رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 27 يونيو، 2021 0 تعليق

ءمن درر الأعلام- العناية بالشخصية المسلمة

 

 

الشيخ: عبدالله السبت - رحمه الله

 في عصرنا هذا تتنازع شباب الأمة أمور شتى، ودعاة يدعونهم للضلالة، ويجملون لهم طريق الغواية؛ ليحرفوهم عن الجادة، والسلف قد عنوا عناية خاصة بالشخصية المسلمة تعليمًا وتربية، وقد تنكب القوم عن دربهم، فكانت النتيجة التي نشاهد آثارها، ولذلك كان لزامًا العناية بالشخصية المسلمة.

والناظر لشخصية الأمة اليوم يرى تباينًا في شخصيتها، وصدق الله إذ يقول: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} الآية.

من تَخبَّطه الشيطان

من الأمة من تخبطه الشيطان، فاتخذ لنفسه ثوبًا غير ثوب الإسلام، نسجه بالبدع والخرافة، وخاطه بالهوى والانحراف، وهو يحسب أنه يحسن صنعاً، ومنهم من تتصارعهم مذاهب شتى، فشخصيتهم إسلامية، ولكنهم خلطوا عملاً صالحًا وآخر سيئًا.

ومنهم من أصّل لنفسه منهجًا مغايرًا للهدي النبوي الشريف تنطعاً، فهو لا يعرف إلا منهجه ودليله: «خالف تعرف»، وهو لا يعرف إلا أسلوب القهر والانفراد بالرأي، وفرض مبدأ القمع باسم الإسلام.

أصحاب الفكر المستنير

     ومنهم من يدعي أنه من أصحاب الفكر المستنير، فيدعون إلى الحوار وتجديد الفكر الإسلامي في إطار حرية الفكر والتعبير؛ لصياغة واقع حضاري يواكب معطيات العصر دون الانقطاع عن قيم التراث، وهم والله كاذبون ويتلاعبون بالألفاظ والمصطلحات، ويدّعون فقه الواقع، والحقيقة أنهم يهدمون أكثر مما يبنون، ويذوبون أكثر مما يتميزون، وهم أجهل الناس بفقه الواقع، {مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ}.

الانتساب لمنهج السلف

     ومنهم من انتسب إلى منهج السلف (منهج الصحابة)، وحُقَّ له الانتساب، واتخذوهم قدوة لهم يهتدون بهديهم، ويسيرون على طريقتهم، أليس الصحابة هم أعلم الناس بسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - وهديه وأخلاقه وغزواته وما يتصل به؟ قال -تعالى-: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}، وقوله - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن الفرقة الناجية: من هي يا رسول الله؟ قال: «الجماعة». وفي رواية «ما أنا عليه وأصحابي»، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «لا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه، بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق، فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقاً».

لهذه الأمة شخصية واضحة

     فإن الله -سبحانه وتعالى- لما أرسل رسوله - صلى الله عليه وسلم - أراد -جل وعلا- أن تكون هذه الأمة أمةً مميزة ظاهرة بارزة تخالف الأمم كلها في كل شيء، أراد أن تكون لهذه الأمة شخصية واضحة، ولذلك كان من حرصه -صلوات الله وسلامه عليه- مخالفة اليهود والنصارى والمشركين في كل شيء، حتى قالت اليهود: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه، كما في حديث أنس -رضي الله عنه- أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوها في البيوت، فسأل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله -تعالى-: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} الآية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح» الحديث، فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه، فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر فقالا: يا رسول الله، إن اليهود تقول كذا وكذا، أفلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى ظننا أنْ قد وجد عليهما، فخرجا فاستقبلهما هدية من لبن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأرسل في آثارهما، فسقاهما، فعرفا أن لم يجد عليهما.

المخالفة في كل شيء

     فالمخالفة لهؤلاء في كل شيء: في الصلاة، في النعال، وفي فرق الشعر، حتى في هيئة اللباس، وذلك لتكون هذه الأمةُ أمةً مميزة، وهذا التميز لا يرضى عنه أعداء الله، ولذلك وضع الله -عز وجل- لنا القاعدة الثابتة، فقال -تعالى-: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم}، فلا تصدق أن اليهود والنصارى سيرضون عنك في يوم من الأيام، إلا أن تكون مثلهم، أما هم فلا يمكن أن يكونوا مثلك إلا إذا أسلموا، فمن جاملك من اليهود والنصارى أو المشركين؛ فإنما هو يجامل لإفساد دينك، وأما الرضى عنك فلن يكون.

الصحابة تربوا على التميز

     والصحابة - رضوان الله عليهم - تربّوا على التميز، فوجدت في الأمة شخصية مميزة يعرف بها المسلم في كل شيء: في حياته، في أكله، وفي شربه، وفي لباسه وبيته، فهو مميز، وهذه الشخصية السنية حافظ عليها الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين-، وحافظ عليها من تبعهم من أئمة الدين.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك