رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمود صلاح مراسل «الفرقان» بالقاهرة 3 ديسمبر، 2012 0 تعليق

أكد أن العمل الحزبي ينافي العمل الدعوي د. أحمد النقيب لـ«الفرقان»:العمل السياسي الديـموقراطي سيؤثر في الصرح العقائدي وفي قضية الولاء والبراء وهي قضية من أخطر القضايا

 

ما زالت مسألة مشاركة السلفيين في العملية السياسية في مصر تشغل بال الكثيرين، ولاسيما أن التجربة ما زالت في مهدها، ورغم النتائج الباهرة التي حققها حزب النور السلفي، في أول مشاركة له في الانتخابات المصرية، إلا أن تلك النتائج لم تقنع بعض علماء الدعوة السلفية بجدوى مشاركة السلفيين في السياسة، وكان لهؤلاء موقف واضح لم يتغير إلى الآن من مسألة تكوين حزب سلفي، ومن مسألة تكوين الأحزاب عمومًا، وكان من أبرز هؤلاء العلماء الشيخ الدكتور أحمد النقيب، أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية التربية – جامعة المنصورة، والداعية السلفي المعروف؛ لذلك كان من الضروري أن نلتقي به لنتعرف على وجهة نظره ورأيه في هذه المسألة، فكان هذا الحوار مع فضيلته:

- بداية نود معرفة موقف فضيلتكم من تكوين الأحزاب الإسلامية في البلاد المسلمة؟

- الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ففي كلمتين موجزتين: أرى أن العمل الحزبي ينافي العمل الدعوي, وإذا تكلمت سأتكلم عن الوضعية المصرية بالتحديد؛ لأنها هي الوضعية التي أعيشها, يمكن أن يكون هذا الأمر مقبولا بضوابطه في بلاد أخرى, وأنا لا أتكلم عن بيئة لم أعشها ولم أدرسها, ولكن أنا أتكلم عن واقع أنا أدرسه وأشاهده؛ لأننا جميعًا هنا في مصر جزء من هذا المجتمع .

     الحزب في المصطلح الغوي أو المصطلح الشرعي لا نكارة فيه ولا مذمة، وهكذا شأن الكلمات عند الانفراد , لا يمكن أن نذمها ولا أن نمدحها على الإطلاق، وإنما تتحدد الكلمة بما تضاف إليه, فالحزب: الطائفة التي تجتمع على شيء ما, فهذه الطائفة المجتمعة لو اجتمعت على إظهار الشريعة ونصرة الديانة لكان ذلك أمرا حسنًا, وإن اجتمعت على محاربة الشريعة لكان ذلك أمر سوء, وإن اجتمعت على نصرة الشريعة ولكن بطريقة تخالف طريقة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لكان ذلك غير جائز؛ فإن الصوفية أسسوا حركات ودعوات نشرت الإسلام في أفريقيا وفي جنوب شرق آسيا, ومع ذلك هذه الطريقة ليست طريقة شرعية صحيحة؛ لأنها خلطت الإسلام بالبدعة, فصار الإسلام عند طوائف من المسلمين في جنوب شرق آسيا إسلاما ممتزجا ببدعة، وليس إسلامًا نبويًا صحيحًا.

     الإسلام الذي ندعو إليه والذي نريده للناس أن يتمكنوا فيه وأن يأخذوا بأسبابه لينصرهم الله هو : الإسلام الذي جاء به النبي محمد - صلى الله عليه وسلم- ونحن مطالبون شرعًا بأن نوصل هذا الإسلام الصافي النقي إلى الأجيال الصاعدة كما وصل إلينا وتبدو هنا الإشكالية في مسألة الأحزاب, لا يمكن في بلادنا قيام حزب له توجه ديني, أو على أساس ديني, بل لابد أن يقوم الحزب في مصر على أساس المواطنة, وأن تكون هذه الأحزاب داخلة في اللعبة الديموقراطية سواء في أصلها أم في فرعها, أم في فلسفتها وإجراءاتها, ولابد أن يقوم الحزب على هذين الأصلين: المواطنة والديموقراطية, نعم المواطنة من الديموقراطية, ولكن أنا أفصل المواطنة عن الديموقراطية من باب التمييز ومن باب التفخيم, المواطنة أي ليس هناك فرق بين مسلم وكافر, وبين بر وفاجر, بين متسنن ومبتدع, بين رجل وامرأة, وهذه هي فلسفة الديموقراطية.

     إذا قام حزب بهذه الصوره فكيف يمكن أن نسمح بقيامه وأن نقول عنه إنه حزب سلفي؟! سيترتب على ذلك أن الأجيال الصاعدة من الشباب والصغار سيخلطون الدعوة بهذه المفاهيم, وبعد جيلين أو ثلاثة أجيال عندما نموت ويموت الشباب الذين شاهدوا إنكارنا لهذه الأشياء ستخرج أجيال هشة تستسيغ هذا العمل، ومن هنا كان لابد من الجزم الواضح الذي لا لبس فيه بأن العمل الحزبي يناقض وينقض العمل الدعوي .

- هل ترى خطورة على الـمنهج السلفي في ظل هذه الأحداث السياسية؟

- لا شك في ذلك, فالمنهج السلفي قائم على أصول: أصول اعتقاد، وأصول تصور، وأصول في العمل الخدمي, وهذه الأصول ستتأثر كلها، فمما لاشك فيه أن العمل السياسي الديموقراطي سيؤثر في الصرح العقائدي, سيؤثر في قضية الولاء والبراء وهي قضية خطيرة جدًا، رأينا وإلى الآن بعض المشايخ يجيزون بناء الكنائس في مصر للضرورة أو للمصلحة, وإلى الآن الأخوات المهتديات اللائي أسلمن وهن بالعشرات, إلى الآن لم يخرجن إلى النور ولا نعرف مصيرهن، إذا كان جيش عرمرم تحرك لإنقاذ امرأة مسلمة من أسر الروم, وبين بغداد وبين حدود الروم مئات الكيلومترات ولا يخفى ما يترتب على تحريك جيش للقتال من الأهبة والاستعداد والكلفة ثم الصدام والدماء.. هذا كله من أجل امرأة مسلمة واحدة!!  فما بالك إذا كانت الأخوات المهتديات المسلمات موجودات في كنائس مصر ولا يمكن أن نطالب بهذا الأمر؟! وهذه غصة في حلقي وفي حلق كل غيور على دين الله عز وجل، فالدخول في هذه العملية يؤثر في صرح الولاء والبراء أي في مسألة الاعتقاد.

     لقد سمعت بعضهم يقول: إننا لابد أن نعيد النظر في بعض الفتاوى الفقهية التي كنا قد أغلقناها من قبل, مثل حرمة القروض الربوية، وهذه مسألة خطيرة جدًا , أعني أنه يمكن أن يكون هناك مصلحة تجعلنا نقبل القرض الربوي، وهذا كلام جديد وستخرج أجيال تجيز الموالاة وتجيز تحليل ما حرم الله تحت مسمى المصالح, وهذا بضبطه وعينه ما كان يحدث من بعض الاتجاهات الإسلامية وكنا ننكر عليهم من قبل!!

     ونأتي إلى مسألة السلوك, فالعمل في هذه المنظومه سيجيز الكذب والخداع والتلون, وإذا كان السلف ينكرون  التلون: «إياك والتلون» وهذا الأثر رواه ابن عبد البر وغيره وهو صحيح، فنحن كنا نقول: الشريعة إذا أتت عن طريق الديموقراطية فلا نريد هذه الشريعة, والآن نريدها عبر الديموقراطية!! فهذه الممارسات تقوض وتوهن من دعائم المنهج السلفي، سواء في جانب الاعتقاد، أم حتى على مستوى العمل الخيري، فالناس يخشون من إعطاء الأموال لأصحاب العمل الحزبي حتى لا يستخدموها في الدعاية لحزبهم, أما إذا لم يكن لهم توجه حزبي؛ فالناس تطمئن إليهم وتعطيهم أموالها التي يستطيعون أن يخدموا بها المسلمين ويخدموا بها مصالح الامة.

- هل وقع السلفيون في فخ الإعلام الليبرالي ؟

- الفخ معناه : أن أمشى دون أن أدري، أما  كثير من السلفيين فهم يذهبون بأنفسهم إلى الليبراليين للأسف الشديد، في أي لقاء صحفي أو تلفزيوني الأسئلة تكون معدة مسبقًا ويطلع عليها المحاور إلا إذا كانت هناك أسئلة في الحلقة وتأتي الأسئلة في الحلقة عبر الهاتف مثلا .

- لكن كثيرًا ما يلبس الإعلاميون على المشايخ فيسألونهم أسئلة مخالفة لما اتفق عليه  أو يأتي المحاور بموضوع مخالف لموضوع الحلقة؟

- من حق الشيخ أن يقول: هذه الأسئلة لن أجيب عنها, عندما تشاهد المتحدث باسم البيت الأبيض أو المتحدث باسم الخارجية الأمريكية تجده يقول: هذا السؤال لن أجيب عنه، هذا السؤال إجابته غير مطروحة، هذا السؤال يحتاج إلى دراسة، ليس كل سؤال يمكن أن أجيب عنه، يمكن أن أقول: هذا السؤال أرفض التعليق عليه ... التعليق أحتفظ به لنفسي, هذا حقك، والمسألة أولاً وآخرًا إنما هي توفيق وفشل , قال تعالى: {ومن لم يجعل الله له نورًا فما له من نور}، إذا أحاط بك الإعلاميون كلهم وأنت معتصم بالله تستطيع أن تسلك منهم بعون الله .

- هل يعني هذا أن السلفيين  فشلوا في التعامل مع وسائل الإعلام ؟

- نعم, حدث فشل إعلامي, بالأمس كنت في لقاء مع فتيات جامعة المنصورة, وكان معظمهن منتقبات ومختمرات, وللأسف وجدت أن صورة المشايخ في وسط هؤلاء الفتيات صورة مهتزة جدًا, فالصورة التي في أذهانهن هي الصورة المشوهة ولاسيما إعلاميا من تناقض آرائهم وممن تركوا الدعوة وانشغلوا بغيرها وللأسف الشديد!!

- بعد الثورة وجدت مساحة واسعة من الحرية في مصر لكافة الاتجاهات, وكان الاتجاه الإسلامي صاحب حظ وافر في هذه المساحة، ولاسيما عند المقارنة بما قبل أحداث الثورة المصرية، لكن للأسف الشديد وجدنا شكوى أغلب المشايخ من تقصير طلبة العلم في حضور مجالس العلم! فما الحل من وجهة نظر فضيلتك؟

- الإنسان إذا أصاب يده خبث فإنه يغسل يده, فلا بد من التوبة والتبرؤ من الذي قد فعلناه, وغسل اليد من كل ما فعلناه ونعود إلى حيث بدأنا, سنخسر شيئا لكن سنكسب أشياء كثيرة, رحلة العودة إلى نقطة البداية سيترتب عليها خسارة, لكن لا بد من الصبر على هذه الخسارة لتكون بعد ذلك المكاسب الكبيرة جدا إن شاء الله.

- علمنا أن فضيلتك قمت بتأسيس مؤسسة خيرية اسمها: (جمعية الإصلاح الخيرية) ما أهداف هذه المؤسسة ؟ وما الأنشطة التي تسعى لها؟

- جمعية الإصلاح الخيرية موجودة منذ أكثر من 25 سنة لكن لم يتح لنا الظهور, فلما أتيح لنا أن نظهر وأن نقوم بعمل مؤسسة قمنا بترخيصها وسميناها الإصلاح؛ انطلاقا من قول الله تعالى: {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت}، والمؤسسة شعارها ينم عن رسالتها, (العلم – العمل – نفع الأمة) هذه الكلمات هي المحور الأساسي الذي تقوم عليه المؤسسة , وهنا في مصر تقوم المؤسسة بأعمال كبيرة، فمثلا: الإطعام: هنا في مصر أكثر من 15000 فرد تقوم المؤسسة بإطعامهم كل صباح يزيدون لا يقلون، وهناك مشاريع صغيرة تقوم المؤسسة بإنشائها, وهذه المشاريع متعلقة بالأسر الفقيرة لنحولها إلى أسر مكتفية والخطوة القادمة نحولها إلى أسر منتجة.

- النوع الثاني من المشاريع: مشاريع الذبائح, فبعض الموسرين يتبرعون كل فترة بذبيحة؛ لأن كثيرا من فقراء مصر لا يأكلون اللحم إلا في عيد الأضحى, وبقية العام يمرون على اللحم يقفون ويتأملون ولا يأكلون!! وعندنا بحمد الله مخازن وبها ثلاجات كبيرة تمكننا من الاحتفاظ بكميات كبيرة من اللحوم.

- النوع الثالث من المشاريع: مشروع الشنطة الشهرية (الحقيبة الشهرية) للفقراء, الشنطة تتكلف حوالي 90 جنيها شهريا بها الزيت والسكر والمكرونة والأرز وغير ذلك, وعندنا حوالي 600 أسرة تستفيد من هذه الشنطة الشهرية في نطاق مدينة المنصورة فقط, غير فروع الصعيد والسويس وغير ذلك من الأماكن.

- النوع الرابع من المشاريع: المساعدات الطبية فقد قمنا بعمل ما يسمى بالنقل الطبي المجاني في صعيد مصر ونفكر في تطبيق هذا المشروع في المنصورة, وذلك بأن نقوم بعمل مسح للمرضى في المستشفيات, هناك متابعات كثيرة لكثير من المرضى لكنهم لا يأتون للمستشفى للمتابعة، فنحن نقوم بعمل مسح لهؤلاء ثم نبحث عن أسباب عدم الإتيان للمستشفى, في صعيد مصر كانت الأسباب تتمثل في عدم القدرة على الذهاب للمستشفى لاشتداد المرض بالمريض وعدم وجود من يحمله للمستشفى أو عدم وجود المال الذي يؤجر به سيارة تنقله للمستشفى, فنأتي لهم بالسيارة التي تحملهم إلى المستشفى, وتكلفة هذا المشروع للسيارة الواحدة كل شهر 2000 جنيه زيوت وبنزين وصيانة ونحو ذلك, ومثل ذلك أو أقل بقليل للسائق، نحن نريد أن نبدأ بخمس سيارات لهما خمسة سائقين ومشرف عليهم، وهذا المشروع أعجبت به كبار المؤسسات الخيرية المتواجدة في صعيد مصر منذ عقود من الزمان ومنحونا شهادة شكر على هذا العمل .

- هذا في جانب نفع الأمة فماذا عن الجوانب الأخرى ؟

- الأصل عندنا الدعوة إلى الله, قبل ذلك قمنا بعمل الأكاديمية السلفية وقمنا بعمل دورات علمية مكثفة، ونريد أن نقوم بعمل دورات علمية متخصصة في فنون بعينها، نحن الآن نفكر في عمل مراكز إسلامية متخصصة لدراسة الرافضة والعلمانية والتنصير والرد على شبهاتهم، وقد بدأنا بالفعل في هذا الأمر ويقوم به جمع من طلبة العلم، ونحن الآن بصدد تأسيس معهد خاص للدراسات الإسلامية واللغوية لتخريج الدعاة إلى الله.

- هل سيكون هذا المعهد معتمدًا من أي من المؤسسات الشرعية والعلمية المعروفة؟

- أنا لي رغبة في معادلته بإحدى المؤسسات العلمية في الوطن العربي ولاسيما في المملكة العربية السعودية كدار الحديث بمكة أو غيرها.

- هل تسعون لإيجاد تعاون بين مؤسستكم الخيرية وبين المؤسسات الخيرية في مصر والوطن العربي؟

- نحن عندنا في المؤسسة إدارة تسمى إدارة الاتصال والتنسيق مع الجمعيات والمؤسسات الخيرية, لكن التواصل الآن ضعيف؛ لأننا نريد أن نتواصل ونحن أقوياء.

 

 

 

 

 

الشيـــــخ النقيب  فـــــــي سطــــور

 

    هو أحمد عبدالرحمن النقيب أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية التربية – جامعة المنصورة، حصل على ماجستير في اللغة العربية وآدابها، وحصل على دكتوراه في الدراسات اللغوية والإسلامية – كلتاهما من كلية الآداب – جامعة القاهرة، بدأ الشيخ طلب العلم صغيرًا، فحفظ القرآن دون العاشرة، وتلقى مبادئ العلوم في القرآن والفقه وغيرهما على يد رهط من علماء الأزهر ولـه استفادات طيبة من شيوخ وطلبة العلم في وقته، ومن أبرزهم الشيخ الألباني الذي رآه وسمع منه في السبعينيات من القرن الفائت، وله العديد من المصنفات أهمها وأبرزها: كتاب: المنة الرضية شرح قوله صلى الله عليه وسلم : «إنما الأعمال بالنية»، وكتاب: إرضاء رب الأنام بشرح عمدة الأحكام (الجزء الأول)، وكتاب: إتمام الرصف بذكر ما حوته سورة الصف من الأحكام والوصف، وكتاب: الوقف الإسلامي ودوره في الاقتصاد المصري الحديث، وكتاب: القول المفيد في أحكام الصيام والاعتكاف وزكاة الفطر والعيد، وكتاب: المجمل الصحيح من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكتاب: التركيب النحوي ودوره في تفسير القرآن ، ودراسة في مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، وكتاب: منهج المدرسة الظاهرية في تفسير النصوص الدينية – دراسة في تراث ابن حزم، وكتاب: جلاء العينين بذكر ما ورد في سورة الكهف من قصة الرجلين، وكتاب:  هداية القاصد لنيل أهم المقاصد، وكتاب: مختصر تحصيل المأمول فيما يجب علمه من الأصول.

      

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك