رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: هند الشطب 6 فبراير، 2019 0 تعليق

أسرار السعادة في الحياة الزوجية

لاشك أن السعادة الزوجية هي مطلب لكل زوجين، بل هي هدف رئيس من أهداف الزواج والحياة، قال -تعالى-: {مِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}(الروم: 21)، ولكي نصل إلى أسس تلك السعادة ومقوماتها، ومن خلال تأملي للسيرة النبوية العطرة، وسيرة الصحابة الكرام والسلف الصالح، وجدت أنها مليئة بالقواعد والمقومات التي تكفل لكلا الزوجين تحقيق تلك السعادة.

التخطيط

     إن السعادة الزوجية، لن تأتي دون تخطيط، وهذا داخل في الأخذ بالأسباب، أما التوفيق فمن الله، ولا ينافي هذا قدر الله؛ لأنه أيضا من قدره، ونحن مأمورون به؛ فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كلٍ خير، احرص على ما ينفعك. واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان» رواه مسلم.

التنشئة الإيمانية

السعادة الزوجية تبدأ من التنشئة الإيمانية والأسرية الصحيحة والمستقرة؛ فعلاقة الوالدين الطيبة وإشاعة المحبة والرفق في حياتهما؛ مما ينعكس بالتأكيد على أولادهما سلوكا في حياتهما الزوجية المستقبلية؛ لما للقدوة من أثر عظيم في التربية.

استقامة الزوجين

     إن السعادة الزوجية مبنية على استقامة الزوجين؛ فلا يمكن تصور الزوجين البعيدين عن ربهما أن يكونا سعيدين في حياتهما مهما توفرت لهما مقومات السعادة المادية المتصورة من مال، ومسكن، وأولاد، وهذا مصداق قوله -تعالى-: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}(طه: 124)، أي: خالف أمري، وما أنزلته على رسولي، وأعرض عنه وتناساه واهتدى بغيره {فإن له معيشة ضنكا} أي: في الدنيا؛ فلا طمأنينة له، ولا انشراح لصدره، بل صدره ضيق حرج لضلاله، وإن تنعم ظاهره، ولبس ما شاء وأكل ما شاء، وسكن حيث شاء؛ فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهدى؛ فهو في قلق وحيرة وشك؛ فلا يزال في ريبة يتردد؛ فهذا من ضنك المعيشة، وهي معادلة ثابتة كلما اقترب الزوجان من ربهما كانا للسعادة الزوجية أقرب.

لا توجد سعادة دائمة

     إن السعادة الزوجية لا تعني الفرح الدائم والهدوء؛ لأن هذا مناف ومناقض لسنة الله في الناس قال -تعالى-: {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}(آل عمران:140)، ولو سارت حياتنا على وتيرة واحدة؛ لما عرفنا طعم السعادة ولجحدنا نعم ربنا، لكن هي ساعة وساعة.

الالتزام بالمنهج الرباني

     من أراد السعادة الزوجية فعليه الالتزام بالمنهج الرباني الذي أنزله في كتابه الكريم بشأن العلاقة الزوجية، من معايير اختيار الشريك إلى الوفاة ومابعدها ولا أبالغ إن قلت إلى الدار الآخرة؛ فقد رسم لنا -سبحانه- منهجا محكما لايزيغ عنه إلا هالك ومحروم:  {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}(الأنعام: 153).

مفاتيح السعادة الزوجية

     إن مفاتيح السعادة الزوجية بأيدي الزوجين، ولها عوامل كثيرة، منها: صون العهد الغليظ، وترك الخيانة؛ فهي بئست البطانة، وخفض الجناح للشريك،  وهذا ما تبدأ المرأة فيه ولا تكفر نعمة العشير، قال صلى الله عليه وسلم : «لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَى امْرَأَةٍ لَا تَشْكُرُ لِزَوْجِهَا وَهِيَ لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ».صححه الألباني، وتقبله وتساعده على التغيير للأفضل، وتقبله مالم يكن عيبه عيبا شرعيا يجيز الفراق وتترك النقد والتدقيق في صغير الأمور وكبيرها، ويكون لديها القناعة والرضا بما قسم الله والتغاضي عن الهفوات؛ فبهذا تدوم العشرة وتطيب، عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لأعلم إذا كنتِ عني راضية، و إذا كنت عليّ غضبى»، قالت : من أين تعرف ذلك؟ فقال: «أما إذا كنت عني راضية؛ فإنك تقولين: لا و ربِّ محمد, وإذا كنت غضبى قلتِ : لا ورب إبراهيم»، 

     قالت : أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك (رواه البخاري). فداه أمي وأبي صلى الله عليه وسلم، انظر كيف كان يتقبل طباع أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- ويداريها وهو سيد البشر، وكيف ردت عليه الرد الجميل؛ فسبحان من قسم الأخلاق كما قسم الأرزاق.

السعادة رزق

     السعادة الزوجية هي رزق من الله؛ فأسألوا الله من فضله؛ فمن قدم الأسباب الصحيحة حصد النتائج المريحة؛ فقد ورد في الدعاء الصحيح أن يدعو الإنسان بالزوج الصالح والأبناء الصالحين، وخير الدعاء أن يدعو المسلم بهذا الدعاء قبل أن يعزم على الزواج ويكثر منه؛ فقد جمع ما يدعو لسعادته الزوجية والأسرية.

 قال -تعالى- في كتابة الكريم: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك