رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. عبدالرحمن بن عبدالعزيز العقل 11 مايو، 2019 0 تعليق

أبرز الطعون المعاصرة في الجامع الصحيح للبخاري (2)

  

قبل الحديــث عــن هــذه الأهــداف، لابــدمــن بيــان الســبب الرئيـس الـذي دعـا هـؤلاء الطاعنيـن إلـى التركيز -فـي الطعـن- على صحيـح البخـاري؛ فالناظـر فـي الطعـون المعاصـرة فـي السـنة النبويـة، يجـد أن أكثرهـا موجـه نحـو صحيـح البخـاري، والسـبب فـي ذلـك أن الطاعنيـن عرفوا مكانـة الجامـع الصحيـح فـي نفـوس المسـلمين؛ فـأرادوا إسـقاط هيبتـه؛ لأن فـي ذلـك إسـقاًط الهيبـة للكتـب الأخـرى دون عنـاء، والنتيجـة هـدم السـنة كلهـا، ويمكـن إجمـال أبـرز دوافـع الطعـن فـي الجامـع الصحيـح فـي النقـاط التاليـة:

الهدف الأول: إسقاط الدين الإسلامي

     إن الطاعنين في السنة النبوية عموماً، وفي الجامع الصحيح للبخاري خصوصاً، مع اختلاف طوائفهم ومشاربهم وثقافاتهم، واختلاف أزمنتهم وأمِكنَتِهم، يتفقون جميعا على هدف واحد، وهو الطعن في الدين الإسلامي، وذلك عن طريق التشكيك في مصادره الأصيلة، ومنها السنة النبوية الشريفة التي هي المصدر الثاني بعد القرآن الكريم.

ومــن أوائـل الذيــن  ســَعوا فــي تحقيــق هــذا الهــدف:

     المستشـرقون؛ فقصدهـم مـن الطعـن فـي الجامـع الصحيـح للبخـاري خصوصاً، والسـنة النبويـة عموماً، اسـتبعاد الإسلام مـن السـاحة الدينيـة، ونشـر الديانـة اليهوديـة والنصرانيـة بيـن المسـلمين؛ فدبروا المكايـد للنيل مـن الإسلام بالطعـن فيـه، وتشـويه سـمعته، حتـى يصـدوا النـاس عنـه، وينفروهـم منـه؛ فبـدؤوا بالطعـن في السـنة لتكون لهـم بوابـةً للطعـن فـي الديـن، وألبسـوا هـذا الطعـن لبـاس البحـث العلمـي والموضوعيـة؛ ولهـذا انخـدع بهـم بعـض أبنـاء المسـلمين؛ فأصبـح يـروج لهـذه الشـبهات ويتبناهـا.

الهدف الثاني: نصرة المذهب العقدي

     فكثيـر مـن الطوائـف والفـرق الضالـة المنحرفـة، طعنـت فـي بعض أحاديـث الجامـع الصحيـح، لمخالفتهـا لأصولهـا العقديـة؛ فالمعتزلـة ردوا أحاديـث الشـفاعة؛ لأنهـا تعـارض أصلهـم فـي الوعيـد، وهـو أن مرتكـب الكبيـرة مخلـد فـي النـار، وردوا الأحاديـث المثبتـة لصفـات الله -تعالـى- لمعارضتهـا أصلَهـم فـي نفـي الصفـات، كمـا ردوا أحاديث القـدر؛ لأنهـا تخالـف أصلهـم فـي القدر، وهـو أن أفعـال العباد ليسـت مخلوقـة، وإنمـا العبـاد هـم الخالقـون لهـا، وكذلـك الخـوارج ردوا عـددًا مـن الأحاديـث المخالفـة  أصولهم العقديـة المنحرفـة، وغيرهم مـن الفـرق الضالـة.

الهدف الثالث: الكيد لأهل السنة

     وهـذا هـو الهـدف الأكبـر للذين يريـدون الكيـد لأهـل السـنة والنيـل منهـم وإسـقاط مذهبهـم؛ لأنهـم العـدو الأول فـي نظرهـم؛ ولذلـك طعنـوا فـي أوثـق مصادرهـم وشـككوا فيهـا، وطفقـوا يبحثون عــن الشــبهات التــي بثهــا أعــداء الإسلام بطوائفهــم المختلفــة؛ فجمعوهــا ووعوهــا وزادوا عليهــا، ونشــروها عبــر وســائل الإعلام المختلفـة.

الهدف الرابع: ا حتياط في الدين

     وهـذا الهـدف تبنـاه القرآنيـون، وتبعهم بعـض المخدوعين مـن أبنـاء المسـلمين؛ فزعمـوا أن السـنة لا يُجـزم بصحتهـا، واحتجـوا بحجـج واهيـة، وقـرروا -بنـاءً علـى ذلـك- الاكتفاءَ بالقـرآن الكريـم فقـط، والاسـتغناء عـن السـنة النبوية الشـريفة، وعـدم الاحتجـاج بهـا مطلًقـا، وأظهـروا ذلـك مظهـَر الاحتياط فــي الديــن، وكل مســلم بصيــر يعلــم كــذب هــذا الادعــاء، وخطـره علـى الإسلام والمسـلمين.

الهدف الخامس: التجديد وتنقية التراث

     فهنـاك بعـض المنتسـبين للإسلام طعنـوا فـي أحاديـث الجامـع الصحيـح، بحجـة أنهـا غيـر مواكبـة للعصـر والواقـع الــذي نعيشــه، وتأثــروا فــي ذلــك بالغربييــن وحضارتهــم، والذيــن ســعوا وراء هــذا الهــدف هــم بعــض المســلمين الذيـن عاشـوا فـي البلـدان غيـر الإسلامية، وُوجهـْت لهـم شــبهات عــن الإسلام والمســلمين؛ فمــا وجــدوا حجــة يواجهـون بهـا هـذه الشـبهات سـوى رد النصوص التـي دارت حولهـا الشـبهات، ويلحـق بهـؤلاء: العقلانيـون والحداثيـون ونحُوهـم.

الهدف السادس: حب الظهور والشهرة

     فكثيــر مــن ضعفــاء النفــوس الذيــن يلهثــون وراء الشــهرة والأضــواء، تجــرؤوا علــى الجامــع الصحيــح للبخــاري مــن أجــل الوصــول إلــى هــذا الهــدف الدنــيء؛ فدخلــوا مــن بــا ِب (خالـف تُعــرف)، وقــد لـــمعتهم لنــا وســائل الإعلام الحديثــة، ولاسيمــا المرئيـة، وسـاعدتهم علـى تحقيـق أهدافهـم، وربمـا شـجعهم علـى ذلـك بعـض أعـداء الإسلام مـن اليهـود والنصـارى، والعلمانييــن واللبرالييــن وأمثالهــم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك