رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 29 نوفمبر، 2016 0 تعليق

أنا مسلم. ماذا تعني لك؟

     تعني أنني أعتز وافتخر وأرفع رأسي شامخاً، وأحمد الله -عز وجل- أن جعلني من المسلمين. وتعني انتمائي لدين الله الكامل، الصالح لكل زمان ومكان، وهو دين الفطرة؛ حيث أنزل الله أفضل كتبه، وأرسل إلينا خير رسله صلى الله عليه وسلم . وتعني الرحمة وهو الخُلُق الذي امتاز به ديننا {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، بل ذُكر خُلُق الرحمة في التوراة والإنجيل {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم}.

     كلمة مسلم تعني طريقة تفكيري، وأسلوب عمل ونمط تصرفات، ومنهج حياتي منذ نعومة أظفاري إلى وفاتي. تعني أن ربي واحد، وهو الله العظيم الذي لا إله إلا هو، ولا أشرك به شيئا. تعني أنا في أمة خير، أمة أخرجت للناس، تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتؤمن بالله.

     تعني أني فرد من أمة الوسط: «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس}. تعني اصطفاءً واجتباءً وطهارة ونقاءً وسمواً وارتقاءً، تعني أن أعمر الأرض وأشارك في تنميتها، وأن أتعلم وأعلم وأربي أبنائي ليكونوا لبنة صالحة منتجة في هذا العالم. تعني أني عبدالله؛ فأراقب الله في كل قولي وعملي واعتقادي، وآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأصبر على ما أصابني، وأعيش بين الشكر والصبر، وأحسن الظن بالله -تبارك وتعالى- وأتقيه، وأتبع هدي المصطفى، وأحب الصحابة، وألتزم آثارهم: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم».

     تعني أن أحيا على الإسلام، وأدعو إلى الإسلام، وأموت على الإسلام: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}، وغيرها كثير من المعاني. كل ما ذكرته أردت أن أبين فيه أهمية الهوية الإسلامية والانتماء إلى الإسلام، والالتزام بالأخلاق الإسلامية الأصيلة، من الأمانة، والوفاء، والصدق، والحياء، والعدل، والكرم، والشجاعة.

     فالإسلام ميز الأمة الإسلامية في مظهرها، وعبادتها، وأخلاقها، وعقيدتها، قال تعالى: {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون}؛ ومن ذلك مظهر المرأة في الحجاب الشرعي، وأنها لا تخضع بالقول، وتحرص على عفتها وطهارتها وحشمتها، وكذلك الرجل يحرص على لباسه، ولحيته، وحيائه، ولا يخلو الرجل بالمرأة الأجنبية، لا في السفر، ولا في الحضر؛ ففي الحديث: «لا يخلو رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما»، وفي الحديث: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء».

ولاشك أن المسلم عندما يلتزم بإسلامه يبتلى في أمواله، ونفسه، وزوجه، وأبنائه، وربما في دينه حتى يمحص الله أهل الإيمان، ويرفع درجاتهم، وينظر إلى صبرهم، وهو أعلم بهم، ويسمع سرهم ونجواهم في الدعاء والاستغفار ولهج ألسنتهم بالذكر.

     فعندما نفقد لذة ديننا وإيماننا ونضعف، لن يتركنا أعداؤنا حتى يصدونا عن ديننا إن استطاعوا؛ ففي الحديث: «لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة»، وأيضاً: «تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أومن قلة نحن يؤمئذ؟ قال: أنتم غثاء كغثاء السيل»، ولكن أصابنا الوهن، ونزع الله المهابة من نفوس أعدائنا.

فالله -تبارك وتعالى- يحفظ هذه الأمة بمدى حفظها لأوامره واجتناب نواهيه: «احفظ الله يحفظك»، وأيضاً: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا}، وأيضاً: {وما كان ربك مهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون}.

لقد تهافت بعض شبابنا على تقليد الغرب، وانفتحوا عليهم بنهج مخيف، وزادهم ذلك ذوباناً للهوية، وتخبطاً في دياجير الظلام، وأصبحوا يقلدونهم في المعتقد والإلحاد، وفي لباسهم، وأكلهم وشربهم، وقصات شعرهم، حتى في تضييع الأوقات وغيرها كثير.

     وهذا هو الخطر الأكبر الذي يتهدد الهوية الثقافية، والشخصية، والخصوصية، والتحرر من القيم، ومحاربة الالتزام الديني. وكل أسرة بدأت تعيش في صراع وتحد، وتسكت في الأخير حتى لا تتفكك أكثر من هذا التفكك! ولا تعرف كيف تتصدى لمدلهمات الفتن، والضغوط، وصيانة الأفراد من كل مساس مؤذٍ ومخالف لصريح القرآن وصحيح السنة!

     وتعد برامج  الهواتف النقالة مرتعا خصبا وميزانا فسيحا يتم من خلاله الغزو الثقافي لإشاعة الفواحش والتطرف والبدع والمنكرات، من أجل تحطيم القيم والثوابت، وتحولت تلكم الأجهزة لنشر السموم، والرذيلة، ومحاربة الفضيلة، وانهيار السلوك الإنساني، والتباس الحق بالباطل، والهدى بالضلال والخير بالشر.

     وما أحوجنا إلى تكاتف الجهود وبناء الشباب وتربيته على الأخلاق، والعقيدة، وترسيخ القيم الإيمانية لمواجهة حجم التحدي، وبيان زيف ما يسمى بالحضارة الغربية ووهمها، وفهم حقيقة الصراع الغربي، وإنشاء مراكز ثقافية إسلامية موحدة، تهتم بدراسة قضايا العصر ليتفاعل الجميع معها بإيجابية.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك