أول هيئة شــرعية تولـد من رحم الثورة في مصر (2-2) الأمين العام للهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح في حوار خاص لـ«الفرقان»: السلفيَّة لا تخرج عن كونها فهم الإسلام فهمًا صحيحًا بعيدًا عن شائبة البدع والمخالفات
تميزت الدعوة السلفية قديمًا وحديثًا بالثبات على مبادئها وقيمها ومعتقداتها، ولم يُعرف عنها يومًا مداهنتها أو ممالأتها لأهل الباطل والطغيان والضلال، وهذا هو الفرق بين أصحاب المبادئ وأصحاب المصالح؛ فإنّ أصحاب المبادئ يتميزون بالثبات والوضوح والصدق وعدم التلوّن، فهم ثابتون على مبادئهم مهما كانت الظروف والأحوال، وهم على استعداد للتضحية بكلّ غالٍ ونفيس لحماية تلك المبادئ، وأمّا أصحاب المصالح فهم على الضدّ من ذلك كلّه، فهم متقلّبون متلوّنون، غامضون، مواقفهم تدور مع مصالحهم، وهم على استعداد للتضحية بالمبادىء لحساب المصالح، يركبون الموجة أنّى توجّهت، ويعدّون ذلك سياسة وكياسة وفطنة، فإن كانت الموجة يسارية كانوا يساريين، وإن كانت يمينية فهم يمينيون، كما قال الشاعر:
يوماً يمانٍ إذا لاقيت ذا يَمنٍ وإن لقيت معديّاً فعدنانِ
ولا شك أن هذا الثبات أرَّق كثيرًا من أهل البدع وفرق الضلالة والبهتان، وزلزلل عروشهم وملأ قلوبهم رعبًا وهلعًا؛ لأنهم يعلمون حجم الدعوة وقوة تأثيرها في الناس، ولأنهم يعتبرونها الشوكة الوحيدة في حلوقهم، والفئة الوحيدة القادرة على كشف عوارهم؛ لذلك وقفوا لها بالمرصاد، وأثاروا حولها الشبه والكذب والبهتان.
لذلك كان لابد لنا من وقفة مع شيخنا الفاضل الدكتور/ محمد يسري استكمالاً لما بدأناه في الحلقة السابقة عن موقف الدعوة السلفية من الفرق المخالفة وكيف تتعامل الدعوة معها في ظل التغيرات الحادثة.
- شيخنا بارك الله فيكم لا شك أن هناك طوائف عدة وقفت موقفًا معاديًا من الدعوة السلفية بعد الثورة وكان لها دور بارز في الحملة المثارة حاليًا حول الدعوة وعلمائها، ومِن أهم هذه الطوائف الأقباط، فكيف تَرون مستقبل العلاقة بين السلفيين والأقباط وخاصة أنَّ الأقباط صرَّحوا أكثر من مرة بأن تخوفهم الأكبر في المرحلة المقبلة هو من السلفيين؟
- العلاقة بين السلفيين والأقباط هي نفسها العلاقة بين المسلمين والنصارى؛ لأنَّ السلفيَّة لا تخرج عن كونها فهم الإسلام فهمًا صحيحًا بعيدًا عن شائبة البدع والمخالفات، ونزعات الغلو والتعصب والتحزب والتفريط والتساهل والتميع، فأهل الإسلام والسلفيون وكل مُنتسبٍ إلى الكتاب والسُنَّة بفهم سلف الأمة يفهم أنه بينه وبين النصارى علاقة تقوم على محددات ثابتة واضحة وهي:
- المحدد الأول هو العدل: فقد أمر الله تعالى بالعدل معهم وإليهم والإقساط معهم وإليهم وهذا ثابت في كتاب الله تعالى.
- الأمر الثاني: التعاون على البر والتقوى؛ لعموم أمر الله تعالى بالتعاون على البر والتقوى.
- والعلاقة الثالثة هي دعوتهم إلى الله عز وجل لعموم قول الله تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة بالموعظة الحسنة}، ولعموم قوله تعالى: {قل يأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله}.
هذه قضايا أساسية ثلاثة ونزيد عليها البر والإحسان؛ فإن الله تعالى لم ينهنا أن نُحْسِنَ إليهم ولم ينهنا عن مجادلتهم بالتي هي أحسن، قال تعالى: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم}، وهذا يدل على أن من أهل الكتاب من يسالمنا فنحن نسالمه، ومنهم من يعاملنا فنحن نعامله، ومنهم من لا يظلمنا فنحن لا نظلمه ونحسن إليه، أما الذين يظلموننا فلهم معاملة أخرى تردعهم عن ظلمهم وتقيم العدل وتعيده إلى نصابه.
- هناك قضية متعلقة بنفس الموضوع سببت توترًا كبيرًا بين الطرفين، ألا وهي قضية كاميليا شحاتة، فكيف يمكن علاج هذه القضية دون المساس بمصلحة الوطن في تلك الفترة الحساسة؟
- نقول بداية: إن هذه القضية قضية عادلة، هي قضية حرية شخصية وحق من الحقوق الإنسانية والبشرية، هي قضية رفع ظلم وقع على امرأة ضعيفة مستضعفة مظلومة من أرباب ملتها ودينها الذي تحولت عنه إلى غيره.
وهذه القضية إذا نُظِرَتْ في أي محكمة شرعية أو عرقية أو دولية، فإنها ستعيد الحق إلى نصابه؛ ما هو هذا الحق؟ أن تُطلق حرية هذه المرأة لتعيش في المجتمع بالدين الذي ترتضيه، إما نصرانيتها المزعومة، أو إسلامها الذي ثَبَتَ محققًا ومُحرَّرًا في الوقائع والأوراق الرسمية وشهد عليه الشهود الذين كانوا معها.
ومع ذلك فنحن نأمر إخواننا وننصح أحبابنا بألا يعطوا الفرصة لأعداء الأمة ليتخذوا من قضية كاميليا شحاتة ذريعة للتدخل الأجنبي بزعم اضطهاد الأقلية القبطية النصرانية الموجودة في مصر.
ولابد أن نعي وأن نفهم هذه التوترات الداخلية وأنها مدفوعة من قبل قوى خارجية معروفة ومشهورة، ولا أحتاج أن أسمي الآن أقباط المهجر مثلاً، أو أسمي الأصولية الإنجيلية الأمريكية المتطرفة التي تؤجج نار هذه الفتنة وتدفع بها لتوجد الذرائع للتنكيل بالمسلمين في بلادهم وعلى أرضهم.
لقد عاشت الأقلية القبطية في مصر أربعة عشر قرنًا كاملة من الزمان فلم تلق عنتًا ولم تجد ظلمًا ولم يعترض سبيلها أحد، عاشت متفيئةً ظلال الإسلام والإسلام يرعاها ويحكمها ويقيم لها العدل ويمنعها من الظلم ويحافظ على حريتها وحقوقها.
ولا توجد واقعة يمكن أن يقال عنها إنها تَمَحَضَ فيها الظلم للأقباط إلا أن تكون استفزازات مقابل أخرى أو اعتداءات مقابل ردود أفعال وقعت من أي الطرفين.
يكفيك أن تعلم هذه الواقعة التي أثارت الشجون وغيرت النفوس والقلوب وأوجدت الفتن والمحن - وهي كنيسة القديسين وما جرى فيها - لم تكن من صنع المسلمين ومع الأسف فقد سقط فيها قتلى من أهل الإسلام ومن النصارى.
- العلاقة بين الدعوة السلفيَّة والصوفية علاقة متوترة منذ زمن طويل وهي أشبه بالصراع الذي لا ينتهي، فكيف ترون مستقبل هذه العلاقة في ظل تلك التغيرات؟
- الصوفية مصطلح حادث بعد عصر النبي[ والعصور التي سبقت بالفضل والخيرية، ولسنا بصدد ذمهم ولا مدحهم، وإنما بصدد النظر في حالهم ومدى موافقتهم لكتاب ربنا وسنة نبينا[ ، فإذا كان الصوفية من الموافقين لكتاب الله عز وجل المتبعين لسنة النبي[ المعتقدين بعقيدة أهل السنة والجماعة، فهؤلاء من المسلمين لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين.
أما إذا أتوا بأصول جديدة لمنهج التلقي واستنباط الأحكام كأن يعتقد أحدهم أنَّ الحقيقة خير من الشريعة، أو يعتقد أحدهم أنه يتلقى عن الحي الذي لا يموت وأن غيره من أهل الإسلام يتلقى عن الأموات ميتًا عن ميت، أو يعتقد أحدهم أن المعاريج والإشراقات الروحية والكَشْف طريقٌ لمعرفة علم الغيب، فهذا نوع من أنواع الخرافة في منهج التلقي والاستدلال والاستنباط.
إذا كانت الصوفية ستأتينا بهذه الخرافات والخزعبلات فلا مرحبًا بها ولا هي مرضية عندنا؛ لأن ذلك سيفضي إلى أن يقول كل واحد في دين الله بهواه زاعمًا أو مدعيًا أنه تلقاه عن ربه ومولاه، أو مدعيًا أو زاعمًا أن الله سبحانه وتعالى أطلعه عليه من وراء حجب الغيب؛ أنَّى له هذا؟!
إذا قال قائل بهذا في دين الله فقد فتحنا بابًا واسعًا للزندقة وصار الدين ألعوبة، وقد وقع هذا في بعض العهود والعصور وما يزال يقع.
حدثني بعضهم أنه جلس مع أناس لا يصلون الجمعة فسألهم عن ذلك فقالوا: لأنه قد سقطت عنا الصلاة، هذا في بلادنا هذه وفي مدينتنا هذه التي نعيش فيها، أسقطوا الصلاة عن أنفسهم بحجة أنهم ينتسبون إلى الصوفية؛ بل هم ينتسبون إلى الخرافة والضلال والباطل.
- إذا كانت الطريق التي تسير فيها الصوفية طريقا تعتمد على سؤال غير الله أو استغاثة بغير الله أو استعانة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، فكيف يجتمع المسلمون مع هذا المنهج الذي يفتح ذرائع الشرك بالله تبارك وتعالى، والذي يعبث بعقائد أهل الإسلام؟!
إذا كان بعض هؤلاء سوف يسقطون فريضة الجهاد ويرون أنه على المسلم أن يتعبد الله عز وجل بالأمر القدري الكوني، وأنَّه سبحانه وتعالى أقام العباد فيما أراد، وأنَّه سبحانه وتعالى أمر أن ندع الملك للمالك والخلق للخالق، وألا يأمر أحد بمعروف ولا ينهى عن منكر أو يجاهد أحد في سبيل الله، فهم يريدون أن يستسلم المسلمون للاستعمار الذي نزل بأرضهم لأنه جزء من قدر الله الذي لا يجوز أن يَعترض عليه أحد، وألا يقاومه أحد، وألا يُدفع هذا القدر - قدر الاستعمار- بقدر الجهاد.
إذا كانت هذه الروح الانهزامية والتواكلية سوف تضرب في ربوعنا أو تستقر في بلادنا فأبشر بأن هذه البلاد لن تتقدم خطوة بل ستتراجع إلى الوراء خطوات، إذا كانت هذه هي الصوفية فهي صوفية مرفوضة.
أما إذا كانت الصوفية زهادة وطول عبادة، واعتناء بإصلاح القلوب والأحوال، إذا كانت الصوفية رعاية لحق الخلق والحق معًا، فهذا لا يمكن بحال أن يكون مذمومًا، إذا كانت الصوفية على منهج مرضي يقفو آثار الصحابة والتابعين وسلف الأمة الصالحين فلماذا نعترض إذًا؟!
- وماذا تقول عمَّا حدث أخيرًا من قيٍام البعض بهدم عدد من الأضرحة واتهام السلفيين بذلك؟
- لابد بداية أن نعرف ما هي الأضرحة وهل في الإسلام ما يسمى بالأضرحة، وحتى نعرف ذلك دعنا ننقل فتاوى الأزهر ودعنا الآن من السلفيَّة، أنا أحيلك إلى فضيلة مفتي الديار المصرية الأول وهو فضيلة الإمام/ محمد عبده - رحمه الله تعالى- فقد أفتى فضيلته - وهذه الفتوى موجودة بسجلات دار الإفتاء المصرية - أفتى: «بوجوب هدم القبة المبنية على القبر».
هل كان محمد عبده سلفيًا؟! إذا قلنا: نعم، فالإجابة صحيحة؛ لأنه كان على منهج صحيح في هذه القضية، فإنه لم يكن خرافيًا، ولم يكن يذهب هذا المذهب الباطل في دين الله عز وجل، ومثل هذا منقول عن فضيلة الشيخ أحمد حسن الباقوري وزير الأوقاف المصري - رحمه الله- حيث يقول: «إن بناء الأضرحة والقبور كان صنيعة استعمارية كلما نزل الاستعمار ببلد من البلاد فأراد أن يغزو أهلها بنى طائفة من هذه الأضرحة وأثار حولها كثيرًا من هذه الأقوال التي تشاع أنها كرامات، فعل هذا في بلادنا مصر كما فعله في الهند أيضًا».
إن مشايخ وعلماء الأزهر ينكرون هذه الأضرحة وينكرون هذه القبور، وأحيلك إلى مقابلة أجريت في السبعينيات مع فضيلة مفتي الديار المصرية الشيخ محمد حسين الذهبي – رحمه الله- ذكر فيها أن الوزارة تقوم بمساع كبيرة وحثيثة في مواجهة هذه الانحرافات المتعلقة بالأضرحة والقبور.
لكن في الآونة الأخيرة لما أراد أعداء الإسلام أن يواجهوا صحيح الدين رأوا أنَّ هذا هو الطريق الذي يساعدهم في هذه الحملة الظالمة التي يوجهونها نحو صحيح الدين، وهي أن يعتني الناس بصرف العبادة للمقبورين، وأن يحتفي الناس بموالد هؤلاء المقبورين التي تجمع الجهلة والبسطاء وأصحاب العقول الضعيفة، فيحدثون من الخرافات والعبادات ومن الشركيات التي يشوشون بها على عقيدة الأمة ويصرفونها عن وجهتها.
وإلا قل لي بالله عليك ما الذي يعنيه أن يحضر ريتشارد رول السفير الأمريكي في مصر مولد السيد البدوي، ما الذي يعنيه أن يحصل هذا على الطريقة؟! عجبًا أن الصوفية تعطي عهدها للنصارى.
إن الصوفية هنا سوف تتحول كما يقول برنارد لويس وهو مستشار الأمن القومي الأمريكي للشؤون الدينية بالشرق الأوسط يقول: «ستتحول إلى مشترك بين اليهودية والنصرانية والإسلام».
وخلاصة الأمر في قضية هدم الأضرحة أنَّ الأصل في هذا أن يقوم السلطان بتعيين من يحتسب تغيير هذه المنكرات؛ لأن إقامة واجب الحسبة مفوض في أصله إلى السلطان وهو واجب كفائي ويجب على السلطان أن يقيم السنة وينفي البدعة وعلى السلطان أن يحذر الناس من هذه المنكرات.
فعندنا في الإسلام ولاية منبثقة عن الإمام اسمها ولاية الحسبة وهذه الولاية تتولى الاحتساب على الناس جميعًا، في أسواقها ومنتدياتها وأمورها العامة، تأمرهم بالصلاة وتنهاهم عن الغش والكذب وعن تطفيف الميزان وعن تبرج النساء، فمن واجبات الإمام أن يحفظ على الناس دينهم، فالخلافة أو الإمامة نيابة عن النبي [ في حراسة دينه وسياسة أمته، فهذه الإمامة تسوس الأمة بكتاب ربها وسنة نبيها [ فيفترض أن يكون الإمام مسؤولاً عن هذا.
لكن هذا لا يمنع الأفراد أن يقوم كل بواجبه إذا كان قادرًا عليه ولا مفسدة من قيامه بهذا الواجب فقد قال [: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان».
فإن النبي[ أرشد كل واحد إلى هذا فصار لآحاد الرعية أن يحتسبوا.
ولكن إذا كان الأمر مفضيًا إلى جمع أعوان وحمل سلاح وتقاتل، فإن هذا رتبة ليست لآحاد الرعية، وإنما هي رتبة للذين ولاهم الله عز وجل الأمر؛ ليُحفظ الأمن وتستقر المجتمعات وليكون الناس على بصيرة في دينهم.
وليس معنى هذا أننا نقف موقفًا معاديًا لأولياء الله تعالى ولعباده الصالحين فإننا وإن أنكرنا ما يحدثه الصوفية في مولد النبي [، فإن هذا لا يعني أننا لا نعظم النبي [ ولا نجله ولا نحبه كما يدعي هؤلاء المدعون، بل أهل السنة والجماعة في كل زمان ومكان أولى الناس برسول الله [ حبًا وقربًا وعملاً واتباعًا لسنته [ واقتفاءً لأثره، ثم هم أولى الناس حبًا للصالحين وتعظيمًا لأقدار العلماء العاملين.
- تشير كثير من التقارير إلى أن هناك نشاطًا كبيرًا وواضحًا للشيعة داخل مصر وخاصة في الفترة الأخيرة، فما هي رؤية الدعوة السلفيَّة للعلاقة مع هذه الفرقة، وهل صحيح أن الصوفية هي البوابة الكبرى التي يمكن أن يدخل هؤلاء إلى مصر من خلالها؟
- نقول بدايةً: الرافضة ينظر المسلمون إليهم على أنهم فصيل غير فصيلهم، وطريق غير طريقهم، ومنهج غير منهجهم.
وعليه فإن من يقول بكفر أصحاب النبي [، وبتبديل كتاب ربنا وبتحريفه، وبكفر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وبرميها بالبهتان، لا مكان لهم في أهل الإسلام.
بل يعتقد المسلمون أنهم كفروا وأنهم لا يجوز مناكحتهم ولا معاملتهم ولا الصلاة عليهم ولا تغسيلهم ولا تكفينهم، إذا كانوا يعتقدون ردة أصحاب النبي [، وإذا كانوا يعتقدون تحريف كتاب الله تعالى، وإذا كانوا يرمون الطاهرة المبرأة بما برأها الله تعالى منه يرمونها بالفاحشة - عياذًا بالله - فهؤلاء لا نعتبرهم من أهل الإسلام.
الرافضة الذين يغلون في علي ] ويؤلهونه ويصرفون العبادة له من دون الله أو لأبنائه الذين هم من نسل الحسين بن علي ]، هؤلاء لا مكان لهم بين المسلمين، حين يفعلون هذه العبادات الباطلة ويصرفونها لغير الله تعالى.
أما من كان انحرافهم دون ذلك فهم من أهل البدع المنتسبين إلى القبلة، وينظر في حالهم ويعاملون بما يستحقون وفقًا لحالهم ومنهجهم، وهذا يتفاوت من بلد إلى بلد، ومن زمن إلى زمن، ومن واقع إلى واقع، ومن بدعة إلى بدعة، كما أن ذلك يتفاوت أيضًا بحسب أهل السنة قوةً وضعفًا وبحسب تمكنهم في واقعهم الذي يعيشون فيه.
أما إذا كان منهم مغرر به خُدع بأقوال رؤسائهم وطوائفهم، فهؤلاء نسأل الله تبارك وتعالى أن تصلهم الدعوة الصحيحة وأن ينتهي إليهم الحق فيعتقدوه.
أما فيما يتعلق بموضوع الصوفية وأن الشيعة يمكن أن يدخلوا مصر من خلالهم أو على ظهورهم، فنقول: إذا كانت الصوفية ستغلو في الأولياء غلو الشيعة في أئمتهم الاثنى عشر فسيكون هذا بابًا واسعًا للاختراق، وإذا كانت الصوفية ستغلو في المقبورين وتصرف لهم العبادة من دون الله تبارك وتعالى فيقف أحدهم على شباك الضريح رافعًا يديه يدعو صاحب الضريح: أن اشف ولدي، أو: رد غائبي، أو: اقض حاجتي، أو افعل شيئًا مما لا يفعله إلا الله تعالى، فإنهم بذلك سيكونون سبيلا ممهدًا لدخول الشيعة والتمكين لهم.
إذا كان الصوفية سيجعلون منزلة الولاية في منزلة الإمامة التي لا يبلغها نبي مرسل ولا ملك مقرب كما يزعمون، فعندئذ نعم سيكون الطريق ممهدًا لدخولهم مصر وغير مصر ممتطين صهوة هذه الصوفية الخرافية.
الصوفية لا تكره أصحاب النبي [، الصوفية تحب الصحابة وتؤمن بفضلهم رضي الله عنهم، فلا يؤثر عن صوفي انتقاص لمعاوية ] إلا من غلا منهم وفسد والتحق في معتقداته بهؤلاء الرافضة.
ومنهم من يؤثَر عنه هذا الطعن في أمير المؤمنين وخالهم معاوية ]، كالمجلة المسماة «الإسلام وطن»، فهي تحاول أن تردم الهوة بين الصوفية وبين الشيعة ليدخل الشيعة إلى بلادنا على ظهور الصوفية.
وقد كشفت أجهزة الاستخبارات الرسمية مؤخرًا عن علاقة الرافضة خارج مصر بهذه الفئات، وعن ذلك الدعم الذي يتلقونه والذي يجعل هذه الأقلام مأجورة بالفعل، وهي تعمل ضد أمتها وتعمل ضد مصلحة دينها.
- وماذا تقول عن محاولات التقريب والتي بدأت في مصر منذ زمن بعيد وكان يقودها علماء من الأزهر وما زالت هناك محاولات لإحيائها من جديد؟
- فشلت كل محاولات التقريب المدَّعاة، فقد ظهر أنَّ التقريب هو تقريب السُنَّة نحو البدعة وليس تقريب البدعة جهة الحق، إنه شراء لذمم وبيع لأديان ومحاولة للاختراق، محاولات التقريب هي أشبه بمحاولات التزوير والبهتان منها إلى تحقيق الحق وإظهار البينة.
- إذًا ما هو الحل من وجهة نظركم؟
- الحل كما هو الحال مع أهل البدع جميعًا أن يُدعوا لأمر سواء، وأن يناقشوا مناقشة حرة، وأن يخضعوا للمناظرة مع علماء أهل السنة، فإذا انقطعوا وخابوا وخسروا فإنَّ عليهم أن يعلنوا عودتهم إلى الحق فيئةً إلى الله عز وجل ونصرة للحق الذي يبحثون عنه إن كانوا جادين أو صادقين، وصدقًا لهذه الجموع التي تسمع لهم وتطيع.
لابد أن يوجد الحوار والنقاش والمناظرات بين العلماء التي تعالج أصول الخلاف أولاً، فإذا استقر الناس على أمر سواء بعد ذلك يمكن النظر في الفروع.
لدينا أصول عقدية يجب أن نراجعها، فمنهم من يعتقد برجعة علي ] ومنهم من يعتقد عصمة الأئمة، ومنهم من يعتقد أن الأئمة لهم منزلة لا يبلغها نبي مرسل ولا ملك مقرب، ومنهم من يؤلِّه الأئمة الاثنى عشر ويصرف إليهم عبادات لا تُصرف إلا لله تبارك وتعالى، ومنهم من يقول في كتاب الله تعالى أقوالاً شنيعة.
خلاصة الأمر: الشيعة ليس عندهم منهج تثبت به الأخبار الصحيحة، وليس لديهم منهج نفهم به ألفاظ المرويات المنقولة، فلا هم عندهم من النقل ما يُعتمد عليه، ولا عندهم من أصول الفهم ما يُستند إليه، فهم أكذب الناس فيما يروون، وأذهب الناس عن العقل فيما يفهمون، وافتراق السنة مع الشيعة افتراق قديم حتى إذا قيل أهل السنة فإن في مقابلهم الرافضة أو الشيعة، والله المستعان.
لاتوجد تعليقات