رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 27 يونيو، 2016 0 تعليق

أمم أمثالكم وربما أكثر خيراً

بعد صلاة الفجر وفي طريق عودتنا إلى منازلنا مررنا بشجرة كبيرة امتلأت بعصافير صغيرة علت زقزقتها على أصواتنا.

- ترى ماذا تقول هذه العصافير، فيما بينها؟

- مع أني لا أعلم منطق الطير، ولكن لا شك عندي أنها لا تقول زورا ولا بهتانا ولا غيبة ولا نميمة، بل تسبح الله -عز وجل- يقول تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ ۖ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} (النور:41).

- هذه من الآيات التي توقفت عندها، وتساءلت كيف تسبح هذه المخلوقات الله -عز وجل؟!

- نحن لا نفقه تسبيحها ولكنها -دون شك- تسبح الله بلغة تعرفها هي، أمرها الله بذلك.

{تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} (الإسراء:44).

كثير من الناس يشعر بالراحة والهدوء، وفي بعض مراكز الاسترخاء يستخدمون أصوات العصافير مع هدير المياه لإضفاء جو من الراحة النفسية.

ويغفل كثير من الناس أن هذه الأصوات تسبيح لله عز وجل.

قاطعني.

- لا أود أن أكون مشاكسا، ولكن ألا يمكن أن يكون المعنى أن هذه المخلوقات (تدل) على الخالق سبحانه؟

نظرت إليه نظرة عرف معناها.

- أنت تعرف أن منهجي ألا أخرج النصوص عن معانيها إلا للضرورة وبدليل، عندما يخبرنا الله -عز وجل- أن هذه المخلوقات (تسبح له)، وأننا (لا نفقه تسبيحهم)، أظن أنه ينبغي أن نؤمن أنها تسبح الله، إذا قلت لك: «سبح الله»، ماذا تقول؟

- أقول: «سبحان الله».

- أحسنت هذا هو التسبيح ولكن نحن لا نعي ولا نعرف ولا نفقه تسبيح هذه المخلوقات لله -عز وجل.

- وماذا عن قوله -تعالى-: {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} (الأنعام:38).

- في هذه الآية يبين الله -عز وجل- أن الدواب والطير أمم أمثالنا، فهي تماثلنا في الرزق، كما قال تعالي: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (هود:6).

     وكذلك هي مثلنا في الموت، وكذلك هي مثلنا في الحساب، كما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم : «يقضي الله بين خلقه الجن والإنس والبهائم، وإنه ليقيد يومئذ الجماء من القرناء حتى إذا لم يبق تبعة عند واحدة لأخرى، قال الله: كونوا ترابا، فعند ذلك يقول الكافر: {يا ليتني كنت ترابا}»، وفي رواية حتى يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء، تنطحها» (السلسلة الصحيحة)، فهذه الأمم مثلنا في المقاصة يوم القيامة، كل يأخذ حقه ممن ظلمه.

- لم تخطر هذه القضية على بالي مطلقا.

- وهذه الأمم أعني الدواب والطير، ربما تكون خيراً من بني آدم، أولئك الذين لا يؤمنون بالله، ولا يوحدون الله، ويشركون به، كما قال -تعالى- في كتابه: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} (الأعراف:179)، وفي سورة الفرقان: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} (الفرقان:44).

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك