إخواننا وسلكنا طريقا لو كنا متحدين كيف تكون أحوالنا وأحوال الدعوة؟ وهل نحن في قوة أو وهن أوضعف بسبب هذه الفرقة؟! اللهم أصلح ذات بيننا وألف على الخير والمحبة قلوبنا.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك