رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان.القاهرة/مصطفى الشرقاوي 17 فبراير، 2014 0 تعليق

أهل السنة والجماعة بين المؤامرات الدولية والصمت الإقليمي


إدارة أوباما تنفذ مخططا مركزا (راند)لمحاصرة الإسلام الأصولي وتعزيز نفوذ الفرق الضالة

قوي إقليمية ودولية استغلت الربيع العربي لتنفيذ خطة الفوضى الخلاقة وتفتيت المنطقة

المالكي يراهن على الآلة العسكرية لتصفية الوجود السني ومؤامرات الطابور الخامس لا تهدأ في البحرين

نظام الملالي الإيراني حاضر بقوة في جميع محاولات تهميش الأغلبية السنية وتكريس النعرات الطائفية

يدعم مجازر الأسد قي سوريا ويؤيد مخططات التهميش في العراق وتراعي تقسيم اليمن على أسس طائفية

من يرى الأوضاع المزرية التي يعاني منها أهل السنة والجماعة في سوريا واليمن والعراق والبحرين ولبنان وأفغانستان يشعر أن إدارة أوباما والقوى الغربية يقومان حاليًا بتنفيذ تقرير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية التابع للبنتاجون (راند) الصادر في أوائل العقد الأول من الألفية الثانية إبان  وجود وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد، الذي نبه إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بضرورة الانفتاح على من أسماها قوى الإسلام المعتدلة وتعزيز الاتصالات معها، وتقديم دعم سياسي ولوجيستي لها إذا كانت واشنطن جادة في أن تربح ما أسمته الحرب على الإرهاب.

موقف المتفرج

     ولعل المأساة السورية وسقوط ما يقرب من 150 ألف قتيل ومليون مصاب وتشريد ما يقرب من 10 ملايين سوري أغلبهم من أهل  السنة والجماعة يشعر بفداحة الجريمة التي ترتكب بشأن هؤلاء في سوريا، وكيف وقفت واشنطن وحلفاؤها والقوى السنية في المنطقة موقف المتفرج على هذه المأساة دون أن تتخذ موقفًا جادًا وصارما ضد عصابات الأسد العلوية الطائفية، التي أعملت القتل في صفوف الأغلبية السنية دون أن تجد من يردعها رغم استخدامها كل أسلحة الدمار الشامل لكسب المعركة لشعب أراد الخلاص من الحكم العلوي الإجرامي.

     ومن المؤسف حتى الآن أنه لم تظهر في الأفق أي علامات على قرب نهاية هذه المأساة في ظل فشل مؤتمر (جنيف2) في الوصول لتسوية توقف هذه المأساة وسط تقاعس دولي واضح على طرفي الأزمة لوقف إطلاق النار، وإنهاء مأساة ملايين الجوعى والمشردين في المدن السورية؛ حيث وقف النظام حائط صد ضد وصول المعونات بوصفها أداة لإذلال السوريين، ووأد الثورة، ولم يكتف بذلك، بل وزعم أنه يواجه قوى الإرهاب في الداخل، وهي حجج تجد آذانًا مصغية ودعمًا من قبل روسيا وإيران وحزب الله دون أن يجد السنة السوريون داعمًا موازيًا أو حتى حرصًا على إنهاء مأساتهم، فيما تتدفق المعونات العسكرية والاقتصادية على الأسد وعصابته الطائفية  لدفعه للأمام في حرب الإبادة ضد السنة العرب.

مليشيات طائفية

     وليس بعيدًا عن سوريا فهناك مأساة أخرى تجري فصولها في العراق، ولاسيما في محافظة الأنبار مركز ثقل السنة العرب في العراق، فمليشيات المالكي الطائفية لا تترك فرصة للتنكيل بالسنة إلا وتقوم بها بحجج وذرائع مختلفة، تارة بمحاربة الإرهاب وتطهيرها من القاعدة رغم أن مطالب أهالي الأنبار واضحة منذ 10سنوات، منها: إنهاء سياسة الإقصاء والتهميش ضدها من قبل الحكومة الحالية، وإيجاد عراق موحد قوي يتمتع جميع أبنائه بحقوق متساوية.

     بل إن اعتصام أهل الأنبار السلمي كان يتطلب من الدولة الجنوح للحوار بدلاً من الرهان على الحلول الأمنية، وكأنه كتب على مدينة الفلوجة حاضرة السنة العرب والمقاومة العراقية أن تواجه وحدها مخطط تطهير العراق من الوجود السني، فقبل ما يقرب من 10 أعوام واجهت وحدها عدوانًا أمريكيًا سافرًا لم يتورع عن استخدام اليورانيوم المنضب ضد أهلها، وأبشع أنواع الأسلحة المحرمة لكسر إرادة أبنائها الأحرار، وهو ما يتكرر حاليًا على يد مليشيات المالكي الذي يتهمه خصومه بأنه يحمل حقدًا غير مسبوق على سنة العراق، شأنه شأن جميع رموز حزب الدعوة؛ مما يؤكد أن الفلوجة لن تكون بعيدة عن عدوان جديد تنتهك فيه حرماتها رغبة في الهيمنة على المشهد وتوظيفه لخدمة الأجندة السياسية للمالكي، حتى لو جاء ذلك على جثث أطفال الأنبار وشيوخها وأحشائهم.

مواقف مريبة

     ولعل ما يحدث في سوريا والعراق لا يختلف كثيرًا عما تجري فصوله في شمال اليمن؛ حيث تمارس أبشع درجات التهجير القسري في صفوف السنة، ولاسيما في مدينة دماج أحد ضواحي محافظة عمران مستغلة من الجيش اليمني، أو لنقل تواطؤا منه في وقف حرب التطهير العرقي التي تعيد للأذهان ما كان يحدث في البوسنة والهرسك في تسعينات القرن الماضي، رغم أن البلاد تجري حوارًا وطنيًا يشترط وجود توافق لإخراج البلاد من أزمتها، ولكن يبدو أن هذا الحوار لا يجد أدنى استجابة لدى جماعة الحوثي التي لا ترى أمامها إلا نشر المذهب الإثنى عشري وتكرار تجربة حزب الله اللبناني والمد الطائفي في جنوب الجزيرة العربية حاضرة السنة الأولي في العالم.

     ومن المثير للشفقة أن هذه الجماعة المدعومة من حكم آية الله في طهران لا تجد من يتصدى لها؛ فالدولة اليمنية تعاني حالة من العجز غير المسبوق، فهي تسعى بكل جهد لإرضاء الحوثيين للاستمرار في دولة موحدة حتى لو كانت فيدرالية بما يتيح للحوثيين التمدد والعمل على تطهير مناطقهم من الوجود السني وتحويلهم إلى دولة داخل الدولة في ظل استغلال إيران للظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد، وتوفير كافة أنواع الدعم المالي والعسكري لمليشيات الحوثي التي تحقق توسعًا متتاليًا دون أن يثير هذا حنق أي من الدول المجاورة لتقف وقفة قوية في مواجهة هذا العبث الطائفي، بل إن موقف الحكومة اليمنية صار مريبًا للغاية حين تتحدث عن تحرك حاسم للجيش اليمني إذا اقترب الحوثيون من أرحب، وكأن صعده قد تحولت لدولة داخل الدولة.

تقاسم مجازر

     ويبدو أن الأوضاع المزرية التي يتعرض لها أهل السنة والجماعة أصبحت عرفًا يتكيف معه العالم، بل إنه ينتقل من محطة لأخرى بل إن الأوضاع في لبنان تكاد تتكرر بشكل كربوني، فقد غدت التفجيرات في مناطق السنة، ولاسيما في طرابلس قد صارت أمرا معتادًا وكأن حزب الله لم يكتف بما يقوم به من مجازر في صفوف سنة سوريا فأراد أن يكون هناك نوعًا من العدالة بتقاسم سنة لبنان مجازره؛ حيث يرفض الحزب التراجع عن تدخله العسكري في سوريا وسحب قواته إذا كان جادًا في حل الأزمة السياسية؛ حيث عجزت البلاد عن تشكيل حكومة منذ استقالة حكومة مجيب ميقاتي وتحولها لحكومة تصريف أعمال، وكأن الحزب يسره كثيرًا استمرار الأزمة لتنفيذ أجندته الطائفية.

     ولا يمكن تجاهل ما يحدث للسنة في أفغانستان والبحرين، ففي أفغانستان الحرب الأمريكية لازالت على أشدها ضد حركة طالبان وحلفائها، وكذلك عمليات قصف طائرات بدون طيار لمنازل الأفغان، فيما فشلت حكومة كرزاي في إيجاد تسوية للأزمة السياسية وتفاقم الورطة الأمنية، فيما يسقط الأفغان بالعشرات يوميًا دون أن يجدوا أحدًا يلقي إليهم طوق النجاة، فيما يستمر التوتر على أشده في مملكة البحرين؛ حيث يحرص أصحاب الأجندات الطائفية على جر البلاد للفتنة، ورفض دعوة الملك حمد المتتالية للحوار، وكأنهم يسعون لإرهاق الدولة وأجهزتها في تظاهرة هنا واعتصام هناك، حتى لا تتفرغ لتنمية المواطن البحريني ورخائه ولكن يبدو أن الأجندة الطائفية وبغضهم للسنة يتفوق على الرغبة في المصالحة أو طي صفحة الماضي.

تهميش وإقصاء

     ولعل الملاحظة الجديرة بالذكر في هذا السياق كما يؤكد الدكتور طارق فهمي -أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة- الحضور الإيراني الطاغي في جميع مآسي أهل السنة والجماعة بدءًا من لبنان ومرورًا بسوريا والعراق واليمن عبر وكلائها مثل حزب الله وحكومة المالكي والحرس الثوري وجماعة الحوثي؛ حيث وظفت إيران التطورات السياسية التي شهدتها بلدان الربيع العربي وحالة الفوضى التي سادت لتعزيز نفوذها، فقد تحول الحرس الثوري إلى الحاكم الفعلي لسوريا، وبقي الأسد مجرد منفذ لتوجيهاتها وهو ما يتكرر في العراق؛ حيث ينفذ المالكي الأجندة الإيرانية بحذافيرها في تهميش وإقصاء العرب السنة وعن المشهد بذريعة مكافحة الإرهاب.

     وتابع، بل إن التوافق -الإيراني الأمريكي- الغربي فيما يتعلق بالحرب على السنة امتدت أيضًا إلى الأراضي الأفغانية؛ حيث أكد تسريبات أن هناك بنودًا سرية للاتفاق النووي الأمريكي تطلق بموجبها واشنطن يد إيران لمنع أفغانستان من الوقوع في يد حركة طالبان في ظل فشل الحملة الأمريكية في إضعاف الحركة أو تقوية الجيش  الأفغاني ليكون قادرًا على دحر الحركة ومنعها من السيطرة علي البلاد، والرهان على ارتباط بصلات وثيقة بطائفة الهزارة التي يمكن التعويل عليها لتحجيم دور سنة أفغانستان.

     وأشار إلى أنه يخطئ من يعتقد أن هناك صفقة تسوية الملف النووي قد اقتصرت فقط على هذا الملف، بل إنها شملت توافقًا بين واشنطن وطهران على ملفات العراق وسوريا ولبنان في إطار مساعي واشنطن لتحويل إيران لقوى عظمى إقليمية ساخرًا بشدة ممن تحدثوا عن خلافات قوية بين أمريكا وحكام الملالي في طهران، بل إن واشنطن قد واصلت لهذا التوافق مع إيران لإعادة رسم خريطة المنطقة وتقليص نفوذ السنة التي تعدهم واشنطن عدوهم اللدود.

تآمر داخلي

     في السياق ذاته يرى السفير ناجي الغطريفي -مساعد وزير الخارجية المصري السابق- أن التحالف الإيراني – الأمريكي ليس هو المسؤول فقط عن مأساة أهل السنة والجماعة فقط؛ فهذه دول تدافع عن مصالحها وتدعم حلفاءها في داخل هذه البلدان من أجل تعزيز نفوذهم وتمكينهم من مفاصل دولهم دون أن تجد في المقابل دولاً تدافع عن أهل السنة والجماعة رغم أن هذه الدول تعد معاقل للمذهب السني.

     ونبه إلى أن حالة الضعف الشديدة التي اختارت إيران لتعزيز نفوذها فيها هي من حفزتها على عدم الاكتراث بسيادة هذه الدول ولنأخذ اليمن نموذجا فقد دعمت إيران جماعة الحوثيين بكل الطرائق رغم أن الدولة اليمنية خاضت ضدهم 6 حروب في صعدة، إلا أن هذه الجماعة كانت تخرج من هذه الحروب أكثر قوة وبأسلحة أكثر تطورًا؛ مما يؤكد دعم أجهزة مخابرات دولية خلفها فضلاً عن تآمر عدد من قوى الداخل لدعم الحوثيين نكاية في نظام الرئيس عبد ربه منصور هادي.

     ونبه إلى أن مأساة أهل السنة والجماعة مرشحة للتصاعد في ظل تكالب القوى الإقليمية والدولية عليهم وافتقادهم دعمًا قويًا من دول تعد مراكز تقليدية لهذا المذهب، فمثلاً مأساة الشعب السوري ستستمر مادامت دول بوزن مصر والمملكة العربية السعودية لا تتخذ موقفا قويًا ضد الأسد ومادامت لا توجه رسالة قوية لإيران بأن تدخلها في شؤون الدول العربية ودعمها للمجازر في صفوف شعبها لن يمر مرور الكرام.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك