رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.أماني زكريا الرمادي 7 نوفمبر، 2016 0 تعليق

أطفـالنـا وحب الله عز وجل

الطفل هو اللبنة الأولى في المجتمع فإذا وضعناها بمنهج سليم كان البناء العام مستقيمًا مهما ارتفع وتعاظم

 

 

 

 

 

 

 

حب الله يعني استشعار وجوده -عز وجل- معنا في كل وقت؛ مما يعطي شعورًا بالراحة والاطمئنان والثبات وعدم القلق أو الحزن ومن ثم سلامة النفس والجسد

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الطفل نبتة صغيرة تنمو، وتترعرع، فتصير شجرة مثمرة، أو وارفة الظلال، أو قد تصير شجرة شائكة، أو سامَّة والعياذ بالله، وحتى نربي جيلاً من الأشجار المثمرة، أو وارفة الظلال؛ فإنه علينا أن نعتني بهم منذ البداية، مع التوكل على الله -تعالى- والاستعانة به في صلاحهم، وما أحوجنا في هذا العصر الذي أصبحت فيه الأمم تتداعى على أمة الإسلام كما تتداعى الأكَلَة إلى قصعتها- كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن  نربي وننشئ جيلاً قوي الإيمان يثبُت على الحق، و يحمل لواء الإسلام، ويدافع عنه بكل طاقته، وفي هذه الأسطر سنتعلم كيف نساعد أطفالنا على حب الله -عز وجل- الذي هو الأساس المتين لهذا البنيان.

- ما حب الله؟

- هو أن يكون الله -تعالى- أحب إلى الإنسان  من نفسه، ووالديه، وكل ما يملك.

- لماذا الأطفال؟

- لأن الطفل هو اللبنة الأولى في المجتمع، فإذا وضعناها بمنهج سليم كان البناء العام مستقيمًا، مهما ارتفع وتعاظم، كما أن الطفل هو نواة الجيل الصاعد التي تتفرع منها أغصانه وفروعه، وكما نعتني بسلامة نمو جسمه؛ فيجب أن نهتم بسلامة مشاعره، ومعنوياته، فإذا حرصنا على ذلك  فإن جهودنا سوف تؤتي ثمارها حين يشب الطفل ويحمل لواء دينه-إذا أحب ربه  وأخلص العمل له- وإن لم نفعل نراه  يعيش ضائعًا  بلا هوية- والعياذ بالله - كما نرى الكثير ممن حولنا . 

- لماذا نعلمهم حب الله؟

ليحبهم الله

لأن الله -تعالى- قال عن الذين يحبونه في الآية رقم(31) من سورة آل عمران: {قُل إن كُنتم تحبون اللهَ فاتَّبعوني يُحِببْكُم اللهُ ، ويَغفر لكم ذنوبَكم، واللهُ غفورٌ رحيم}.

  لأنه الخالق

     لأن الله -جلَّ شأنه- هو الذي أوجدنا من عَدَم، وسوَّى خَلقنا وفضَّلنا على كثير ممَّن خلق تفضيلا، ومَنَّ علينا بأفضل نعمة وهي الإسلام، ثم رزقنا بالكثير من فضله دون  أن نستحق ذلك، ثم هو ذا  يعدنا  بالجنة  جزاءً لأفعال هي من عطائه وفضله، فهو المتفضِّل أولاً وآخِرا!

هدي النبي صلى الله عليه وسلم

لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو: «اللهم اجعل حُبك أحب إلىَّ مِن نفسي، وأهلي، ومالي، وولدي، ومن الماء البارد على الظمأ»، فلنا في رسول الله الأسوة الحسنة.

الحب الدائم الذي لا ينقطع

     لأن الأطفال في الغالب يتعلقون بآبائهم وأمهاتهم أو مَن يقوم برعايتهم وتربيتهم أكثر من أي أحد، مع العلم بأن الآباء، والأمهات، والمربين لا يدومون لأطفالهم، بينما الله -تعالى- هو الحيُّ القيوم الدائم الباقي الذي لا يموت، الذي لا تأخذه سِنةٌ ولا نوم، فهو معهم أينما كانوا، وهو الذي يحفظهم ويرعاهم أكثر من والديهم، إذاً فتعلقهم به وحبهم له يُعد ضرورة، حتى إذا ما تعرضوا لفقدان الوالدين أو أحدهما عرفوا أن لهم صدراً حانياً، وعماداً متيناً، وسنداً قوياً هو الله سبحانه وتعالى.

ليحبوا كلامه

      ولأنهم إذا أحبوا الله -عز وجل- وعلموا أن القرآن كلامه أحبوا القرآن، وإذا علموا أن الصلاة لقاء مع الله فرحوا بسماع الأذان، و حرصوا على الصلاة  وخشعوا فيها، وإذا علموا أن الله جميل يحب الجمال فعلوا كل ما هو جميل وتركوا كل ما هو قبيح، وإذا علموا أن الله يحب التوابين والمتطهرين،والمحسنين، والمتصدقين،والصابرين،والمقسطين، والمتوكلين، وأن الله مع الصابرين، وأن الله ولي المتقين، وأنه وليُّ الذين آمنوا وأن اللهَ يدافع عن الذين آمنوا، اجتَهَدوا ليتصفوا بكل هذه الصفات، ابتغاء مرضاته، وحبه، والفوز بولايته لهم، ودفاعه عنهم.

ليبغضوا معصيته

أما إذا علموا أن الله لا يحب الخائنين، ولا الكافرين، ولا المتكبرين، ولا المعتدين، ولا الظالمين، ولا المفسدين، وأنه لا يحب كل خَوَّان كفور، أو من كان مختالاً فخورا، لابتعدوا قدر استطاعتهم عن كل هذه الصفات حباً في الله ورغبة في إرضائه.

لطاعة أوامره

     لأنهم إذا أحبوا الله -جل وعلا- أطاعوا أوامره واجتنبوا نواهيه بطيب نفس ورحابة صدر، وشبُّوا على تفضيل مراده على مرادهم، وتقديم كل غال وثمين من أجله،والتضحية من أجل إرضائه، وضبط الشهوات من أجل نيل محبته؛ فالمُحب لمن يحب مطيع، أما إذا لم يحبوه شَبُّوا على التفنن في البحث عن الفتاوى الضعيفة من أجل التَفَلُّت من أمره ونهيه.

لاستشعار وجوده

     لأن حب الله يعني استشعار وجوده -عز وجل-  معنا في كل وقت؛ مما يترتب عليه الشعور بالراحة والاطمئنان والثبات، وعدم القلق أو الحزن، ومن ثم سلامة النفس والجسد من الأمراض النفسية والعضوية، بل والأهم من ذلك السلامة من المعاصي والآثام ، وما أجمل قول القائل: مَن كان الله معه، فمَن عليه! ومَن كان الله عليه فمَن معه!

لأن هناك نماذج للمسلمين  ترى كاتبة هذه السطور أن الحل الجذري لمشكلاتهم  هو تجنب تكرارها، بتربية الطفل منذ نعومة أظفاره على محبة الله -تعالى-.

ومن هذه النماذج على سبيل المثال  لا الحصر:

- الذين يفصِلون الدين عن الدنيا، ويعتقدون أن الدين  مكانه في المسجد، أو على سجادة الصلاة فقط، ثم يفعلون بعد ذلك ما يحلو لهم.

- الذين يسيئون الخُلُق داخل بيوت الله- ولا يستثنون من ذلك المسجد النبوي، والمسجد الحرام- وفي مجالس العلم، ظانِّين أن التعاملات اليومية والأخلاق لا علاقة لها بالدين.

- الذين يتركون أحد أركان الإسلام مع استطاعتهم - وهي فريضة الحج- بدعوى أنهم ليسوا كبار السن، وأن أمامهم حياة طويلة سوف يذنبون فيها؛ ولذلك سوف يحجون عندما يتقدم بهم العمر، ويشيب الشعر، ليمسحوا كل الذنوب الماضية في مرة واحدة!

- اللواتي ترفضن الحجاب بدعوى أن قلوبهن مؤمنة، وأن صلاح القلوب أهم من المظهر الخارجي، غافلات أو متغافلات عن كونه أمراً من الله -تعالى- وفرضاً كالصلاة، كذلك الآباء والأمهات والأزواج الذين يعارضون، بل ويحاربون  بناتهم وزوجاتهم في ارتداء الحجاب!

- الذين يُعرضون عن مجالس العلم وكل ما يذَكِّرهم بالله -تعالى- قائلين إن «لِبَدَنك عليك حقا» وإن «الدين يسر»، و«لا تنس نصيبك من الدنيا»، بينما ينسون نصيبهم من الآخرة!

- الذين ينبهرون بظاهر الحضارة الغربية، وبريقها الزائف، فينفصلون عن دينهم تدريجياً ويظل كل ما يربطهم به  هو الاسم المسلم، أو بيان الديانة في جواز السفر، ومنهم الذين  تغمرهم هذه المظاهر حتى تصل بهم إلى الردة عن الدين- والعياذ بالله- ويصبح اسم أحدهم: (ميمي) أو (مايكل) بعد أن كان(محمداً)!

ليكونوا كرماء

     لأن  أعز ما يملكه الإنسان - بعد إيمانه بالله عز وجل - هو الكرامة، وليس المال أو المنال، أو الجاه أو القدرة؛ فالمجرم يتعذب في داخله قبل أن يحاسبه الآخرون؛ لأنه على بصيرة من قرارة نفسه التي تحس بغياب الكرامة بفعل الأفعال الدنيئة، أما الإنسان المحترم الذي يحس بوفرة الكرامة لديه، فإنه أحرى أن يعتلي القمم السامية والمنازل الرفيعة، وهكذا كان شأن (يوسف) الصدِّيق -عليه السلام- حين توسم فيه  عزيز مصر أن ينفعه ذات يوم، ويكون خليفة له على شعبه، أو يتخذه ولداً؛ لذا فقد قال  لامرأته حين أتى بيوسف مستبشراً به : {أكرِمي مثواه } أي أكرمي مكانته، واجعليه محط احترام وتقدير، ولم يوصها بأي شيء آخر؛ فلعله رأى أن التربية القائمة على أساس الكرامة تنتهي بالإنسان إلى أن يكون عالماً، وقادراً على أًن يتخذ القرارات  السليمة وفقاً لأسس وقواعد التفكير الحكيم، فضلا عن قدرته على  وضعها موضع التنفيذ.

     فإذا أردنا الكرامة ونتائجها لأطفالنا فما أحرانا بأن نهبها لهم من خلال حبهم لخالق الكرامة الذي كرَّم أباهم آدم وأسجد له الملائكة، وقال عنهم: {ولقد كرَّمنا بني آدم}، وإذا أردنا لهم الدرجات العُلا في الدنيا والآخرة، فلا مفر من مساعدتهم على حب الله الذي يقودهم إلى التقوى؛ فيصبحوا من الذين قال عنهم : {إن أكرمكم عند اللهِ أتقاكم}.

وللحديث بقية إن شاء الله.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك