رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. محمد احمد لوح 30 يوليو، 2019 0 تعليق

آداب استخدام الهاتف

 الهاتف - بخدماته - يقوم بدور مهم، ويقدم خدمة جليلة، ويوفر جهداً كبيراً، سواء في الوقت، أم في المال، وهو نعمة تستحق الشكر إذا أُحسن استخدامها، وقد تكون نقمة على أصحابها وعلى المجتمع إذا أسيء استخدامها، ولقد تكلم الفضلاء من أهل العلم على الهاتف وآدابه، وما يجب وما ينبغي أن يراعى في ذلك، وعلى رأس أولئك العلامة الدكتور بكر أبو زيد -رحمه الله-؛ حيث ألف في ذلك رسالته الماتعة (أدب الهاتف) والحديث ههنا سيكون حول أدب الجوال على وجه الخصوص؛ لأنه ينفرد بأمور خاصة، قد لا توجد في الهاتف العادي، كما أنه يمتاز بخدمات أخرى لا توجد في الهاتف، ولا ريب أن الجوال نعمة كبيرة، يقضي بها الإنسان حاجاته بأقرب طريق وأيسر كلفة.

وهناك أمور تنافي شكر هذه النعمة، وهناك ملحوظات يحسن التنبه لها، والتنبيه عليها حتى تتم الفائدةُ المرجوَّةُ من هذه النعمة، حتى لا تكون هذه الأداة سبباً في جلب الضرر على أصحابها؛ فمما يحسن التنبيه عليه ومراعاته في هذا الأمر ما يلي:

أولاً: الاقتصاد في المكالمات

     حتى لا تحصل الخسارة المالية دون داع، ولأجل ألا يتأذى الإنسان من جراء الإطالة، وعلى هذا فإنه يحسن بالمُتَّصل أن يقتصد في كلامه، وأن يتجنب التطويل في المقدمات والسؤال عن الأهل والحال، وينبغي أن يحذر من كثرة الاتصالات بلا داع، وأن يحذر فضول الكلام في المهاتفة؛ فإن بعض الناس قد يظن أن الغرض من وجود الهاتف إنما هو للمتعة والأنس..يقول العلامة الشيخ بكر أبو زيد: «احذر فضول المهاتفة،حتى لا يصيبك سُعار الاتصال؛ فكم من مصاب به؛ فمن حين يرفع رأسه من نومته يدني مذكرته - نوتته - ولا كالطفل يلتقم ثدي أمِّه؛ فيشغل نفسه وغيره عبر الهاتف من دار إلى دار، ومن مكتب إلى آخر يروِّح عن نفسه،ويلقي بالأذى على غيره، وليس لنا مع هؤلاء حديثٌ إلا الدعاء بالعافية، وننصحهم بمعالجة وضعهم من هذا الفضول».

ثانياً: مراعاة حال المتصل عليه

     فقد يكون مريضاً، أو متعبا يرتاح،أو في مكان لا يسمح له بالرد كأن يكون في مسجد،أو مقبرة،أو في صلاة، أو في محاضرة، أو بين أناس لا يود أن يقطع حديثهم أو نحو ذلك؛ فإذا لم يرد،أو رد رداً مقتضباً؛ فعلى المتصل أن يلتمس له العذر، وألا يسيء به الظن، وقد يكون المتصل عليه ممن يكثر الناس من الاتصال بهاتفه لحاجتهم إليه؛ فيحتاج أمر الاتصال به إلى تنظيم، وكثير من المتصلين إذا لم يخاطب صاحب الهاتف مباشرة يظن أن ذلك راجع إلى قصور في الاهتمام بالناس، ومن أكثر الناس تضررا بهذا الأمر من يهاتفهم الناس في المسائل الدينية، أذكر يوما أنني كنت في محاضرة بين العصر والمغرب ووضعت الجوال في المكتب، وبعد المغرب وجدت فيه خمسا وثمانين مكالمة لم يرد عليها، ومعنى هذا أن صاحب هذا الهاتف يمكن أن يظل بعد صلاة العصر يرد على الهاتف إلى صلاة المغرب؛ لأن ما بين المغرب والعصر لا يزيد على ساعتين ونصف (150) وقل أن توجد مكالمة أقل من دقيقتين، فلو حسبنا كل مكالمة بمعدل 2د لكان 2×85=170د أي أكثر من ثلاث ساعات، فمثل هذا الشخص متى يقوم بواجباته الدينية الأخرى، وواجباته العلمية والاجتماعية؟

ثالثاً: إغلاق الجوال أو وضعه على الصامت

     مثل دخول المسجد؛ وذلك لئلا يشوشَ على المصلين، ويقطعَ عليهم خشوعهم وإقبالهم على صلاتهم، وإذا حصل أنْ نسي ولم يغلقْه أو يضعه على الصامت؛ فليبادر إلى إغلاقه وإسكاته إذا اتصل أحد؛ لأن بعض الناس يدعه يرن وربما كان بنغمات موسيقية مؤذية، فلا يُغْلِقُهُ ولا يسكته.

رابعاً: البعد عن استعمال النغمات الموسيقية والآيات القرآنية

لما في ذلك من الحرمة، وقطع الآية أو الأذان، واحتمال القراءة وذكر الله في مكان غير لائق.

خامساً: الحذر من استعمال الجوال في مجالس العلم

     لأن ذلك يذهب بهيبة المجلس، ويقطع الفائدة على المتعلمين، ويؤذي من يلقي الدرس، ويزري بمن يستعمل الجوال في تلك المجالس. بل ينبغي للإنسان ألا يتصل أو يردَّ على المتصل إذا كان في أي مجلس يسوده الجد،كالاجتماعات واللقاءات التي يتكلم فيها واحد ويصغي إليه آخرون، وحسن الإصغاء للمتحدث يعد من أدب المحادثة والمجالسة، قال أبوتمام:

وتراه يصغي للحديث بسمعه                                    وبقلبه ولعله أدرى بـــه

سادساً: الحذر من التصوير المحرم

     ولاسيما في المناسبات العامة كالولائم وغيرها، ولا يَخْفَى حُرْمَةُ هذا الصنيع، وتَسبُّبُه في انتهاك الحرمات، وتفريق البيوت، وإشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، ويعظم الأمر إذا نشرت الصورة، وأضيف إليها بعض التعديلات؛ بحيث يرى صاحب الصورة في وضع عارٍ أو نحو ذلك؛ فعلى مَنْ تسوِّل له نفسه ذلك أن يحذر مغبة صنيعه، وعلى النساء خاصة لزوم الستر والحشمة حتى لا يقع المحذور.

سابعاً: مراعاة أدب الرسائل

     الذي يليق بالعاقل أن يراعي الأدب في الرسائل؛ فإذا أراد أن يرسل رسالة فلتكن مُبَشرة، أو مُعَزِّية، أو مسلية، أو أن تكون مشتملة على ذكرى، أو حكمة، أو موعظة، وحذار من استعمال عبارات الغرام، ولاسيما مع النساء اللواتي يَغُرُّ بَعْْضَهُنَّ الثناءُ، ومعسول الكلام، وكذلك العبارات المشتملة على السب والقذف، ونحو ذلك؛ فهذا كله مما يخالف الشرع، وينافي الأدب، ولا يتلاءم مع شكر هذه النعمة.

ثامناً: عدم النظر في جوالات الآخرين

     فذلك من كشف الستر، ومن التطفل المذموم، بل هو ضرب من ضروب الخيانة، وباب من أبواب سوء الظن؛ لأن الناظر في رسائل غيره ربما رأى رسالة ففهمها على غير وجهها، أو ظن أنها أرسلت إلى امرأة يعاكسها وقد يكون صاحب الجوال أرسلها إلى زوجته، وقد تكون الرسالة وردت إليه وهو لم يرض بها؛ فيسيء الناظرُ الظنَّ في بصاحبه وهو براء من ذلك، وربما يكون ممن يتساهل في ترك جواله بأيدي الآخرين؛ فيستخدمه شخص آخر في الحرام.

تاسعاً: لا تتصل بأحد في هذه الأوقات

1- وقت الراحة والقيلولة ..

2- وقت الصلاة.

3- الوقت المتأخر من الليل.

4- عند قيادة المركبات.

5- عند زيارة مريض مادمت في العيادة.

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك