رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 11 مايو، 2019 0 تعليق

آيات الله(21)

 

من الأمور التي تسر القلب في الكويت كثرة المقبلين على حفظ كتاب الله وإتقان قراءته، بما اشتهر من القراءات العشر بأسانيدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والإقبال من الجنسين -والحمد لله.

- إن المتابع للأوضاع الاجتماعية في الكويت، يستطيع ملاحظة التغيرات التي تطرأ في المجتمع، بوصفها ظاهرة مؤثرة في الستينات؛ حيث كانت القومية العربية هي المسيطرة على المجتمع، والانفتاح على الغرب هو المتميز عند النخبة، في السبعينيات ظهرت موجة الالتزام بالدين، والحرص على الحجاب، وتسمية الأبناء بأسماء الصحابة والتابعين، في الثمانينيات اشتد عود الحركات الإسلامية، وظهر على السطح اختلاف مناهجها، في التسعينيات ضعفت ظاهرة المواطنة، وانتشرت ظاهرة الاستيلاء على المال العام، وفي السنوات العشر الأخيرة انتشرت ظاهرة حفاظ كتاب الله بالأسانيد، وبالقراءات الكبرى والصغرى حتى أصبح في كل منطقة مسجد يختم القرآن في رمضان بقراءات مختلفة.

     كنت أنا وصاحبي في مجلس جمع خليطا منوعا من سكان منطقة (المسابل)، وهي منطقة حديثة أكثر سكانها من ذوي الدخل المتوسط، وأشهر مساجدها (مسجد عائشة المحري) الذي لا يكاد تنقطع عنه النشاطات العلمية طوال العام.

- ومع انتشار حفاظ القرآن، انتشرت ظاهرة (الفاشنستنات)، وما صاحبها من أمور سلبية.

- لا أتفق معك، هؤلاء الذين استغلوا الشهرة لنيل المال قلة، ولا أشك أن حفاظ كتاب الله أكثر منهم بأضعاف كثيرة.

- في حديثنا السابق عن آيات الله، نلاحظ أن بعض الأحداث أصبحت عبرة وآية لمن أتى بعد، مثلا قول الله -تعالى- عن فرعون: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً  وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ}(يونس: 92، وقوله -تعالى- عن نوح: {فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ}العنكبوت: 25)، وقوله -سبحانه- في سورة الذاريات عندما أرسل الله الملائكة إلى قوم لوط، قال -سبحانه-: {قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ (32) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ (33) مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (34) فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ (36) وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ}(الذاريات: 32-37).

     فكلمة (آية) هنا عبرة لمن يأتي بعد، ولمن يخاف عذاب الله، والآيات التي أيد الله بها الرسل، كانت لأهل زمانهم لمن شهد الآية ورآها، مثلا (موسى) -عليه السلام- أيده الله بالعصا، وباليد، ولكنه لم يتحد السحرة بأن «ضم يده إلى جناحه فتخرج بيضاء من غير سوء»، وإنما تحداهم بالعصا التي تحولت إلى حية عظيمة، التقمت ما رموا من حبال وعصى!! وانتهت الآية بوفاة موسى؛ فكانت حجة على بني إسرائيل في زمانه فقط، وآيات عيسى -عليه السلام- وأول هذه الآيات ميلاده، كما قال -سبحانه-: {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ}، وآيات نبي الله عيسى -عليه السلام- من شفاء الأكمة، والأبرص، وإحياء بعض الموتى كلها إنما كانت حجة على بني إسرائيل في زمانه فقط، وكذلك ناقة صالح، ونحن لاشك نؤمن بهذه الآيات ونصدق بها؛ لأنها ثبتت لدينا دون شك في كتاب الله العزيز.

     باختصار، الآيات والمعجزات التي أيد الله بها الرسل، كانت لأقوامهم وفي زمانهم، وأقيمت عليهم الحجة بها، عدا الآية التي أيد الله بها رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ فإنها كانت لأهل زمانه ولمن يأتي بعدهم إلى يوم القيامة، وللإنس والجن جميعا؛ فهي المعجزة الباقية، والحجة القائمة على البشر، لا يسعهم إلا أن يؤمنوا بأنها من عند الله، وأن يصدقوا بما في هذا الكتاب ويؤمنوا بكل ما جاء به محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم .

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك