رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان 5 ديسمبر، 2023 0 تعليق

يضر بأفراد المجتمع  ويُورِث العداوة والبغضاء بينهم – النفاق ..  وأثره على المجـتمع

  • المنافقون لفساد قلوبهم أشد الناس إعراضًا عن دين الله وتصرفاتهم تدور مع مصالحهم
  • النفاق نوعان: نفاق أكبر مخرج من الملة وهو الذي له تعلق بالاعتقاد ونفاق أصغر لا يخرج منها ويسمى النفاق العملي
  • المنافقون عدو خفي وهم أعظم ضررًا وأشد خطرًا على المسلمين لأنهم يخالطونهم ويعلمون أحوالهم
 

النفاق مرض خطير وجرم كبير، وهو أخطر من الكفر وعقوبته أشد منه؛ لأن ضرره أعظم؛ ولذلك جعل الله المنافقين في أسفل النار كما قال -سبحانه-: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (النساء/145)، والآثار المترتبة على النفاق في المجتمع كبيرة؛ فهو يضر بأفراد المجتمع، ويُورِث العداوة والبغضاء بينهم، كما يُثير فيهم صفات الحقد والغل؛ لأن النفاق لا يكون واضحًا لهم؛ لأن المنافق يُظهِر من الأقوال والأعمال والصفات ما يكون مُضمِرًا غيرَها في نفسه، فلا يكون واضحًا، وبذلك يكون ضرره أشدَّ وأبلَغَ في الإيذاء؛ فينبغي للعاقل أن يحذر من النفاق وأن يكون دائم الحرص منه، والنفاق نوعان: نفاق أكبر مخرج من الملة، وهو الذي له تعلق بالاعتقاد، ونفاق أصغر لا يخرج منها، ويسمى النفاق العملي.

        وقد يكون عند الشخص شيء من النفاق وهو لا يعلم؛ لذلك كان كثير من السلف الصالح -رضوان الله عليهم- يخشون على أنفسهم من أن يكون عندهم نفاق وهم لا يعلمون، جاء في صحيح البخاري عن ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ قَال: أَدْرَكْتُ ثَلاَثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ. وكان عمر - رضي الله عنه - كما جاء في منهاج القاصدين- يسأل حذيفة صاحب سر رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: هل أنا من المنافقين؟ وهذا لأن كل من علت مرتبته في اليقظة، زاد اتهامه لنفسه؛ لذلك فإن من علامات الإيمان الحذر من النفاق، والخوف منه، كما جاء في صحيح البخاري عن الحَسَنِ البصري قال: مَا خَافَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلاَ أَمِنَهُ إِلَّا مُنَافِقٌ.

خطر المنافقين وفساد قلبوهم

         والمنافقون -لفساد قلوبهم- أشد الناس إعراضًا عن دين الله، كما أخبر الله عنهم بقوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًاً} (النساء:61)، وتصرفاتهم تدور مع مصالحهم فإذا لقوا المؤمنين أظهروا الإيمان والموالاة غروراً منهم للمؤمنين، ومصانعة، وتقية، وطمعاً فيما عندهم من خير ومغانم، وإذا لقوا سادتهم وكبراءهم قالوا: نحن معكم على ما أنتم عليه من الشرك، والكفر كما قال -سبحانه- عنهم: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} (البقرة:14-15 ).

صفات المنافقين

وللمنافقين صفات كثيرة ورد ذكرها في القرآن والسنة الصحيحة منها: ١- الكفر بالله قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ} (البقرة:13 ).   ٢- العداوة والحسد للمؤمنين ومن صفاتهم العداوة والحسد للمومنين، كما قال -سبحانه-: {إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّوا وَّهُمْ فَرِحُونَ} (التوبة:50 ). ٣- الاستهزاء بالله ورسوله ودينه ومن صفاتهم الاستهزاء بالله ورسوله ودينه كما قال -سبحانه-: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} (التوبة:65- 66 ). ٤- الفساد في الأرض ومن صفاتهم الفساد في الأرض بالكفر والنفاق والمعاصي، قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لَّا يَشْعُرُونَ} (البقرة/11-12 ). ٥- البهتان والكذب ومن صفاتهم كذلك البهتان والكذب كما أخبر الله عنهم بقوله: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ} (التوبة:56). ٦- الأمر بالمنكر ومن صفاتهم الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف والبخل بالمال كما أخبر الله عنهم بقوله: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (التوبة/67). ٧- الطمع والجشع ومن صفاتهم الطمع والجشع، {وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} (التوبة/58). ٨- الكذب والغدر ٩- إخلاف الوعد والفجور ومن صفاتهم ما بينه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر» (رواه مسلم:53). ١٠- الاهتمام بالمظهر ومن صفاتهم الاهتمام بالمظهر وفساد المخبر وزخرفة القول كما قال الله عنهم: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (المنافقون/4).

مصيرهم إلى النار

وإذا كان الكفار عدوا مبينًا من الخارج، فإن المنافقين عدوا خفيا من الداخل، وهم أعظم ضررًا وأشد خطرًا على المسلمين؛ لأنهم يخالطونهم ويعلمون أحوالهم. وقد قضى الله أن مصير الكافرين والمنافقين إلى جهنم: {إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} (النساء:140)، لكن المنافقين لعظيم ضررهم في أسفل النار كما قال -سبحانه-: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (النساء:145)؛ وحيث إن خطر الكفار والمنافقين على الأمة الإسلامية عظيم لذا أمر الله رسوله بجهادهم فقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (التحريم:9).

الخوف من النفاق

       وما من المؤمنين الفطناء رجل ولا أنثى إلا وهو يخاف النفاق على نفسه، حتى خير قرون الأمة (الصحابة -رضي الله عنهم)، يقول التابعي الجليل ابن أبي مليكة: «أدركت ثلاثين من أصحاب النبي -[- كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبريل وميكائيل»(رواه البخاري).

خوف الفاروق عمر - رضي الله عنه 

        ومن هؤلاء الصحابة الخائفين من النفاق الفاروق: عمر بن الخطاب]؛ فعن الحسن قال: هلك رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان جار حذيفة، فلم يصل عليه حذيفة، فبلغ ذلك عمر لحذيفة، وأقبل عليه: يموت رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تصلي عليه؟! فقال: «يا أمير المؤمنين، إنه منهم»، قال: فنشدتك الله، أأنا منهم أم لا؟ قال: «اللهم لا، ولا أؤمن منها أحدا بعدك»(مسند البزار، ومساوئ الأخلاق للخرائطي، واللفظ له).

فكيف بمن دونهم؟

         فهؤلاء الصحابة الأطهار والتابعون الأبرار والصالحون الأخيار، فكيف بمن دونهم؟! وكيف بأهل زماننا؟! فقلَّ أن تجد رجلًا -إن برأ وعوفي من النفاق العقدي- إلا وهو مصاب ببعض خصال النفاق العملي أو على الأقل- أصابته شظاياه إلا من رحم الله -تعالى- وحقق التوحيد الخالص في قلبه.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك