رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر المحلي 17 مارس، 2019 0 تعليق

إدارة الكلمة الطيبة بجمعية إحياء التراث الإسلامي نظمت ندوة عامة بعنوان : ( حاجة الأمة للعلماء الناصحين )

 

نظمت إدارة الكلمة الطيبة -المراقبة الثقافية التابعة لجمعية إحياء التراث الإسلامي- ندوة عامة بعنوان: (حاجة الأمة للعلماء الناصحين) عرف في بدايتها الشيخ، د. مشعل تركي الظفيري من العلماء الذين يشار إليهم بالبنان ويؤخذ منهم العلم؟ موضحاً بأن العالم ليس من ألف كتاباً، أو من حقق مخطوطاً، أو من برز في الفصاحة والبيان والكلام؛ إنما العالم هو كما ذكره الإمام أحمد -رحمه الله- في قوله: «الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى العلم والهدى، ويصبرون معهم على الأذى، ويحيون بكتاب الله -تعالى- الموتى، وكم من ضال تائه هدوه؛ فما أحسن أثرهم على الناس!»؛ فالعلماء إذا أقبلت الفتنة ثبتوا ورسخوا، ونحن نشاهد كثيرا من الفتن عندما تقبل يقبل العلماء، وعند وقوفهم للفتن تجد عامة الناس الجهلاء والغوغاء يتكلمون عليهم، ويصفونهم بعلماء السلطة وعلماء نفاس، وليس عندهم فقه بالواقع، وعندما تنكشف الغمة يعرف الناس أن العلماء تكلموا بنور الله -تبارك وتعالى-؛ فالعلماء –كما يقول أهل العلم-: «العالم هو من يعرف بمجمل أحكام الكتاب والسنة، الذي يعرف الناسخ والمنسوخ، وهو الذي يعرف المطلق من المقيد، وهو الذي يعرف أقوال السلف وفيما اختلفوا فيه».

يتبعون كل ناعق

     وأوضح الشيخ الظفيري بأن بعض الناس اليوم يتبعون كل ناعق؛ فعندما يرون أصحاب الفصاحة واللسان، قالوا هذا عالم، ولكن العلماء هم من شابت لحاهم في العلم؛ ولذلك حذر السلف من حدثاء الأسنان، ووصانا نبينا صلى الله عليه وسلم بالأكابر الذين يعرفون الفتن، وكيف يواجهونها بخبرتهم وبأعمارهم وبعلمهم، فهم أصحاب الفطنة والحلم والحكمة والدراية؛ لذلك فإن الأمة إذا تعلقت بعلمائها الكبار نجت، وإذا تعلقت بصغارها هلكت، يقول عبدالله بن مسعود: «ليس العلم بكثرة الرواية وبكثرة الحديث، ولكن العلم الخشية»؛ فالعالم هو الذي يخشى الله ويتقيه.

فتن التكفير والخروج

     وعندما ظهرت فتن التكفير وفتن الخروج على الولاة في بداية الثمانينيات، كان الشيخ ابن باز – رحمه الله – يتكلم مع الناس ويبصرهم في قضايا التعامل مع الولاة وغيرها؛ فكان الناس يقولون عن الشيخ -رحمه الله-: إنه مغيب، ولا يبصر، ولا يعرف الأحداث؛ فبدؤوا يغيبون العلماء، ويغرون الناس بالعامة وبحدثاء الأسنان، وبعد ذلك كانت الطوام، وكلما أتت طامة على الأمة الإسلامية لو نظرت فيها لوجدت الرؤوس فيها هم حدثاء الأسنان، وإذا نظرت إلى الكبار والرزانة تجد الحكمة والعلم، وبهم تنجو الأمة بإذن الله -تبارك وتعالى.

منزلة العلماء

     بعد ذلك تحدث الشيخ: مشعل تركي حول منزلة العلماء، موضحاً بأن لهم منزلة عظيمة، فقد رفع الله شأنهم، وهم سادة الناس وقادتهم وهم منارات الأرض وورثة الأنبياء، ومن تكريم الله -عز وجل- لأهل العلم قوله -تعالى-: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولي العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم}؛ حيث قرن شهادة الملائكة وشهادة أولي العلم بشهادته -سبحانه-، وهذه منزلة عظيمة لأهل العلم.

والله -سبحانه وتعالى- إذا أراد بعبد خيرا فقهه في الدين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : «من يرد الله به خيراً يفقه في الدين»؛ لذلك على الإنسان أن يطلب العلم، وألا يقف عند حد معين في طلبه، وكلما زاد علم الإنسان كثرت خشيته الله -تعالى-، كما في قوله -سبحانه-: {إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ}؛ فالعلماء هم صمام الأمان؛ لذلك يجب علينا أن نربي أنفسنا، وأن نربي من تحت أيدينا بربطهم بالعلماء، وألا نزهد الناس في العلماء، وعلينا أن ننشر العلم، وأن نبين للناس من هم العلماء؟ وأن ننشر أسماءهم وعلمهم بين أوساط الناس حتى يتعلق الناس بهم، ولا يتعلقوا بالجهال.

صفات العلماء

     بعد ذلك تطرق المحاضر لـ(صفات العلماء)، موضحاً بأن للعلماء صفات وسمات منها: الرسوخ في العلم؛ فتجدهم قد رسخوا في العلم، وشهد لهم الكبير والصغير والقاصي والداني بالعلم، وصبروا على ذلك، وهم الذين تمسكوا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن هنا نستطيع أن نفرق بين العالم والجاهل؛ فتجد العالم متمسكا بسنة النبي وآدابه صلى الله عليه وسلم ؛ فهو يتشبه به حتى في عاداته صلى الله عليه وسلم ، كما تجده أكثر الناس خشية لله -تعالى-؛ فالعالم صاحب عبادة وذكر، وإذا رأيته ذكَّرك بالله -تعالى- من تدبره وذكره.كذلك من صفاتهم العمل بمقتضى العلم والحكمة، والفتيا بعلم وبصيرة، ولا يبالون بما دل عليه الشرع هل وافق هوى الناس أم لم يوافقهم.

دور العلماء في الأمة

     ثم تحدث الشيخ: حمد صالح الأمير حول دور العلماء في الأمة وحملة الطعن في العلماء، والرد على من يقول: إن العلماء مقصرون في واجباتهم،؛ فقال: إن العلماء الناصحين الربانيين هم نجوم مضيئة في سماء هذا العالم؛ فبهم يهتدي الناس في هذه الحياة؛ فإذا غابوا أو غيبوا ساد الظلام أرجاء الأرض، وتخبط الخلق في دياجير الظلمة؛ فلا يعرفون طريقاً ولا يهتدون سبيلاً، وعندما يغيب العلماء أو لا يظهرون لأي سبب من الأسباب؛ فمعنى ذلك ضياع وضلال للأمة.

     والله -سبحانه وتعالى- في كتابه حث على طلب العلم، وجعل من يطلبه بمنزلة عنده -عز وجل-، وذلك في قوله -تعالى-: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير}؛ فرفع الله -تعالى شأنهم؛ فالبخاري رجل أعجمي، ولكن ما زال ذكره لا يغيب عنا يومياً لجهوده التي بذلها في خدمة دين الله -تعالى-، كذلك الشيخ ابن باز -رحمه الله- رجل ليس من أسرة معروفة، ولكنه كان رجلا تزوره الملوك؛ لأنه صاحب علم؛ فالعلم يرفع شأن الإنسان.

تجديد الدين

     كما بين الشيخ حمد الأمير بأن الله -سبحانه- جعل على رأس كل مئة سنة من يحيي للأمة دينها، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : «إن الله يبعث على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها»، وذلك يبين لنا أهمية العلماء؛ فهم قد اختارهم الله -تعالى- لإحياء هذا الدين، وعندما نحط من قدرهم؛ فإن هذا الدين سيسقط -والعياذ بالله.

دور العلماء في الأمة

     بعد ذلك تطرق المحاضر إلى (دور العلماء في الأمة)، موضحاً بأن دورهم عظيم من خلال بيان الحق وعرضه للناس وعدم كتمانه؛ فهم يبينون للناس ويفتونهم من خلال مختلف وسائل الاتصال، كذلك تصفية العلم من لوثات التحريف؛ فهناك من يخرج علينا في وسائل الاتصال وغيرها بشواذ، ويخرج علينا ويتكلم في التفسير، أو ينحرف بالسنة، أو يأتي بطامات كبرى؛ فمن يتصدى لهؤلاء غير العلماء الربانيين الذين يحمون هذا الدين من الشوائب والتزييف؟

التصدي للخزعبلات

     فدورهم عظيم في التصدي للخزعبلات والضلالات التي تكاد تنتشر عند العامة لولا الله -تعالى- ثم العلماء الذين يتصدون لمثل هذه الأمور، وأيضاً تعليم الناس ما يحتاجونه من علوم الكتاب والسنة؛ فهم كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «وأهل السنة والعلم والإيمان يعلمون الحق ويرحمون الخلق، يتبعون الرسول فلا يبتدعون». كذلك من دورهم الدعوة إلى الله -تعالى-، وإحياء شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو الأمر الذي أعز الله -تعالى- به الأمة، ويقول -تعالى-: {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين}؛ لذلك فالعالم الرباني يكون عالماً معلماً عاملاً؛ فهو عالم بالكتاب والسنة، ومعلماً للخير، وعاملاً بما علم.

إسداء النصيحة للمسلمين

     وأيضًا يقوم هؤلاء العلماء الربانيون بإسداء النصيحة للمسلمين عموماً، وبذلها لهم على اختلاف شرائحهم ومستوياتهم، كذلك توجيه الناس للحق، وتثبيتهم عليه لاسيما عند نزول الفتن العظيمة وحلول النوازل الجسيمة؛ فهم يتصدون للفتن العظام التي لا تستطيع لها العامة ولا حتى أشباه العلماء أو الوعاظ؛ فتجدهم في الفتن جبالاً لا يميلون بأهوائهم، وإنما يحكمهم كتاب الله -تعالى- وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، موضحاً بأن العلم أمره عظيم {وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً}؛ لذلك فالتشاور بين العلماء واستيضاح بعض الأمور أمر مطلوب.

شبهة واهية

     أما الرد على من يقول: إن العلماء مقصرون في النصيحة؛ فنقول له: ما ميزانك في أن العالم مقصر أم قام بدوره؟، هل ميزانك أن تراه يتكلم على المنابر ويصيح؟ فإن ذلك ميزان خطأ؛ فإن العالم يدرس ويعلم ويفتي، ولكن النصيحة بالسر لا تظهر للعامة، ومثال ذلك عندما سئل الشيخ ابن عثيمين -يرحمه الله-: هل تنصحون الحكام؟ قال: لو قلنا لكم ذلك لوقعنا في أمرين، الأول: إن هذا الأمر سيكون رياء؛ بحيث نقول: إننا نفعل ونفعل، الأمر الثاني: لو قلنا إن الحاكم ما انتصح؛ فإن الفتنة تشتعل؛ ولذلك يسعنا ما وسع العلماء.

الطعن في العلماء

     بعد ذلك تطرق الشيخ حمد الأمير إلى الذين يطعنون في العلماء، حتى تفرغ الساحة لهم، موضحاً بأن المشكلة في وجود الأحزاب التي تريد كل شيء حسب مرادها وأهدافها؛ فإذا جاء العالم ليفتي تكلموا وحاولوا تحييده بقولهم: إن هذا العالم لا يعرف الواقع، بل قالوا: إن الذي لا يكون في ساحة الجهاد يقاتل؛ فإنه لا يعرف أحكام الجهاد، وقد رد الشيخ الألباني على هؤلاء بقوله: أنا لم أحمل السلاح ولا دخلت قتالا، فهل أنا لا أعرف أحكام الجهاد؟! وكذلك الشيخ ابن باز رجل أعمى لم يحمل السلاح؛ فهل لا يعرف أحكام الجهاد؟! فعلى ذلك نقول: بأنه لا يعرف أحكام البيوع إلا التجار الذين يبيعون ويشترون، ولا يعرف أحكام النفاس إلا النساء؛ فهذا كلام لا يليق أن يقال، وقالوا: إن هؤلاء علماء سلطة يفتون بما يريده الحاكم، وهذا شيء لم نره، بل إن مشاهداتنا هي أن الحكام ينزلون لرأي العلماء، وفتوى مشاركة الكفار في تحرير الكويت معروفة، فقد توقف الحكام حتى أفتى الشيخ ابن باز وهيئة كبار العلماء بجواز ذلك؛ فنزل الجميع على هذه الفتوى؛ فهم لم يجاملوا أحداً في ذلك.

     والآن كما هو حادث من الخوارج حول ولاة الأمر والخروج عليهم، وتحريفهم لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي تنهى عن ذلك لتوافق أهواءهم ومرادهم، فهم لم يسألوا العلماء الربانيين حول ذلك؛ لأنهم لا يريدون سماع الحق، ويعرفون أن العلماء لن ينزلوا إلى مرادهم؛ لذلك نرى الآن كيف تسفك الدماء، وتنهب الأموال وتفجر المساجد عكساً لفتاوى العلماء الكبار؛ لأنهم اتخذوا رؤوساً جهالاً فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك