رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 26 ديسمبر، 2017 0 تعليق

أطفال اليوم ..رجال الغد

 

أطفال اليوم هم رجال الغد، هم من سيحملون راية الأمة ويتولون قيادتها والذود عنها، وبقدر سلامة عقيدتهم وقوة إيمانهم، وسمو أخلاقهم، وصلاح تربيتهم بقدر ما تستطيع الأمة أن تكون دائما صاحبة الريادة والقيادة؛ ولهذا كان العبث بعقول الأطفال، واختزال اهتماماتهم، وتحجيم آمالهم وتطلعاتهم؛ فلا تتسع لأكثر من أخبار الفن والفنانين، والرياضة والرياضيين.

     هذا العبث بمثابة اغتيال لجيل صاعد، واستبدال بآخر من أشباه الرجال به، تتهاوي أمام أعينهم عزة الأمة ورفعتها، فلا تهتز لهم شعرة، ولا تشتعل في أنفسهم غيرة ولا حمية، وهم يرون أراضيهم تغتصب ومقدساتهم تنتهك. هذا الجيل هو نتاج قصور التربية، وعدم إدراك مسؤوليتها الخطيرة الملقاة على أكتاف المربين من آباء وأمهات بالدرجة الأولى.

     لقد كان أطفال السلف من أمثال عبد الله بن الزبير، وابن عباس، وابن عمر، وأسامة بن زيد وغيرهم من النجوم الذين تطاولت قاماتهم حتى وصلت عنان السماء رفعة وعفة وطهارة، هؤلاء الأبطال غُيبت أسماؤهم عن الكثير من أطفال المسلمين اليوم لانشغالهم بتوافه الأمور، وكان الطفل من هؤلاء العمالقة في سن السابعة والثامنة يفهم معاني الجهاد؛ حيث ترُوى له قصص الشهداء في صدر الإسلام، فيرضع هذه المعاني كما يرضع لبن أمه.

     لهذا يجب على الآباء أن يقصوا لأبنائهم مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسيرة الصحابة الكرام، وشخصيات القادة العظماء، والمعارك الحاسمة في التاريخ الإسلامي؛ وذلك حتى يتأسى الأطفال بسيّر الأولين حركة وبطولة وجهاداً، وحتى يرتبطوا بالتاريخ شعوراً وعزة وفخاراً، يقول سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : «كنا نعلم أولادنا مغازي الرسول  صلى الله عليه وسلم كما نعلمهم السورة من القرآن الكريم».

قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: «رأيت أخي عُمير بن أبي وقاص قبل أن يعرضنا رسول الله[  يوم بدر يتوارى فقلت: مالك يا أخي؟ قال: إني أخاف أن يراني رسول الله فيستصغرني، فيردني، وأنا أحب الخروج».

     يحب الخروج، الخروج! لماذا؟! للعب والتنزه؟ أم لمشاهدة مباراة كرة قدم؟ أم لحفل غنائي لمطرب أو مطربة مشهورة؟ كلا، إنه الخروج لنصرة دين الله وإعزاز كلمته؛ فاستعرض الرسول الجيش فتطاول عُمير فوقف على رؤوس أصابعه حتى يظهر أكثر طولا، ولكنّ الرسول رده، وهنا لم يتمالك الطفل نفسه وانخرط في بكاء شديد تعبيرا عن حزنه، فرقَّ له رسول الله فأجازه، قال سعد بن أبي وقاص: فكنت أعقُد عليه حمائل سيفه من صغره، فقاتل فقتل؛ فهو من شهداء بدر.

يروي ابن كثير -رحمه الله- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: توفي رسول الله وأنا ابن عشر سنوات وقد قرأت المحكم. هؤلاء تفتقت عقولهم وتفتحت على معاني القرآن وكلماته، ولم يكن هذا الفهم دون أدب؛ إذ كانوا يرضعونهم الأدب مع العلم؛ فكان الطفل منهم يعرف قدر نفسه، ويوقر الكبير ويعرف لذي الفضل فضله..

أما القدوة عند أطفال الصحابة،فلها شأن عظيم؛ إذ حرص الآباء على غرس اقتداء أطفالهم برسول الله صلى الله عليه وسلم وبصحابته الكرام.

وما نلاحظه اليوم من أجيال منحرفة تعيش فراغاً دينياً وثقافياً، ومسخاً في عقليتها، وفقداناً لهويتها، إنما هو بسبب فقدانها للقدوة الصالحة والأسوة الورعة.

     أيها الأب الكريم،  أيتها الأم الفاضلة، أيقظا في نفوس أبنائكما حب الله عزوجل، وحب رسوله  صلى الله عليه وسلم، وحب الإسلام، وحب أوطاننا ومقدساتنا ومساجدنا والحرمين الشريفين والقدس الشريف، أكدا لولدكما معنى الدفاع عن كل شبر من أرض المسلمين، والأماكن المقدسة خاصة، علماه أن تحرير فلسطين والمسجد الأقصى واجب على كل الأمة، وأن أطفال فلسطين يضحون من أجل وطنهم، ويجاهدون بالحجارة في أيديهم وصيحة (الله أكبر) على ألسنتهم وهي أقوى سلاح، يهرع منها الصهيوني الجبان ،الضعيف، الذي  يدرع نفسه بالكامل من رأسه حتى أخمص قدميه وهو يصوب بندقيته، ومع ذلك يجرى خائفا من حجارة طفل صغير يصيح: (الله أكبر).

أيها الأب، أيتها الأم،  أنتما مسؤولان أمام الله عن إنشاء هذا الجيل حتى يرفع رأسه بالإسلام عالياً -بإذن الله.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك