رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 19 ديسمبر، 2011 0 تعليق

أهلاً بالمشاركة والمغالبة!!

 

(د. ناثان براون) يهودي متعصب جداً ويميني متطرف وأستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن، وهو خريج جامعة برينسيون وشارك في اللجنة الاستشارية الدولية لصياغة الدستور الفلسطيني وخبير إستراتيجي لبرنامج الأمم المتحدة للإنماء حول الحكم في الدول العربية بعد الربيع العربي.

       حل (د. ناثان) ضيفا على الجامعة الأميركية بدولة الكويت الثلاثاء الماضي وهذه الجامعة العاشرة في الدول العربية والإسلامية التي يلقي فيها محاضراته حول المشاركة لا المغالبة، وقد تقابل مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر وليبيا وتونس وتركيا وينقل وجهة النظر الأميركية حول هذه الرؤية، وقد تابعت محاضراته؛ لأنه يتكلم باللغة العربية بطلاقة ولكنه يصر على الحديث باللغة الإنجليزية وبيع كتبه المترجمة بالعربية، وتتلخص رؤيته بالآتي:

     إذا كان الشارع العربي يريد أن يحكمه الإسلاميون فلا مانع لدى الغرب من هذه المشاركة سواء في الحكم أم في المجالس التشريعية أم في الشورى أو غيرها، وهذا كلام كبار المسؤولين في البيت الأبيض وفي حلف الناتو... ولكن عليهم الآتي: الالتزام بالمعاهدات المبرمة منذ سنوات من الأنظمة السابقة فيما يختص بدولة إسرائيل والحفاظ على أمنها واستقرارها، وأيضا المحافظة على حرية الأقليات في العالم الإسلامي من النصارى واليهود والفئات الإسلامية المخالفة لهم، وعدم إلغاء القوانين الليبرالية والعلمانية، وعدم التعرض لحريات المرأة فلها الحق في المشاركة والإسهام في حقوقها السياسية وعدم إلزامها بالحجاب أو فصل الطلاب عن الطالبات في أماكن التعليم، وعدم إلغاء قرارات اتخذت من حرية «الخمر والمراقص وغيرها»، وعدم التعرض لميول الأشخاص «الشاذين جنسيا»، وعدم تقليص حرية الإعلام وحقوق الإنسان: «حرية التطاول على الدين والاستهزاء والسخرية».

      وعدم التعرض للآثار والمتاحف والسياحة، واحترام عقائد الآخرين والمخالفين، وعدم تطبيق الشريعة لأنها أحادية الفكر، وهناك ديانات أخرى أقدم من الإسلام ولها أتباع وجماهير، وعدم إجبار الفئات الأخرى على تعلم الدين الاسلامي، والسماح بالنشاطات التبشيرية والسياسية، وعدم فتح تهم سياسية للمخالفين، واستقلالية الجيش والشرطة، وعدم منع مشاركة التيارات الأخرى في صياغة الدستور، وعدم عزل اقتصاد مصر عن العملات الدولية، وفتح مجالات للمنظمات الدولية وحرية الحركة وحرية التنقل، ومراقبة المنظمات الإرهابية والتعاون مع الهيئات الدولية للقضاء على الإرهاب والتطرف ومراقبة حساباتهم، وتنفيذ القرارات الأممية في حقهم، وتطبيق النموذج التركي على أرض الواقع.

      وعدم العزلة الدولية؛ فلابد من الحضور والمشاركة في الاجتماعات الدولية وتطبيق الإيديولوجية الحديثة والحضارية وحوار الحضارات وتطبيق التوصيات وتنفيذها, والتعاون مع الصندوق الدولي: «فرض ضرائب، وسياسة التقشف والتضييق على الناس في رزقهم».

      كلها لاءات تدعو إلى التنازل عن الدين الإسلامي، ولا يقبلون حتى التدرج لتطبيق الشريعة الإسلامية الصالحة لكل زمان ومكان والعادلة مع كل البشر وهي محل الاستقرار والسعادة والرحمة، ويبقى السؤال: لماذا اختار الناس الجماعات الإسلامية؟ أليس لأمانتهم وصدقهم وتطبيق رؤيتهم للحصول على مصالح الناس وتكميلها وتوقف الفساد وتقليله.

فلو بحث على محركات البحث عن كلمة «المشاركة لا المغالبة» لوجدت تصريحات قادة الإخوان في مصر وكأنها إقرار لرؤية (ناثان براون) الذي أكد أن جماعة الإخوان قالوا: نحن نريد تطبيق الأتي:

        توفير فرص عمل, وتوفير سكن, وتوفير مصادر رزق وحياة كريمة, وهذا هدفهم في المرحلة الحالية.

        إن الصراع بين الحق والباطل قائم ولن يتوقف، ولكن الإصرار على نشر الحق والعدل لتطبيق منهج الإسلام الحق على الأرض هو الهدف الأسمى من دخول البرلمانات ليتنفس الناس نسيم السعادة بعد الظلم والقهر، قال تعالى: {فماذا بعد الحق إلا الضلال}، ويقول سبحانه: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض}، وقال أيضا: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم}.

        ولنعلم جميعاً أن الله سبحانه: {غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون}، والذي أوصلكم أيها الملتزمون هم الشعوب وليس الغرب؛ فواجب علينا الالتزام بالنصوص وعدم تمييع الإسلام، فالمدة قصيرة والآمال كبيرة والناس اختاروكم ووضعوكم تحت المجهر ليراقبوكم ماذا تعملون! ولا يثبطكم تطاول أفراخ الغرب في الانتقاص من قدركم أو النيل منكم أو كسر الهيبة ليسخر الجميع منكم: {إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذكم فمن ذا الذي ينصركم}.

        ولابد من قراءة متأنية لكتاب «الرد على المخالف» للعلامة بكر أبوزيد -رحمه الله- ولاسيما في قوله تعالى: {أفبهذا الحديث أنتم مدهنون}، فالفرق كبير بين المداهنة والمداراة.

         فاهتدوا بهدي خير القرون واستنوا بسننهم، ولا تضيعوا الأوامر وتفتخروا أنكم تنتسبون إلى الدين، فالانتساب دون التطبيق عار وشنار، وهؤلاء يريدون أن يفتنوكم كما قال سبحانه: {وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذاً لاتخذوك خليلا، ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا}.

       فأنتم لم تدخلوا من أجل مغانم حقوقية أو حزبية أو سياسية أو مناصب دنيوية وسيادة وعلو أو مغانم مالية، بل تريدون أن تكون كلمة الله هي العليا وأن تفتحوا أعينا عُميا وآذانا صُما وقلوبا غُلفا؛ فلا تسمعوا للطاعنين ولا تركنوا إليهم ولا ترضوهم بأعمالكم؛ فالله أحق أن تخشوه وترضوه، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ومعصية الرسول.

        قال الفاروق عمر بن الخطاب ]: «نحن قوم أعزنا الله بالإسلام؛ فمن ابتغى العزة في غير الإسلام أذله الله».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك