رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 2 فبراير، 2015 0 تعليق

أحداث اليمن.. انقلاب كامل الأركان

سقطت دار الرئاسة اليمنية في يد المتمردين الحوثيين بعد أن وضعوا يدهم على معظم المنشآت السياسية والعسكرية في العاصمة اليمنية، ولاشك أن ذلك يعد «انقلابا كامل الأركان»؛ حيث تم السيطرة على وسائل الإعلام، ومقر الرئاسة، وخلو وزارة الدفاع من القادة، وسيطر الحوثيون على وزارة الداخلية، وباتوا يتحكمون في القرارات الرئاسية، وهو ما أعلنته وزيرة الإعلام اليمنية نادية السقاف في حوار مع السي إن إن الأمريكية عند سؤالها عن الصعوبات التي تواجه الحكومة اليمنية، فأجابت: «في الحقيقة، ليس في أيدي الحكومة الكثير لتعمله فعلياً، كل مؤسسات الدولة باتت تحت سيطرة ميليشيا الحوثيين».

     وقدم الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي المغلوب على أمره كل التنازلات الممكنة للحوثيين لتجنب هذه اللحظة، لكن ذلك لم يشفع له نظرًا إلى أن قرار الحوثيين بيد طهران؛ إذ استولى الحوثيون رسميا على دار الرئاسة في اليمن.

مسوِّغات واهية

      من جهته، قال زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي بعد استيلاء الحوثيين على قصر الرئاسة: إن الرئيس اليمني لم يكن جادًّا في الحوار خلال الأشهر الماضية، متهمًا السلطات اليمنية بالتعاون مع القاعدة لنهب البنوك ومخازن الأسلحة لصالح القاعدة، مضيفًا بأنهم مُصّرون على فرض أي إجراءات ضرورية لتنفيذ اتفاق السلم والشراكة، وتحاشى زعيم الحوثيين التصريح بحصول الانقلاب العسكري وبمصير الرئيس خشية من تفاقم الأزمة، وما زال يسمي عبد ربه بالرئيس اليمني.

مجلس عسكري لقيادة البلاد

      وكشفت مصادر إعلامية مقربة من هادي عن أن هناك ترتيبات لإنشاء مجلس عسكري لقيادة البلاد، وإجبار الرئيس اليمني على الموافقة على هذا المجلس عبر تسهيله عملية انتقال الحكم ليحظى بالشرعية، وستكون للحوثيين وجماعة علي عبد الله صالح اليد الطولى في إدارة البلاد عبر هذا المجلس.

أبعاد خفية للأحداث

     ذهب بعض المراقبين إلى أنه لا يمكن عزل أحداث صنعاء عن حادثة القنيطرة في سوريا بعد مقتل قادة كبار من حزب الله وإيران باستهداف مباشر بصواريخ إسرائيلية، وأرادت إيران التغطية على الحادث وعجزها عن الرد بتصعيد الملف اليمني نظرًا لفقدانها العديد من الأوراق الضاغطة في المنطقة؛ فهي مستنزفة في سوريا، وتكافح في العراق لمنع سقوط بغداد.

      هذا بخلاف الأنباء التي تحدثت عن إصابة قاسم سليماني بجروح بالغة، وهي ضربة مؤلمة لطهران، ولم يبق لديها إلا الملف اليمني، وبالأصح دار الرئاسة في اليمن؛ إذ كشفت مصادر أمنية يمنية أن الاشتباكات أمام قصر الرئاسة في صنعاء اندلعت مفاجأة، وبدون مقدمات، ولا توجد أسباب مقنعة لذلك.

شبكة مريبة من العلاقات

     ولا شك أن شبكة العلاقات المريبة التي استطاعت الحركة الحوثية بناءها برغم أنها حركة ذات طابع طائفي تخطت الإطار الزيدي الذي تمثل في الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، كان لها تأثير واضح في وصول الحوثيين إلى ما وصلوا إليه؛ حيث نسجوا من خلالها تحالفات مع قبائل زيدية وسنية معادية لتكتل حاشد القبلي النافذ وخصومهم الأبرز آل الأحمر.

     وبات الحوثيون يستفيدون اليوم من تحالفات الأمس، وتمكنوا من اغتنام النقمة التاريخية على نفوذ آل الأحمر ضمن حاشد وفي شمال اليمن، مع العلم أن حاشد لطالما عُدت الدعامة الأقوى للحكم في صنعاء.

قلق بالغ الخطورة

     ولا شك أن تلك الممارسات والمخططات التي مارستها جماعة الحوثي، التي أصبحت القوة النافذة والمُهيمنة على الساحة، والمسيطرة على اليمن بأكمله، بعدما سلكت طريق الفوضى والدمار، وتحدثت بلغة القتل والعنف، وجعلت من كونها اللاعب الوحيد في الساحة، أظهرت تلك الممارسات أن هناك قوة جديدة موالية لإيران، بل امتداد قوي لها بدأ يهدد المنطقة بالكامل، وينذر بخطر شديد على أمنها واستقرارها.

     وهو وضع لربما يصعب شرحه وتوضيحه، بل ويتضاعف غموضه من حين إلى آخر، بعدما أفاقت جماعة مسلحة من كهفها المُظلم متعطشةً للذة الفوضى، وزرع بذرة الخوف والنهب والتسلط في قلوب العباد والبلاد.

دول الخليج تدين الانقلاب

     ولا شك أن تلك الأحداث دفعت دول الخليج إلى إدانة هذا الانقلاب؛ حيث أكدوا من خلال اجتماع استثنائي عقد في الرياض لوزراء خارجيتها، أنها ستتخذ الإجراءات المطلوبة لحماية أمنها واستقرارها ومصالحها الحيوية في اليمن، وأعلنت إدانتها للتمرد الحوثي.

     وأوضح البيان الصحافي الصادر بعد انتهاء الاجتماع «دعم دول المجلس  للشرعية الدستورية متمثلة في الرئيس عبدربه منصور هادي، ورفضها كافة الإجراءات المتخذة لفرض الأمر الواقع بالقوة، ومحاولة تغيير مكونات وطبيعة المجتمع اليمني، داعيًا الحوثيين إلى وقف استخدام القوة والانسحاب من المناطق التي يسيطرون عليها كافة، وتسليم الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية، والانخراط في العملية السياسية، مهيبًا بكافة الأطراف والقوى السياسية تغليب مصلحة اليمن والعمل على استكمال تنفيذ العملية السياسية، وتجنيب اليمن الانزلاق إلى مزيد من الفوضى والعنف بما يزيد من معاناة الشعب اليمني».

وشدد البيان على «ضرورة تنفيذ مجلس الأمن الدولي لكافة قراراته ذات الصلة باليمن، ولاسيما أن ما يجري في اليمن الآن يُعد تهديدًا للأمن والسلم الدوليين في المنطقة والعالم كله».

     ودان البيان الانقلاب الذي نفذه المتمردون الحوثيون في اليمن، وأن «دول مجلس التعاون تؤكد أن أمن اليمن هو جزء من الأمن الوطني لدول مجلس التعاون، وأن استقرار اليمن ووحدته يعد أولوية قصوى لدول المجلس».

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك