رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 28 يوليو، 2010 0 تعليق

يهوديـــــة الدولـــــــة.. ما بين الأهداف والغايات!!

 

 

"كل من لا يعترف بأن "إسرائيل" هي "دولة يهودية" لا يمكنه التفاوض معنا" عبارة قالها " إيهود أولمرت" – رئيس الوزراء الأسبق للكيان الصهيوني - في أواخر عام 2007 م !!

وقبل ذلك بأربع سنوات وفي منتصف عام 2003 م خلال قمة العقبة استخدم الرئيس بوش هذا المصطلح حين وصف الكيان العبري بـ "الدولة اليهودية"، وأبدى العديدون استغرابهم من هذا المصطلح الجديد، وتفاوتت حينذاك ردود الأفعال.

وعادت الأضواء من جديد بمطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بالكيان الصهيوني بوصفه "دولة يهودية"، وصادق الكنيست الصهيوني في 27/5/2009 على قانون السجن لمدة عام لمن لا يعترف بيهودية الدولة من فلسطينيي المناطق التي احتلت في عام 1948م، ومنع فلسطيني 48 من إحياء ذكرى النكبة !! حيث صوت لها أحزاب اليمين واليمين المتطرف أصحاب الأغلبية في البرلمان العبري "الكنيست".

 

 

 

"كل من لا يعترف بأن "إسرائيل" هي "دولة يهودية" لا يمكنه التفاوض معنا" عبارة قالها " إيهود أولمرت" – رئيس الوزراء الأسبق للكيان الصهيوني - في أواخر عام 2007 م !!

وقبل ذلك بأربع سنوات وفي منتصف عام 2003 م خلال قمة العقبة استخدم الرئيس بوش هذا المصطلح حين وصف الكيان العبري بـ "الدولة اليهودية"، وأبدى العديدون استغرابهم من هذا المصطلح الجديد، وتفاوتت حينذاك ردود الأفعال.

وعادت الأضواء من جديد بمطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بالكيان الصهيوني بوصفه "دولة يهودية"، وصادق الكنيست الصهيوني في 27/5/2009 على قانون السجن لمدة عام لمن لا يعترف بيهودية الدولة من فلسطينيي المناطق التي احتلت في عام 1948م، ومنع فلسطيني 48 من إحياء ذكرى النكبة !! حيث صوت لها أحزاب اليمين واليمين المتطرف أصحاب الأغلبية في البرلمان العبري "الكنيست".

 

الأردن هو الدولة الفلسطينية!!

وترادف ما طرح في البرلمان الصهيوني مع ما نظّمه عضو البرلمان الصهيوني "هوتفلي" - من الليكود – في مؤتمر لمناقشة " بدائل حل الدولتين"، وأشار هوتفلي إلى أن المؤتمر يهدف لدعم جهود رئيس الوزراء العائد من واشنطن، بعد وقفته الصلبة في مواجهة الرئيس أوباما.

وما تم مناقشته في المؤتمر في غاية الخطورة؛ حيث طرح موضوع حل الدولتين وحضره مائتا شخص، فضلاً عن أعضاء البرلمان "الكنيست"، وحضره أيضا ممثلون عن حركة يشع (الاستيطانية)، وأشار عضو الكنيست (أريه إلداد) إلى أنه يجب منح الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية الجنسية الأردنية، فالأردن هي في الأساس دولة فلسطين !!

 

ردود الأفعال الأردنية:

بعد تصويت الكنيست الذي عدّ الأردن وطن الفلسطينيين؛ سارعت الدبلوماسية الأردنية باستدعاء السفير اليهودي والاحتجاج رسميا على مناقشة الموضوع في الكنيست.

وأشارت وكالة بترا للأنباء إلى أن موقف الأردن يدعم حل الدولتين وفق قرارات الأمم المتحدة والمبادرة العربية، وأن إرساء الدولة الفلسطينية التي تعيش بسلام مع إسرائيل هو استراتيجية أردنية مركزية. وقدم رئيس الكيان الصهيوني شمعون بيريس توضيحات وشروحات مفادها أن ما حصل محدود ولا يمثل دولة «إسرائيل» ولا ينبئ بانقلاب على اتفاقية وادي عربة.

وهناك رفض فلسطيني كذلك من كافة الأطياف السياسية الفلسطينية للمصطلح المذكور، وقد اتضح الموقف الفلسطيني في مؤتمر أنابوليس؛ حيث رفض الوفد الفلسطيني المشارك القبول بطرح الوفد الصهيوني فكرة يهودية الدولة أو التوقيع على وثيقة تتضمن هذه الفكرة.

 

مصطلح يهودية الدولة.. الأهداف والغايات: 

مصطلح يفترض وحدة اليهود في العالم، وأن هذه الدولة دولتهم التي تعبر عن إرادتهم وتطلعاتهم؛ وهذا كذب محض؛ فما استطاع الكيان الصهيوني أن يستقطب أكثر من 25 % من يهود العالم منذ إعلان تأسيسه إلى الآن بل يعاني الهجرة العكسية والطبقية والتمييز العنصري بين الأشكناز والسفارديم ويهود الفلاشا؛ ومن الطرافة أن يدعي هذا الكيان أنه دولة يهودية، وهو لم يصل إلى الآن إلى تعريف لليهودي!!

لذا يطمح اليمين الديني وحاخامات اليهود وأتباعهم إلى إسقاط الحق الديني والتاريخي المسلمين في فلسطين، وزعم أن هذا الحق لهم وبمقتضاه أقيمت دولة يهودية دينيه مفتوحة لكل يهود العالم!!

ويحمل هذا المصطلح في طياته توجها لطرد أبناء فلسطين من وطنهم بزعم الحفاظ على نقاء الدولة اليهودية؛ وهذا ما أشار إليه سابقاً أرييل شارون بقوله: "لن تكون إسرائيل- على حد قوله - إلا دولة يهودية نقية، وهي لليهود في "إسرائيل" وكل العالم، وخلال فترة حكمه طرح " شارون " أفكاراً للوطن البديل للفلسطينيين، وكانت العراق من البدائل المطروحة لإسكان الفلسطينيين وتجنيسهم بالجنسية العراقية!!

وفي إشاعة يهودية الدولة محاولة لجذب مزيد من يهود العالم إلى الكيان الغاصب، فالمادة البشرية  هي الركيزة لاستمرار المشروع الصهيوني برمته في فلسطين والمنطقة بأكملها ومحو الهوية الإسلامية لأرض فلسطين، وعزل كل من هو غير يهودي عن المناطق التي احتلت في عام 1948م، ويرسخ ما ينادي به اليهود من الحق الديني والتاريخي في أرض فلسطين، وذلك الحق يقيناً لا يقف عن حدود فلسطين بل يمتد ليصل إلى حدود أوسع قد تمتد من الفرات إلى النيل – حسب زعمهم-!!  ويجعل من طردها للفلسطينيين واحتلال أراضيهم مسألة تحرير للوطن القومي؛  ويجعل من الاستمرار في قتل الفلسطينيين وتشريدهم عملية دفاع مشروع عن النفس، ويجعل من مقاومة الاستعمار الاستيطاني الصهيوني عملاً إرهابياً!!

وتعميم مصطلح يهودية الدولة هو الشعار الأنجع لإنهاء حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم وتصفية الأساس القانوني لهذا الحق، وشطب القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 11/12/1948، والداعي إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين في أقرب فرصة ممكنة والتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم جراء اللجوء القسري.

 

الإصرار على يهودية الدولة:

يهودية الدولة ليست فكرة طارئة على أدمغة قادة الاحتلال الصهيوني من أمثال ليبرمان ونتنياهو وغيرهما، بل هي راسخة في المشروع الصهيوني وقياداته منذ تأسيسه إلى الآن:  فأول رابطة أسست لتسهيل هجرة اليهود أطلق عليها "رابطة الاستعمار اليهودي" في 1891 م، التي قام بتأسيسها  البارون موريس دي هيرش  المليونير اليهودي الألماني.

وتحت عنوان " الدولة اليهودية "  صدر كتاب في عام 1896م للزعيم اليهودي الصهيوني (تيودر هيرتسل)، وفيه يدعو إلى إقامة "دولة يهودية" في فلسطين. ومن أهم قرارات المؤتمر الصهيوني الأول في بال بسويسرا عام 1897م، تشجيع "الاستيطان اليهودي" في فلسطين، وتأسيس "الصندوق القومي اليهودي".

ونص الوعد الجائر والمسمى بوعد بلفور في عام 1917م على إيجاد وطن قومي "لليهود" في فلسطين؛ وفي عام  1945م طلب مجلس النواب الأمريكي  من الحكومة الأمريكية تسهيل "الهجرة اليهودية" غير المحدودة إلى فلسطين؛ بهدف تحويل فلسطين إلى "كومنولث يهودي"؛ وأعلنت القيادة الصهيونية في 1946م أن إقامة "دولة يهودية" هي الطريقة الوحيدة لحل مشكلة "الشعب اليهودي".

وأوصت بريطانيا الأمم المتحدة في عام 1947م بإلغاء الانتداب على فلسطين في 15 أيار / مايو 1948، على أن يعقب ذلك إقامة "دولة يهودية مستقلة" و"دولة فلسطينية مستقلة"، وقررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947 م وجوب إقامة دولتين في فلسطين: دولة يهودية - هكذا أسموها - ودولة عربية، وأن قيام دولة يهودية هي حق طبيعي للشعب اليهودي!.

وجاء في إعلان الاستقلال الصادر في يوم انتهاء الانتداب البريطاني وتسليم القيادة للعصابات اليهودية  14 مايو 1948م: نجتمع لنعلن بهذا قيام دولة يهودية على أرض إسرائيل، تدعى إسرائيل"، ومضى البيان معلناً فتح أبواب الهجرة اليهودية وجمع الشتات اليهودي. وجاء أن الهدف الرئيس من إقامة الكيان اليهودي هو جعله "دولة لليهود" المقيمين فيها أو في أي مكان آخر في العالم، وأعلن أن لكل يهودي في العالم الحق في المجيء إلى تلك الأرض المغتصبة والإقامة فيها ونيل الجنسية التي تسمى   "الإسرائيلية".

وقال دافيد بن غوريون – أول رئيس وزراء للكيان الصهيوني - في مقدمة كتاب:تاريخ الهاغانا 1954م الذي أصدرته المنظمة الصهيونية العالمية: "من الواضح أن إنجلترا تعود للإنجليز ومصر للمصريين وفلسطين لليهود، وفي بلادنا هناك فقط مكان لليهود، وسوف نقول للعرب: أخرجوا، فإذا لم يخرجوا وإذا قاوموا فسوف نخرجهم بالقوة".

وجاء في قانون العودة: "دولة إسرائيل ستكون مفتوحة أمام الهجرة اليهودية ولجمع الشتات، وستعمل على تطوير البلاد لصالح كافة سكانها"وبحسب إعلان الاستقلال وقانون العودة فإنها تعد نفسها "دولة الشعب اليهودي"، وأهم أنظمة قوانين الكيان الصهيوني التي يطلق عليها قوانين الدولة تكرر كلمة يهودي مراراً لتأكيد يهودية الدولة، ويسجل في هوية كل يهودي داخل  فلسطين المغتصبة أنه ذو "قومية يهودية"؛ لتكريس الهوية اليهودية لهذا الكيان.

والكيان اليهودي مازال يضطهد كل من هو غير يهودي داخل حدود هذا الكيان الغاصب، ويتعامل مع الجميع بمنطلق يميزهم عن الآخرين؛ لأنهم - على حد زعمهم- شعب الله المختار!!

 

وشهد شاهد من أهلها:

كتب (شولاميت ألوني) في صحيفة هآرتس العبرية بتاريخ  4/6/2009 مقالها بعنوان: "إسرائيل يحكمها المتعصبون والأصوليون" جاء فيه: "إسرائيل تكفل المساواة في الحقوق لكل سكانها، في الدين واللغة والتعليم والمناحي الثقافية، كما ورد في إعلان استقلال الدولة! ثبت بطلانها مع الأيام" تبنِّي القوانين العنصرية من قبل الصفوة ورجال الحكومة، وإرسال الشرطة لمهاجمة الفلسطينيين الذين يحتفلون بيومهم الوطني؛ لأن نظام الدولة يؤمن بأن العرب في أرض إسرائيل ممن يعيشون فوق أرضهم، لا يستحقون أن يكونوا كائنات بشرية !! ووفق محرري هذه القوانين العنصرية فإن العرب غير جديرين بالحقوق الإنسانية؛ فليس من حقهم التعبير عن ثقافتهم، وليس لهم حق ملكية الأرض والبيت؛ لأن هناك وعدا منذ آلاف السنين من الرب إلى إبراهام وذريته بأرض إسرائيل!!

وأضاف ألوني: "فمنذ اثنتين وأربعين سنة ما زلنا نحتل ونقمع ونسرق الأرض التي لا نملكها، وحجتنا "لنكون أحرارا في وطننا"!! حتى ولو أصبحنا لصوصا نقتلع الأشجار ونحرق المزارع وننتهك المرأة والكبير والصغير، على وقع أغنية تقول: "نحن نملك القوة، ونملك المال، وهذا مسموح لنا فقط من أجل أن نجوِّع السكان الآخرين ونسجنهم ونبيدهم بالضربات الجوية والقنابل العنقودية والفسفور الأبيض؛ لأننا فقط الأسياد، أسياد الأرض، وقد اختارنا الله لنحكم... يا لَلعار"!!

ولخص مقاله بقوله: "يا للخسارة !! بدلا من دولة يهودية ديموقراطية، قادنا إلى دولة يحكمها المتطرفون والمتعصبون بطريقة رجعية، في غياب القيم الديمقراطية، وهكذا حوّل الجاهلون إسرائيل إلى دولة مستبدة فياللعار!! لقد محا (نتنياهو) ووزير خارجيته (ليبرمان) ما بنيناه، وأزال كل أحلامنا التي حاربنا من أجلها"!

 

أسباب عودة مشروع "

يهودية الدولة ":

عودة مشروع "يهودية الدولة" من جديد له أسباب أهمها تصاعد قوة اليمين اليهودي المتشدد؛ وسيادة شعور قوي داخل المجتمع اليهودي بالقلق حول مصيرهم ومستقبلهم في أرض فلسطين، والشك من انهيار الكيان الصهيوني بأسره والقلق الشديد من التفوق الديموغرافي الفلسطيني، والتحدي الذي يشكله وجود فلسطينيي الـ 48، بعد أن أصبحوا يتفاعلون مع مختلف قضايا وطنهم ومطالبتهم بحقوقهم.

وبروز الانتفاضتين الأولى والثانية وما نتج عنهما من إحياء الثوابت في نفوس أبناء فلسطين وتأثيراتهما الواضحة على جميع الأصعدة داخل المجتمع الصهيوني؛ وشعورها بتقلص حجمها واتساعها العسكري والسياسي؛ ويضاف إلى ما تقدّم الشعور بارتفاع وزن المقاومة الفلسطينية، سواء العسكرية أو الشعبية أو المدنية، على الأصعدة الإقليمية والمحلية والدولية، بحيث لا يمكن شطبها أو إلغاؤها أو تجاوزها، وأخيراً الخوف من المسار التصاعدي الذي اتخذته الأنشطة والفعاليات التي تدعم حق العودة.

 

مواجهة "يهودية الدولة"

بين القول والفعل:

لا شك أن تجرؤ دولة الاحتلال  على طرح الموضوع في هذا الوقت بالذات له أسبابه، فالفراق الفلسطيني مستمر، والمشروع اليهودي لرعاية هذا الاقتتال قائم، والسجان اليهودي مازال يتابع مسلسل الاقتتال والتراشق والتخوين، وقد نجح بامتياز في دفع الفلسطينيين إلى هاوية الفوضى والاقتتال الداخلي، عبر إضعاف "طرفي النزاع" الفلسطيني، وممارسة الحصار الاقتصادي والضغط السياسي على الشعب الفلسطيني.

ويضاف إلى تلك المصيبة مأساة أخرى وهي ضعف المفاوض الفلسطيني الذي أسقط كل أوراق المناورة والمحاورة على طاولة المفاوضات، وقد نقل عن رئيس السلطة الفلسطينية في إحدى لقاءاته مع (ليفني) تمهيدًا لأنابوليس عندما طالبته بالاعتراف بيهودية الدولة فقال: إنها بلدكم سموها ما شئتم!!

فلا بد من التعجيل في مواجهة فكرة يهودية الكيان الصهيوني، وما زلنا نملك أدوات يمكننا أن نواجه بها هذه الأطروحات، وفي مقدمتها التمسك بثوابتنا الشرعية والتاريخية والقانونية؛ فنحن أصحاب الحق في الأرض والمقدسات ولا نريد أن نهزم حتى في الكلام!! نحن على يقين بأن العمل لفلسطين لا يكون بأهازيج أو شعر أو نثر يُلقى أو مشهد فني يُعرض، أو لقاءات ورسميات، تتبعها بيانات وتنديدات؛ لا تدفع ظلماً ولا ترد "بلدوزراً" داس الواقع والتاريخ!!  فالمشروع اليهودي مشروع متماسك متكامل محدد الأهداف.. أمام غياب مشروع عربي أو إسلامي يواجه ولو بالقليل الاندفاع اليهودي لتهويد القدس وأرض فلسطين وما حولها، والتعجيل في تحقيق المصالحة بين الفلسطينيين، والدعوة إلى وقف التفاوض، وإحياء روح الجهاد في الأمة، ودعم فلسطينيي الـ 48 كونهم المستهدفين الأساسيين من هذا المشروع؛ فالطريق الذي ينبغي أن يسلك، هو التمسك بثوابتنا - وإن سلبت وشوهت - التي لا حياد عنها في حقنا بأرضنا ومقدساتنا. 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك