رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: ناصر نعمه العنيزان 18 مايو، 2015 0 تعليق

إصدارت لتصحيح المسار (8) مراجعات في فقه الواقع السياسي والفكري في ضوء الكتاب والسنة

افتتح المؤلف كتابه بتقديم جميل بين يدي الموضوع بيَّن فيه طبيعة المرحلة التي تعيشها الأمة، وبين أهمية المبادرة إلى قراءة متأنية للفكر السياسي الإسلامي على ضوء الكتاب والسنة وذلك بإيضاح منهج أهل السنة والجماعة لمواجهة كافة التحديات لإقصاء الأفكار المدمرة التي استعارتها بعض عناصر الصحوة الإسلامية من أفكار الخوارج والمعتزلة والباطنية بعد أن أوحت بها فئات استشراقية استهدفت الذات العربية والإسلامية .

وأكد المحاور على أهمية هذه اللقاءات، وتنبع أهميتها من كونها محاولة صادقة لردم الفجوة التي وجدت في الثقافة الإسلامية المعاصرة لأهل السنة والجماعة في هذه الجوانب.

     ثم وضح ما تقدمه هذه اللقاءات قائلا: إن هذه اللقاءات الثلاثة التي تضمنها هذا الكتاب تقدم لنا اليوم منهجا إسلاميا في الميادين الفكرية والسياسية بهدف تحقيق الأمن الفكري للأمة الإسلامية وتنقيته من التلوث الذي علق به من الانحرافات السابقة واللاحقة؛ وهذا من شأنه أن يجمع الأمة الإسلامية على منهج أهل السنة والجماعة؛ مما يساعد على ترشيد اليقظة الإسلامية وتصحيح مسارها.

     وأردف على ما سبق قائلا : إن الذين شاركوا في الحوار هم طلائع العلم والفكر الإسلامي فسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز هو مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث والإفتاء، وفضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوازن الفوزان هو عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة وعميد المعهد العالي للقضاء سابقا وهو الباحث المتمكن الذي نذر نفسه لخدمة الدين ونشر العقيدة، وفضيلة الشيخ صالح بن غانم السدلان هو الأستاذ بكلية الشريعة وهو الأستاذ القدير والعالم المستنير صاح بالرؤية العميقة والنهج القويم.

وبين بعد ذلك أهم المحاور التي تعرضت لها الرسالة من بيان الأسس التي تبنى عليها الجبهة الإسلامية وضوابطها كالدعوة وعلاقة الحاكم بالمحكوم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقضية الصراع بين الحق والباطل.

في الحوار الأول مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز :

     أكد سماحته على أن طاعة ولي الأمر واجبة وفريضة في المعروف امتثالا لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}(النساء: 59)، والنصوص من السنة تبين المعنى. وأوضح فضيلته أن ولي الأمر لا يطاع إذا أمر بمعصية في ذات المعصية ولكن لا يأتي الخروج عليه بأسبابها، وأكد سماحته على عدم جواز الخروج على ولاة الأمور إلا بشرطين:

- أن يُرى منهم كفرٌ بواح فيه من الله برهان

- القدرة على التغيير دون ضرر أو فساد كبير

وتابع في حديثه عن الشرط الثاني قائلا: لأن الخروج على ولاة الأمور يسبب فسادا كبيرا وشرا عظيما فيختل به الأمن، وتضيع الحقوق، ولا يتيسر ردع الظالم ولا نصر المظلوم، وتختل السبل، ولا تؤمن ما يترتب عليه فساد عظيم وشر كبير.

وأضح سماحته أن القاعدة الشرعية المجمع عليها أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه بل يجب درء الشر بما يزيله ويخفضه أما درء الشر بشر أكبر فلا يجوز بإجماع المسلمين.

وأكد سماحته أنه في هذه الحال يجب الصبر والسمع والطاعة في المعروف ومناصحة ولاة الأمور والاجتهاد في تخفيف الشر وتقليله وتكثير الخير؛ لأن في ذلك مصالح المسلمين عامة؛ لأن في ذلك حفظاً للأمن وسلامة المسلمين من شر أكبر.

     وعندما علم الشيخ بقول من يرى أن هذا المنهج لا يصلح، ويرمونه بالانهزامية والتخاذل أمام السلطان أوضح فضيلته أن هذا غلط من قائله وقلة فهم؛ لأنهم ما فهموا السنة ولا عرفوها كما ينبغي، وأوضح سماحته أن ما يحملهم على هذا الكلام هو الحماس والغيرة لإزالة المنكر وهو ما يوقعهم فيما يخالف الشرع كما وقعت الخوارج والمعتزلة.

     وأبان فضيلته في معرض حديثه المزالق التي وقع فيها الخوارج والمعتزلة أجملها في تكفير الخوارج بالمعاصي وتخليد العصاة في النار، والمعتزلة وافقوا الخوارج في أن عاقبة العصاة الخلود في النار وأنهم في منزلة بين المنزلتين وأوضح سماحته بجلاء موقف أهل السنة والجماعة من العاصي فقال : لا يكفر العاصي بمعصيته ما لم يستحلها لكن يكون عاصيا ضعيف الإيمان فاسقا تقام عليه الحدود.

وأكد سماحته أن من يقول بتكفير العصاة مقلد للخوارج وهو قول باطل.

وفيما يخص الكفار المستوطنين فيرى سماحته أنه لا يجوز قتل الكافر المستأمن الذي أدخلته الدولة آمنا ولا قتل العصاة ولا التعدي عليهم بل يحالون للحكم الشرعي إذا وجد منهم ما يخالف، وفي حال عدم وجود محاكم شرعية يكتفي الداعية بالنصيحة فقط لولاة الأمر حتى يحكموا شرع الله.

     ويرى سماحته أنه ليس للآمر أو الناهي أن يمد يده أو يقتل أو يضرب لكن يتعاون مع ولاة الأمور بالتي هي أحسن حتى يحكموا شرع الله في عباده وإلا فواجبه النصح والتوجيه للخير، وبين سماحته أن التغيير للجميع واشترط سماحته للتغيير باليد القدرة، وألا يترتب عليه ما هو أكبر أو شر أكثر.

وأكد سماحته أن مقتضى البيعة النصح لولي الأمر ومن النصح الدعاء له بالتوفيق والهداية وصلاح النية والعمل وصلاح البطانة.

وأكد سماحته على أن الواجب على الرعية وأعيان الرعية التعاون مع ولي الأمر في الإصلاح الشر وإماتته والقضاء عليه وإقامة الخير بالكلام الطيب والسلوك الحسن والتوجيهات السديدة التي يرجى من ورائها الخير دون الشر.

- الحوار الثاني مع فضيلة الشيخ: صالح ابن فوازان الفوزان

     في البداية أكد فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية وعميد المعهد العالي للقضاء التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض سابقا وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء حاليا- أهمية العقيدة في حياة المسلم، وبين فضيلته أن تصحيح العقيدة الصحيحة هو الأصل؛ لأن شهادة ألا إله إلا الله وأن محمد رسول الله هي أول أركان الإسلام والرسل أول من يدعو الأمم إلى تصحيح العقيدة لأجل أن تبنى عليها سائر الأعمال من العبادات والتصرفات ودون تصحيح العقيدة لا فائدة من الأعمال.

ووضع فضيلته النقاط على الحروف فيما يتعلق بالجماعات الإسلامية وحالة الفرقة التي تسود الأوساط الإسلامية، وبين فضيلته حكم هذا التفرق ومدى توافقه مع النصوص الشرعية.

وبين فضيلته أهمية البيعة لدى المسلمين وضوابطها ومدى تساهل المسلمين اليوم في هذا الموضوع الخطير، وبين كذلك ضوابط الدعوة إلى الله -عزوجل- في بلاد الإسلام وفي البلاد غير الإسلامية.

كما بين فضيلته منهج المسلمين في التعامل مع الحاكم المسلم وغير المسلم وبين فضيلته كذلك أهمية لزوم جماعة المسلمين وخطورة شق العصا وتفريق الجماعة والحكم الشرعي في هذا الأمر، وتطرق إلى ظاهرة الغلو في الدين كما بين فضيلته هذه الظاهرة وحدودها.

     ومن أهم الجوانب التي تعرض لها فضيلته في هذا الحوار ما يتعلق بظاهرة تكفير الأفراد والمجتمعات التي أصبحت هما وتحديا كبيرا لكثير من فئات المجتمع المسلم ولاسيما مع ظهور إفرازات هذه الظاهرة إلى الواقع الملموس وانتقالها من المجال النظري إلى المجال التطبيقي، وبين فضيلته كذلك المقصود بالنصيحة وكيف تكون وكيف يتدرج بها؟ وأوضح فضيلته في معرض إجابته عن الأسئلة المتعلقة بهذا الجانب الكثير من الإشكالات التي يقع فيها كثير من الناس اليوم .

وتطرق الشيخ في الحوار إلى قضية إقامة الحدود في المجتمع المسلم، وبين فضيلته أنها من صلاحيات سلطان المسلمين وليس لكل أحد أن يقيم الحد؛ لأن هذا يلزم منه الفوضى والفساد، وبين كذلك العقاب الشرعي الذي يقام على من يتعدى على سلطة الحاكم كما جاء في النصوص الشرعية .

وفي الحوار الثالث مع فضيلة الشيخ : صالح بن غانم السدلان :

     أكد فضيلته أن الصراع بين الحق والباطل سنة كونية وبين أن أهل الحق حين يصدقون، وتخلص نوياهم ينصرهم الله -عزو جل- وحين يكون بينهم التخاذل والانقسام وعدم التفاهم تحصل وتعظم الشقة وتشتد الفرقة فيما بينهم؛ فيكون الانهزام. ومن هذا يرى فضيلة أن من يريد مجتمعا خاليا من المخالفات والفساد مجتمعا لا يوجد فيه إلا حق واحد، ومن يريد هذا واهم ومن المحال؛ لأنه بخلاف سنة الله في الصراع الذي يتبين من ينافح لدينه وليحيا من حي على بينة .

وأوضح فضيلته أن المجتمع الإسلامي الأول وجدت فيه الأخطاء والمنكرات، وأقيمت فيه الحدود وهو ما يؤكد استحالة إيجاد المجتمع النقي .

وأوضح فضيلته الدور الذي كان العلماء يقومون به الذي يتركز في الدعوة إلى الله -عزوجل- على بصيرة يبصرون الناس ويشفقون على العصاة ويرحمونهم

     وأكد فضيلته في معرض الحوار على قضايا عدة من أهمها أن تهييج العامة والإعلان منهج غير إسلامي مخالف لنصوص الكتاب والسنة ومنهج السلف، وأوضح فضيلته أن الواجب على الإنسان أو الداعية أن يقف عند حد النصيحة وفقا لضوابطها الشرعية، ولا يجوز له تجاوزها إلى غيرها حي وإن لم يسمع له، بل الواجب عليه النصيحة فقط وتكرارها دون كلل أو ملل .

     وأكد فضيلته أن النصيحة محددة بضوابط لا يجوز الخروج عليها وأن لها طرائق وأساليب عديدة والمتدبر أحوال الدعاة اليوم يجد أن أساليب الدعوة وطرائقها لم تستنفذ.  وأوضح فضيلته أن الإسلام جاء بقواعد عظيمة ينبغي مراعتها وفي مقدمتها: أنه لا يجور تغيير المنكر بمنكر أشد منه، وألا يترتب على تغيير المنكر مفسدة أكبر بل جاء الدين بتحصيل المصالح ودفع المفاسد.

     ودعا فضيلته الأمة إلى السير على منهج السلف الصالح، فتحترم علماءها، وتوقر كبارها حتى وإن ظهر للإنسان مصلحة يظن أنها من أكبر من المصلحة التي تكلم بها العلماء ، وشدد فضيلته على خطورة سب العلماء ووصفهم بالأوصاف التي لا تليق بهم، وأكد أنها لا تصدر من طالب علم فضلا عن أن تصدر من مؤمن إنما تصدر من كافر مناوئ للحق.

     وبين فضيلته أن منهج الخروج على المجتمعات الإسلامية المعاصرة ليس منهجا إسلامياً، وأوضح أن أتباع هذا المنهج عرفوا بقلة العلم والفهم والحكمة، وأوضح فضيلته أن تكفير الحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله، ولم يحمل الناس على الكفر، ولم يعتقد بطلان الشريعة لا يجوز الخروج عليه، وبين بعد ذلك أن تكفير الحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله مسألة فيها تفصيل لدى أهل العلم ولا يمكن أن تؤخذ بكلمة واحدة .

وأكد فضيلته أن الفكر الثوري المتسرع لا يحمله إلا الأحداث وهم لا يمثلون مرجعية الأمة، وقد جاء الحديث بذم الأمة التي تأخذ علمها من أحداثها وتترك علماءها .

وأكد فضيلته على أنه لا يجوز الاعتداء على غير المسلمين المستأمنين لو فعلوا بعض المخالفات، وبين أن الواجب مناصحة ولاة الأمور في هذا، وأكد فضيلته أن الاعتداء عليهم حمق وجهل وعدم علم بالشريعة الإسلامية .

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك