رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.أحمد فريد 23 مارس، 2017 0 تعليق

أدلـة وجـود اللـه

الكون كلُّه -صامِتُه وناطِقُه، مُتحرِّكُه وساكِنُه- مُقِرٌّ ومُصدِّقٌ ومعترِفٌ ومؤمنٌ وناطقٌ بوجود الله -تعالى- إلا زنادقة الأُمم ومَلاحِدَة الشعوب، قال -تعالى-: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ}(إبراهيم:10).

قال ابن القيم -رحمه الله- إنه سمع شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: «كيف يُطلَب الدليل على من هو دليل على كل شيء؟!»، وكان كثيرًا ما يتمثل بهذا البيت:

وليس يصح في الأذهان شيء                                              إذا احتاج النهار إلى دليل

وقد دل على وجود الله -عزّ وجلّ- الفطرةُ والعقلُ والحِسُّ والشرعُ.

دلالة الفطرة

     لم يُطِل القرآن في الاستدلال على وجود الله -تعالى-؛ لأن القرآن يقرر أن الفطرة السليمة والنفوس التي لم تتقذر بأقذار الشرك تُقِرّ بوجوده من غير دليل، وليس كذلك فقط، بل إن توحيده أمر فطري بديهي، {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (الروم:30).

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالصلى الله عليه وسلم : «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ»، ولم يقل يُمسلمانه؛ لأن الإسلام موافق للفطرة.

     وشياطين الجن يقومون بدور كبير في إفساد الفطرة وتَدَنّيها، وقد ثبت في صحيح مسلم، عن عياض بن حمار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  خطب ذات يوم؛ فكان مما جاء في خُطبته: «ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا، كلُّ مالٍ نَحَلتُه عبادي حلالٌ، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحَرَّمَتْ عليهم ما أحللتُ لهم، وأمرتهم أن يشركوا .... الحديث».

تكشف الحجب عن الفطرة

     وكثيرًا ما تتكشّف الحُجُب عن الفطرة فتُزال عنها الغشاوة التي رَانَت عليها، عندما تصاب بمُصابٍ أليم، أو تقع في مأزقٍ لا تجد فيه من البشر عونًا، وتفقد أسباب النجاة، فكم من مُلحِدٍ عرف ربه وآب إليه عندما أُحيط به، وكم من مشرك أخلص دينه لله لِضُرٍّ نزل به، {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّىإِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (يونس:22).

     وقد سمعنا كيف آبَ رُكّابُ طائرة ما إلى ربهم عندما أصاب طائرتهم خلل فأخذت تهتز وتميل وتتأرجح في الفضاء، والطيار لا يملك من أمره شيئًا، فضلًا عن الركاب، هناك اختفى الإلحاد، وضَجّت الألسنة بالدعاء، ورغِبت القلوب إلى ربها بصدق وإخلاص، ولم يبقَ للشرك والإلحاد وجود في هذا الموقف الرهيب.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك