آفاق التنمية والتطوير – مفهوم الجودة في المنظمات غير الربحية (١-٢)
- الجودة تعني قدرة المنظمة على تقديم خدمات ذات قيمة مضافة تفي باحتياجات المستفيدين بكفاءة وفعالية مع الحفاظ على الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة
تشهد المنظمات غير الربحية- في العصر الحديث- تحديات كبيرة في ظل تطور المجتمع وازدياد احتياجاته؛ حيث، يؤدي مفهوم الجودة دورًا حيويا في تحسين الأداء وتعزيز كفاءة هذه المنظمات؛ ولم يعد دورها مقتصرًا على تقديم الخدمات الاجتماعية، بل باتت مطالبة بتحقيق مستوى عالٍ من الأداء، بما يتماشى مع تطلعات المستفيدين والمجتمع كله، وقد حثّ الإسلام على الجودة في مفاهيم متعددة، كالإخلاص والإتقان والأمانة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه» وقول الله -عزوجل-: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}، وقوله سبحانه: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.
مفهوم الجودة
يرتبط مفهوم الجودة بتحقيق معايير معينة، تستهدف تلبية توقعات المستفيدين وتحقيق الرضا الكامل، ويعرفها (إدوارد ديمنج أحد رواد إدارة الجودة)، بأنها «القيام بالأشياء الصحيحة بطريقة صحيحة منذ المرة الأولى»، وفي المنظمات غير الربحية، يمكن تعريف الجودة على أنها قدرة المنظمة على تقديم خدمات ذات قيمة مضافة، تفي باحتياجات المستفيدين بكفاءة وفعالية، مع الحفاظ على الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة.أهمية الجودة
تعدّ الجودة ركيزة أساسية في نجاح المنظمات غير الربحية للأسباب التالية:- تحسين الأداء والكفاءة: الجودة تساعد المنظمات غير الربحية على تحديد العمليات الأكثر فعالية، وتجنب الهدر في الموارد والجهود.
- زيادة ثقة المتبرعين والمستفيدين: تحقيق الجودة يعزز من سمعة المنظمة ويزيد من ثقة المتبرعين والمستفيدين؛ حيث يسعى المتبرعون إلى التأكد من أن أموالهم تُستخدم بحكمة، بينما يرغب المستفيدون في الحصول على خدمات فعالة وعالية الجودة.
- تحقيق الاستدامة المالية: الجودة تسهم في زيادة فعالية إدارة الموارد؛ مما يساعد على تحسين الوضع المالي للمنظمة وزيادة فرص الاستدامة.
- التكيف مع التغيرات: تطبيق معايير الجودة يساعد المنظمات غير الربحية على التكيف مع المتغيرات البيئية والتكنولوجية، ما يساهم في تعزيز مرونة المنظمة.
- تحقيق الأهداف الاجتماعية: الجودة تمكن المنظمات غير الربحية من تحقيق أهدافها بطرائق أكثر فاعلية، ولا سيما فيما يتعلق بالتأثير الاجتماعي الإيجابي.
معايير الجودة في المنظمات غير الربحية
لتطبيق الجودة تطبيقا فعالا في المنظمات غير الربحية، هناك معايير عدة يمكن اعتمادها، منها:- رضا المستفيدين: يجب أن تكون الخدمات المقدمة موجهة نحو تحقيق رضا المستفيدين.
- التطوير المستمر: وذلك من خلال التدريب والابتكار والتقييم الدوري.
- إدارة الموارد بفعالية: يشمل ذلك الإدارة المالية والإدارية، واستخدام التكنولوجيا الحديثة لتحسين العمليات.
- الشفافية والحوكمة: تطبيق معايير الشفافية يسهم في بناء ثقة المجتمع، مما يزيد من دعم المتبرعين.
- التخطيط الاستراتيجي: يتطلب النجاح في تحقيق الجودة وضع خطط استراتيجية واضحة تستهدف تحسين الخدمات وتحقيق الأهداف العامة للمنظمة.
تحديات تطبيق الجودة
على الرغم من الأهمية الكبيرة للجودة، فإن تطبيقها في المنظمات غير الربحية قد يواجه تحديات، منها:- نقص الموارد: نقص التمويل يحد من قدرات المؤسسة الخيرية على تطبيق معايير الجودة.
- نقص الخبرات والكفاءات: عدم توفر كفاءات متخصصة يعد عقبة أمام تحقيق التميز في الأداء.
- المقاومة الداخلية للتغيير: قد تواجه بعض المنظمات مقاومة من الموظفين أو الإدارات عند محاولة تبني نظم الجودة، ولا سيما إذا كانت هذه النظم تتطلب تغييرات كبيرة في طرائق العمل.
- صعوبة قياس الأثر الاجتماعي: بعكس المنظمات الربحية التي يمكنها قياس أدائها من خلال الأرباح والإيرادات، يصعب في المنظمات غير الربحية قياس مدى تحقيق الجودة بدقة، نظراً لتنوع الأهداف الاجتماعية وعدم وضوح مؤشرات الأداء.
أدوات تطبيق الجودة في المنظمات غير الربحية
هناك أدوات يمكن أن تساعد المنظمات غير الربحية في تطبيق الجودة، من بينها:- نظام إدارة الجودة (ISO 9001): وهو معيار دولي يمكن تطبيقه في المنظمات غير الربحية لتحسين العمليات وضمان تقديم خدمات عالية الجودة.
- تقييم الأثر الاجتماعي: وهو منهجية تستهدف قياس التأثيرات الاجتماعية الناتجة عن أنشطة المنظمة، ما يساعد على تحسين الأداء وتحقيق الأهداف الاجتماعية بكفاءة.
- تحليل (SWOT): أداة تحليل رباعية تستخدم لتقييم نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات التي تواجه المنظمة، ما يساعد على تحديد مجالات التحسين.
- التغذية الراجعة: يمكن استخدام استطلاعات الرأي والمقابلات الشخصية للحصول على ملاحظات المستفيدين حول جودة الخدمات المقدمة.
صور الجودة في القطاع غير الربحي
تعد الجودة عنصرًا أساسيا في تحقيق نجاح المنظمات، وتتضمن الجودة العديد من الجوانب المختلفة التي يجب على المنظمات الاهتمام بها ومن ذلك ما يلي: 1- الجودة الفنية تعدّ الجودة الفنية في البرامج التنموية عنصرًا أساسيا لضمان تحقيق الأهداف المرجوة وتحقيق النتائج المطلوبة، وتشمل الجودة الفنية في البرامج التنموية جوانب، منها:- تحديد المعايير الفنية المناسبة: يجب على البرامج التنموية تحديد المعايير الفنية المناسبة والمتعلقة بالجودة والأداء، وذلك لضمان تحقيق الهدف المرجو من البرنامج وتحقيق النتائج المطلوبة.
- استخدام التقنيات الحديثة: يجب على البرامج التنموية استخدام التقنيات الحديثة والمتطورة في مجال تطوير البرامج وتنفيذها، وذلك لتحقيق الجودة الفنية وتوفير بيئة عمل فعالة.
- الاهتمام بالتدريب والتطوير: يجب على البرامج التنموية الاهتمام بالتدريب والتطوير للعاملين في المجال، وذلك لتأهيلهم لتحسين الجودة الفنية وتطبيق التقنيات الحديثة والممارسات الصناعية المتطورة.
- الاهتمام بمراحل التخطيط والتنفيذ والتقييم: يجب على البرامج التنموية الاهتمام بمراحل التخطيط والتنفيذ والتقييم، وذلك لتحقيق الجودة الفنية وضمان تحقيق الأهداف المرجوة.
- تحديد أساليب الفحص: يجب على البرامج التنموية تحديد أساليب الفحص اللازمة وتطبيقها دوريا لضمان تحقيق الجودة الفنية والأداء المطلوب.
- تطبيق تقنيات الإحصاء: يمكن للبرامج التنموية تحقيق الجودة الفنية من خلال تطبيق تقنيات الجودة الإحصائية التي تتضمن استخدام الإحصاءات والرياضيات لتحليل البيانات وتحديد المشكلات وتطوير الحلول المناسبة.
- تحسين عمليات التنفيذ: يجب على البرامج التنموية تحسين عمليات التصميم والتنفيذ وتطبيق الممارسات الصناعية المتطورة، مثل تقنيات الإنتاج النظيف وتقنيات إدارة سلسلة التوريد.
- التقييم المستمر: يجب على البرامج التنموية إجراء التقييم المستمر للأداء والجودة الفنية؛ وذلك لتحديد نقاط القوة والضعف وتحديد الإجراءات اللازمة لتحسين الأداء.
لاتوجد تعليقات