آفاق التنمية والتطوير (14) المحاور الأساسية لتحقيق التنمية والتطوير الشخصي
- يرتبط مفهوما التنمية الذاتية والتطوير الشخصي بتحسين الأفكار والمعتقدات عن الذات إلى جانب تطوير قدرات الفرد ومهاراته لتحقيق النجاح في الحياة الشخصية والمهنية
- يجب على الأفراد الالتزام بالأخلاقيات في قراراتهم وتفاعلاتهم مع الآخرين ولا شك أن الشريعة الإسلامية حافلة بمثل هذه المحاور والتعليمات التي تصلح الفرد والمجتمع
نسعد بلقائكم عبر هذه النافذة (آفاق التنمية والتطوير)، لنقدم لكم آفاقًا جديدة من التفكير والتطوير؛ وذلك قيامًا بواجب نشر العلم وحمل الأمانة لإعمار الأرض، وتطوير نمط الحياة بما يحقق التنمية المستدامة، ونسعد بتلقي اقتراحاتكم وتعليقاتكم على بريد المجلة.
يرتبط مفهوما التنمية الذاتية والتطوير الشخصي بتحسين الأفكار والمعتقدات عن الذات، إلى جانب تطوير قدرات ومهارات الفرد لتحقيق النجاح في الحياة الشخصية والمهنية، وهنالك العديد من المحاور الأساسية التي تؤدي دورًا مهمًا في عملية التنمية الذاتية والتطوير المستمر، ومن أبرزها:1- التوعية بالذات
وذلك من خلال فهم طبيعة الذات وتحليل القيم والمعتقدات الشخصية، إلى جانب التفكير بعمق حول نفسك وفهم مشاعرك واحتياجاتك وكما قال -تعالى-: {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ}؛ حيث أظهرت دراسة أجريت في عام 2018 في جامعة كاليفورنيا أن الأشخاص الذين يتمتعون بمستوى عالٍ من التوعية بالذات يكونون أكثر نجاحًا في مجموعة متنوعة من المجالات الشخصية والمهنية.2- تطوير الأهداف
ينبغي على كل إنسان أن يحرص على وضع أهداف واضحة ومحددة زمنياً للنجاح في مختلف جوانب الحياة، ويلزم ذلك بلا شك حسن التخطيط والعمل على تحديد الخطوات اللازمة لتحقيق تلك الأهداف، ووفقًا لدراسة نشرتها جامعة هارفارد في عام 1979، تبين أن 3٪ فقط من طلاب الدراسة الجامعية لديهم أهداف محددة ومكتوبة، ولكن هؤلاء الطلاب حققوا أداءً أفضل بنسبة 10 مرات من الطلاب الآخرين.3- صقل المهارات الشخصية
ويقصد بها تطوير المهارات الحياتية مثل التفكير النقدي، وإدارة الوقت، وحل المشكلات، إلى جانب تعلم مهارات التواصل والقيادة، ووفقًا لدراسة أجريت من قبل (The National Association of Colleges and Employers)، تم الوصول إلى أن العمال الذين يمتلكون مهارات جيدة في إدارة الوقت يكونون أكثر إنتاجية ورضاً عن عملهم.4- تعزيز الثقة بالنفس
ويتم بناء الثقة بالنفس من خلال تحقيق النجاحات الصغيرة والكبيرة، والتفكير إيجابيا والتغلب على الشكوك والتوتر، ومواصلة العمل لمستقبل أفضل وليكن نصب عينيك قوله -تعالى-: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}، ووفقًا لاستطلاع أجرته (Forbes) في عام 2019، ازدادت فرص النجاح في الحصول على وظائف عالية الأجر للأشخاص الذين يتمتعون بثقة عالية بأنفسهم.5- إدارة الضغوط والتوتر
كثيرا ما تواجهنا الضغوط والتحديات في حياتنا الدراسية والمهنية، ومن ثم يجب علينا أن تعلم كيفية التعامل مع الضغوط اليومية ومسببات التوتر والتحكم فيها، إلى جانب استخدام تقنيات الاسترخاء والتأمل والتمارين الرياضية المناسبة، ولا شك أن الاستعانة بالله -عز وجل- والاستعاذة به من عوامل التغلب على مثل تلك الضغوط، ووفقًا للمعهد الأمريكي للإجهاد، يمكن أن يؤدي التوتر المزمن إلى العديد من المشكلات الصحية، مثل زيادة ضغط الدم والأمراض القلبية.6- تطوير العلاقات الاجتماعية
الإنسان كائن اجتماعي بطبعه، ومن هنا لا بد من تعلم مهارات التواصل الفعّال مع الآخرين، والحرص على بناء وتعزيز العلاقات الإيجابية، وقد أشارت دراسة أجرتها جامعة (هارفارد) في عام 2019 إلى أن العلاقات الاجتماعية القوية تزيد من متوسط العمر وتحسن الصحة العقلية.7- التطوير المهني والعلمي
ويتم ذلك من خلال تحسين المهارات المعرفية والمهنية، والتخطيط لمسار مهني أفضل، وتطوير القدرات اللازمة لتحقيق النجاح في العمل والدراسة. وهنا لا بد من مراعاة التحولات المهنية التي يمكن أن تطرأ وتطوير المرونة المهنية والاستعداد للانتقال إلى مجالات جديدة إذا كان ذلك ضروريا.8- الوعي الصحي
الإنسان جسد وروح، ومن هنا لا بد من تحقيق التوازن والعناية بهما جميعا، ويتم الاهتمام بالصحة الجسدية والعقلية من خلال ممارسة الرياضة وتناول الطعام الصحي والراحة الكافية، وأخذ القسط المناسب من ساعات النوم ليلا، مع الحرص على الأغذية ذات القيمة الجيدة والبعد عن العادات اليومية الغذائية السلبية، إلى جانب الاهتمام بالعوامل النفسية والاجتماعية التي تؤثر على والعافية والصحة العامة، وقد حث النبي -[- على ذلك بقوله: «وإن لجسدك عليك حقا».9- التفكير الإيجابي
للتفكير الإيجابي أهمية كبيرة في حياة الفرد ويؤثر بشكل كبير على جودة حياته ونجاحه في مختلف المجالات، ويؤدي إلى تحسين الصحة العقلية والنفسية بتخفيض مستويات التوتر والقلق، والشعور بالسعادة والرضا عن الذات، وإلى زيادة الإنتاجية والإبداع، والنجاح في العلاقات الاجتماعية ؛ فالأشخاص الإيجابيون يكونون أكثر تفاؤلاً بشكل عام، وهذا يساعدهم على رؤية الفرص في المواقف الصعبة والتحفيز للاستفادة منها، كما يزيد من قدرة الفرد على التكيف مع التغييرات والصمود أمام الصعوبات، ما يسهم في تحقيق النجاح في الظروف المتغيرة.10- التعلم المستدام
كما ذكرنا من قبل لا يتوقف التعلم عند حد معين ولا عند سن محددة، لا سيما وأننا في عصر التكنولوجيا والتغيير المستمر، وبالتالي يجب أن يكون التعلم جزءًا من نمط حياة الفرد، وقد يسر الله لنا تقنيات معاصرة وعلى رأسها الكمبيوتر والإنترنت للبحث والتطوير، وبالتالي يمكن استخدام منصات التعلم عبر الإنترنت والدورات التعليمية لتطوير مهارات جديدة ومتابعة التحديثات في مجالات الاهتمام، وبحسب تقرير من شركة Deloitte، أظهر أن 94٪ من الشركات الرائدة في مجالها تعتبر التعلم المستمر أمرًا ضروريا لنجاح الأعمال.11- الاستدامة البيئية والاجتماعية
يمكن للتوجه نحو الاستدامة أن يلعب دورًا مهما في تطوير الذات؛ حيث يمكن للأفراد أن يسهموا في مساعدة البيئة والمجتمع من خلال اتخاذ إجراءات مستدامة، ودعم الممارسات الإيجابية ومساندة البحوث والدراسات وابتكار الطرائق والأفكار المناسبة لذلك.12- مهارات القيادة والإدارة
تطوير مهارات القيادة والعمل على تحقيق التفوق الشخصي عوامل أساسية لمواكبة المستقبل، ويمكن للأفراد البحث عن فرص للتدريب والتطوير في هذه المجالات، مع ضرورة العمل على إتقان مهارات الإدارة والقيادة ولا سيما في مواطن العمل الجماعي والمؤسسي.13- مراعاة التنوع والشمولية
يجب على الأفراد أن يكونوا منفتحين على فهم واحترام التنوع والشمولية في المجتمع ومكان العمل، ما يعزز التواصل الفعّال ويحقق التعاون والتكامل، ويحقق المزيد من المرونة في التعامل الإيجابي من أجل تحقيق المصلحة العليا، واستيعاب سنن التنوع والاختلاف، ومن شأن ذلك أن يحقق التفاهم والعدالة الاجتماعية ويعزز التسامح والاحترام، كما يسهم في توسيع آفاق التفكير.14- التكنولوجيا والتحسين الذاتي
يمكن استخدام التكنولوجيا لتعزيز عمليات التنمية الذاتية، مثل تطبيقات الصحة واللياقة وتطبيقات التعلم والتطوير الشخصي، ومن المهم أن يتعلم الأفراد كيفية التعامل مع التكنولوجيا المتقدمة والتفاعل معها بفعالية، ولا سيما التقنيات الجديدة مثل الروبوتات والذكاء الاصطناعي بحسب حاجته وإمكاناته.15- التوجه القيمي والأخلاقي
يجب على الأفراد تطوير توجههم الأخلاقي والقيمي والالتزام بالأخلاقيات في قراراتهم وتفاعلاتهم مع الآخرين، ولا شك أن الشريعة الإسلامية حافلة بمثل هذه المحاور والتعليمات التي تصلح الفرد والمجتمع، وتشكل حافزا قويا ودافعا مهما في توجيه السلوكيات نحو ما فيه النفع وإزالة الضرر، فمن القواعد الفقهية الأصيلة أن (الضرر يزال) وقد مدح الله -عز وجل- رسوله بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}. هذه هي أبرز المحاور الرئيسية للتنمية الذاتية والتطوير الشخصي، ويمكن للأفراد تناول هذه المحاور بشكل شامل أو اختيار محور معين يلبي احتياجاتهم الشخصية والمهنية، والعمل على تحقيقه ومن ثم الانتقال إلى الذي يليه، وفق خطة زمنية محددة.
لاتوجد تعليقات