أهمية النسب في الإسلام
من عظم الإسلام أن جعل هناك نسباً واحداً يجمع البشر إذا كان من زواج صحيح، أما أبناء الزنا فلا ينسبون إلى أبيهم وإن تزوج منها بعد ذلك، ويحرم نسبة الأبناء من زواج مشبوه وإن كان غير مخالف للقوانين!
اليوم يفتح بعضهم نافذة شر من خلال استئجار الأرحام وخارطة الجنسيات لنسخ الأشكال أو بنك البويضات، وهذه تهز الصلة وتفك الروابط الأسرية في حياة فوضوية ليس لها مثيل قد تقطع الأرحام، وتخلط الحرام بالحلال، وتضّيع الحقوق والواجبات، وتستباح الأعراض، فضلا عن إباحة زواج الشاذين جنسيا وتبني أطفال ونسبتهم وهذا محرم شرعا، ويفقد أصلا من أصول شريعتنا التي جاءت لحفظ النسب والعقل والدين والمال وغيرها.
فالنسب يكون للأب قال تعالى {ادعوهم لآبائهم} (الأحزاب: 5)، ولاينسب للأم والتعاون من خلال النسب الشرعي الصحيح: {وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا}(الحجرات: 13)، فإما أن يكون من ذوي الأنساب أي ذكورا «فلان بن فلان» أو صهرا أي فلانة بنت فلان.. لذلك قال تعالى: {وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهراً}(الفرقان: 54)، وإذا جعل نسبة الشخص إلى أبيه يكون مسلما ويكون أخا لنا في الله كما قال تعالى: {فإن لم تعلموا أباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم}(الأحزاب: 5)، وعند موته ترفع روحه وينادى أن هذه الروح روح فلان بن فلان.
ويطلق على النسب، الصلب وهو النسب بين الآباء والأبناء علوا أو سفلوا، والرحم وهو موضع تكوين الولد ووعاؤه في البطن، والقرابة في الرحم، والقعود وهو أقرب إلى جده الأكبر وأخيرا، الآصره: وهي القرابة.
وتظهر أهمية الانتساب إلى الأب كما قال ابن القيم: إن إثبات النسب فيه حق الله، وحق للولد، وحق للأب، ويترتب عليه من أحكام الوصل بين العباد ما به قوام مصالحهم، فأثبته الشرع بأنواع الطرق التي لا يثبت بمثلها نتاج الحيوان.
وحرم الإسلام النسبة لغير الأب عن طريق التزييف أو الدس، ففي الصحيحين عن سعد بن أبي وقاص أن النبي [ قال: «من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام» رواه مسلم.
والنسب الثابت لايقبل البيع ولا الهبة ولا الوصية ولا التنازل عنه بأي وجه مقابل أو دونه ففي الحديث، «الولاء لحمة كلحمة النسب، لايباع ولا يوهب ولا يورث» صححه الألباني.
وما يرتبط بالنسب من أحكام: توريث المال، والولاية، وتحرير الوصية، وتحمل الدية، وولاية التزويج، وولاية غسل الميت، والصلاة عليه، وولاية المال، وولاية الحضانة، وطلب الحد، وسقوط القصاص، وتغليظ الدية» ذكره السيوطي.
فشرعت الشريعة الإسلامية أحكاما لحفظ النسب ونقائه وسلامته، فحرم الزنا وحرم القذف، وشرع اللعان، وشرع العدة، وشرع الاستبراء ففي الحديث «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يسق ماءه زرع غيره» رواه احمد، وصححه الألباني.
فلايمكن نسبة النسب من عقد محرم؛ ولذلك جاء في الحديث «الولد للفراش، وللعاهر الحجر» أخرجه البخاري.
وهناك مثبتات الأبوة.. دليل الفراش بالعقد الصحيح، والبينة من نكاح شرعي والإقرار والإثبات والاعتراف، الاستفاضة أو الشهادة بالسماع أو التسامع، والقيافة أي الذي يتبع الآثار ويعرفها ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه، والآن أصبحت هناك مستجدات كثيرة منها: البصمة الوراثية ودلالتها الدقيقة في النسب وفق الكروموسومات الصبغيات، وهذا علم متطور جدا ودقيق والحمض النووي DND والخلية «CEII» وطبيعتها الحيوية، والجنسيات والنسب من الضرورات الخمس: الدين والنفس والعقل والنسب والمال التي أمر الله بحفظها، واتفقت الديانات الكتابية قبلنا عليها.
كما أن الفقهاء اجتهدوا في ضبط النسب والتحقق منه بحسب ما كان متاحا في زمانهم من وسائل الضبط والتحقيق؛ فاستعانوا بقرينة الحساب في ضبط الحمل وغيرها، فنحن نأمل أن تسير الدولة بكل إمكاناتها، والاستفادة من الخبرات الطبية والعلمية لحفظ الأنساب.
لاتوجد تعليقات