رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أحمد الشحات 26 ديسمبر، 2017 0 تعليق

أثر الفردية في جمود العمل الإسلامي


برغم أهمية العمل الجماعي وحتمية وجوده في واقع الدعاة، إلا أنه مازالت هناك شرائح من المنتسبين إلى الدعوة ممن يؤثرون التنحي، ويفضلون عدم الانخراط في الأعمال الجماعية، فضلا عن ظهور بعض النزعات الفردية داخل الاتجاهات التي تتبنى الأعمال الجماعية، وهذه السطور القادمة محاولة للتعرف على مدى خطورة هذا المسلك والآثار المترتبة عليه، عسى أن يجد هذا النداء صدى في قلوب إخواننا ويكون عونًا لهم في مجاوزة هذه العزلة.

تحقيق مصطلح الفردية

مصطلح الفردية يأتي بمعان عدة بعضها ممدوح ولكن الأشهر إطلاقها على المعنى المذموم.

المعنى الممدوح للفردية: ويقصد بها اعتماد الفرد على نفسه في تطوير قدراته وتنمية مواهبه وصقل خبراته دون انتظار من يؤدى له ذلك، ولاسيما في ظل غياب الأنظمة الشرعية الحاضنة للدعوة والراعية للدعاة، وتكون الفردية هنا مرادفة للعصامية.

المعنى المذموم للفردية: ويقصد بها إيثار الشخص لحياة التفرد والانعزال على الانخراط في حياة الجماعة، وقد يكون في صور عدة منها :

اعتزال الفرد واكتفاؤه بإقامة الإسلام في نفسه ولا شأن له بالآخرين.

المشاركة في بعض أنواع الدعوة الفردية مثل تقديم العون للمحتاجين، أو إنكار بعض المنكرات ولكن بجهود فردية بعيدة عن مجال التعاون مع غيره من العاملين.

و سواء كان هذا أم ذاك فكلاهما يلحقه شيء من الذم وهو ما سنوليه قدرًا من الكلام.

ومن أهم الأسباب الداعية للفردية أمور عدة نوردها مع التعليق عليها تعليقًا مختصرًا:

 

التذرع ببعض النصوص الشرعية

     التذرع ببعض النصوص الشرعية التي يُهم منها فضيلة الانعزال أو الترغيب في الانزواء مثل حديث حذيفة «فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة فتموت وأنت على ذلك»، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شغف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتنة»، أو غيرها مما يدل على معناها نفسه.

     الرد على ذلك: نقول إن هؤلاء غاب عنهم الكثير من النصوص الأخرى التي تحض على التزام الجماعة والتمسك بها مثل قول الله -عز وجل-: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}، وقول الله عزوجل: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إذا كنتم ثلاثة فعلى سفر فأمروا أحدكم»، ودين الله -عزوجل- ليس فيه تناقض ولا تعارض، فوجب علينا أولاً أن نجمع بين هذه النصوص حتى تتواءم.

فُهمت على غير وجهها

     الأمر الثاني: أن هذه النصوص فُهمت على غير وجهها، ووُظفت في غير محلها، وإلا فبالنظر إلى كتب أهل العلم في تفسير هذه النصوص نجد أنهم حملوها على أحوال مخصوصة كما في أحوال آخر الزمان أو وقت إطباق الفتن على مكان ما مع عدم وجود من يتعاون معه في درئها مثل ما اعتزل ابن عمر وأبو ذر وخلق من الصحابة لما وقعت الفتنة بينهم, وكذلك الإمام مالك في آخر حياته. وأيضاً كما جاء في حديث قاتل المائة عندما قال له الرجل العالم: «اذهب إلى أرض كذا وكذا فإن فيها قوماً صالحين فاعبد الله معم ولا ترجع إلى بلدك فإنها بلد سوء».

فلم يأمره بالعزلة التامة أو الهجرة إلى البراري والتزام شغاف الجبال، بل أمره بمفارقة أرض السوء التي لا يستطيع أن يغير منكراتها, وأن يذهب إلى أرض الصلاح ولا يكتفي بذلك, بل وصاه بأن يعبد الله معهم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك