رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 29 نوفمبر، 2016 0 تعليق

أدّوا الحق الذي عليكم

كتبه: علي حاتم

 

     روى الإمام مسلم في صحيحه عن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنها ستكون بعدي أَثَرَة وأمور تنكرونها؛ قالوا: يا رسول الله، كيف تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال: تؤدّون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم»، فهذا الحديث كما يقول الإمام النووي -رحمه الله- من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد وقع ما أخبر به متكررًا.

     ومعنى الأَثَرَة: استئثار الحكام وولاة الأمور بالدنيا على الناس، وعدم توصيل حقوقهم إليهم، والنبي صلى الله عليه وسلم يأمر أُمّته إذا حدث ذلك أن يؤدوا الحقوق التي عليهم، ومنها الطاعة في المعروف، وعدم معصية الله -عز وجل-؛ حيث لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

     ووجب على المسلم قول الحق، أينما كان ومتى كان، ولا يخاف في الله لومة لائم، وقد يأمر الحاكم بأمور تشقّ على النفوس ويكرهها الناس ولا تتعارض مع أمر الله، وقد يرى الحاكم باجتهاده واجتهاد من معه من المسؤولين والمتخصصين أن فيها إصلاحاً للعباد والبلاد، ووجب على المحكومين إعطاؤه الفرصة من تنفيذ ما يرى أنه نافع للأمة.

ما ينبغي على الناس

     ومن بين ما ينبغي على الناس في إطار الحق الذي عليهم أن يصبروا، وهو من أعظم الأسلحة التي يجب أن يتسلح بها المسلم في جميع الأحيان، في المنشَط أو المَكْرَه، في العسر أو اليسر، وأن يتحاشى الانغماس في الفتن أو الدعوة إليها، أو التخطيط لها، أو المساعدة على نشرها، قد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم حين كان جالسا في ظل الكعبة: «إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدلّ أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء فتنة فيرَقِّق بعضها بعضًا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه هذه؛ فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه»، هذا جزء من الحديث، الذي رواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه.

     الذي أريد أن أشير إليه في هذا الحديث الشريف السابق هو بيان النبي صلى الله عليه وسلم أنه والأنبياء من قبله ما تركوا خيرًا يَعلَمونه إلا أرشدوا أممهم إليه؛ وما تركوا شرًا يَعلَمونه إلا حذروا أممهم منه، ومن ثم فإن نبينا صلى الله عليه وسلم لو وجد خيرًا في الخروج على حكام المسلمين لدلّنا عليه، بل العكس هو الصحيح؛ حيث أمر الناس في مثل هذه الأحوال أن يؤدوا الحقوق التي عليهم، وأن يسألوا الله الذي لهم.

     ومعنى يسألوا الله الذي لهم هو الدعاء والتوسل إلى الله بتفريج الكربات وتيسير الأمور، وتجنيب الناس الفتن ما ظهر منها وما بطن، والدعاء للحاكم بالهداية والتوفيق والرشاد والتسديد والتوفيق، وتقديم النصيحة له بالابتعاد عما يغضب الله -عزّ وجلّ- وأن يأمر الناس بذلك.

الحقوق التي على المسلم

     هذا ولاشك أن من بين الحقوق التي على المسلم -بل وعلى رأسها تلك الحقوق التي عليه تجاه ربه -عزّ وجلّ- وجوب عبادته لله وحده لا شريك له، ووجوب طاعته وطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم في كل أمرٍ أمَرَ به -تبارك وتعالى- أو أمَرَ به نبيُّه صلى الله عليه وسلم وفي كل نهي نهى عنه -عزّ وجلّ- أو نهى عنه نبيُّه صلى الله عليه وسلم ، وكذلك تلك الحقوق التي على المسلم تجاه أهله وأولاده وأرحامه وجيرانه وإخوانه من المسلمين، وتلك الحقوق التي عليه في عمله، وتجاه بلده.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك