رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: ناصر الخالدي 1 ديسمبر، 2014 0 تعليق

إحياء التراث: المظاهـرات من أسباب الفتن، ومن أسباب الشرور، ومن أسباب بغض الناس، والتعدِّي على بعض الناس بغير حق

 أصدرت جمعية إحياء التراث الإسلامي طبعة مميزة من كتاب (فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة) للشيخ/محمد بن حسين بن سعيد القحطاني باللغة العربية، كما قامت كذلك بإنجاز الترجمة الإنجليزية من الكتاب وطباعتها حتى يمكن نشره في مختلف أنحاء العالم؛ وذلك لما لهذا الكتاب من أهمية كبيرة ولاسيما في ظل الظروف الحالية. والكتاب يتضمن مجموعة من فتاوى للعلماء حول حكم التفجيرات في البلاد الإسلامية وغيرها، وحكم اختطاف الطائرات وتفجيرها، والخروج على ولاة أمر المسلمين، فضلا عن أجوبة الأئمة في حكم المظاهرات والاغتيالات.

كما تضمن الكتاب أجوبة الأئمة في حكم الإضرابات والعمليات الانتحارية،كذلك حكم التكفير،وحكم الطعن في العلماء.

     ففي الوقت الذي انتشرت فيه أحداث التفجيرات ومحاولات الاغتيال والخروج على الحكام والتكفير الى واجهة الأحداث، وربط هذه الأحداث بالمسلمين وبالدين الإسلامي – وهو منها براء – فإن الحاجة ماسة لبيان المواقف الشرعية الصحيحة من هذه القضايا، وقد وجدنا ضالتنا في هذا الكتاب الجامع النافع، الذي جمع جملة من أنفع ما صدر من فتاوى كبار علماء الأمة المعتبرين حول هذه القضايا المهمة.

     وقد أصدرت الجمعية الطبعة العربية منه؛ حيث أعيدت طباعته مرات عدة، تم تكللت هذه الجهود بإصدار الطبعة الإنجليزية التي قامت الجمعية بترجمتها لتصل الى شريحة أخرى من القراء، وهم الناطقون باللغة الإنجليزية، ولاسيما في العالم الغربي، سواء في أوربا أم في أمريكا ليتعرفوا على الموقف الشرعي الصحيح من هذه القضايا المهمة.

     وجاء في الكتاب حول (حكم اختطاف الطائرات) فتوى للشيخ/ عبدالعزيز بن باز رحمه الله قال فيها: «فمن المعلوم لدى كل من له أدنى بصيرة أن اختطاف الطائرات، وبني الإنسان من السفارات وغيرها، من الجرائم العظيمة العالمية، التي يترتب عليها من المفاسد الكبيرة، والأضرار العظيمة، وإضاقة الأبرياء، وإيذائهم؛ ما لا يحصيه إلا الله. كما أن المعلوم أن هذه الجرائم لا يخص ضررها وشرها دولة دون دولة، ولا طائفة دون طائفة، بل يعم العالم كله».

     وعن (حكم التفجيرات في البلاد الإسلامية وغيرها) جاء في الكتاب فتوى لهيئة كبار العلماء حول حادث التفجير الذي وقع في الرياض في حي العليا قررت فيها: «إن هذا الاعتداء آثم، وإجرام شنيع، وهو خيانة وغدر، وهتك لحرمات الدين في الأنفس والأموال والأمن والاستقرار، ولا يفعله إلا نفس فاجرة، مشبعة بالحقد والخيانة والحسد والبغي والعدوان، وكراهية الحياة والخير، ولا يختلف المسلمون في تحريمه، ولا في بشاعة جُرمه وعظيم إِثْمه، والآيات والأحاديث في تحريم هذا الإجرام وأمثاله كثيرة ومعلومة، وإن الهيئة تقرر تحريم هذا الإجرام، وتُحذر من نزعات السوء، ومسالك الجنوح الفكري، والفساد العقدي، والتوجه المردي، وإن النفس الأمارة بالسوء؛ إذا أرخي لها المرء العنان ذهبت به مذاهب الردى، ووجد الحاقدون فيها مدخلاً لأغراضهم وأهوائهم التي يبثونها في قوالب التحسين».

     وحول حكم (الخروج على ولاة أمر المسلمين) جاء في الكتاب فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – قال فيها: «المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف؛ وإن كان فيهم ظلم، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة، فلا يُدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما، ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته.

      أما (حكم المظاهرات) فقد جاء في هذا الكتاب فتوى للشيخ/ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله – قرر فيها: «أن المظاهرات من أسباب الفتن، ومن أسباب الشرور، ومن أسباب بغض الناس، والتعدِّي على بعض الناس بغير حق، ولكن الأسباب الشرعية: المكاتبة، والنصيحة، والدعوة إلى الخير بالطرائق الشرعية، شرحها أهل العلم، وشرحها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم  وأتباعه بإحسان: بالمكاتبة والمشافهة مع الأمير ومع السلطان، والاتصال به، ومناصحته والمكاتبة له، دون التشهير على المنابر بأنه فعل كذا، وصار منه كذا، والله المستعان».

     وأيضاً جاء في فتوى للشيخ/ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله – حول (حكم الاغتيالات): أن «الدعوة بالاغتيالات أو بالقتل أو بالضرب فليس هذا من سنّة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا من سنّة أصحابه، لكن لمَّا ولاَّه الله المدينة وانتقل إليها مهاجراً؛ كان السّلطان له في المدينة، وشرع الله الجهاد وإقامة الحدود، جاهد عليه الصلاة والسلام المشركين، وأقام الحدود بعد ما أمر الله بذلك.

الضّرب أو القتل أو غير ذلك من أنواع الأذى فلا يصلح للدّعاة، هذا ينفّر من الدعوة، ولكن على الدّعاة أن يتحلّوا بالحلم والصبر والتّحمل والكلام الطيب في المساجد وفي غيرها؛ حتى يكثر أهل الخير، ويقلّ أهل الشّرّ، حتى ينتفع الناس بالدعوة ويستجيبوا».

     وفي فتوى للشيخ/ ابن عثيمين رحمه الله حول (حكم الإضرابات والاعتصامات) جاء: «قضية الإضراب عن العمل؛ سواء أكان هذا العمل خاصاً أم بالمجال الحكومي؛ لا أعلم لها أصلاً من الشريعة ينبني عليه، ولا شك أنه يترتب عليه أضرار كثيرة حسب حجم هذا الإضراب شمولا، وحسب حجم هذا الإضراب ضرورة».

     وأيضاً في فتوى للشيخ ابن عثيمين - رحمه الله – حول (حكم العمليات الانتحارية) جاء في الكتاب: «ما يفعله بعض الناس من الانتحار؛ بحيث يحمل آلات متفجرة، ويتقدم بها إلى الكفار، ثم يفجرها إذا كان بينهم؛ فإن هذا من قتل النفس والعياذ بالله، ومن قتل نفسه فهو خالد مخلد في نار جهنم أبد الآبدين، كما جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام (إشارة للحديث الذي أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب شرب السم والدواء به وبما يخاف منه، حديث رقم 5778)؛ لأن هذا قتل نفسه لا في مصلحة الإسلام؛ لأنه إذا قتل نفسه وقتل عشرة أو مئة أو مئتين، لم ينتفع الإسلام بذلك.

     ولهذا نرى أنَّ ما يفعله بعض الناس من هذا الانتحار، نرى أنه قتل للنفس بغير حق، وأنَّه مُوجب لدخول النار – والعياذ بالله -، وأن صاحبه ليس بشهيد، لكن إذا فعل الإنسان هذا متأولاً ظاناً أنه جائز، فإننا نرجو أن يَسلَم من الإثم، وأمَّا أن تكتب له الشهادة فلا؛ لأنه لم يسلك طريق الشهادة، ومن اجتهد وأخطأ فله أجر».

 وحول (حكم التكفير) جاء في الكتاب بيان لهيئة كبار العلماء أوضح بأن: «حكمه شرعي، مرده إلى الله ورسوله؛ فكما أنَّ التَّحليل والتّّحريم والإيجابَ: إلى الله ورسوله؛ فكذلك التكفير.

وليس كل ما وُصف بالكفر من قول أو فعل، يكونُ كفراً أكبر مخرجاً عن الملَّةِ.

ولمَّا كان مردُّ حكم التَّكفير إلى الله ورسوله: لم يُجزْ أنْ نُكفّرَ إلاَّ من دلَّ الكتاب والسنة على كفره – دلالة واضحة -؛ فلا يكفي في ذلك مجرد الشبهة والظن؛ لما يترتَّب على ذلك من الأحكام الخطيرة.

وإذا كانت الحدود تدرأ بالشبهات مع أن ما يترتَّب عليها أقل مما يترتَّب على التَّكفير فالتَّكفير أولى أن يدرأ بالشبهات».

     وفي فتوى للشيخ العلامة ناصر الدين الألباني – رحمه الله – جاءت في الكتاب بين فيها بأنه: «لا يجوز أن نكفر العصاة لمجرد ارتكابهم معصية واستحلالهم إياها عملياً، إلا إذا بدا لنا منهم ما يكشف لنا عما في قرارة نفوسهم أنهم لا يحرمون ما حرم الله ورسوله «عقيدة» فإذا عرفنا أنهم وقعوا في هذه المخالفة القلبية حكمنا حينئذ بأنهم كفروا كُفْر ردة؛ أما إذا لم نعلم ذلك فلا سبيل لنا إلى الحكم بكفرهم لأننا نخشي أن نقع في وعيد قوله عليه الصلاة والسلام: ٍِ» إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما».

     وحول (حكم الطعن في العلماء) جاءت في الكتاب فتوى للمشايخ سعد بن عتيق، محمد بن إبراهيم، عمر بن سليم، محمد بن عبد اللطيف، عبد الله العنقري بأن: «اغتياب أهل العلم والدين، والتفكه بأعراض المؤمنين؛ سم قاتل، وداء دفين، وإثم واضح مبين, قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}. (الأحزاب:58).

 أقلوا عليهم لا أبا لأبيكموا

                                  من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا

فإذا سمع المنصف هذه الآيات، والأحاديث، والآثار، وكلام المحققين من أهل العلم والبصائر، وعلم أنه موقوف بين يدي الله، ومسؤول عمَّا يقول ويعمل؛ وقف عند حده، واكتفى به عن غيره.

     وجاء إصدار هذا الكتاب بعد أن رأت الجمعية حاجة الناس إلى فتاوى علماء الأمة في الأمور النازلة المدلهمة، التي بها النجاة من الفتن، وسلامة الدين والعرض والبدن في أوقات ينسى فيها العلم ويندر الحلم، ويقل الاتباع، ويكثر الابتداع، وتنشق الألفة، وتحل الفرقة، وينزل فيها البلاء، وتراق الدماء، ولا مخرج من الفتن إلا بالاعتصام بالسنة والأثر، ومراجعة التاريخ والسير، والعلم بأن هلاك أمة محمد صلى الله عليه وسلم هو بالبعد عن الهدي النبوي وورثته، والتنكب عن العلم وحملته.

     والجدير بالذكر أنه يجري الإعداد ومنذ فترة لإصدار هذا الكتاب بلغات أخرى غير العربية والإنجليزية، وقد أعلنت الجمعية أن من يريد الحصول على نسخة مجانية من الكتاب، سواء بطبعته العربية أم الإنجليزية مراجعة إدارة الجمعية في المقر الرئيس في منطقة قرطبة، كما يتوفر الكتاب لدى بعض اللجان التابعة للجمعية، والحمد لله رب العالمين.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك