رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: إيمان الوكيل 27 يونيو، 2016 0 تعليق

أبناؤنا وصلة الأرحام في رمضان

شهر رمضان فرصة كبيرة لابد أن يغتنمها الوالدان في غَرس قيمة حب الأقارب وصلة الأرحام لدى أبنائهم

المعاني التي ترتب على صلة الرحم يجب أن تقدَّم للأولاد في خطوات عملية لتكون أكثر رسوخًا وتمكنًا في نفوس الأولاد

الأسرة لا تقف عند حدود الوالدين وأبنائهما، بل تتسع لتشمل أقارب الإنسان من جهة أبيه أو أمه، كأعمامه وعماته وأخواله وخالاته وأبنائهم جميعا؛ فهؤلاء لهم حق البر والصلة والحب والتعاطف، ويُعد تواصل الناس وتراحمهم أحد مقاصد شهر رمضان.

     فالصيام تدريب على ممارسة سلوكيات أخلاقية واجتماعية إيجابية، وفيه تكثر فرص التواصل بين الأهل والأقارب بطريقة كبيرة عن غيره من الشهور؛ وذلك لمضاعفة الأجر، ودائما ما يلتقي الأهل على طعام الإفطار في زيارات متبادلة، وهذه فرصة كبيرة من الضروري أن يغتنمها الوالدان في غَرس قيمة حب الأقارب وصلة الأرحام لدى طفلهما؛ فقد حرص الإسلام عليها وأوجبها لأثرها الإيجابي على الأسرة؛ فصلة الرحم لها أثر كبير في تقوية الروابط الأسرية.

سمات الطفولة

     يمتلك الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة مجموعة من السمات تؤهله لاستقبال كل سلوك إيجابي والعمل به، وحين يشب وهو يرى سلوكيات الوالدين تدعو إلى البر والتقوى والإحسان والرحمة والتكافل، لن يتردد في تقليد هذا السلوك، فحين نصطحب أبناءنا لزيارة الأهل، ونفهمهم أن صلة الأرحام أمرنا الله ورسوله بها؛ فينشأ متأثراً بما تربى عليه؛ ولذلك أخبرنا الله -عز وجل- أن من قطعها ملعون قال تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} (محمد: 22، 23)، وقد يهمل كثير من الآباء الجوانب الاجتماعية والنفسية المترتبة على صلة الرحم؛ فيخرجون جيلا لا يستطيع أن يتفاعل مع المجتمع الخارجي، أو جيلا أنانيا لا يفكر إلا بنفسه، ولا يهتم بمن حوله؛ فاحرص على تربية أبنائك على صلة الرحم وحب الناس، والعطاء والإيجابية، وعلمهم أن صلة الرحم ليست فقط في الأعياد والمناسبات لكنها تكون بصفة دورية، ورمضان فرصة للتربية؛ فاستثمرا رمضان جيداً في الطاعات، وليكن هناك لقاء يوميًا مع زوجك وأبنائك ولو لفترة قصيرة، تتفقون فيها على عمل معين، كالصدقة أو صلة الرحم أو زيارة دور أيتام أو عمل ما، فيتعود الأبناء على تلك الأعمال، ويتدربون عليها، وكذلك عندما يشاركون في صلة أرحامهم سيكون بالطبع هذا سلوكهم في الكبر؛ فيصبحون من أهل البر بكم، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم ، قال: «من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه» متفق عليه. وحديث أبي محمد جبير بن مطعم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة قاطع» متفق عليه.

أثر صلة الرحم على الأبناء

     شهر رمضان مدرسة لمن أراد أن يقتنص منه فوائد تربوية؛ فيتميز بتجميع شمل الأسرة؛ حيث تكثر الزيارات والاتصالات؛ فهو شهر الخير والطاعات. فمن صلة الرحم والتواصل الأسري يشعر طفلك بدفء الأسرة والاستقرار؛ حيث يجتمع جميع أفراد الأسرة على مائدة طعام واحدة؛ فهي تُعد سبباً من أسباب التآلف والترابط الأسري والاجتماعي التي عُني بها الإسلام وأولاها رعايته واهتمامه؛ فالأبناء هم انعكاس طبيعي للتربية، وصلة الرحم هي من أعظم الأمور التي توثق الروابط الأسرية التي يجب أن تكون بين الناس، فالطفل الموجود في أسرة متماسكة ومترابطة يكون أكثر استقرارًا نفسيًّا وذهنيًّا وعقليًّا من الطفل الموجود في أسرة مفككة أو الأرحام فيها مقطوعة؛ لذلك فإن تبادل الزيارات بين أفراد الأسرة واجتماعهم على مائدة الإفطار يغرس في نفس الطفل أهمية صلة الرحم وعدم قطعها، وله تأثير كبير على تماسك شخصية الطفل وقوتها، فالولد في طفولته المتأخرة تزيد عنده القدرة على التكيُّف الاجتماعي، ومشاركة الآخرين في مسرّاتهم وآلامهم مشاركة وجدانية؛ لذا يجب استغلال هذه القدرة في طفلك لتنمّي فيه جوانب صلة الرحم المختلفة.

  

دور الأسرة لتقوية صلة الرحم عند الأبناء

      المعاني التي تترتب على صلة الرحم يجب أن تقدَّم للأولاد في خطوات عملية إلى جانب التوجيهات النظرية، لتكون أكثر رسوخًا وتمكنًا في نفوس الأولاد، ولا مانع من تحديد هدايا وجوائز للأبناء الذين يتمسكون بمبادئ صلة الرحم، وتقوية أواصر القربى مع ذويهم. ومن الخطوات العملية التي تساعدك على ذلك:

- عرف طفلك بطريقة تناسب عمره فضائل صلة الرحم، وما يترتب عليها من خير.

- كن قدوة لطفلك؛ فرؤيته لسلوكياتك مع الأقارب يُعمق قيمة صلة الرحم لديه.

-دعوة الأهل والأقارب إلى المنزل لتناول الإفطار مع إظهار العادة والبهجة بذلك؛ فينتقل هذا الشعور تلقائياً لطفلك.

- احرص على إشراك طفلك بالتخطيط والاستعداد لاستقبال الأقارب عند دعوتهم.

- تلبية دعوة الأهل والأقارب بوصفه تطبيقاً عملياً لطفلك، وتعليمه الهدف من تلبية هذه الدعوة؛ فيتعلم من خلال ذلك أن يصل رحمه.

- قص عليه بعض القصص التي تحث على صلة الرحم.

 

 

صور من صلة الرحم

 

- تحصل صلة الرحم بالاتصال والمكاتبة، وقد تحصل برسالة الجوال أيضاً؛ وذلك بجمع أرقام الأقارب جميعهم بقائمة محددة، وإرسال رسالة بها كلام طيب محبب أو دعاء، فهذه السبل اليسيرة للتواصل تورث المودة والمحبة بين الأقارب بلا تكلفة للوقت مع أن صرف الوقت بصلة الرحم لا يُهدر، فالمهم ألا تغفل عن ذلك، أو تنقطع عن صلة الرحم.

- تحصل صلة الرحم بالزيارات، وتفقد الأحوال والسؤال عنهم والتصدق على فقرائهم، والتلطف مع وجيههم وغنيّهم، وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم.

- تحصل صلة الرحم بالاستضافة وحسن الاستقبال، ومشاركتهم في أفراحهم ومواساتهم في أحزانهم وعيادة مريضهم.

- تحصل الصلة أيضاً بالدعاء للأرحام، وسلامة الصدر لهم، والحرص على نصحهم، ودعوتهم للخير وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وإصلاح ذات البين إذا فسدت.

- وتحصل أيضاً ببشاشةٍ عند اللّقاء، ولينٍ في المُعاملة، والطيبٍ من القول، وطلاقةٍ في الوجه.

- وتحصل بالصفح عن العثرات، وترك مُضارتهم وإيصالُ ما أمكَن من الخير لهم، ودفع ما أمكنَ منَ الشرّ عنهم.

فشهر رمضان فرصة لتربية الأطفال وتعليمهم معنى الصبر والخير والعطاء؛ فهو مدرسة إيمانية يخرج فيها أطفالنا بدروس كثيرة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك