آفاق التنمية والتطوير (9) التعلّم الذاتي نافذتك إلى التطوير المستمر
- أصبحت مهارات التعلم الذاتي من أكثر المهارات المطلوبة حتى أضحت هذه العملية فعالة إلى أقصى درجة ممكنة
- من الشروط والقواعد المهمة للتعلم الذاتي النضج المعرفي والسلوكي والأخلاقي وإيجابيته ودافعيته نحو التعلم
- النجاح والاستمرار في التعلم يحتاج إلى الكثير من الجهد والمهارات من أجل تعزيز قدرتك على التعامل مع مجريات الحياة المتغيرة
نسعد بلقائكم عبر هذه النافذة (آفاق التنمية والتطوير)، لنقدم لكم آفاقًا جديدة من التفكير والتطوير؛ وذلك قيامًا بواجب نشر العلم وحمل الأمانة لإعمار الأرض، وتطوير نمط الحياة بما يحقق التنمية المستدامة، ونسعد بتلقي اقتراحاتكم وتعليقاتكم على بريد المجلة.
يقصد بالتعلّم الذاتي سعي الفرد إلى تنمية معارفه ومهاراته بنفسه، وذلك من خلال البحث في المصادر المختلفة في المكتبات والمواقع الإلكترونية والمعامل والمراكز العلمية والبحثية وغيرها، ومن شأن التعلم الذاتي أن يساعد على تحسين الذات، وصقل الخبرات والمعارف، واكتساب مهارات جديدة، وهي العوامل التي تمكن صاحبها من امتلاك الكفاءة ليحصل على وظيفة مناسبة براتب لائق.التعلّم المستمر
في السابق كان التعلم يقتصر على الانتظام في المدرسة أو الجامعة في فترات عمرية معينة؛ إلا إن هذا المفهوم اختلف مع التطور الهائل في المعارف والعلوم وطرائق التدريس والتعليم وتطور وسائل التواصل والاتصال والبحث وبرامج الكمبيوتر وشبكات الإنترنت، والحقيقة أنه لا يوجد حد للعمر لتعلم أشياء جديدة، سواء للنجاح في حياتنا المهنية أم الشخصية؛ فالتحدي الحقيقي هنا هو تنمية الدافع والشغف اللذين سيبقينا نتعلم طوال حياتنا دون ملل، وسيحقق لنا أفضل النتائج -بإذن الله.شروط التعلّم
هناك العديد من الشروط والقواعد المهمة التي تساعد على التعلم ومن أهمها: النضج المعرفي والسلوكي والأخلاقي عند المتعلم، وإيجابيته ودافعيته نحو التعلم، واستعداده النفسي والعقلي والجسدي، مع حرصه على تطوير مهارات التعلم إلى جانب جودة المادة العلمية ووضوحها، ووجود أهداف محددة مع توفر المصادر العلمية والظروف المناسبة للتعلم والتعليم.التعلّم عن بعد
التعليم عن بعد مبني أساسًا على الاستقلالية في طريقة استقبال المعلومة وطرحها؛ بحيث يتمتع المعلمون بالحرية التامة في طريقة صنع محتوياتهم، ويتمتع الطلبة بحرية اختيار مسارهم التعليمي وتكوينه بما يتوافق معهم، وعلى كل الأطراف المشاركة في هذا النظام من معلمين وصناع محتوى وطلبة أن يغيروا نظرتهم للبيئة التعليمية، وهذا يستلزم تطوير مهارات جديدة تخول الاندماج في نظام التعليم عن بعد والتخلص من البرمجة الذهنية السابقة التي ورثناها عن نظام التعليم التقليدي.مهارات التعلّم الذاتي
يرى أصحاب العمل ومديرو الموارد البشرية أن من أبرز مهارات التعلّم التي ينبغي أن يتقنها الموظفون المحتملون: التخطيط والتفكير النقدي والقدرة على حل المشكلات والإبداع والابتكار والتواصل والتعاون والمرونة الإدراكية، ومهارات اتخاذ القرار، والتفاوض وإدارة الأفراد وتوجيه الخدمة والذكاء العاطفي، وذلك من أجل النجاح في العمل ومواكبة المستقبل وعدم التخلف عنه. ومن هذا المنطلق أصبحت مهارات التعلم الذاتي من أكثر المهارات المطلوبة، حتى أصبحت هذه العملية فعالة إلى أقصى درجة ممكنة، فالثورة المعلوماتية التي يعيشها العالم في الوقت الحالي، أثرت بشدة على مختلف المجالات، وفتحت الباب لتغيير الطريقة التقليدية في تلقي العلم من خلال الأساتذة والكتب، إلى الاعتماد على النفس بطريقة كاملة خلال هذه الرحلة نحو النجاح.التخطيط والشعور بالمسؤولية
لعل من أهم الدوافع التي تخلق الرغبة في خوض تجربة التعلم الذاتي، شعور المتعلم بالمسؤولية الذاتية، وهذه المهارة تجعل المتعلم يراقب ذاته خلال رحلة تعلمه، دون الحاجة إلى رقيب، فيلتزم بالجدول الزمني الذي يضعه لنفسه خلال هذه الرحلة، كما يقوم بتقييم نفسه بعد كل مرحلة، للتأكد من أنه يسير إلى هدفه على النحو الأمثل.التفكير النقدي ومهارات البحث
كما أن مهارة التفكير النقدي تُعد من أهم المهارات المطلوبة حتى تحقق عملية التعلم الذاتي هدفها المنشود، وهي المهارة التي تعني عدم تصديق كل ما يُقرأ تصديقا مطلقا، بل يجب التأكد من صحة المعلومات المقروءة قبل التسليم بها، وتحتاج عملية التعلم الذاتي إلى اكتساب المتعلم مهارة البحث؛ إذ يتعلم -من خلال هذه الوسيلة- كيف يمكنه الوصول إلى المصادر الصحيحة للتعلم الذاتي والحصول منها على المعلومات؟التنظيم وإدارة الوقت
ولن تنجح عملية التعلم الذاتي، إذا لم يمتلك المتعلم مهارة إدارة الوقت، التي من خلالها يستطيع تحديد أنسب طريقة للتعلم؛ ولذلك يجب على المتعلم أن يضع جدولًا زمينا، ويُفضل أن يكون أسبوعيا، يتضمن عدد الجلسات والموضوعات المُقرر دراستها، وتساعد مهارة إدارة الوقت على التعلم بطريقة أفضل، وتقليل القلق والتوتر.التعاون والتواصل الفعال
غالبا ما يتم تكوين مجموعات صغيرة في المدرسة أو الجامعة للعمل على مشروع محدد، أو مواجهة مهمة مليئة بالتحديات معًا كفريق، وكذلك في أماكن العمل؛ لذلك فإن التواصل الفعال من المهارات الضرورية للتعلم النشط والجماعي، وتحقيق النجاح، وتحسين الصحة النفسية، وزيادة الإنتاجية في العمل، وبناء العلاقات.التعلّم التفاعلي
ويقصد به النظام التفاعلي الالكتروني الذي يقوم على استخدام المنصات الإلكترونية ووسائل الاتصال في التعليم، وذلك من أجل تطوير مهارات الفرد وقدراته الإبداعية، ولا بد في ذلك من إتقان المهارات الأساسية للحاسب الآلي، واستخدام البرامج المكتبية، وتُعد الدورات التدريبية المتوفرة عبر الإنترنت، واحدة من أفضل وسائل التعلم الذاتي؛ إذ يختار منها المتعلم ما يناسبه، ويستطيع دراسته في الوقت الملائم لظروف عمله أو دراسته ويناسب حياته اليومية عموما.تحسين التعلم الذاتي
من أهم وسائل تطوير التعليم الذاتي وتحسينه ما يلي: دمج التعليم الذاتي والنظامي، وتنويع وسائل التعليم والتعلّم، والتحفيز المستمر ووجود الدافعية، واستخدام أساليب جديدة في التعلم كالتعلم النشط والتعليم الإلكتروني وغيرها، والتشجيع على الإبداع والأساليب الجديدة في التعلم. ولا بد لمن يمارس التعلم الذاتي أن يحدد طريقته المفضلة للتعلم حتى يسهل عليه تحديد نطاق البحث عبر الإنترنت والمنصات الإلكترونية؛ فهناك من يحب سماع الحلقات الصوتية، وهناك من يفضل متابعة الفيديوهات وغيرها، فلا بد من التنويع وتجريب أشياء جديدة بانتظام لإبقاء عقلك متحفزًا ولديه القدرة على التطوير المستمر، مع الحرص على طرح الأسئلة ورسم الخرائط الذهنية ومناقشة الأفكار عبر جلسات العصف الذهني وغيرها، ومن المفيد لتطوير قدراتك العقلية وزيادة خبراتك اختيار مهنة تشجعك على التعلم المستمر، لتعلم أشياء جديدة، كما أن تعلُم هوايات جديدة سيفتح لك آفاقًا من المعرفة والاستعداد الذهني والنفسي والجسدي.الخلاصة
إن عملية التعلم الذاتي أصبحت ضرورة لا غنى عنها، من أجل تطوير الذات، في ظل اشتداد المنافسة للالتحاق بأفضل وظائف المستقبل المتاحة في سوق العمل، كما أن النجاح والاستمرار في التعلم يحتاج إلى الكثير من الجهد والمهارات، من أجل تعزيز قدرتك على التعامل مع مجريات الحياة المتغيرة، وبما يضمن لك التحسين المستمر.
لاتوجد تعليقات