رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الشيخ: د. محمد الحمود النجدي 16 نوفمبر، 2020 0 تعليق

أكثر من 70 وسيلة علمية وعملية لنصرة نبينا المصطفى- صلى الله عليه وسلم (2-7)

 

 

إن أول ركن من أركان الإسلام العظيمة: شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. وتحقيق شهادة أن محمداً رسول الله تتم من خلال الأمور الآتية:

 -أولاً: تصديق النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل ما أخبر به، وأوله: أنه رسول الله، وبعثته إلى الجن والإنس كافة؛ لتبليغ وحيه -تعالى- بالقرآن والسنة المتضمنين لدين الإسلام الذي لا يقبل الله -تعالى- ديناً سواه.

-ثانياً: طاعته والرضا بحكمه، والتسليم له التسليم الكامل، والانقياد لسنته والاقتداء بها، ونبذ ما سواها.

-ثالثاً: ترك ما نهى عنه وزجر، وتعظيم ما حرم، فإن ما حرمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما حرم الله -تعالى.

- رابعاً: محبته - صلى الله عليه وسلم - فوق محبة الوالد والولد والنفس، مما يترتب عليه تعظيمه، وإجلاله، وتوقيره، ونصرته، والدفاع عنه، والتقيد بما جاء عنه.

تحقيق الشطر الثاني من الشهادة

     فعلى كل مسلم أن يسعى لتحقيق هذا المعنى، ليصح إيمانه، وليحقق الشطر الثاني من كلمة التوحيد، ولتقبل شهادته بأن محمداً رسول الله؛ فإن المنافقين قالوا: {نشهد إنك لرسولُ الله والله يعلمُ إنك لرسولُهُ واللهُ يشهدُ إنَّ المنافقين لكاذبون} (المنافقون: 1)، فلن تنفعهم شهادتهم؛ لأنهم لم يحققوا معناها، ولم يعملوا بمقتضاها.

     وإليك بعض الأمور التي يمكننا من خلالها العمل بمقتضى تلك المحبة، وأداء واجب النصرة للنبي - صلى الله عليه وسلم - تجاه هذه الهجمات الشرسة المتكررة عليه، فإن علينا أن نفديه بأولادنا ووالدينا وأنفسنا وأموالنا، كل على قدر إمكاناته، فالكل يتحمل مسؤوليته، بحسب قدرته وعلمه واستطاعته، ومن خلال موقعه.

نصرته على مستوى الفرد

- أولا: التفكير في دلائل نبوته - صلى الله عليه وسلم - القاطعة، بأنه رسول رب العالمين، وأصلها القرآن الكريم، وما تضمنه من دلائل على صدق نبوته - صلى الله عليه وسلم .

فقد أجرى الله -تبارك وتعالى- على يد أنبيائه ورسله من المعجزات الباهرات، والدلائل القاطعات، ما يدل على صدق دعواهم أنهم رسل الله، بما لا يدع مجالا للشك والريبة أبدا، قال الله -تعالى-: {لقد أرسلنا رسلنا بالبيانات} (الحديد:25).

- والمعجزة: أمر خارق للعادة، مقرون بالتحدي، سالم من المعارضة، يُظهره الله على يد رسله.

ولما أرسل الله نبيه موسى -عليه السلام- آتاه من الآيات والمعجزات ما يقيم به الحجة على  فرعون وقومه، ومن ذلك: يده -عليه السلام- التي تكون بيضاء مضيئة كالقمر، وعصاه التي تنقلب إلى حية، وغيرها من الآيات.

ولما أرسل نبيه عيسى -عليه السلام- لبني إسرائيل أيده بمعجزات، منها: إبراء الأكمه والأبرص على يديه، وإحياء الموتى، كما قال -تعالى-: {وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي} (المائدة:110).

وأما نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقد كان أعظم معجزاته وأدومها وأبقاها إلى أبد الدهر، القرآن العظيم، والكتاب المبين، والذكر الحكيم.

فالقرآن معجزة الرسول - صلى الله عليه وسلم - الكبرى، وقد جعل الله -سبحانه و-تعالى- معجزة رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - متميزة عن سائر معجزات الأنبياء السابقين -عليهم السلام-، لحكم جليلة، ومن ذلك:

أن الأنبياء السابقين كانوا يبعثون إلى أمم خاصة، ولفترة زمنية محدودة، بخلاف خاتم الرسل فإنه بعث إلى الناس كافة، فناسب أن تكون معجزته ثابتة دائمة لا تنتهي بوفاته، بل تبقى حجة على الأجيال اللاحقة إلى قيام الساعة.

فالقرآن الكريم هو المعجزة الخالدة، وهو مصدر أحكام الشريعة في آن واحد، فآية تصديق الرسالة في الرسالة نفسها، وليس في معجزات الأنبياء السابقين ما يستنبط منها حكم تشريعي.

ووجوه الإعجاز القرآني كثيرة ذكرها العلماء، وأهمها:

1- الإعجاز البياني:

     فلو استعرضنا آيات القرآن الكريم كلها، من أول سورة الفاتحة إلى سورة الناس، لوجدنا أن كل آية قد تحققت فيها الفصاحة والبلاغة في أبهى صورها وأعلاها، وقد أعجز الثقلين أن يأتوا بمثل أقصر سورة منه، كما قال -سبحانه-: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (الإسراء:88).

فكان القرآن الكريم المعجزة الخالدة المستمرة إلى يوم القيامة، والحجة القاهرة لمن كان له قلب، أو ألقى السمع وهو شهيد، قال -سبحانه-: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} (النساء:82).

2- الإعجز التشريعي:

     فالتشريعات الإسلامية نظمت شؤون الإنسان المختلفة والحياة، وربطت الدنيا بالآخرة، وجمعت بين الروح والمادة، فأشبعت كلا منهما في الإنسان بما يناسبها، ووفرت السعادة والطمأنينة في الحياة الدنيا، وأزالت عنها الحرج والعسر، مع مراعاة الفطرة وتلاؤمها معها، وهو دليل صادق على نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن أحدا من البشر لا يستطيع أن يدرك هذه المجالات، أو يحيط بها كلها مهما بلغ من العلم، وهي برهان ساطع على أنها منزلة من خالق الإنسان، العالم بقدراته واستعداداته، وما يصلحه وما يفسده {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} (الملك:14).

3- الإعجاز الغيبي:

     ويدخل في الإعجاز الغيبي كل ما أخبر عنه القرآن الكريم من حوادث ماضية لم يشهدها النبي - صلى الله عليه وسلم -، من قصص الأنبياء والمرسلين، وتفاصيل ما حصل لهم مع أقوامهم وأنواع عقوباتهم، مما تصدقه التوارة والإنجيل، وكذا ما تحدث عنه القرآن منذ نشأة الكون، وخلق السماوات والأرض، وما وقع منذ خلق آدم -عليه السلام- إلى مبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

وكذا ما تضمنه من الأخبار عن الأمور الكائنات في مستقبل الزمان.

     ففي اشتمال القرآن على ذلك كله، وإخباره عنه، وتصديق الوقائع لما جاء في القرآن، لدليل ساطع، وبرهان قاطع، على أنه وحي ممن خلق الأرض والسماوات العلا، وأنزله على رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ودلالة واضحة على صدقه - صلى الله عليه وسلم .

وكذلك الغيبيات التي حدث بها في أحاديثه الصحيحة عنه - صلى الله عليه وسلم -، ومن تلك الغيبيات:

- إخباره - صلى الله عليه وسلم - بغيوب تحققت في حياته.

- إخباره - صلى الله عليه وسلم - بالغيوب المستقبلة التي تحققت بعد وفاته.

- إخباره - صلى الله عليه وسلم - بكيفية وفاة بعض معاصريه ومكانهم.

- إخباره - صلى الله عليه وسلم - بأخبار الفتن التي ستحصل في أمته.

- إخباره - صلى الله عليه وسلم - بفتوح أمته للبلدان المختلفة.

- إخباره - صلى الله عليه وسلم - بأخبار آخر الزمان وعلامات الساعة.

وغيرها كثير مما ذكره العلماء في كتب وأبواب النبوة.

4- الإعجاز العلمي:

     فالآيات التي وردت في ثنايا القرآن الكريم، والذكر الحكيم، التي تتحدث عن بديع صنع الخالق -سبحانه وتعالى- في هذا الكون الفسيح في مختلف مجالاته، في خلق الله للسموات والأرض، والجبال والشجر والدواب، والأنهار والبحار، وعن نواميس هذا الكون وقوانينه الجارية فيه، وتتحدث عن أسرار النفس الإنسانية وأعماقها وعواطفها، وغيرها كثير مما هو مفصل في مواضعه، وإن البشرية كلها عاجزة عن الإحاطة بهذه الحقائق والوصول إلى ماهيتها وأسرارها، بل أشارت الآيات القرآنية إلى عدد من حقائق الكون وظواهره التي لم تتمكن العلوم المكتسبة من الوصول إلى شيء منها، إلا بعد قرون متطاولة من نزول القرآن، وصدق الله -تعالى- قوله: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (فصلت:53).

     فهل يعقل أن يكون هذا القرآن من عند رجل أمي، عاش في بيئة أمية، لم يذكر التاريخ عنها أو عن أسلافها تقدما في فنون علوم الكون أو الطب أو النفس البشرية، كما قال -سبحانه- عن نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ} (العنكبوت:48-49).

5- إعجاز الحفظ وعدم التبديل:

إن مرور القرون المتطاولة، والعصور المختلفة، مع بقاء القرآن الكريم بعيدا عن التحريف والتبديل، اللذين لا يكاد يسلم منهما كتاب، لآية عظمى، وإعجاز ظاهر، ودلالة صدق على قوله -تعالى-: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر:9).

وقوله -سبحانه-: {لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (فصلت:42).

فهذا الحفظ دليل قاطع على كونه منزلا من عند الله -عز وجل-، وأن رسوله - صلى الله عليه وسلم - صدق فيما قال وأخبر عن ربه -سبحانه. وأما معجزاته - صلى الله عليه وسلم - الحسية فكثيرة أيضا ومنها:

- تكثير الطعام القليل والشراب والوضوء ببركته - صلى الله عليه وسلم .

- شفاء المرضى بنفثه وريقه ومسحه - صلى الله عليه وسلم .

- استجابة الله دعاءه - صلى الله عليه وسلم .

- حماية الله -تعالى- لنبيه - صلى الله عليه وسلم - من أعدائه على كثرتهم ودفاعه عنه.

دلالة أخلاقه وأحواله - صلى الله عليه وسلم - كلها علي نبوته ورسالته، فمن تدبر ذلك وتفكر فيه، عرف أنها لا تكون إلا في النبيين والمرسلين، ممن درس أحوالهم، ووقف على تفاصيل حياتهم -عليهم الصلاة والسلام.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك