رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أحمد الشحات 30 مارس، 2015 0 تعليق

أهم تيارات التكفير والعنف ودور الدعوة السلفية في مواجهتها (10) – السرورية (4)

نكمل في هذا المقال السمات والملامح الفكرية العامة التي تبناها التيار السروري أثناء فترة نشاطه في البلاد التي له فيها وجود ومن هذا السمات:

• ابتداع ما يسمى بسلفية المنهج عصرية المواجهة :-

من جملة اللوث المنهجي الذي أصاب السرورية، أنهم ظنوا أن التمسك بالسلفية معناه الجمود ، وعدم مواكبة العصر الحديث، وأن الشيوخ السلفيين لا يفهمون الواقع نتيجة لإغراقهم في قراءة كتب التراث وتدريسها، وهذا يؤدي بهم إلى الذهول عن طبيعة الحرب على الإسلام وعدم التفطن لمؤامرات الأعداء وغيرها.

     ومن هنا كان نحت هذه الجملة التي ظنوا أنها ستحل هذا التضارب لديهم، والحقيقة ألا يوجد تعارض أصلاً بين السلفية أو المعاصرة، وأن العقبات التي تواجهها الدعوة تتم مواجهتها بالوسائل والأساليب العصرية، وهذا لا يقدح بطبيعة الحال في أصالة الدعوة أو رسوخ مبادئها، وهذا أيضاً من المبادئ التي أرادوا بها لمز العلماء السلفيين والطعن في عدم قدرتهم على التعاطي مع مستجدات الواقع.

• منهج الموازنات بين الحسنات والسيئات:-

     من المبادئ التي حاولوا بها إلجام العلماء عن النقد، وإذا اضطر ناقد إلى بيان خطأ جماعة أو كاتب أو داعيه؛ فعليه في كل مرة سينقده فيها أن يستخدم ما سموه ميزان الحسنات والسيئات ومعناه: أنك قبل أن تبدأ في ذكر السيئات عليك أولاً أن تذكر الحسنات كاملة حتى لا تبخس حق من تنتقده، وهذا طريق مخترع لم يقل به أحد من العلماء قبل ذلك؛ لأن عادة من ينتقد الاكتفاء بذكر موضع النقد فقط دون الحاجة إلى ذكر المقارنة الكاملة بين المميزات والعيوب، اللهم إلا إذا كان بصدد عمل تقييم شامل للجماعة أو الشخص، أما مجرد ذكر النقد في قضية أو مسألة فلا يلزم أن يذكر المقارنة كاملة وإلا كان هذا من التكليف المتعسر، فضلا عن بعض الجماعات أو الأشخاص قد يشتهر عنهم خلل ما أو بدعة ما، فيلزم التحذير منها ومن بدعتها حتي ولو كان لها بعض المزايا أو الحسنات الأخرى؛ لأن التحذير ينصب على موطن الخلل الذي يُتخوف منه، ولا يعني أيضاً أنه يهدر قيمة ما عندهم من خيرات.

• عقيدة بمنهج خاص وسيرة بنكهة حركية :-

     اجتهد سرور في استنساخ تجربة سيد قطب في تناوله للقضايا العقدية، فزعم أن كتب العقيدة القديمة كتب جافة وجامدة، ولا تناسب العصر، ولا تسلط الضوء على مشكلاته، وبالتالي كان الاحتياج لمؤلف جديد يفي بهذه الأغراض، فكان مؤلفه الذي سماه منهج الأنبياء، الذي قال فيه :

     «نظرت في كتب العقيدة فرأيت أنها كتبت في غير عصرنا وكانت حلولا لقضايا ومشكلات العصر الذي كتبت فيه ولعصرنا مشكلاته التي تحتاج إلى حلول جديدة ومن ثم فأسلوب كتب العقيدة فيه كثير من الجفاف؛ لأنه نصوص وأحكام ولهذا أعرض معظم الشباب عنها وزهدوا فيها».

     ورغم ما في العبارة من خطأ إلا أن الطرف الآخر قام باستغلال هذا النقل بسوء، وفعلوا به ما تم فعله قبل ذلك مع كتب سيد قطب حتى استخرجوا من أفواه العلماء أوصاف الكفر أو الزندقة أو التبديع أو غيرها لقائل الكلام وفتاوى تمزيق الكتاب أو إحراقه من بعضهم الآخر.

     وبالطريقة المنهجية نفسها تم التعامل مع السيرة، مع فرق جوهري أن السيرة يمكن تطويعها بسهولة لخدمة الأغراض الخاصة لكاتبها، ودائما ما كان يعتمد الإخوان في دراستهم للسيرة على عدد من المراجع الخاصة من أهمها كتاب: (المنهج الحركي للسيرة النبوية) لمنير الغضبان، وبالتالي كان كتاب: (دراسات في السيرة النبوية)، لمحمد سرور محاولة أخرى لخدمة الهدف نفسه.

     وهذه السمات التي ذكرت للسرورية يشترك فيها معظم السروريين على تفاوت بينهم، إلا أن حالة التطابق أو التلازم بين السرورية وبين القطبية -بمعناها المنهجي- تعد حالة خاصة في السعودية نظراً للظروف التي أشرنا إليها، أما في باقي البلاد فالشائع هو المزج بين السلفية والقطبية والإخوانية، فالسلفية يؤخذ منها الجانب العقدي التقليدي والسمت العام؛ فنجد الاهتمام بالعلم وبقضايا التوحيد مع الالتزام بالمظهر السلفي المعروف، والإخوانية يؤخذ منها الجانب الحركي والشق التنظيمي والأداء السياسي، والقطبية يستفاد من كتابات مؤسسيها ومن مناهجهم بغض النظر عن الالتزام التام بكل أفكارهم.

     يبقى أن نشير إلى أن هذا المزج ليس متساوياً أو محايداً؛ لأن السرورية في الأعم الأغلب تميل إلى الإخوان ولاسيما في البلاد التي لهم فيها وجود سياسي أو وصلوا فيها إلي الحكم فعلياً ، وقد رأينا في مصر كثيراً من الشخصيات التي دأبت على انتقاد الإخوان، وبينت فساد منهجهم إلا أنه بمجرد وصولهم إلى الحكم وقفوا خلفهم، ووصفوهم بأنهم رجال المرحلة وأهل الخبرة في هذا الباب، وكانوا سببا في فتنة كثير من الشباب الملتزم الذي لا يعرف عنهم سوى أنهم سلفيون.

• جهود الدعوة السلفية في مواجهة التيار القطبي والسروري:-

     في ختام الجولة مع التيارات القطبية بكل فروعها وتشعباتها، نذكر طرفاً من وسائل مواجهة الدعوة السلفية لهذه الأفكار، وقد كان لليقظة المبكرة، والمجهودات الدؤوبة لقادة هذه الدعوة المباركة أثر واضح في بيان الحق للناس، والتحذير من مغبات هذه الانحرافات قبل أن تظهر ويشهد بفسادها وانحرافها الجميع، وقد ضحوا في سبيل ذلك بأوقاتهم وأموالهم، وتصدقوا بأعراضهم ولحومهم، حتي لا ينحرف أبناؤهم بسبب الجهل أو التأويل.

وقد اعتمدت الدعوة في مواجهة هذا التيار على عدد من الوسائل منها :-

المحاضرات العلمية:

     ومن ذلك سلسلة قراءة نقدية لكتاب: (حد الإسلام) للشيخ محمد إسماعيل المقدم، وقد تكلم في سلسلة تربوية أخرى عن ظاهرة التطاول على العلماء، وسلسلة أخرى بعنوان: (الغلو في الدين)، وتكلم كذلك عن الموقف من سيد قطب في محاضرة منفصلة، وقام الدكتور ياسر برهامي بالرد على الدكتور سفر الحوالي بخصوص رسالته: (ظاهرة الإرجاء) في سلسلة مطولة، ثم صارت كتاباً بعد ذلك، ورد أيضاً علي كتاب (حد الإسلام)، وقام بشرح كتابه: (لا إله إلا الله كلمة نجاة)، وكذلك قام بشرح كتاب: (الإيمان) لابن تيمية، وشرح كتاب: (الإيمان) من صحيح مسلم، كما قام الشيخ عبدالمنعم الشحات بالرد على القطبية في أثناء شرحه لقضايا الإيمان والكفر، وكل هذه السلاسل متوفرة على مواقع الدعوة على الإنترنت بحمد الله تعالى.

الرسائل والكتب:

     وهي كثيرة بحمد الله، منها كتاب: (الرد على ظاهرة الإرجاء) للدكتور ياسر برهامي، وكتابه: (تحقيق مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية في قضية تارك الصلاة)، وكتابا: (المسك الأذفر، وزهر البساتين) للدكتور سيد حسين العفاني، وكتابا: (الإرجاء تحت المجهر، وحوار هادئ) للشيخ هيثم توفيق -رحمه الله- وقد خصص كتابه: (حوار هادئ) للرد على الاعتراضات التي أثيرت حول كتاب الدكتور ياسر برهامي في الرد على الدكتور سفر، وعدد آخر من الأبحاث العلمية والمقالات المتخصصة، منها ما هو منشور على الإنترنت ومنها غير مطبوع.

الدورات الفكرية:

     تبنت الدعوة السلفية خط تحصين الشباب من هذه البدع، فقامت بعقد عدد من الدورات العلمية والدروس المنهجية المكثفة لشباب الصحوة دوريا ودائما، حتى يتعرفوا على هذه الأفكار بدقة ومباشرة، وكان من أهم نتائجها الإيجابية أنها جعلت كثيراً من الشباب الذي انخدع بدعاويهم يتخلى عنهم ويعود إلى صوابه ورشده، بفضل الله تعالي.

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك