رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عبدالهادي الخلاقي 19 سبتمبر، 2011 0 تعليق

أين الكتاب من حياة أبنائنا؟

 

لا يمكن لأي منا مهما كان دينه أو مستواه الفكري والثقافي إنكار أهمية القراءة في حياة الإنسان ودورها في إخراجه من الظلمات إلى النور وتطور الأمم والشعوب. أول آية في القرآن حثت على القراءة، وقال الأصمعي لرجل: ألا أدلك على بستان تكون منه في أكمل روضة، وميت يخبرك عن المتقدمين، ويذكرك إذا نسيت، ويؤنسك إذا استوحشت، ويكف عنك إذا سئمت؟ قال: نعم قال: عليك بالكتاب.

      فلا يخلو كتاب من فائدة تنفع من يعمل بها أو تحذر من أمر ما كما أنها تعد خير وأجمل جليس وأحسنه وأكرمه وأنفعه للفرد وللمجتمع، قال أحد العقلاء: صحبت الناس فملوني ومللتهم, وصحبت الكتاب فما مللته ولا ملني، وهذا يذكرنا بقول الشاعر:

وخير جليس في الزمان كتاب

                               تسلو به إن خانك الأصحاب

وقال آخر :

أعز مكان في الدنى سرج سابح

                                  وخير جليس في الأنام كتاب

      وليست العبرة باقتناء الكتب في المكتبات وتصفيفها في الأدراج, ولكن العبرة بالفهم والمطالعة فيها، معرفة محتواها من فوائد علمية واجتماعية وثقافية وشرعية ومما تحتويه هذه الكتب من شتى المجالات التي تخدم الإنسان في حياته العلمية والعملية.

      مع الأسف أهمل الآباء دور الكتاب وأهميته في حياة أبنائهم، فاهتموا بتسلية الأبناء وترفيههم وإلباسهم أحدث الملابس وشراء أحدث الألعاب التي تنمي النزعة العدوانية لديهم وتبعدهم عن حب المطالعة ومصاحبة الكتب وإهمال القراءة والاطلاع، فالأسرة هي المحرك الأساسي والدافع لغرس حب القراءة وتقديسها في نفوس الأبناء منذ الصغر، ومع الأسف فإن فاقد الشيء لا يعطيه، فكثير من البيوت لا يوجد بها كتاب واحد وليس في أولويات هذه الأسرة اقتناء الكتب، بينما كثير من المنازل (الأسر) تجد ألعاب الأطفال (بليستيشن) بمختلف أنواعها والألعاب بجميع الألوان والأشكال مدعين أن الطفل يجب أن يتمتع بحياته وبطفولته، بينما نعلم وتعلمنا منذ صغرنا وحفظنا المثل القائل: «العلم في الصغر كالنقش في الحجر» فعجبي لهؤلاء الآباء من إهمالهم لأبنائهم فلذات أكبادهم وحرمانهم من لذة القراءة ومتعة التعلم ومصاحبة الكتب.

      إنني أطرح قضية حيوية ومهمة في آن واحد عند من يدرك نتائجها وعواقبها الخطيرة، قضية تدعو إلى الدراسة، وتستحق التأمل والبحث بجدية بل هي بحاجة إلى تكاتف كل الجهود، لإيجاد الحلول الناجعة لها، والعودة بها إلى عهدها الزاهر، وهنا نتساءل عن الدافع وراء تراجع واهمال اقتناء الكتب، هل السبب في ذلك المستوى الاقتصادي للأسرة؟ أم المستوى الفكري والثقافي للأسرة هو الركيزة الاساسية في ميول أفراد الأسرة للإقبال على الكتب واقتنائها والسعي إلى النهم مما فيها من معلومات وثقافة عامة.

      لا يختلف اثنان على أن الخليجي بشكل عام ينفق الكثير على الكماليات والأمور غير الأساسية في الحياة اليومية، فالمرأة تنفق الأموال من أجل اقتناء أحدث الإكسسوارات وغيرها من الملابس الحديثة، كذلك تنفق الأسرة مبالغ كبيرة على أحدث الأجهزة على سبيل المثال منها (الهاتف النقال) والسيارات حيث لا يوجد منزل لا توجد فيه سيارة حديثة، في المقابل لا يتجاوز سعر أفضل الكتب وأنفعها بضعة دنانير وأغلب الكتب لا تتجاوز أسعارها سعر وجبة عشاء لشخص واحد، أما الأسرة ذات المستوى الفكري التي تولي التعليم والتعلم جزءا مهما في حياتها اليومية وتحرص على أن يظل ابناؤها ذوي صلة وطيدة مع الكتب ومجالستها في أغلب الأوقات، على أقل تقدير توجد لدى هذه الأسر مكتبات يلجأ إليها الأبناء وأفراد الأسرة من وقت إلى آخر.

      إذاً فلنتفق على أن للأسرة دورا كبيرا في تقدم المجتمع في شتى المجالات في مدرسة الأجيال الأولى، ولابد من البدء في إعادة إحياء القراءة في منازلنا ومجتمعاتنا العربية؛ فإنه من الأولى أن نبدأ من الأسرة التي هي نواة المجتمع، فدور الأهل في جعل أبنائهم يحبون القراءة وإرشادهم إلى فوائد القراءة ومتعتها مهم وأساسي جداً لننتج جيلا متعلما مثقفا ولا سبيل للعلم والثقافة إلا من خلال الكتب بما تحتويه من شتى العلوم والثقافة في مختلف المجالات.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك