رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: إعداد: خالد بن عبد العال 27 سبتمبر، 2016 0 تعليق

أيام العشر من ذي الحجة… أفضل أيام الدنيا وكل أعمال الخير مشروعة فيها

أقسم الله -تبارك وتعالى- بالأيام لبيان فضلها والحث على تعظيمها

يوم عرفة المعروف فضله والثابت نقله والمشهور في العالمين ذكره إنما هو يومٌ من أيام العشر

تقسيم الأضحية ثلاثة أثلاث يثبت به خبر فيأكل المضحي ما يشاء ويتصدق بما يشاء ويهدي منها ما يشاء فالأمر فيه واسع

كل أعمال الخير مشروعة ومندوبٌ إليها في هذه الأيام المباركات كما قال عليه أفضل الصلوات والتسليمات

أربعٌ لا تجوز في الأضاحي العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين ظَلَعُها والكسيرة التي لا تنقي

 

العشر الأُوَل من ذي الحجة هي أفضل أيام الدنيا بإطلاق، والعمل الصالح فيها أحب إلى الله -تعالى- وأفضل من العمل في غيرها من الأيام بإطلاق، وقد بين الله -تعالى- ذلك في كتابه، وكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته، ومن ذلك:

أقسم الله -تبارك وتعالى- بها

     فقد أقسم الله -تبارك وتعالى- بها، والقسم لبيان الفضل والتعظيم؛ فقال تعالى: {وَلَيَالٍ عَشْرٍ}(الفجر: 2). قال ابن عباس -رضي الله عنهما -: «إن الليالي العشر التي أقسم الله بها هي ليالي العشر الأول من ذي الحجة». (رواه  ابن جرير الطبري في تفسيره (24/396) بإسنادٍ صحيحٍ عنه)، وجمهور أهل العلم على ما ذهب إليه ابن عباس -رضي الله عنهما -، قال ابن جرير الطبري -رحمه الله تعالى- في تفسيره: والصواب من القول في ذلك عندنا أنها عشر الأضحى، لإجماع الحجة من أهل التأويل عليه. اهـ.

هي الأيام المعلومات

     الأيام العشر هي الأيام المعلومات التي أمر الله -تعالى- بذكره فيها في قوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}(الحج: 28)، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: هي أيام العشر. علقه البخاري في صحيحه بصيغة الجزم، ووصله غير واحد، كما في (فتح الباري 2/531).

وعد الله لموسى

     وأيام العشر الأُوَلِ من ذي الحجة، قيل: بأنها المذكورة في قوله تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}(الأعراف: 142)، قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله تعالى - في تفسيره:  وقد اختلف المفسرون في هذه العشر ما هي؟ فالأكثرون على أن الثلاثين هي ذو القعدة، والعشر عشر ذي الحجة. قاله مجاهد، ومسروق، وابن جريج، وروي عن ابن عباس وغيره، فعلى هذا يكون قد كمل الميقات يوم النحر، وحصل فيه التكليم لموسى عليه السلام، وفيه أكمل الله الدين لمحمد صلى الله عليه وسلم ، كما قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (المائدة: 3). اهـ.

بيان السنة لفضلها

وأما بيان السنة لفضلها: فقد تولت السنةُ بيان ذلك بياناً شافياً قاطعاً، بلسان أفصح وأبلغ الناس صلى الله عليه وسلم .

     روى البخاري في صحيحه (٩٦٩)، وأبو دَاوُدَ في سننه (٢٤٣٨) - واللفظ لأبي دَاوُدَ -، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام» يعني: أيام العشر، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بِشَيْءٍ».، ورواه أبو دَاوُدَ الطيالسي وغيره بلفظ: «في أيام أفضل منه في عشر ذي الحجة».

     قال الحافظ في الفتح (٢/ ٥٣٢): وقد ظن بعض الناس أن قوله : «يعني أيام العشر» تفسير من بعض رواته، لكن ما ذكرناه من رواية الطيالسي وغيره ظاهر في أنه من الخبر نفسه.

     وكذا وقع في رواية القاسم بن أبي أيوب بلفظ: «ما من عمل أزكى عند الله ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر ذي الأضحى»، وفي حديث جابر في صحيحي أبي عوانة وابن حبان: «ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحجة»، فظهر أن المراد بالأيام في حديث الباب أيام عشر ذي الحجة. اهـ.

     ثم قال الحافظ في الفتح – أيضاً - (٢/ ٥٣٣): وفي الحديث تعظيم قدر الجهاد، وتفاوت درجاته، وأن الغاية القصوى فيه بذل النفس لله؛ وفيه تفضيل بعض الأزمنة على بعض كالأمكنة؛ وفضل أيام عشر ذي الحجة على غيرها من أيام السنة.  اهـ.

يوم عرفة

     ويوم (عرفة) المعروف فضله، والثابت نقله، والمشهور في العالمين ذكره، إنما هو يومٌ من أيام العشر، روى مسلم في صحيحه (١٣٤٨) من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يومٍ أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟». فيا له من فضل، وَيَا له من إكرام لحجيج بيت الله الحرام.

     قال ابن القيم في الزاد (١/ ٦٤): قربه الخاص من أهل عرفة، ومباهاتُه بهم ملائكته، فتستشعرُ قلوبُ أهل الإيمان هذه الأمور، فتزداد قوة إلى قوتها، وفرحاً وسروراً وابتهاجاً ورجاءً لفضل ربها وكرمه. اهـ.

     وروى مسلم في صحيحه (١١٦٢) من حديث أبي قتادة ... وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم : «.. صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده».

يوم العيد

     وفي تلك الأيام يوم العيد الذي هو يوم النحر، قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في الزاد (١/ ٥٤): ومن هذا تفضيله بعض الأيام والشهور على بعض، فخير الأيام عند الله يوم النحر، وهو يوم الحج الأكبر، كما في السنن عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أفضل الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر».  فأيام بهذه المكانة، وهذه الفضائل، كيف يفرط فيها عاقل، وكيف يفوتها مكلف؟!

     فينبغي اغتنامها، والاستعداد لها، والعمل فيها، فربما فاتت وفات معها العمر، وانتهى الأجل؛ فيندم على تفريطه فيها، ويتمنى أن لو رجع إليها؛ فبادروا - عباد الله - واغتنموا فرص الخير ومواسم الطاعات، وسلوا ربكم الإعانة والقبول.

الأعمال المشروعة في أيام العشر

     كل أعمال الخير مشروعة ومندوبٌ إليها في هذه الأيام المباركات، كما قال -عليه أفضل الصلوات والتسليمات- في الحديث الذي ذكرناه آنفاً: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام». وهذا يعم كل عمل لله صالحٍ، لكن بعضها آكد في الفضل من بعض، قال الحافظ في الفتح (٢/ ٥٣٤): الذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي: الصلاة، والصيام، والصدقة، والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره. اهـ. وإليك – أخي القارئ الكريم – أهم الأعمال المشروعة في أيام العشر:

الحج والعمرة

     فـ{الحج أشهر معلومات}، والعشر أيامه، فاغتنم الفرصة، وبادر بالحج، لا سيما الفرض، امتثالاً لأمر الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}(آل عمران: ٩٧)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : «أيها الناس، قد فرض الله عليكم الحج فحجوا» رواه مسلم (١٣٣٧).

والحج والعمرة لا يخفى فضلهما، وعظيم ثوابهما.

     فالحج يهدم ما كان قبله، ويرجع منه الحاج مغفوراً له كيوم ولدته أمه، بشرط عدم الرفث والفسق، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، والمتابعة بين الحج والعمرة تنفي الفقر  والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وقد ثبتت الأحاديث الكثيرة بذلك.

     وسئل صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال؟فقال: «حج مبرور» متفق عليه. الصيام والصيام من أجل العبادات، وهو من أعظم الأعمال الصالحة، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم  كان يصوم تسع ذي الحجة؛ فينبغي للمسلم الحريص على الخير، ألا يفوت صيام التسع، أو بعضها، ثم يحرص كل الحرص على صيام التاسع منها وهو يوم عرفة - لغير الحاج -، فإن صيامه يكفر ذنوب سنتين، كما تقدم.

المحافظة على الصلاة

     والصلاة من أهم الأعمال الصالحة، بل رأسها بعد التوحيد، لا سيما الفرائض في جماعة في بيت من بيوت الله تعالى، ويحرص المسلم على التبكير إلى المسجد، والصف الأول، وتكبيرة الإحرام، ثم المحافظة على السنن الرواتب القبلية والبعدية، وصلاة الليل، وصلاة الضحى، فإن أجرها عظيم.

الصدقات

     يحاول المسلم أن تكون له صدقات - ولو قليلة - في هذه الأيام المباركة؛ فالعمل الصالح يتضاعف فيها، والصدقة من الأعمال الصالحة المندوب إليها.

     التكبير وكثرة الذكر والتكبير في العشر مشروع، لقوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}(الحج: 28)، وقد تقدم أن الأيام المعلومات هي أيام العشر من ذي الحجة. قال البخاري: وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر، يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما. فتح الباري (2/530).

     وهذا هو التكبير المطلق، فإنه يكون مع بداية العشر، ولا يختص بوقت دون وقت، ولا مكان دون مكان، إلا الأمكنة أو المواضع التي لا يجوز فيها الذكر، كالخلاء، وحال الجماع، ونحوهما.

     وأما التكبير المقيد الذي يكون عقب الصلوات: فيبدأ صبيحة عرفة، وينتهي عصر آخر أيام التشريق، لكنه لا يكون جماعياً، ولا يكون بعد السلام من الصلاة مباشرة، وإنما بعد أذكار الصلوات.

     (7) ثم عموم الأعمال الصالحة، كصلة الأرحام، والإحسان إلى الجيران، وإماطة الأذى عن الطريق، ومساعدة المحتاج، وإغاثة الملهوف، والصلح بين المتخاصمين، والسعي على الأرملة والمسكين ... وغيرها.

الأضحية

     وهي ما يُذبح من الأنعام في يوم النحر وأيام التشريق تقرباً إلى الله تعالى، والأضحية مشروعة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، وهي سنة مؤكدة، ولا تجب إلا بالنذر، فينبغي على المستطيع فعلها، والقيام بها، رجاء ثوابها، وفضلها عظيم، قال تعالى عنها: {لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ}(الحج: 36). وهذا دالٌ على عظم ثوابها، ومقدار ذلك الثواب غير معلوم، لضعف جميع الأحاديث الواردة فيها، وتنكير الخير دليل على كثرته وعظمته، قال ابن العربي في عارضة الأحوذي (6/288): ليس في فضل الأضحية حديث صحيح،  وقد روى الناس فيها عجائب لم تصح، منها قوله: «إنها مطاياكم إلى الجنة». اهـ.

شروط الأضحية

     ولابد فيها من مراعاة السن المشروعة، والمشروطة في قوله صلى الله عليه وسلم: « لا تذبحوا إلا مُسِنَّةً، إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذَعَةً من الضأن» رواه مسلم (1963) وغيره.

    والمسنة هي الثنية من كل شيء، من الإبل، والبقر، والغنم؛ فالثني من الإبل: ما له خمس سنين ودخل في السادسة. والثني من البقر - ويلحق بها الجاموس-: ما له سنتان ودخل في الثالثة. والثني من المعز: ما له سنة ودخل في الثانية. وأما الجذع من الضأن: فقيل ما له سنة تامة، وقيل ستة أشهر، وقيل سبعة أشهر، وقيل ثمانية، وقيل غير ذلك.

     وقد جوز جمهور العلماء التضحية بجذع الضأن؛ لقوله في الحديث السابق: «إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن»، وأما جذع المعز – وهو ما كان أقل من سنة -: فقد أجمعوا على أنه لا يجوز، لحديث البراء بن عازب، قال: ضحى خالٌ لي يقال له: أبو بردة قبل الصلاة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : «شاتُك شاةُ لحم». فقال: يا رسول الله، إن عندي داجناً جذعةً من المعز. قال: «اذبحها ولن تصلح لغيرك». متفق عليه، قال الترمذي في جامعه (4/194): وقد أجمع أهل العلم ألا يجزئ الجذع من المعز. اهـ.

     ومن أراد التضحية من رجل وامرأة، ودخلت العشر، فلا يأخذن شعراً ولا يقلمن ظفراً حتى يذبح أضحيته، لقوله صلى الله عليه وسلم : «إذا دخلت العشرُ، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره وبشره شيئاً»، وفي لفظ: «فليمسك عن شعره وأظفاره»، وفي لفظ: «حتى يضحي» رواه مسلم (1977).

- والمراد بالشعر: جميع شعر البدن، من رأس، وشارب، ولحية، وإبط، وعانة ...، ولا يحرم غير الشعر والظفر من البدن، وهذا الحكم خاص بالمضحي، وأما أسرة المضحي والوكيل فلا يحرم عليهم شيء من ذلك.

     وتجزئ البدنة والبقرة عن سبعة أبيات، لحديث جابر قال: نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية: البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة. رواه مسلم (1318).

    وأما الشاة فلا تجزئ إلا عن الرجل وأهل بيته، لحديث أبي أيوب الأنصاري قال: كان الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون، حتى تباهى الناس، فصارت كما ترى. رواه الترمذي (1505) وغيره وهو صحيح.

وينبغي للمضحي أن يختار أضحيةً سليمة من العيوب، فهو من علامات تقوى الله تعالى، وأرجى للقبول.

عيوب الأضحية

والعيوب على قسمين: عيوب مجمع عليها، وأخرى مختلف فيها:

المجمع عليها

      فهي التي نص النبيُّ صلى الله عليه وسلم على عدم إجزائها، في قوله: «أربعٌ لا تجوز في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظَلَعُها، والكسيرة التي لا تنقي» رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه وغيرهم وهو صحيح، ومعنى: (البين ظلعها): البين عرجها. ومعنى: (الكسيرة): المنكسرة الرجل، فلا تقدر على المشي. ومعنى: (التي لا تنقي): التي لا مخ لها من ضعفها وهزالها، وقوله: (البين): دليل على جواز العور، والعرج، والمرض، والكسر، الخفيف غير البين.

     قال ابن رشد في بداية المجتهد (1/430): وأجمعوا على أن ما كان من هذه الأربع خفيفاً فلا تأثير له في منع الإجزاء. اهـ. وانظر كذلك: معالم السنن للخطابي (2/199)، والتمهيد لابن عبد البر (20/168).

     وأجمع أهل العلم أيضاً على إلحاق العيوب التي تكون أشد من المذكورة في الحديث، مثل: العمياء، ومقطوعة الأرجل، ومقطوعة الأذن كلها أو أكثرها، والمجنونة ...

     قال ابن عبد البر في التمهيد (20/168): أما العيوب الأربعة المذكورة في هذا الحديث فمجتمع عليها، لا أعلم خلافاً بين العلماء فيها، ومعلوم أن ما كان في معناها داخل فيها، ولا سيما إذا كانت العلة أبين، ألا ترى أن العوراء إذا لم تجز فالعمياء أحرى ألا تجوز؟ وهذا كله واضح لا خلاف فيه، والحمد لله. اهـ، وأجمعوا على جواز الضحية بالجمَّاء، وهي التي لا قرن لها من الأصل، والخصي إذا كان سميناً.

العيوب المختلف فيها

     وأما العيوب المختلف فيها: فمثل: مقطوعة الأذن إذا كان نصف الأذن فأقل، ومكسورة القرن، والسكاء – التي خلقت بلا أذنين، والهتماء – التي لا أسنان لها أو مكسورة بعضها -، والبتراء - مقطوعة الذنب أو الألية -، والجذاء - مقطوعة رؤوس ضرعها أو يابستها- والجلالة- التي تأكل العذرة -، والخنثى، والجدعاء - مقطوعة الأنف - والعمشاء - التي تبصر بالنهار دون الليل- والحولاء، ومشقوقة الأذن ... إلخ.

والأولى أن تكون الأضحية لا نقص فيها ولا عيب، فكلما كانت كذلك فهي أكمل وأعظم في الأجر.

وقت ذبح الأضحية

     وأما عن وقت ذبح الأضحية: فيبدأ وقتها من بعد صلاة العيد إلى آخر أيام التشريق، والذبح جائز في الليل والنهار، إلا أنه في النهار أحسن خروجاً من الخلاف.

     والسنة في ذبح الإبل: أن تنحر قائمة، مقيدة الرجل اليسرى، وقائمة على ثلاث قوائم. وأما البقر والغنم: فإنها تذبح مضجعةً على جانبها الأيسر، مع وضع الرجل على صفحة العنق، ويستحب توجيه الذبيحة للقبلة عند الذبح، لما رواه مالك في الموطأ (1/379) عن ابن عمر أنه كان ينحر هديه بيده، يصفهن قياماً، ويوجههن إلى القبلة. وسنده صحيح.

     ويستحب للمضحي أن يذبح أضحيته بيده، ولا يوكل في ذبحها إلا من عذر، وأن يقول حال الذبح: بسم الله، والله أكبر، اللهم تقبل مني. لحديث أنس قال: ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين، فرأيته واضعاً قدمه على صفاحهما، يسمي ويكبر، فذبحهما بيده. متفق عليه.

وفي حديث عائشة في صحيح مسلم (1967) : « اللهم تقبل من محمد...». أما قول: «اللهم منك وإليك» فلا يثبت.

ويستحب أن يأكل من أضحيته ويتصدق ويهدي، لقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} (الحج: 36).

     وأما عن تقسيمها ثلاثة أثلاث، فلا يثبت به خبر، فيأكل المضحي ما يشاء، ويتصدق بما يشاء، ويهدي منها ما يشاء؛ فالأمر فيه واسع. لكن لا يجوز بيع لحم منها ولا إعطاء الجزار شيئاً منها على سبيل الأجرة، بل يُعطى أجرته كاملة، ثم يتصدق عليه منها إن كان فقيراً، أو يعطى على سبيل الهدية. فقد روى البخاري (1717)، ومسلم (1317) عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يقوم على بدنه، وأن يقسم بُدنه كلها: لحومها، وجلودها، وجِلالها، ولا يعطي في جزارتها شيئاً.

     هذه نقاط سريعة، كتبتها على عجالة، ولم أرد إطالتها، ولا ذكر أدلتها، وإنما أردتها مختصرةً، سهلة المنال، بغية الإفادة، وطمعاً في الحسنى وزيادة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك