رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.إسماعبل عثمان محمد الماحي 25 يوليو، 2016 0 تعليق

آثار دعوة جماعة أنصار السنة المحمدية في تصحيح العقيدة في السودان (2)

أولت الجماعة أمر تصحيح العقيدة اهتماماً خاصاً بل ما قامت وما أنشئت الجماعة إلا للدعوة للتوحيد ونبذ الشرك والدعوة للسنة وإماتة البدعة

نجاح الجماعة لم يعجب الكثيرين من دعاة الضلال؛ ولذا يسعون ليل نهار لصد الناس عن الدين الصحيح، وإعادة الروح للعقائد الفاسدة التي تخلص المجتمع من الكثير منها وسلك مسلك أهل السنة والجماعة

 

 

بعد أن تحدثنا في العدد السابق عن أهم المخالفات العقدية في المجتمع السوداني، وكيف نشأت جماعة أنصار السنة في السودان؟ نتكلم اليوم عن أثر دعوة الجماعة في تصحيح هذه العقائد الفاسدة في السودان فنقول:

     بحمد الله وتوفيقه فقد أولت الجماعة أمر تصحيح العقيدة اهتماماً خاصاً، بل ما قامت وما أنشئت الجماعة إلا للدعوة للتوحيد ونبذ الشرك، والدعوة للسنة وإماتة البدعة، والآن بفضل الله تعالى وبعد مائة عام من النشاط الدعوي المكثف الذي يقدمه آلاف الدعاة المتطوعون والمتمثل في المحاضرات والحلقات العلمية في الطرقات والأسواق، والخطب والدروس في أكثر من ألفي مسجد، وفي المدارس والجامعات، والقوافل الدعوية وتوزيع المصحف والكتاب والشريط السلفي، والمؤسسات الدعوية والمعاهد الشرعية، والبث الإذاعي لإذاعة البصيرة والتلفزيوني لقناة الاستجابة، فقد حدث تحول كبير وإصلاح عظيم في عقائد الناس من الشرك للتوحيد ومن البدعة للسنة، يمكن تلخيص مجالات الإصلاح في الآتي:

1- الإصلاح العلمي المعرفي:

     انتشار الوعي بأهمية الأخذ بالدليل من الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة؛ فزال اعتقاد الظاهر والباطن، وعرف الناس أسس العقيدة السلفية ومرجعيتها، وجعلوا يبحثون عنها في مساجد ومراجع أنصار السنة، وقل الاعتقاد في الخرافة والأوهام، وتكاد لا تجد من يرفض الأخذ بالدليل وفق فهم السلف الصالح، بل صار العامة والخاصة وكبار المسؤولين في الدولة يستشهدون بالأدلة الشرعية، يذكرون الحديث الصحيح ويبينون الضعيف، وكذلك في وسائل الإعلام لا بد من ذكر الدليل ولو حدث جدال يكون على أساس الدليل صحة أو ضعفاً ووروده أم لا.

وهذا في تقديري يعد أعظم نجاح لأنصار السنة وهو وضع المجتمع في المسار الصحيح، وهو مصادر التلقي الصحيحة الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، ولله الحمد والمنة.

     ومن مظاهر الإصلاح العلمي المعرفي والأدلة عليه هو كثرة الطلب على علماء الجماعة ودعاتها وخطبائها لإلقاء الأوراق العلمية في المؤتمرات والمنتديات العامة، ويقولون: (إن ناسكم جاهزين). كذلك أصبح عادياً أن تبنى المساجد في القرى والأحياء، ثم طلب أنصار السنة للإمامة فيها، وأحياناً يكون الذي بناها من المتصوفة. والآن أصبحت إذاعة البصيرة وقناة الاستجابة مرجع المجتمع في الفتوى والحمد لله.

2- الإصلاح العقدي:

     اندثار كثير من معالم القبورية؛ فالقباب -بحمد الله تعالى- لا تزيد ولا يبنى الجديد إلا نادراً، وهُجر الكثير منها، وترك الكثيرون الممارسات الشركية عندها، بل صار من الشائع أن يخرج من بين هذه الأضرحة ومن أبناء الطرق من يعتنق التوحيد، ويسعى للإصلاح وسط أهله، ومحيت الكثير من الممارسات التي أشرنا إليها من الطواف حولها والنذر والذبح لها أو دعاء أصحابها، ونبذت عقائد وحدة الوجود والكثير من أوهام التصوف والكهان، وأصبح منهج السلف في الصفات هو السائد في العلو وغيره بفضل الله تعالى ومنته، بل شاع وصف من يمارس هذه الأفعال بأنه جاهل، وصاروا ينفرون ويخافون من وصفهم بالجهل والخرافة، ويخافون من التحدث بهذه الضلالات عند حضور أنصار السنة.

     في جانب الأسماء والصفات اعتاد الناس في عمومهم قبول عقيدة العلو للعلي الغفار، وكذلك باقي الصفات وسماع الأدلة في ذلك، وقل وصف دعاة السنة بالتجسيم ونحوه، واندثرت الكثير من مظاهر الأشعرية والتصوف والخرافة، رغم المساعي اليائسة - بإذن الله - لإعادتها لسابق هيمنتها، وقد أنشأ بعض المتصوفة جمعية باسم (الإمام الأشعري) محاولة لإحياء الأشعرية في السودان، وكانت هذه واحدة من أهداف زيارة الحبيب الجفري للسودان؛ فقد ذكر في مخاطباته العديدة: أن السودان كان أشعرياً وعلى طريقة الجنيد!! وما درى أن الأمر قد تبدل بفضل الله تعالى ثم بسبب دعاة التوحيد.

3- الإصلاح الاجتماعي في مجال العادات والتقاليد:

     أما العادات فقد اندثر الكثير من الباطل الذي ظل يصاحبها زمن الجهل من الطقوس الوثنية (الجرتق ونحوها)، رغم مساع للعلمانيين والشيوعيين لبعث هذه التقاليد الوثنية بدعاوى المحافظة على التراث، ولاسيما في المناطق التي كانت تنتشر فيها الوثنية والتنصير في الماضي، مثل جبال النوبة التي انتشر التوحيد فيها وفي قبائل كاملة، والمعروف عن جبال النوبة أنها موطن للكثير من السلطنات والإمارات الإسلامية، وناصرت الكثير من الحركات الإسلامية مثل السلطان عجبنا والشيخ علي الميراوي، وناصرت جبال النوبة الثورة المهدية.

     الحمد لله يمكن أن يلخص الإصلاح العقدي في تمكن الجماعة من تعريف وتمليك الناس الأدلة من الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، فصارت حركة المجتمع ذاتية في نبذ الخرافة والبدع والرجوع لمنهج أهل السنة والجماعة، وذلك الفضل من الله وله المنة أولاً وآخراً.

4- خاتمة وتنبيه:

     ختاماً لا بد من التأكيد على أن هذا النجاح لم يعجب الكثيرين من دعاة الضلال؛ ولذا فإنهم يسعون ليل نهار لصد الناس عن دين الله- تعالى- الصحيح، كما يسعون لإعادة الروح للقبورية وهذه العقائد الفاسدة التي تخلص المجتمع من الكثير منها وسلك مسلك أهل السنة والجماعة، وفي هذه الآونة الأخيرة يبذلون قصارى جهدهم لإيقاف دعوة التوحيد وتحجيم دورها، والله غالب على أمره، وهذا ما يستوجب على أنصار السنة المزيد من الجهد والعطاء وعدم الركون إلى أنه قد انتشرت الدعوة، فما زال الواجب كبيراً، والمحافظة على هذه المكتسبات والنجاحات توجب استمرار الدعوة بل وبقوة أكبر.

ومما يجدر التنبيه عليه أيضاً أن هذا البيان إنما تناول جانباً ومجالاً واحداً من مجالات الإصلاح وهو المجال العقدي، وهناك مجالات أخرى لم نتطرق إليها، كالمجال الاجتماعي والعادات والتقاليد، والمجال الأخلاقي، وغيرها، ونرجو أن نوفق للكتابة فيها لاحقاً.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك