رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 5 يناير، 2015 0 تعليق

أبو حصيرة مزاعم تتجدد !!

مع قلة عدد اليهود المصريين المقيمين في مصر حالياً؛ حيث لا يزيد عددهم عن 200 يهودي وبعضهم يقدر عددهم بـ100 فقط ، وعلى الرغم من اندماجهم داخل المجتمع المصري، إلا أن حكاية الآثار اليهودية في مصر أُحييت مجددا، فقبل أربع سنوات تقريباً تولت وزارتا الثقافة والسياحة المصرية تجديد منطقة الفسطاط في حي مصر القديمة الذي يقع جنوب العاصمة القاهرة، التي تضم واحداً من أكبر المساجد في مصر هو مسجد عمرو بن العاص، حينها رأى الكيان الصهيوني أن تشمل عمليات الترميم الآثار اليهودية فيها، وتلقت القاهرة المقترح الذي كان معداً بإتقان، والمتضمن تقديرا لتكاليف الترميم بنحو 50 مليون دولار أمريكي، وأرفق مع الطلب استعداد أحد رجال الأعمال اليهود المقيمين في نيويورك تحمل تكاليف ترميم تلك الآثار، وكان فريق علمي من إحدى الجامعات العبرية انتهى من عملية بحث طويلة رصد خلالها غالبية الآثار اليهودية في، مصر، التي ادعى أنها المباني التي يتجاوز عمرها 100 عام .

     وفي السابق تم ترميم المعبد اليهودي موسى بن ميمون في القاهرة القديمة؛ حيث أوقع جدلاً حول ما إذا كانت الخطوة تأتي في سياق دعم ترشح وزير الثقافة فاروق حسني لمنصب رئاسة اليونسكو، أم بضغط أمريكي لإحياء تلك المواقع، وبتنسيق مباشر مع مؤسسات الآثار الصهيونية ومراكزها؟

علم الآثار أريد منه أن يكون أداة في يد الصهاينة لاختلاق تاريخ يهودي كاذب ومزور في فلسطين العربية ثم ربطه بالدولة اليهودية الحالية.

     تقول عالمة الآثار اليهودية (شولاميت جيفا): «إن علم الآثار اليهودي أريد له تعسفاً أن يكون أداة للحركة الصهيونية تختلق بواسطته صلة بين التاريخ اليهودي القديم والدولة اليهودية المعاصرة» (1).

     لذا صعد الكيان اليهودي عبر مؤسساته العلمية والتراثية نشاطه في عقد المؤتمرات والندوات وتقديم الدراسات لتوثيق ما يزعمون أنها أملاك اليهود في العديد من الدول العربية، ومصر خصوصا، والعمل على إيجاد قاعدة بيانات خاصة بها .

     ما سبق يؤكد عدم اكتفاء الصهاينة بادعاء الآثار والتاريخ في القدس وفلسطين، بل يتجاوزون ذلك إلى محاولات لتزوير تاريخ المنطقة والعبث به، وإيجاد مسوغات لزرع أنفسهم في أي مكان فيها، كالمطالبة بإقامة متحف يهودي في القاهرة بدعوى أن الآثار اليهودية في مصر كثيرة ، على رغم تأكيد علماء الآثار أنه ليس لليهود في مصر آثار تستدعي وجود مثل هذا المتحف المستقل. ولا شك أن مثل هذه المطالبات تأتي في إطار مخططات اليهود ولهاثهم وراء مزاعم وأكاذيب لا أساس لها، لإيجاد موطئ قدم لهم بيننا.

قصة أبو حصيرة :

     (أبوحصيرة) هو حاخام يهودي من أصل مغربي كان يعيش في قرية (دميتوه) في دمنهور التابعة لمحافظة البحيرة، في مصر، لتتحول ذكراه بعد ذلك إلى (مولد)، يزوره آلاف اليهود من يوم 26 ديسمبر حتى 2 يناير في كل عام، قبل أن يثير مولده الجدل بعد صدور حكم بإلغاء الاحتفال به.

     ويتناقل اليهود روايات كثيرة حول أصل تسمية المولد، والقصة الحقيقية وراءه، إلا أن هناك رواية تظل الأكثر شهرة وانتشارًا، ويحرص اليهود على تناقلها في أحاديثهم أثناء إقامة المولد في كل عام، الذي يأتي لزيارته أكثر من 3 آلاف سائح يهودي من إسرائيل والدول الغربية.

     وأشهر تلك الروايات التي تُروج حول مولد أبو حصيرة، هو أنه حاخام يهودي صاحب كرامات من أصل مغربي، أراد ذات يوم أن يستقل مركبًا لزيارة الأماكن المقدسة اليهودية في فلسطين، إلا أن المركب غرق في البحر فافترش (حصيرة) فوق المياه التي أبحرت به إلى سوريا ومنها إلى القدس، وبعدها حملته هذه الحصيرة إلي مدينة الإسكندرية، وهناك راقت له الإقامة في شمال مصر، فاستقر في قرية (دمتيوه)، وعمل إسكافيًا حتى تُوفي فوق حصيرته ودفن في ضريحه الحالي‏.

     وعقب توقيع معاهدة كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل العام 1979 طالب اليهود بتنظيم رحلات رسمية لهم للاحتفال بالمولد الذى يستمر أسبوعًا، ويتم السماح لليهود المحتفلين بالمولد بزيارة الضريح سنويا، بتنسيق مع سلطات الأمن المصرية، وهو الأمر الذي أتيح لهم طوال هذه المدة حتى صدور حكم بمنع الاحتفال بهذا المولد.

وقد قضت المحكمة الإدارية بمدينة الإسكندرية المصرية، قبل أيام، بحظر احتفال اليهود بمولد الحاخام المغربي الأصل (يعقوب أبو حصيرة)، الذي يقام سنوياً في مدينة (دمنهور).

وجاء في حيثيات حكم المحكمة أن «قرار إلغاء الاحتفال بمولد أبو حصيرة يأتي جراء ارتكاب العديد من الأفعال التي تخالف الأخلاق في السنوات الماضية».

ويشكو السكان المحليون من الطقوس التي يمارسها اليهود خلال هذا الاحتفال من بينها احتساء الكحول وتجمع النساء والرجال حول ضريح أبو حصيرة.

     من المفارقة الغريبة أن اليهود يتحدثون عن أملاكهم في مصر والمنطقة العربية وتساندهم جماعات ضغط غربية وأمريكية وإعلام، ويطالبون بأموالهم ويقدرونها بعشرات المليارات!!! والعزاء لحقوقنا في فلسطين وأملاكنا ووقفياتنا ومقدساتنا، والمؤكد من سير الأحداث أن ورقة أملاك اليهود في الوطن العربي ستكون ضمن أحد أهم الأوراق للكيان الصهيوني في المفاوضات المقبلة لعملية السلام المقترحة؟!

     فتاريخ الابتزاز اليهودي معروف، وهو لعبة أتقنها اليهود جيدا، وجنوا من خلالها مكاسب عدة، ماليا وسياسيا، إلا أنهم هذه المرة يريدون تحقيق أهداف أكثر فاعلية يثبتون من خلالها بأن الفلسطينيين ليسوا وحدهم أصحاب حق العودة، بل اليهود أيضا، ومن ثم فإن الحل الأخير هو تخلي العرب عن حقوقهم، مقابل الحقوق التي تخلى اليهود عنها وهي ممتلكاتهم، وأن الفلسطينيين ليسوا فقط هم الضحية ولكن اليهود أيضاً، فهل يستطيعون إقناع العالم بهذا وسط المغالطات؟

     ما سبق يؤكد عدم اكتفاء الصهاينة باغتصاب فلسطين ومحاولات تهويد القدس وتصفية قضية فلسطين نهائيا، بل يتجاوزون ذلك إلى محاولات لتزوير تاريخ المنطقة والعبث به، وإيجاد مسوغات لزرع أنفسهم في أي مكان فيها، كالمطالبة بإقامة متحف يهودي في القاهرة بدعوى أن الآثار اليهودية في مصر كثيرة، على رغم تأكيد علماء الآثار أنه ليس لليهود في مصر آثار تستدعي وجود مثل هذا المتحف المستقل، ولا شك أن مثل هذه المطالبات تأتي في إطار مخططات اليهود ولهاثهم وراء مزاعم وأكاذيب لا أساس لها، لإيجاد موطئ قدم لهم بيننا.

الهوامش:

1- الخداع على صفحات مقدسة، ص84.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك