رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 14 فبراير، 2011 0 تعليق

إسرائيل تتكلم بالعربية

 

«إسرائيل تتكلم بالعربية» عنوان للتواصل مع العرب باللغة العربية عبر الموقع الاجتماعي الشهير «الفيسبوك» أنشأته ورعته وزارة الخارجية الصهيونية في محاولة جديدة للتطبيع مع العرب بطريقة مبتكرة وحديثة تستهدف فئة عمرية شبابية تُحسن وتفضل استخدام مواقع التواصل كـ «الفيسبوك» و»تويتر»  في التواصل وتبادل المعلومات.

      وتأتي تلك الصفحة بعد سلسلة صفحات أنشأتها الدولة العبرية باللغة العربية للتواصل مع الجيل الشبابي العربي لتسوق له ذلك الكيان وتبرر الممارسات وقبول، وهذا ما صرح به القائمون على تلك الصفحة بأن هدفهم «التواصل مع الناطقين بالضاد وتبادل الآراء معهم وكذلك إطلاع المتصفحين على ما يحدث في إسرائيل وهو الأمر الذي لا تشاهدونه على شاشات محطات التلفاز العربية للأسف الشديد ونأمل في أن ننجح في كسر بعض الأفكار المسبقة».

      جاء في التعريف بالصفحة الآتي: «أنشأت وزارة الخارجية الإسرائيلية هذه الصفحة على (الفيسبوك) بكونها مصدراً للمعلومات عن دولة إسرائيل باللغة العربية، ومن أجل إطلاع الجمهور العريض على نشاطاتها أولا بأول». ويتم نشر جميع المواد من قبل تلك الوزارة، وفي التعليمات الموجهة لزوار الصفحة بشأن نشر التعليقات جاء الآتي: «تشجيعا للتعبير عن الرأي وقيام نقاش مفتوح مع مسؤولي وزارة الخارجية، فتحنا في وجه الزوار باب نشر تعليقاتهم على الحائط». وأنهى التعليمات بعبارة: «شالوم مع التحيات».

      وتعرض تلك الصفحات كتبا ومقالات تتحدث عن تاريخ وحضارة مزعومة لليهود بدأت منذ أكثر من 3500 سنة حسب تعبيرهم، وتتناول حياتهم ومعاناتهم طيلة هذه الفترة!! ومن أمثلة هذه الكتب كتاب بعنوان: «ذرية إبراهيم.. مقدمة عن الديانة اليهودية للمسلمين» ومؤلفه يدعي روبن فايستون، جاء في  تمهيد الكتاب: «نقدم هذا الكتاب خدمة جليلة لليهود والمسلمين ولتعزيز التفاهم المتبادل وتقليص الجهل والشكوك بتذكيرنا إياهم بأهمية إنعاش وتوحيد الحقائق التي تحتوي على بذور التطور المستقبلي. فكلتا الديانتين الإسلام واليهودية تنحدر بالفعل من إبراهيم، فهما الأكثر قرابة من بين الأديان السماوية؛ ويأتي هذا الكتاب لرغبتنا في بناء عهد يتسم بتعزيز التفاهم وتقوية الارتباط بين المسلمين واليهود حول العالم». والكتاب موجه لطلاب الثانوية وتمت ترجمته إلى اللغة العربية في معهد هارييت وروبرت هايلبرن لتفاهم الأديان العالمي.

      ومضمون فصول الكتاب يكشف بوضوح المقصد وهو التسويق للصهيونية والتي منها: الهوية اليهودية والدولة القومية الحديثة، القومية اليهودية والصهيونية آراء الصهيونية عن العرب، إسرائيل ديانة أم شعب؟ إسرائيل والشعوب الأخرى، أرض إسرائيل، وعلاقة الصهيونية بالتاريخ والتقليد اليهوديين.

       نعم كتبوا التاريخ ولكنه بنهج يخدم مشروعهم الاحتلالي لأرض فلسطين، فحرفوا وغيروا لِتخدم مصالحهم وليستمر وجودهم على الأرض التي باركها الله للعالمين، باعتبارهم شعباً متماسكاً له ثقافة وتاريخ ولغة وعادات وتقاليد وحضارة!!

       ثم في فصول أخرى يُعرف بالصلاة عند اليهود، والمعابد اليهودية والتقويم والأعياد العبرية وقائمة الطعام، ومدار الحياة اليهودية من زواج وموت وحداد،  ومصير الإنسان بعد الموت، وخلاص العالم ومسيح اليهود المنتظر ودورهم في إصلاح العالم. 

       وقد ترجم الكتاب للعربية وحدد الهدف من نشره والفئة العمرية المستهدفة لتسويق الكتاب ونشره بينهم عبر المواقع العبرية والعربية ليكون مرجعاً لطلبة الثانوية - كما جاء نصاً في مقدمة الكتاب –  ومن المقالات المنشورة بالصفحة مقال بعنوان «ليه أنا مؤيد إسرائيل» وهو لشخص يدعى مايكل سند, هذا بالإضافة إلى أخبار وقصص - يزعمون أننا - «لم نسمع عنها نحن العرب في وسائل الإعلام العربية» كما تقول الصفحة وترويها لنا إسرائيل على صفحتها على «الفيسبوك» ومنها خبر عنوانه (إنقاذ حياة طفل عراقي في إسرائيل) وآخر يقول (سفارة إسرائيل في دكار توزع الخراف على المحتاجين بمناسبة عيد الأضحى المبارك).

        وتلك الصفحة انضم لها 2862 مشاركاً حتى الآن، وهي برعاية من موقع وزارة الخارجية الصهيونية ، وتلك لم تكن الصفحة الوحيدة الناطقة بالعربية لإسرائيل علي «الفيسبوك»، حيث توجد صفحات موجهة للعرب ومنها ما هو مخصص لدولة معينة كالأردن والأردنيين تحديداً كصفحة «إسرائيل في الأردن» التي تحمل التعريف الآتي: «صفحة فيسبوك مكرسة لتعزيز العلاقات الدبلوماسية والنمو الاقتصادي والصداقة بين دولة إسرائيل والأردن».

       وانضم إلى مجموعة تسمى «الصداقة الأردنية الإسرائيلية» 2010 عضواً يتبادلون أحاديث السلام وتحمل عبارة «أهلا بكم يا أصدقاء السلام والصداقة والمحبة إلى جروب الصداقة الأردنية الإسرائيلية»، وعبارة أخرى مفادها «الجروب يرحب بكل أنصار السلام والمحبة ويرفض المتطرفين والعدائيين وكذلك صور شخصيات ومواقع أثرية وأحداث وأغان وأفلام متنوعة».

        وعلى غرار صفحة «إسرائيل في الأردن»  أنشأت صفحه أخرى خصصت للمصريين وتحمل اسم «إسرائيل في مصر» جاء في التعريف فيها أنها صفحة مكرسة لتعزيز العلاقات والصداقة بين دولة إسرائيل ومصر، ووضع بها خبر بعنوان (عالم مصري زار إسرائيل)، والخبر نشر كذلك في موقع التواصل الذي تتبناه وزارة الخارجية الإسرائيلية، بقلم  أفيغايل كاديش حول د. أحمد مصطفى المصري الجنسية والذي قام بإجراء بحث علمي في إسرائيل خلال سنة 2008، ويضيف الخبر العالم المصري يحمل رسالة إلى زملائه العلماء العرب: «توخوا الفصل بين السياسة والعلم، وأعطوا  فرصة لإسرائيل، جربوا، وتحققوا بأنفسكم، ولو استطاع الناس رؤية الوجه الآخر، لإسرائيل وكُتُبها وأفلامها وعلمها، أعتقد أنهم سيتأثرون!!».

       ومعظم هذه الصفحات حديثة الإنشاء حيث إن بعضها أنشأ في يناير 2011م مثل صفحة (إسرائيل تتكلم العربية) وصفحة (إسرائيل في الأردن) بينما أنشئت صفحة (إسرائيل في مصر) منذ حوالي خمسة شهور في أغسطس العام الماضي، بالإضافة إلى العديد والعديد من الصفحات الأخرى الخاصة بالكيان الغاصب علي «الفيس بوك» مثل (حضارة إسرائيل القديمة) وغيرها.

        والملاحظ أن الكيان الصهيوني لم يتوان في استخدام كل سبل ووسائل الاتصال والتواصل مع الأجيال العربية والإسلامية، هادفاً من ذلك التواصل التشكيك في الثوابت وإيجاد جيل من شباب العرب والمسلمين يقبل الصهاينة وكيانهم وممارساتهم على أرض فلسطين المغتصبة، بل عليه أن يقبل ويرضى بصياغة التاريخ من جديد ليكون هو تاريخ اليهود واليهودية على أرض المسلمين!!

       وبينما الكيان الصهيوني يقدم أطفال فلسطين قرباناً للصهيونية ومشروعه في استمرار وجوده على أرض فلسطين، بقصفهم واستهدافهم بالرصاص الحي، وتجويعهم وحصارهم وحرمانهم من سبل العيش الكريم، نرى خبراً في صفحة التواصل المرتبطة بموقع وزارة الخارجية الصهيونية أن السفارة الصهيونية في دكار عاصمة السنغال قد وزعت في عيد الأضحى لعام 2011م على المحتاجين واليتامى 135 خروفا ، وفي الصورة المرفقة مع الخبر علم الدولة العبرية يرفرف في خلفية الصورة، وقال السفير الصهيوني في السنغال: «لقد قررنا القيام بذلك لتأليف القلوب بين اليهود والمسلمين, ونرغب نحن في تحقيق السلام وخلق حوار بين الأديان!!

       وتحت عنوان «إنقاذ حياة طفل عراقي في إسرائيل» كتبوا: «والدة الطفل العراقي تقول عقب خضوع ابنها لجراحة في قلبه أنقذت حياته: نحب إسرائيل، ولا نخشى العودة إلى العراق»، ويضيف الخبر: ويعمل صندوق «شيفت أحيم» حاليا على استحضار 30 طفلا عراقيا آخر إلى مستشفى «شيبا» تل هاشومير لإجراء جراحات يحتاجونها لإنقاذ حياتهم».

        وأما المشاركات والتعليقات في صفحة (إسرائيل في مصر) فجُلها ضد هذا الكيان الصهيوني، وأظن أن العنوان مستفز للشعب المصري وكل مواطن عربي، ولكن الصهاينة لهم أهداف من نشر تلك الصفحة وكذلك نشر التعليقات المعارضة للتطبيع، وفي الصفحة نفسها وفي مدخل الصور وضعوا العديد من الصور التي تكشف جمال الأرض المحتلة – فلسطين بطبيعتها الخلابة – والتي أسموها تزويراً وتحريفاً (دولة إسرائيل).

        وفي صفحة (نبذة طيبة من إسرائيل) يرحبون بالانضمام إلى صفحتهم وبأصدقائها، ويعرضون بعض الصور تحت عنوان (من آثار أرضنا الحبيبة) على أنها آثار يهودية في فلسطين، ولا يعرفون بها ولا بتاريخها وأماكن وجودها!! والهدف واضح وهو إيجاد تاريخ لهم في الأرض المباركة، لعلها تكون علاجا لعقدتهم التي لا تنفك عنهم والمتمثلة في انعدام آثارهم الحقيقية في أرض فلسطين. وفي الصفحة نفسها وأعلى لوحة من الفسيفساء مجهولة الهوية كتبوا عبارة (حضارة إسرائيل القديمة)، ولا يعرف لها تاريخ وإلى أي عهد تنتمي!! وأرفقوا صورة لقبر زعموا أنه قبر الملك هيردوس الكبير!! وصوراً أخرى متنوعة على أنها من حضارة إسرائيل القديمة!!

        أما عن الواقع المعاصر فيعرضون مناطق الترفيه في ذلك الكيان الغاصب لكسب الشباب ويرغبون في زيارة المطاعم وخاصة مطاعم تل الربيع – يسمونها تل أبيب -  على أنها مدينة المطاعم، وينشرون في ذلك الموقع صورا للمأكولات والحلويات ويدعون أنها من تراثهم ومنها صور لصواني (البقلاوة) العربية  على أنها مأكولات يهودية، وذلك للإيحاء بأن يهود اليوم لهم علاقة وارتباط بيهود الماضي!!

        فتلك الجولة السريعة على المواقع اليهودية الموجهة للشعوب العربية تكشف بجلاء حقيقة المقاصد والأهداف وراء نشر تلك المواقع وصفحات التواصل مع الشباب العربي؛ وهنا يبرز دور الشباب العربي المسلم في محاربة تلك الصفحات وكشف أهداف اليهود من نشرها وتحذير أقرانهم من التواصل معهم، ولا بد من الرد على أكاذيبهم التي يشيعونها ويبررون فيها ممارساتهم ويصطنعون بها تاريخا لشتاتهم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك