رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: جوزة ثامر العازمي 18 فبراير، 2019 0 تعليق

أبناؤنا والتربية المالية

قال الله -تعالى-: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا}؛ فبالمال نقضي حوائجنا الدنيوية، وبالمال نزكي أنفسنا، ونتصدق على الفقراء والمساكين، وبه نساهم في بناء أوطاننا وغير ذلك من المفاهيم النبيلة التي يحثنا عليها ديننا الإسلامي القويم؛ لذلك يجب علينا آباء وأمهات أن نبدأ بتعليم أبنائنا القيم الإسلامية المالية منذ نعومة أظفارهم، بل وتشجيعهم ليدخلوا في تجربة عملية مشوقة في حفظ الأموال وصرفها في مصاريفها الصحيحة التي تعود عليهم بالفائدة في الدنيا والآخرة.

  

فتدريب الأطفال على إدارة أموالهم ولو من خلال مصروفهم المدرسي سيجعلهم في المستقبل أكثر قدرة على اتخاذ قراراتهم المالية؛ مما سينعكس عليهم بالخير والبركة في التزامات الحياة وتزايد متطلباتها.

أهمية المال

     فتعليم الأطفال وتدريبهم على أهمية المال باتت ضرورة ملحة لا سيما في هذا الزمن الصعب، ومما لاشك فيه فإن تاريخنا الإسلامي لم يهمل قضية من أين نحصل على المال؟ وكيف نصرفه؟ بل كان تاريخاً مشرفاً، يزخر بقصص إدارة الأموال ومصاريفها ووضعها في مكانها الصحيح لنفع الإسلام والمسلمين، فعن عَمْرِو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «كُلُوا واشربوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا، فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ»؛ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كل ما شئت، والبس ما شئت، ما أخطأتك اثنتان: سرف ومخيلة. رواه البخاري، وعن حكيم بن حزام: أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: «اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغنِ يغنه الله» متفق عليه، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من يشتري رومة فيجعل دلوه فيها كدلاء المسلمين بخير له منها في الجنة»؟ وكانت بئر رومة ليهودي يبيع المسلمين ماءَها، فسمع بذلك عثمان بن عفان - رضي الله عنه - فبادر إلى ماله وذهب إلى اليهودي فاشتراها منه، وجعلها للمسلمين، وغير ذلك من قصص التجار المسلمين ومساهماتهم لنشر الإسلام في أصقاع العالم وتعاملاتهم المالية الإسلامية المشرفة، كل ذلك حينما يستمع إليه الطفل في وقت مبكر سيحفر في قلبه عزة الإسلام، وسيشعر الطفل بفخره لانتمائه للتاريخ الإسلامي الذي لاينفك عن حياتنا البشرية ومتطلباتها وأهمية المال وكيف أن بالمال يستطيع المسلم التقرب به إلى الله؛ فيجازيه -سبحانه- بالجنان والحياة المنعمة الأبدية.

تدريب الأبناء

     فلنبدأ بتدريب أبنائنا على أساليب بسيطة جداً، مثلاً في مصروفهم المدرسي، نتحاور معهم في جلسة ودية، ونبين لهم أهمية المال، ونرغبهم بأن يدخروا ولو الشيء اليسير من مصروفهم المدرسي، وألا تحقرن من المال ولو فلساً واحداً، فاقترحي أنتِ أيتها الأم أو أنت أيها الأب على ابنك بأن يفكر في مصروفه المدرسي، وأنه يستطيع إدارة هذا المبلغ البسيط بسهولة، وبين له أن الأمر يحتاج إلى الصبر والمثابرة، وأن النتائج تستحق هذا الصبر والاجتهاد. فبادخار جزء من مصروفه، بعد مرور شهر تقريباً سيكون لديه مبلغ من المال يستطيع اقتطاع جزء منه للصدقة لتعم فيه البركة، والباقي يستطيع الاستمتاع به بشراء لعبة جديدة أو أي شيء يرغب في شرائه، ثم بين له الفوائد التي اكتسبها من خلال هذه التجربة.

العملية التربوية

     وأنه خلال تدريب الطفل على هذه الطريقة يجب علينا متابعة العملية التربوية المالية لأبنائنا؛ فإذا وجدنا الطفل قد وفر من مصروفه المدرسي، قمنا بتشجيعه بالكلمات الطيبة التي ترفع من قدراته الشخصية وثقته بنفسه، وأنه شخص مرغوب فيه، وأنه ناجح يستطيع أن يتحكم برغباته وشهواته؛ فبهذا التدريب ستتكون قناعة راسخة في نفس الطفل وهو أن المال نعمة من الله، والهدف من جمع المال ليس الاحتفاظ به أو الإسراف فيه، وإنما ينتفع به فيما يرضى الله، وأن نبذله للفقراء والمساكين لننال بذلك خيري الدنيا والآخرة، حينها فقط سيكبر أطفالنا أمام أعيننا على مفاهيم قوية، تحميهم من مصائد المتعة الزائفة، وشراء مالا ينفعهم لا في دنياهم ولا في آخرتهم.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك